حملة محاكمة الصحفيين بالمغرب في أي نطاق ندرجها؟
يبدو أن معركة تكميم الأفواه التي انخرط في محاربتها المجتمع المغربي بكل فئاته ،عادت من جديد لتشغل بال الرأي العام الوطني ومنظمات حقوق الإنسان في العالم،الإعتقالات التي عرفتها بلادنا والمحاكمات المستمرة للعديد من الفاعلين في المجتمع المدني والذين يفضحون الفساد ويطالبون بحماية صورة المغرب بالخارج ،وتفادي انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية،يفرض مراجعة السياسة التي أصبحت الدولة تفرضها على يد من كان بالأمس القريب يرافع عن قضايا حقوق الإنسان في بلادنا،والتنديد بالإنتهاكات التي كانت مسرحا لها الساحة السياسية ،ولم يكتفي بذلك بل ندد بكل التجاوزات التي كانت تحدث في بلادنا واستغل منبر البرلمان في زمن ما ليجسد مسرحياته الهزلية ويكسب شعبية في المجتمع المغربي .مع كامل الأسف أصبح اليوم وهو وزيرا للعدل والإنصاف ياحسرتاه يحاكم ويطالب باعتقال كل من يفضح الفساد والمفسدين والناهبين للمال العام وهو بذلك يمس في العمق بالإنجازات التي تحققت وأوصلت المغرب في شخص سي الزنيبر بترأس مجلس حقوق الإنسان لمدة سنة،انتصار حققه المغرب على جنوب إفريقيا والتي لم تحصل سوى على سبعة عشر صوتا مقابل ثلاثين حصل عليها المغرب . وانتصار المغرب لترأس مجلس حقوق الإنسان في جنيف هل يعكس الوضع الحقوقي في بلادنا بالنظر للتضييق على الصحفيين والمحاكمات التي تجري اليوم في حق العديد منهم . مع كامل الأسف وزير العدل المغربي الذي ساهم في هذا الإنتصار،أصبح يجسد سياسة تتناقض مع ما تم تحقيقه في جنيف.إن تجرؤه من جديد لفرض سياسة تكميم الأفواه على الصحفيين يسيئ لصورة المغرب في العالم ،وبالتالي أصبح مرغما على الرحيل ومغادرة وزارة العدل لأنه بات غير مرغوب فيه ،بعد تكراره لتصريحات مشينة في إحدى المكالمات الهاتفية مع أحد المحامين.وفي ظل مايجري لا يمكن السكوت عن سياسة تكميم الأفواه باعتقال الصحفيين الذين يفضحون الفساد في المغرب .وليس من مصلحة المغرب استمرار وزير العدل في منصبه حفاظا على صورة المغرب بالخارج ،خصوصا وأن سي الزنيبر يرأس مجلس حقوق الإنسان لمدة سنة ونتمى صادقين أن لا يتم إحراجه من خلال سياسة تكميم الأفواه ومحاكمة الصحفيين ورجال الإعلام في بلادنا.نتمنى أن تصل الرسالة ويتم مراجعة ماوقع حفاظا على صورة بلادنا في مجال حقوق الإنسان ،وخصوصا وأننا كنا سباقين لطي صفحة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإنشاء لجنة الإنصاف والمصالحة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في إفريقيا والعالم العربي ويبقى سؤال أخير أين موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان من محاكمة الصحفيين بتهمة محاربة الفساد وفضح ناهبي المال العام؟
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك