حيمري البشيرمأساة إنسانية

كانت حياة نضال مليئة بالذكريات الجميلة

كنت شغوفا بمتابعة النضال الذي يقوده الشعب الفلسطيني وبعض قادة الثورة الذين استبسلوا في معارك طاحنة في جنوب لبنان ،والمعارك التي خاضها رموز الثورة الفلسطينية في لبنان ومنهم أبو نضال أحد رموز الثورة الفلسطينية ،والذي سجل ملاحم مع قادة فلسطينيين ، آخرين .ازداد نضال فاخترت هذا الإسم ليكون في الذاكرة ،لازلت أتذكر يوم ازدياده أخذت دفتر الحالة المدنية لتسجيله فسألني السفير المغربي آنذاك الغازي ،لماذا اخترت هذا الإسم فأجبته بشجاعة ،تيمنا بأحد رموز الثورة الفلسطينية،عندما كبر نضال طرح نفس السؤال علينا أنا والوالدة ،وبما أنه كان متابعا لمايجري في الساحةوبالخصوص مايتعرض له الشعب الفلسطيني من اضطهاد من طرف الإحتلال .فقد كان يحس بفخر ،لم يكن له أصدقاء من فلسطيني الشتات ولكنه كان يحضر معي من حين لآخر بعض التظاهرات التي تقام في العاصمة الدنماركية .كان فخورا جدا لما فهم بأن الإسم الذي يحمله ،له معنى بليغا لدى الشعب الفلسطيني وكل مواطن عربي يحمل هم القضية الفلسطينية.كنت أحلم وأتمنى أن تطول حياة نضال ،حتى يتحقق الحلم الفلسطيني في تأسيس دولته ويعود اللاجؤون إلى أرض الميعاد،ونرفع شارة النصر التي اعتاد الثوار في ساحة المعارك رفعها .كان العزيز الراحل متابعا لمايجري في الساحة الفلسطينية،ويأسف كثيرا للإقتتال الداخلي وللصراع بين الفصائل الفلسطينية والذي كانت تغذيه جهات عربية عدة.كان رحمه الله يتمتع بنضج سياسي ،لايتسرع في الحكم على ما يجري في الساحة.مهتم دائما بالصراع العربي الإسرائيلي ،ويتألم باستمرار لصمت الأمم المتحدة والاتحاد الـاوروبي وعجز الجميع على فرض السلام.كان دائما ينزعج لغياب العدالة والإنصاف من طرف العالم ومنظمات حقوق الإنسان حول المذابح التي تقع يوميا في الأراضي المحتلة .كنت دائما أحس بأني خلفت رجلا سيتابع خطواتي لدعم الحركات التحررية في العالم وبالخصوص قضية فلسطين .كان رحمه الله يؤمن بنفس المبادئ والقيم التي تربيت عليها .وفي نفس الوقت يؤمن بالقيم الإسلامية التي نشأنا عليها.ليلة الرحيل تناولنا الفطور جميعا بعد صيام جماعي في يوم عرفة ،ومات رحمه الله بعدما تناول أكلة كان يحبها ولما انتهى قبل مغادرته للبيت أوصى والدته بترك ماتبقى لوجبة الغذاء يوم العيد.ولكن القدر شاء غير ذلك .كانت والدته قلقة عليه وعند منتصف الليل اتصلت به فقال لها أنا في الطريق إلى البيت .كانت تلك الكلمات آخر ماسمعته ،بعد ساعة سمعنا دقات في البيت وعندما فتحت وجد رجلان من الأمن الدنماركي ،وطلبا مني مرافقتهما إلى المستشفى أين كان نضال يحتضر من وقع الصدمة التي تلقاها في رأسه.انهارت الوالدة من شدة الصدمة التي تلقتها .بقينا في المستشفى عشنا لحظات صعبة لمسنا إهمالا من الأطر الطبية ،أحسسنا فعلا أن هناك استهتارا وتقصيرا من الأطر الطبية التي سهرت طول الليل ودب العياء بأجسادها ولم تعد تقاوم أو تقدم الخدمات الصحية الضرورية لإنقاذ المصاب .بقي العزيز غائبا عن الوجود تحت أجهزة التنفس الإصطناعي حتى فارق الحياة ،أحسسنا بالفعل أنهم لا يريدون إنقاذ حياته وزرع الأمل فينا لأنه من أصول أجنبية غير غربية.وتغيب العدالة والمساواة ليس فقط في سوق الشغل بل نعاني من الميز حتى في المستشفيات والعديد من الأطفال والراشدين والطاعنين في السن غادروا الدنيا بسبب التقصير والإهمال.توقفت حياة العزيز نضال في المستشفى الذي ولد فيه وهذه المرة في الطابق السابع .سأواصل سرد جزئ من حياة الفقيد واهتمامته وتطلعاته ومواقفه.

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube