وجوه من المهجر

صور من الإبداع الإعلامي للصحفية والإعلامية “زهور زعزاع”

*يوسف سعدون

(وجوه من المهجر ) الركن من إعداد “يوسف سعدون” من أجل الانفتاح على مجموعة من الطاقات المغربية البارزة بالمهجر وتهدف من وراء هذه المبادرة “نفض الغبار”على هذه التجارب التي فرضت نفسها في الكثير من المجالات والتعريف بها ورد الاعتبار لها.

موعدنا اليوم مع الإعلامية والصحفية زهور زعزاع

بدات رحلة عشق الإعلامية زهور زعزاع للصحافة والإعلام منذ زمن بعيد حينما كانت ترسم لنفسها آفاقا للحياة عبر الأحلام والأماني،عشق كان في البداية بطعم التجريب فقط…لكن الصدفة جعلتها تغوص في أغواره…


كانت بدايتها مع الإعلام كمرحلة موازية لمسارها الدراسي الجامعي بمدينة وجدة حينما قدمت عبر الإذاعة الجهوية وهي طالبة في سن الثامنة عشرة العديد من البرامج الموجهة للجالية القاطنة بالخارج وخصوصا برنامج “بالاحضان ياوطني” والذي عرفها على مغاربة العالم من خلال الإنصات لانشغالاتهم و مشاكلهم وهمومهم.
وحينما اراد القدر ان يلعب لعبته الإيجابية معها..جعلها تتوجة لإذاعة الشرق بباريس من اجل فترة تدريبية؛لكن انبهار إدارة هذه القناة بطاقاتها وكفاءاتها الإعلامية دفعها للتشبت بها وضمها للطاقم الإعلامي للقناة؛فكانت المغربية الوحيدة ضمن فريق إعلامي كله من الشرق…هكذا بدأت مرحلتها الاحترافية الجديدة بوهح وبتفوق ملحوظ.فانطلقت في رسم فصول من التألق من قلب باريس التي اندمجت في عوالمها دونما انبهار أو دهشة.
ولم تكتف الإعلامية زهور زعزاع بهذا الإنجاز.بل عملت موازاة مع ذلك على إتمام دراستها العليا وتحضير الدكتوراة في السربون.


تجربتها الإعلامية بإذاعة الشرق والتي تعتبر كأول إذاعة عربية-إسلامية بفرنسا تجربة متميزة حيث تتوجه للجاليات المهاجرة في أوروبا لبسط مواضيع تهمهم في حياتهم اليومية وتساعدهم على تحقيق الاندماج في المجتمع الفرنسي.
بل إنها جعلت من قضية الاندماج قضيتها الأولى نظرا للمفاهيم المغلوطة التي كانت تراود العديد من أبناء الجالية العربية والإسلامية.وهذا المفهوم الخاطئ كان سببا في العديد من المشاكل التي تعاني منها فرنسا كالعنف في المؤسسات التعليمية والإحساس المستمر بالعنصرية وزرع الحقد بينها وبين الجاليات الأخرى.


فمن خلال برامجها الإذاعية المباشرة كانت ولازالت تستمع إلى المهاجرين سواء من الجيل الأول أو الثاني أو الثالث لتخرج في كل حلقة بنتيجة مفادها أن احترام الآخر في لونه ودينه وعاداته هو سر الاندماج الناجح في بلد يحتضن الجميع بحب واحترام ؛ مؤكدة أن مبادئ كل الديانات لا تتناقض مع المبادئ الأساسية للجمهورية وهي الإيخاء والعدالة والمساواة..
وبفضل اختياراتها الإعلامية الهادفة صارت محبوبة عند مختلف الشرائح من المستمعين/المهاجرين والذين نثروا عليها الكثير من باقات الألقاب كالمربية الأخصائية الاجتماعية والأخصائية في علم النفس التي تتمتع بقلب كبير… تفرح لأفراحهم وتحزن لأحزانهم.. وحينما تكون على الهواء فإنها تعطي إحساسا بكونها تنتمي إلى كل الأوطان العربية…وتراهن على ضمان تواصل سلس مع مختلف الهويات بلغات وبلهجات متعددة.وعبر هذا التواصل فهي
تسعى للتقرب منهم وتتقاسم معهم هموم الغربة بخطاب يحمل الأمل..
برامجها بإذاعة الشرق بفرنسا متنوعة وتهتم بالمجال الثقافي والاجتماعي مع مواكبة مختلف الأنشطة الثقافية..ويبقى برنامجها :
“Vous avez la parole”
من أهم برامجها حيث يعرف تفاعلا كبيرا من طرف المستمعين خصوصا وأنه يطرح العديد من قضايا الهجرة واهتمامات المغتربين وإشكالية التعايش ومشاكل الإسلاموفوبيا..وهي لا تقف عند التشخيص في معالجتها الإعلامية لهذه القضايا..بل تعمل على استشراف بعض الحلول من خلال قدراتها الاقتراحية البناءة..
ونظرا لقيمتها كإعلامية متميزة،نالت الإعلامية زهور زعزاع الكثير من مبادرات الاعتراف حيث تم تكريمها من طرف العديد من الجمعيات الفرنسية والعربية في فرنسا..كما أصبحت تلقب بسيدة صباحيات الشرق لمواظبتها على تقديم البرامج الصباحية منذ 15 سنة..
أهميتها الإعلامية -أيضا-تكمن في قدرتها على التطرق لمختلف القضايا الكبرى التي يعرفها العالم حيث سجلت حضورها الإعلامي القوي في الأحداث التاريخية كالربيع العربي وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا و(جهاد )الشباب الفرنسيين بسوريا..كما استضافت ألمع الطاقات العربية كوديع الصافي ومحمود درويش ومحمد فؤاد نجم والسيد حجاب وادونيس وعبد الوهاب الدكالي ولطفي بوشناق وغيرهم.
و كان لزهور زعزاع إشعاع آخر موازي لحضورها الإعلامي حيث مثلت المغرب في العديد من المناسبات كالأسبوع الإفريقي في اليونسكو بمصر….


كما غطت العديد من المهرجانات الثقافية الدولية فكانت دائما همزة الوصل بين مغاربة العالم والمغرب من خلال برامج تعرف بالثقافة المغربية و تطور المغرب…
هي هكذا الإعلامية زهور زعزاع.جعلت من الإعلام وسيلتها الهادفة لخدمة المتلقي رغبة في تجسيد أسمى صور الاندماج وتشييد جسور من التواصل الحضاري.
هي لا تمتهن الإعلام.بل تبدع فيه لكي تقدم لنا أسمى القيم الإنسانية عبر الأثير..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube