مستجداتوجوه من المهجر

أشواق عبر ” أثير ” أشرف لعروسي

اعداد يوسف سعدون

تعتزم حرة بريس تقديم ركن جديد بصفحاتها (وجوه من المهجر ) وذلك من أجل الانفتاح على مجموعة من الطاقات المغربية البارزة بالمهجر وتهدف من وراء هذه المبادرة “نفض الغبار”على هذه التجارب التي فرضت نفسها في الكثير من المجالات والتعريف بها ورد الاعتبار لها.اليوم،نعرض تجربة واحد من الوجوه البارزة أشرف لعروسي

حينما حسم أشرف لعروسي في قراره بترك الوظيفة والأهل والوطن.. والبحث عن أفق جديد قد يستوعب طموحه.استحضر كل طقوس الرحيل، وامتطى أجنحة السفر نحو كندا واستفهامات و تمثلات ضبابية تسكن وجدانه…
بمطار إليوط ترودو الدولي سنة 2009, خطا خطواته الأولى والحبلى بعناوين الدهشة و الاستفهام والانبهار،صادف وصوله شهر اكتوبر الذي هو بداية موسم البرد والثلج والصقيع..و.موعدا يتجمد فيه نهر سان لوران المحيط لجزيرة مونتريال …
كانت هذه الأجواء عناوين للصدمة !!! لكنه استوعبها بسرعة وفهم عبرها مقومات هذا العالم المغاير بقوانينه وبقيمه الفلسفية وبخصائصه الحداثية لانه كان مؤهلا لذلك نظرا لرصيده الثقافي والفكري والاكاديمي.
مر سريعا للمبادرة.ولم يمكث طويلا عند فصول الانبهار،فانطلق يبحث عن عمل يستطيع من خلاله اختزال مسافات التفكير في الحاضر وفي الغد المبهم..
ولج عالم الشغل..بدأ بتوزيع منشورات إشهارية في أرقى الأحياء المجاورة لمدينةمونتريال..وجعل من هذه المحطة مرحلة قصيرة جدا من حياته..كانت فقط مناسبة للتعرف على جغرافية الأمكنة وتفاصيلها..والتواصل مع المهاجرين والمواطنين الكنديين…وهذا الأنس خفف من قلقه… وجعله يطمئن لاختياراته ويتخلص من صور التردد …
بعدها انتقل للاشتغال بأحد المطاعم المعروفة بالمنطقة..فطرق الحظ أبوابه حينما وثق به مشغله الإيراني الأصل الذي آمن بقدراته ومهاراته المتعددة والتزامه المهني ،فكلفه بتسيير سلسلة مطاعمه المتفرقة بمونتريال ولاڤال..وساعدته هذه المرحلة لاستكمال دراسته بجامعة مونتريال الدولية ، انطلق بعدها في بناء مقومات الاندماج بسلاسة. فتولد عنده الاهتمام بشؤون الجالية المغربية والجاليات الأخرى رغبة منه في تملك قضية الهجرة في علاقتها بإشكاليات الاندماج.وكان عليه أيضا ان ينفتح على مجموعة من فعاليات المجتمع الكندي لضمان جسور التواصل ومواكبة المستجدات… ولم يجد احسن وسيلة لخدمة هذه القضايا من الإعلام الذي راكم فيه الكثير من التجارب حينما كان بالديار وبالخصوص بمدينة طنجة.. وكان لقاؤه بأحدٍ الصحفيين الذي اشتغل معه حينما كان رئيسا لتحرير الطبعة العربية بجريدة طنجة و الذي اختار- مثله- الهجرة لكندا-عاملا مشجعا لإعادة بناء الحلم.. فقررا خوض مغامرة إعلامية يرويان عبرها ظمأ الحنين للصحافة، فأسسا جريدة إلكترونية أطلقا عليها إسم “أصوات مهاجرة” باللغتين الفرنسية والعربية موجهة للجالية المغربية… فكانت تجربة ناجحة بامتياز ومساحة إعلامية استطاعا من خلالها في وقت وجيزاستقطاب كفاءات مغربية في مجالات إبداعية مختلفة…كما لامست الكثير من القضايا التي تفاعلت معها شرائح متنوعة من المهاجرين، فشكلت بذلك بديلا لما كان سائدا من تجارب متواضعة .
و لأسباب متعددة،توقفت التجربة ، لكنها تركت بصمة واضحة في المشهد الإعلامي عبر مصداقيتها واستقلاليتها لمدة أربع سنوات.
نجاح هذه التجربة،أثار انتباه الكثير من الإعلاميين من تونس والجزائر، فانخرطوا مع أشرف لخوض تجربة إذاعية مشتركة بإحدى المحطات التي تبث على أمواج الإ ف م (FM) .واجتهدوا في تمويل المشروع ذاتيا..كما بحثوا عن مستشهرين مغاربيين… فانطلقت إذاعة مغرب إ ف م كأول إذاعة مغاربية تعنى بشؤون المهاجرين، وكانت مناسبة له لاستعادة مهاراته الإذاعية عبر تنشيط العديد من البرامج، فأجرى الكثير من الحوارات المباشرة مع فنانين ومسؤولين مغاربة وكنديين،وأنجز تغطيات للعديد من المهرجانات والملتقيات.كما قام بتحقيقات عالج فيها الكثير من القضايا..و أعد برامج اجتماعية كانت تهدف إلى مساعدة المهاجرين..
هذه التجربة الإعلامية الجادة، فتحت أفقا له يتمثل في تجريب المقاولة، فقرر متابعة الدراسة للحصول على دبلوم الخبرة العقارية بإحدى المعاهد ..وها هو اليوم يملك مقاولة عقارية تابعة لإحدى الشركات الكبرى …ويجد نفسه يغير الاتجاه مدشنا مسارا مختلفا عن باقي تجاربه السابقة …لكنه رغم هذا التغيير،فقناعاته بالقيم الإنسانية التي ناضل من أجلها منذ شبابه ثابتة، وعشقه للإعلام والصحافة ساكن في وجدانه..وأما هذا العالم الجديد الذي ولجه،فله خصائص تملكها أشرف بسرعة، قوامها الإلتزام والحرص على تطبيق قانون التعمير والقانون المدني وضبط استراتيجيات التدبير ومسايرة التكنولوجيا الحديثة في التسويق والإشهار…
هو هكذا أشرف لعروسي : أنسان طموح وعملي.. وكل فصول حياته تنطق بالنجاح …وهو من هناك يبعث لنا أشواقا عبر أثير الحنين .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube