احمد رباص

نقد لايبنيز لنظرية وحدة الروح والجسد “ج 2 والاخير”

احمد رباص

إن الفرضية الأخيرة، التي تسمى أيضا “فرضية التوافقات”، هي أساس حل لايبنيز لمشكلة الاتحاد بين الجسد والعقل. عرضت هذه الفرضية بشكل خاص في “المذهب الجديد في الطبيعة والاتصال بين الجواهر” الصادر عام 1695، وتشكل نظرية عامة، مؤسسة على مقولة التعبير، بحيث تتواصل مختلف الجواهر في ما بينها، في استقلال عن تأثير واقعي. يفترض اتحاد الروح والجسد، كحالة خاصة من تواصل الجواهر، “علاقة متبادلة منظمة مسبقا” بين الروح والجسد، مستثناة من أي سببية مستعرضة من أحدهما إلى الآخر، وبدون الحاجة إلى افتراض تدخل إلهي متكرر في كل حدوث للعمليات النفسية الفيزيائية.

وفقًا للايبنيز، “الكتلة المنظمة [الجسد]، حيث توجد وجهة نظر الروح، معبرا عنها قريبا أكثر من تلقاء ذاتها، وتجد نفسها مستعدة بشكل متبادل للتصرف من تلقاء نفسها، وفقا لقوانين آلة الجسد، في اللحظة التي تريدها الروح، دون أن يزعج أحد قوانين الآخر، يكون للأرواح والدم بالتحديد الحركات التي يحتاجونها للاستجابة لانفعالات ومدركات الروح، هذه هي العلاقة المتبادلة المننظمة مسبقا في كل جوهر من جواهر الكون، التي تنتج ما نسميه تواصلها، وهي وحدها التي توحد الروح بالجسد”.
إذن، يجعل التناسق الأزلي المحدد مسبقا من الممكن تصور العلاقة بين النفس والجسد، والطريقة التي بها الروح والجسد يتجاوبان (حركة في الجسد تتوافق مع إرادة في الروح، أو تمثل في الروح يتوافق مع عاطفة ما في الجسد)، على الرغم من أن قوانين الطبيعة، ومبادئ الفيزياء، تظل دون تغيير. على عكس التفاعل الديكارتي، ولكن أيضا بخلاف أوكازيوناليسم مالبرانش، فإن فرضية التوافقات اللايبنيزية تتميز، وفقا لصاحبها، بكونها متوافقة تماما مع المسلمة الحديثة، المميزة لعلم الطبيعة الجديد، حول السببية الجسدية المستقلة.
في هذا الجانب الدقيق، لا يمكن لمذهب التناسق الأزلي، في الواقع، إلا أن يذكرنا بـ”التوازي” الاسبينوزي الذي افترض أيضا تزامنا تاما للوظائف العقلية مع الوظائف الجسدية، مع استبعاد كل تبادل سببي مباشر بين الجسد والعقل. علاوة على ذلك، فإن مصطلح التوازي، الذي لا وجود له في كتب اسبينوزا، صاغه لايبنيز نفسه ليوضح به مفهومه الخاص عن العلاقة بين “الروح” و”المادة. هكذا يمكن للتوازي أن يشكل الاسم الآخر للتناسق الأزلي. بالتأكيد، انطلاقا من توازي اسبينوزا إلى توازي لايبنيز، تكون التحولات كبيرة، لأن اسبينوزا، على عكس لايبنيز، يفترض المساواة من حيث المبدأ بين سلسلة العلل الجسدية، تحت محمول الامتداد، وسلسلة العلل العقلية، تحت محمول الفكر، ولا يتصور فعلا أصيلا لعلة أولى متعالية للتنسيقالمنظم اللاحق على السلسلتين.

بصرف النظر عن هذه الاختلافات، فإن التناسق اللايبنيزي، في معارضته للتفاعل، ومن خلال أطروحته عن الاستقلالية والاستقلال المتبادل للسببية العقلية والسببية الجسدية، يندرج في إطار استمرارية تعاليم اسبينوزا. لكن من اللافت للنظر بشكل خاص أن لايبنيز، في هذه الحالة، لا يعترف بهذا الإرث على الإطلاق، وأن اسم اسبينوزا، بخلاف اسمي ديكارت أو مالبرانش، لا يظهر، إلا في ظروف استثنائية وفي سياق سجالي محدد، ضمن نصوص لايبنيز المكرسة للعلاقة النفسية الفيزيائية.
مهما يكن، فإن نموذج العلاقة بين الجسد والعقل الذي يعنيه المذهب اللايبنيزي في التناسق هو نموذج التوافق. يقتضي التوافق تزامنا وتناسبا منظمين بين العمليات النفسية (تمثلات في الروح) والعمليات الفيزيائية (حركات في الجسد)؛ علما بأن هذا التناسب مؤسس في الأصل وموضوع بشكل نهائي، إذا جاز القول، من لدن الله نفسه.
هذا على وجه الخصوص هو الدرس المستفاد من مقارنة لايبنيز الشهيرة بين العلاقة النفسية الفيزيائية والعلاقة المنظمة مسبقا لساعتين متزامنتين.
في ظاهرة التزامن (وهي ظاهرة فيزيائية تمت دراستها لأول مرة بواسطة كريستيان هوغنس(*))، يمكن ويجب تفسير “التوافق التام” بين هاتين الآلتين ذاتيتي التشغيل اللتين هما الساعتان، وفقا للايبنيز، بالتصنيع والتعديل الأولي لـكل واحد من هذين الجهازين الميكانيكيين، بحيث يكونان بعد ذلك بالضرورة وبشكل عفوي متناغمين، دون أن تؤثر ضربات أحدهما بشكل مباشر على دقات الآخر، ودون إجبار الميكانيكي على التدخل باستمرار لضبط دقات كل منهما.

والحال أنه مثلما تتوافق الساعتان تلقائيا وآليا، كذلك الجسد والعقل يتجاوبان، وترتبط القرارات النفسية بالقرارات المادية، على الرغم من أن كل واحد منهما يخضع لقوانين عمله الخاص، دون أن يكون محددا في عمله إما من قبل الآخر (“مسار التأثير”)، أو من قبل الله في كل لحظة (“مسار المساعدة”).
عبر “مسار التناسق الأزلي”، تترابط التمثلات في الروح، والحركات في الجسد، على الرغم من أن الجسد والعقل لا يعمل أحدهما ضد الآخر؛ إذ ثمة توافق بموجب التشكل الأصلي لكل منهما، بواسطة “جهاز إلهي إنذاري، شكل منذ البداية كلا الجوهرين، يحيث لا يتبع أحدهما سوى قوانينه الخاصة التي تلقاها مع وجوده، ومع ذلك يتوافق مع الآخر، كما لو كان بينهما تأثير متبادل، أو كما لو كان لله دائما يد فيه، بغض النظر عن دعمه العام”. إذن، توافق الروح والجسد لا يقتضي فعلا متبادلاً أو تدخلا سببيا، كما أنه لا يفترض فعالية إلهية دائمة تفعل في جميع الظروف في العلاقة النفسية الجسدية ؛ بل يتطلب في البداية فقط هذا “الجهاز الإنذاري الإلهي” الذي ينسحب فيما بعد.
الاستقلال المتبادل للسببية النفسية والسببية الجسدية، تلك، في ما يبدو، هي النتيجة المكتسبة التي يؤدي إليها مسار التناسق. لكن كما يوحي به المثل الذي ضربه لايبنيز عن التزامن، لا يتوافق الروح والجسد إلا بقدر قابليتهما لأن يقارنا، من وجهة نظر القدرة على الفعل، بساعتين، أي بجهازين ميكانيكيين مصنوعين، منطويين على مبدإ عملياتهما المنظمة. بعبارة أخرى، تشير فرضية التناسق الأزلي إلى أن الروح، وكذلك الجسد، قابلان لأن تتم مقارنتهما بآلتين ذاتيتي التشغيل. فضلا عن ذلك، كان هذا التشغيل الذاتي للنشاط العقلي متضمنا بالفعل في المسلمة العامة حول الاستقلال المتبادل والتوافق بين القوانين الفيزيائية من ناحية، والقوانين الخاصة بالعقل من ناحية أخرى، أي قوانين الفكر.
نصادف فكرة الآلة الروحية الذاتية التشغيل عدة مرات في كتابات لايبنيز المخصصة لمذهب التناسق الأزلي، والاتحاد بين الروح والجسد. تلعب هذه الفكرة، ذات الأصل الاسبينوزي، دورا حاسما في التمثيل اللايبنيزي للتوافق بين العقلي والجسدي. أكثر من ذلك، تم ضبطها متورطة في التعريف العام لـ “فرضية التوافقات”، التي تفترض بدقة وجود قوانين للنشاط العقلي، مستقلة، وفي نفس الوقت متسقة مع قوانين النشاط الجسدي. تم تطوير التوافق الأزلي، بهذا المعنى، بالإحالة إلى أطروحة الحتمية النفسية، التي تعد صورة الآلة الروحية الذاتية التشغيل توضيحا حاسما لها.
في الواقع، إذا تبين أن العمليات النفسية (مثل ترابط التمثلات أو حتى الإرادات في الروح) والعمليات الجسدية (الحركات والعواطف) منسجمة ومتزامنة، وأن أي تدخل سببي من سلسلة إلى أخرى يكون مستبعدا، فإن وجود سببية نفسية محددة ومستقلة، من خلالها يبدو أن التحديدات العقلية، المعبرة عن التحديدات الجسدية، تتبع بعضها البعض بالضرورة يصبح مقبولا.
ومن الجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن لايبنيز تحدث بصراحة عن موضوع “الآلة الروحية الذاتية التشغيل” في مقدمة كتابه “المذهب الجديد في الطبيعة واتصال الجواهر” التي خصصها لفرضية التناسق الأزلي كحل لمشكلة اتحاد الروح والجسد.
بالنسبة للايبنيز، يتطلب فهم فرضية التناسق هذا التعريف للعقل باعتباره آلة ذاتية التشغيل صورية، وبالتالي غير مادية. يقول شارحا: “لماذا لا يستطيع الله إعطاء الجوهر أولاً طبيعة أو قوة داخلية يمكن أن ينتج عنها بالترتيب (كما هو الحال في ألة روحية أو صورية، ولكنها حرة في تلك التي تشاركها في العلة) كل ما سيحدث لها، أي كل المظاهر أو التعبيرات التي ستكون لها، وذلك بدون مساعدة أي مخلوق؟ (…) وما دامت هذه الطبيعة للروح ممثلة للكون بطريقة دقيقة للغاية (على الرغم من أنها مميزة إلى حد ما)، فإن سلسلة التمثلات التي تحدثها الروح سوف تستجيب بشكل طبيعي لسلسلة التغييرات التي تحدث في الكون نفسه (…)”.

وهكذا، يبدو أن التشغيل الذاتي للنشاط العقلي يضمن كلاً من استقلاليته وملكته “التمثيلية”، التي يعبر من خلالها، بنظامه الخاص، عن الحتمية المحايثة للكون المادي. ولكي تعبر الروح عن السلسلة السببية الفاعلة في الكون، وعلى وجه الخصوص في الجسد الذي تمثل “وجهة نظره”، بينما تظل “حرة”، أي غير محددة مباشرة في تمثلاتها من خلال الأحداث المادية، يجب أن تحكمها قوانينها الخاصة، ومع ذلك فهي متوافقة مع قوانين الكون.
على هذا النحو، هناك حتمية نفسية قائمة الذات، و”موازية” للحتمية المادية في الكون على نحو من الأنحاء. هذا بالتحديد هو الدرس المستفاد من أطروحة لايبنيز التي تنص على أنه “بما أن هناك قوانين طبيعية في المادة، فكذلك الأمر في النفوس أو الأشكال”. إن وضع قوانين خاصة بالفكر، على أساس مبدإ حركة الروح، شرط أساسي للتناسب القبلي بإحدى الطرق ما بين الأحداث النفسية والأحداث الجسدية. لنتذكر هنا أن هذا التأكيد على وجود قوانين خاصة بالنشاط العقلي يستدعي بالتحديد، في فلسفة اسبينوزا، المقارنة الأصلية بين الروح والآلة الروحية الذاتية التشغيل.
هنا مرة أخرى، يترك لايبنيز كونه مدينا لفلسفة اسبينوزا في الظل، بينما يصوغ في نفس الوقت بعض مفاهيمه الرئيسية، لنظريته عن العلاقة بين العقلي والجسدي، انطلاقا من مقدمات لا شك في انتسابها لاسبينوزا. هكذا يجد نموذج الآلة الروحية الذاتية التشغيل نفسه مرة أخرى مطبقا ومدرجا بشكل صريح، من قبل لايبنيز، في إطار نظرية حتمية شبه خوارزمية عن عمليات الروح، والتي يتم تطبيع تعاقبها من خلال إجراء ضروري. لنستمع إليه وهو يقول “لقد قارنت الروح بالبندول فقط فيما يتعلق بالدقة المنظمة للتغييرات، والتي لا تكون كاملة حتى في أفضل الساعات، ولكنها مثالية في أعمال الله.؛ ويمكننا أن نقول إن الروح آلة لامادية ذاتية التشغيل أكثر عدلاً من سواها “إن الطابع الخوارزمي لنشاط التفكير، الذي يلعب دوره في نمذجة الروح بواسطة الآلة الروحية الذاتية التشغيل، وبالتالي “اللامادية” قد أتي على ذكره لايبنيز. يمكن تعريف فعل الروح- الآلة الذاتية التشغيل بشكل عام على أنه فعل موحد، يشكل خاصية للكائنات “المركبة” كما للكائنات البسيطة، ويقتضي “الخضوع بشكل دائم لنفس قانون النظام أو الاستمرار، كما هو الحال في ترتيب أو تسلسل من الأرقام “. يُفهم تعاقب مدركات الروح كتسلسل سببي، مؤسس تحديدا على “قانون النظام الموجود في المدركات كما في الحركات”. إذا كان العقل، بحكم التعريف، لا يستطيع بعد أن يتصور نفسه على أنه آلة تورنغ(**)، فيمكن مع ذلك وصفه كنوع من الآلة الذاتية التشغيل المجردة.
ربما نلتقي هنا بفكرة الآلة الحسابية، آلة مجردة للحساب، غير مادية بهذا المعنى، التي يبدو أن نظرية لايبنيز وضعت لها بعض المقدمات. لنتذكر في هذا الصدد أن هذا الجهاز الأوتوماتيكي الفريد الذي هو “الآلة الحاسبة” تم تصميمه وتطويره منذ العصر الكلاسيكي. كان باسكال هو الذي اقترح في الواقع، منذ عام 1645، النسخة الأولى من “الآلة الحاسبة”، وظيفتها على وجه التحديد “إجراء جميع أنواع العمليات الحسابية بواسطة حركة منظمة بدون قلم أو رموز”، وكان المشروع العام هو “اختزال جميع العمليات الحسابية إلى حركة منظمة”.

على أي حال، للعودة إلى منظور لايبنيز، فإن مقارنة الروح بجهاز آلي أمر مفهوم أيضا، بشكل أساسي، بالإحالة إلى المفهوم الميكانيكي الحديث عن الجسد البشري، باعتباره آلة مادية ذاتية التشغيل. إذا كانت وظيفة الروح على وجه الخصوص هي التعبير بنظامها الخاص عن العمليات التي تحدث في الجسد، بينما تظل محكومة بعلاقة نفسية بحتة، فقد تتصور هي نفسها قادرة على أن تشكل نوعا معينا، ليس جسديا، من الآلة.
هذه هي الطريقة التي يمكن بها فهم حجة لايبنيز على الآلة الروحية الذاتية التشغيل. يقول بهذا الصدد “بما أن الله خلق آلات جسدية تشتغل من تلقاء ذاتها، فقد كان بإمكانه أيضا خلق أخرى غير مادية تمثل الأولى”. هكذا يمكن تعريف العقل، وكذلك الجسد، تبعا لنموذج ميكانيكي. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذه “المكننة” للروح، بعيدا عن أن تنطوي على أي تبعية للوظائف العقلية للآلة الجسدية، لا معنى لها دون ربطها بأطروحة السببية النفسية المستقلة، عن مبدأ العمليات المعقدة التي هي عمليات الروح، ولا سيما تعدد مدركاتها المتزامنة، على اعتبار أن “(…) الروح، بما هي في منتهى البساطة، لديها دائما شعور يتكون من عدة مدركات في آن واحد ؛ ما يخدم لصالح هدفنا، كما لو كانت مكونة من أجزاء، مثل آلة”.
في نهاية المطاف، تبدو أطروحة الآلة الروحية الذاتية التشغيل على أنها هي الرديف الضروري لنظرية لايبنيز حول العلاقة النفسية الفيزيائية، أو حول التناسق، أو حتى “التوازي”، والتي بموجبها تتجاوب السببية النفسية مع السببية الجسدية أو تتوافقان في ما بينهما، دون تدخل من أحدهما في الآخر. أضف إلى ذلك أنه من اللافت للنظر أن استعادة ليبنيز وتطويره لفكرة اسبينوزا عن الآلة الروحية الذاتية التشغيل يقترن بتأسيس نطرية “التوازي” عن العلاقة بين الروح والمادة.إذا كان لايبنيز هو من نحت مصطلح “التوازي”، فإن المفهوم العام للتزامن، باستثناء كل التفاعلات، بين العمليات العقلية والعمليات الجسدية، تمت مصادفته أصلا، كما أشرنا سابقا، في فلسفة سبينوزا. بالتأكيد، يتميز التناسق اللايبنيزي عن منظور اسبينوزا، وهو منظور يفترض هوية أنطولوجية للجسد والعقل، ولا يترك مجالًا للنظر في أي سبب نهائي أو أولي لفهم الوحدة النفسية الفيزيائية ومع ذلك، فإن افتراض الانسجام دون الفعل المتبادل بين الوظائف العقلية والوظائف الجسدية هو من منجزات فلسفة اسبينوزا، استحوذ عليه لايبنتز ووظفه في سياق التناسق الأزلي وفرضية التفاوقات.


() آلة تورنغ هي نموذج نظري بسيط يحاكي طريقة عمل الحاسوب. سميت بهذا الاسم نسبة لعالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورنغ الذي أوجد هذا النموذج سنة 1936م. (*) كريستيان هوغنس فيزيائي وفلكي هولندي (1629-1695). هو أول من صنع ساعة بندول. وكان مبدأ حركة الرقاص قد أثبته العالم الإيطالي غاليليو في الثمانينات من القرن السادس عشر، غير أن كريستيان هوغنس هو من طبَّقه عملياً سنة 1657 م.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube