وجوه من المهجر

نزيهة مفتاح أو “مفتاح صول” الأغنية الهادفة

إعداد ذ. يوسف سعدون

تعتزم حرة بريس تقديم ركن جديد بصفحاتها (وجوه من المهجر )  وذلك من أجل الانفتاح على مجموعة من الطاقات المغربية البارزة بالمهجر وتهدف من وراء هذه المبادرة “نفض الغبار”على هذه التجارب التي فرضت نفسها في الكثير من المجالات والتعريف بها ورد الاعتبار لها.

اليوم مع المطربة المتألقة: نزيهة مفتاح
“التغريدة الجبلية

نزيهة مفتاح : ولدت لكي تكون فنانة بصيغة “مفتاح صول ” للطرب الأصيل ذي المسحة الصوفية؛ ولدت أيضا لتبدع لنا الجمال وتعمل على إنارة سبيل عشقنا للمدرسة الفيروزية بكل بذخها وروعتها.


بمهدها الدافئ ذات فصل ربيعي، كان ينطلق إيقاع غير مألوف لصرخاتها الهادئة…ربما كان هذا مؤشرا كبيرا على ميلاد موهبة استثنائية كصوت طربي تاكدت روعته مع مساراتها المتلاحقة…
وبشفشاون كانت البداية…كانت تلك التلميذة والمطربة في الحفلات المدرسية التي جلبت الاهتمام والإعجاب ..وكانت أيضا وردة برحيق عطر النغم ضمن باقة مجموعة السنابل…
ومن تلك المدينة النيلية، انطلقت بأحلامها الكبيرة لكي تبدأ مشوارها الطويل لإثبات ذاتها كواحدة من الأصوات الجادة والمجددة.
لم تجد من سبيل للتأسيس لتجربتها الغنائية الطموحة غيرالهجرة التي اختارتها عن طواعية ..
رحيلها عن الوطن لم يكن إجباريا، كما حصل مع مجموعة من المفكرين والأدباء والفنانين الذين أجبروا على ترك أوطانهم بسبب عوامل سياسية أوفكرية، أوبسبب الاحتلال كما هو الشأن للراحلين إدوارد سعيد ومحمود درويش..


اختارت الهجرة، بمحض إرادتها، بعد أن حسمت في اختياراتها. وأرادت عبر هذا الحسم استدراك فرصة ضاعت منها حينما تخلت عن منحة لمتابعة دراستها بفرنسا بعد حصولها على الباكالوريا لأسباب عائلية. لهذا وبمجرد حصولها على شهادة الإجازة. لم تتردد في تحقيق حلمها بطعم القدر المحتوم، فالتحقت بباريس حيث وجدت ضالتها الفنية والدراسية في أواخر القرن الماضي.
لم يطل بها المقام طويلا في لعبة الانبهار بأمكنة وفضاءات مدينة الأنوار. بل انخرطت بسرعة في رسم فصول رائعة من الاندماج وإثبات الذات.. إذ خطت خطواتها الأولى نحو مدرجات الجامعة الفرنسية التي فتحت لها آفاقا جديدة نحو مناهج البحث والعلم والمعرفة.والتي زكت مكانتها في المجتمع الباريسي كمثقفة ومبدعة..
وبالموازاة مع هذا المسار الدراسي الناجح، عملت على تحقيق حلمها الفني/الغنائي والذي كان محفزها القوي للهجرة. فمضت تنشد هذه الغاية ب “مدينةالجن والملائكة”، حسب تعبير، طه حسين .
باريس الحب والموعد الأول في جزيرة سان لويس. باريس الحظ، والقبلة الأولى المسروقة تحت الأبواب…كما غناها الرائع جاك بريل.
اختيارها لهذه المدينة بكل هذه التجليات لم يكن صدفة..بل جاء نتيجة ما نسجت حولها من صور الجمال من خلال قراءاتها المتنوعة …فاستوطنت أحلامها بتاريخها وبأمكنتها، بعطورها، وبمسارحها، بفنونها وبثقافتها…


وباريس التعدد، والاختلاف، والحقوق، والفنون والثقافات، هي التي فتحت لها أبواب النجاح عبر فرص ذهبية…فانطلقت تسجل حضورا فنيا متميزا من خلال تسجيلها لمجموعة من الألبومات وإحيائها للعديد من السهرات والمشاركة في العديد من المهرجانات بفرنسا او عبر العالم. وهي تنجز كل هذا التألق، تعمق بداخلها الإحساس بالانتماء للمدينة بطعم الوطن الثاني رغم اختيارها الغناء بلغتها الأصلية العربية والتي عززت هويتها وانتماءها الحضاري.
وبوهجها الدائم كمطربة ذات صيت عالمي، وبأسلوبها الطربي الهادف،واصلت تسجيل حضورها القوي في العديد من المحطات عبر العالم.


وتوجت مسيرتها الفنية بتسجيل أربع أشرطة الأول بعنوان: “اندفاع”، مع الفلسطيني، أحمد دراي والتونسي، محمد الماجري. سجل بالقاهرة باستوديو “عمار الشريعي” بالقاهرة بمشاركة الفرقة الماسية.

والثاني مع فرقة ” قيْنة” مع عابد البحري وسمير بن دمرد
الذي تم إعداده ببروكسل/ بلجيكا.
والثالث مع مجموعة “وجد” بعنوان “عبور” مع السوريين، غيث جاسر وخالد رمو، والموزع حاليا بأوربا.


و”عين القلب” مع عبد اللطيف اللعبي، و إدريس المالومي
“من إنتاج “مجلس الجالية المغربية بالخارج” وجمعية “صلة وصل
والموزع من طرف
معهد العالم العربي IMA
وأرمونيا موندي Harmonia Mundi
:بالإضافة إلى مساهمتها في أعمال مع أسماء عربية وفرنسية وإسبانية مرموقة في عالم الموسيقى والسينما والوثائقي، نذكر منهم
المرحوم، سعيد الشرايبي، إيلي أشقر، إسكندر الغيتاري، أمينة الركراكي، سفيان نقرة، وسيم بن شوشة…. أرمان أمار، ماريا باخيس، سيدي العربي الشرقاوي…. يان أرتوس برتراند، رادو ميهايلينو…..
كما رشحت سنة 1990 كأول صوت في باريس ضمن برنامج كان يذاع على أمواج ” راديو الشرق.


ومن المهرجانات والتظاهرات التي شاركت فيها نذكر
-مهرجان “موسيقى بلا حدود” و”مهرجان المتوسط” بمعهد العالم العربي بباريس.

  • مهرجان ” ثقافات المغرب ب “Caen” بفرنسا.
  • مهرجان آفنيون Avignon .
  • مهرجان روافد بالعيون.
  • مهرجان “موسم” ببلجيكا.
  • مهرجان المدينة بتونس.
    مهرجان الموسيقى الروحية بفاس-
    مهرجان أليغريا بشفشاون
  • مهرجان الأصوات النسائية ب Quiberon/ فرنسا.
  • مهرجان الفيلم النسائي العالمي ب Créteil/ فرنسا.
  • تظاهرة حول الفن المغربي بمملكة البحرين
    فيروزيات، بسلطنة عمان .
    -……. تظاهرة حول غزة ومحطات أخرى

وكانت لها أيضا مشاريع جديدة ومواعيد مع مهرجانات وسهرات عبر العالم، لكن تأجلت عندها كل المواعيد، وهاهي في زمن الجائحة ماضية في تأملاتها الجمالية وتمرنها اليومي على ضبط إيقاعاتها الصوتية الشجية في انتظارالانفراج الذي سيمنحنا فرصة تجديد اللقاء بها كواحدة من نجوم الغناء..


شيء واحد أضحى يعكر عند المبدعة نزيهة مفتاح صفو الانتماء لوطنها الثاني، شيء بحجم الكابوس يجسده هذا التهديد الإرهابي المقيت لفرنسا و للعالم. تهديد أعاد عندها طرح سؤال الانتماء والهوية، وجعلها تعمق النظر في إشكاليات فنية مستجدة ومرتبطة بهذه القتامة…تأملات تمارسها بجديتها المعهودة وبإيقاع تتداخل فيه صورالحنين لوطنها الأول ومساحات من وفائها الأزلي لباريس الأنوار….
بهذا العشق المزدوج، تواصل المطربة نزيهة مفتاح نسج فصول حلمها الغنائي الجميل لكي لا تمنح لنا سوى بهاء الطرب الراقي..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube