
“حقوق الإنسان في المغرب بين التعهدات والانتهاكات”
جدول المحتويات
I. المقدمة
• تقديم الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان
• أهداف التقرير
• سياق حقوق الإنسان في المغرب
II. الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب ومدى تنفيذها
• قائمة الاتفاقيات الدولية الرئيسية التي وقعها المغرب
• التقدم المحرز والثغرات في تنفيذ الالتزامات الدولية
• توصيات لضمان احترام أفضل للمعاهدات الدولية
III. القوانين والتشريعات الوطنية بين الإصلاح والتراجع
• حدود القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية
• الاكتظاظ السجني وغياب البدائل للعقوبات الحبسية
• الحاجة إلى إصلاح مدونة الأسرة والقوانين المدنية
• توصيات للإصلاح
IV. مشروع قانون الإضراب وأزمة الحوار الاجتماعي في المغرب
• القيود المفروضة على الحق في الإضراب
• أزمة المفاوضات الجماعية
• انتهاكات حقوق العمال
• توصيات
V. الحق في التنظيم بالمغرب
• التضييقات على الجمعيات الحقوقية
• المشاكل المتعلقة بالنقابات والتجمعات الاحتجاجية
• توصيات لتعزيز حرية التنظيم
VI. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
• الفوارق الاجتماعية والفقر
• مشاكل قطاعي الصحة والتعليم
• هشاشة سوق الشغل
• توصيات لتحسين الوضع
VII. قضية متضرري زلزال الحوز
• الأضرار البشرية والمادية
• استجابة الحكومة والانتقادات الموجهة إليها
• انتهاكات حقوق المتضررين
• توصيات لتحسين إدارة الكوارث
VIII. الأراضي السلالية: انتهاك الحق في الأرض
• إقصاء النساء السلاليات من الاستفادة
• المضاربات العقارية وتفويت الأراضي بشكل غير عادل
• غياب الحماية القانونية لذوي الحقوق
• توصيات لضمان التدبير العادل للأراضي السلالية
IX. حقوق المرأة والطفل
• العنف والتمييز ضد النساء
• تشغيل الأطفال والفقر في صفوفهم
• الاتفاقيات الدولية ومدى تنفيذها
• توصيات لتعزيز حقوق المرأة والطفل
X. تفاقم الفقر
• الأسباب والنتائج
• تأثير الأزمات الاقتصادية
• توصيات لسياسة اجتماعية أكثر عدالة
XI. أزمة السياسات الإسكانية في المغرب
• هدم المنازل دون تعويض مناسب
• الفساد والمضاربات العقارية
• اختلالات برنامج “مدن بدون صفيح”
• توصيات لحل أزمة السكن
XII. تفاقم ظاهرة التشهير والابتزاز والجرائم الإلكترونية
• إحصائيات حول الجرائم الإلكترونية
• قضايا شهيرة مرتبطة بالتشهير والابتزاز
• توصيات لتعزيز الأمن الرقمي
XIII. الشباب المغربي: انسداد الأفق وتفاقم مشاكل المخدرات والمهلوسات
• البطالة وغياب الفرص
• تزايد استهلاك المخدرات
• توصيات لمعالجة الأزمة
XIV. قضايا حقوقية بارزة
• المتابعات القضائية ضد الصحفيين
• اعتقالات الناشطين الحقوقيين
• انتهاكات حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان
• توصيات لحماية الحقوق والحريات
XV. الخاتمة العامة
• ملخص لأهم الإشكالات الحقوقية
• دعوة السلطات المغربية إلى اتخاذ تدابير عاجلة
• التزام الرابطة بالدفاع عن حقوق الإنسان
تقديم
على مدى أكثر من أربعة عشر عامًا من العمل المستمر والمثابرة، تواصل الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان القيام بدورها الحيوي في رصد وتحليل وضعية حقوق الإنسان في المغرب، مستندة إلى التزامها الثابت بحماية الحقوق والحريات الأساسية لكافة المواطنين والمواطنات في المملكة. وقد نجحت الرابطة، على مر السنوات، في أن تكون صوتًا مدافعًا قويًا عن الحقوق الإنسانية على الصعيدين الوطني والدولي، مع تعزيز حضورها في مختلف المنابر الحقوقية، سواء من خلال تقديم تقاريرها الدورية للهيئات الأممية أو من خلال تفاعلها المباشر مع المقررين الخاصين والخبراء الدوليين في مجال حقوق الإنسان.
تُعد هذه الفترة التي نمر بها محورية في فهم وضعية حقوق الإنسان في المغرب، حيث تواجه العديد من القضايا الحقوقية والإنسانية تحديات جمة، مرتبطة بتطورات قانونية، اجتماعية، وسياسية على مختلف الأصعدة. من هنا جاء هذا التقرير السنوي لعام 2024 ليُسهم في تقديم تشخيص شامل ودقيق للواقع الحقوقي بالمغرب خلال السنة الماضية، مع التركيز على أبرز الانتهاكات الحقوقية، التراجعات القانونية، والتحديات المؤسساتية التي أدت إلى تراجع الوضع الحقوقي في مجالات متعددة.
لقد اتسمت الفترة الماضية بظهور عدد من القضايا الحقوقية التي ألقت بظلالها على المجتمع المغربي، في مقدمتها تزايد التضييقات على حرية التعبير والصحافة، وتفاقم الانتهاكات في حق الفئات الهشة كالأطفال والنساء والمهاجرين، إضافة إلى ضعف العدالة الاجتماعية الذي ينعكس في عجز الدولة عن ضمان حقوق الفئات الأقل حظًا في الاستفادة من الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والإسكان. كما أن النظام القضائي، رغم بعض الإصلاحات الظاهرة، ما زال يعاني من ضعف في حماية الحقوق والحريات الأساسية، مما يزيد من تعقيد الممارسة الديمقراطية في البلاد.
وفي ظل هذا السياق المعقد، يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على هذه القضايا بشكل شامل، وتحليل محاور رئيسية في حقوق الإنسان بالمغرب، بما يشمل الحريات العامة، حقوق العمال، حقوق المرأة والطفل، وحقوق المهاجرين، بالإضافة إلى تقييم قدرة النظام السياسي والقانوني على الوفاء بالالتزامات الدولية للمغرب في هذا المجال. كما يسعى التقرير إلى تقديم توصيات عملية وواضحة من أجل تحقيق الإصلاحات اللازمة التي تضمن الحفاظ على حقوق الأفراد وحمايتها من التعديات، والارتقاء بالوضع الحقوقي في المغرب بما يتماشى مع المعايير الدولية.
إن الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان تؤمن بأن المسؤولية في حماية الحقوق ليست فقط مسؤولية الجهات الحكومية، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل فرد في المجتمع المدني، من خلال العمل المتواصل على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ونشر الوعي العام حول ضرورة احترام حقوق الجميع. ومن هنا، فإن هذا التقرير لا يمثل مجرد توثيق لحالة حقوق الإنسان في المغرب، بل هو أيضًا دعوة للعمل من أجل مستقبل أفضل يعكس التزام المغرب بحقوق الإنسان على أرض الواقع، ويعزز من قيم العدالة الاجتماعية، الحرية، والمساواة بين كافة المواطنين.
ادريس السدراوي
الرئيس الوطني للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان
i. ورقة تعريفية بالرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان
تقديم
تأسست الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان قبل أكثر من 14 سنوات، واستطاعت خلال هذه الفترة تعزيز مكانتها في الساحة الحقوقية على المستويات الوطنية والجهوية والدولية. بفضل جهودها المستمرة، توسعت الرابطة من حيث عدد الأعضاء والفروع، كما تمكنت من الانخراط في شبكات وتحالفات دولية وإقليمية مرموقة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز المواطنة.
الهيكلة والتنظيم
شهدت الرابطة نموًا ملحوظًا في عدد أعضائها، حيث ارتفع من 1000 عضو سنة 2010 إلى 5000 عضو بحلول 2016، إلى جانب تأسيس العديد من اللجان التحضيرية والمراصد المتخصصة.
كما استقطبت الرابطة اهتمام المغاربة المقيمين بالخارج، حيث تم تأسيس لجان تحضيرية في إسبانيا، فرنسا، الولايات المتحدة.
الاعتراف الدولي والعلاقات الخارجية
تمكنت الرابطة من الحصول على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC) منذ 2015، ما أتاح لها النفاذ إلى مختلف آليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان. كما عززت الرابطة علاقاتها الدولية بانضمامها إلى العديد من الشبكات والتحالفات الحقوقية، منها:
• التحالف الدولي للموئل: شبكة حقوق الأرض والسكن
• الشبكة العالمية للمراقبين المحليين للانتخابات
• الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
• تحالف الجمعيات الإفريقية الكبرى (التابع للأمم المتحدة)
• تحالف جمعيات المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب
• الرابطة الدولية ضد الاعتقال التعسفي
. العلاقات الوطنية
تتمتع الرابطة باستقلالية تامة عن أي حزب سياسي أو توجه ديني، مما أكسبها مصداقية كبيرة داخل المجتمع المدني المغربي. وقد ساهمت في تأسيس الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان وشاركت في عدة لجان تقصي الحقائق، مثل:
• لجنة تقصي الحقائق حول أحداث تازة وسيدي إيفني والحسيمة وأحداث كديم ايزيك.
الأنشطة الإشعاعية والتكوين
تعتبر الرابطة من أنشط الجمعيات الحقوقية تنظيمًا للندوات والتظاهرات الحقوقية، ومن أبرز أنشطتها:
• ندوات حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحقوق المدنية والسياسية، وحرية الصحافة.
• مسيرات ووقفات احتجاجية في مناسبات مثل اليوم العالمي لحقوق الإنسان، اليوم العالمي للفقر، واليوم العالمي للسكان.
• دورات تكوينية حول الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، والمرافعة أمام الهيئات الأممية.
الإعلام والتواصل
تمكنت الرابطة من بناء حضور قوي في الإعلام الرقمي والتقليدي عبر:
• موقع إلكتروني رسمي يحتل مرتبة متقدمة بين مواقع الجمعيات الحقوقية.
• صفحة على الفيسبوك تضم أكثر من 10.000 متابع.
• إصدار بلاغات وتقارير دورية حول مختلف القضايا الحقوقية.
الرؤية المستقبلية
تسعى الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى تعزيز دورها كفاعل حقوقي مستقل من خلال:
• المساهمة في إصلاح المنظومة القانونية المغربية وفقًا للمعايير الدولية.
• مواصلة العمل على حماية الحريات العامة وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
• الانفتاح على المؤسسات الإقليمية والدولية لمتابعة تنفيذ المغرب لالتزاماته الحقوقية.
خاتمة
تمثل الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان صوتًا حقوقيًا مستقلًا وفاعلًا في الدفاع عن قضايا المواطنة وحقوق الإنسان على المستويين الوطني والدولي. ومن خلال عملها الميداني والترافعي، تواصل الرابطة جهودها في تعزيز العدالة الاجتماعية، حماية الحريات، والنهوض بثقافة حقوق الإنسان في المغرب وخارجه رغم سياسة الميز والتضييق.
ii. الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب ومدى تنفيذها
تقديم
في إطار التزام المغرب بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، صادق على العديد من العهود والاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز الحقوق والحريات. إلا أن تفعيل هذه الاتفاقيات يظل ضعيفًا، حيث يتم التصديق عليها دون ترجمتها إلى سياسات وإصلاحات حقيقية. كما أن الاستعراض الدوري الشامل الذي خضع له المغرب كشف عن عدة تحديات في تنفيذ التوصيات الأممية. يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على الاتفاقيات المصادق عليها والتي لم تتم المصادقة عليها بعد، ومدى تنفيذها، بالإضافة إلى استعراض التوصيات الأممية ذات الصلة.
أولًا: الاتفاقيات الدولية المصادق عليها
- الاتفاقيات المصادق عليها
المغرب انضم إلى عدد من الاتفاقيات الدولية الأساسية، ومنها:
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
• العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
• اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
• الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
• اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، مع بعض التحفظات.
• الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ثانيًا: مدى تنفيذ المغرب لهذه الاتفاقيات
على الرغم من الالتزامات الدولية، لا يزال تنفيذ الاتفاقيات في المغرب يعاني من عدة عراقيل، منها:
• ضعف آليات الرقابة والمتابعة: عدم وجود هيئات مستقلة فعالة لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات والتوصيات الدولية.
• عدم ملاءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية: استمرار وجود قوانين تقيد الحريات، مثل تجريم التعبير السلمي، وغياب تشريعات تحمي الحقوق الأساسية بشكل فعال.
• غياب الإرادة السياسية الكافية لتفعيل الاتفاقيات: حيث تبقى العديد من التوصيات الأممية غير مفعلة أو مؤجلة التنفيذ.
• ظاهرة الاكتظاظ السجني واستمرار الانتهاكات في أماكن الاحتجاز، مما يتعارض مع المعايير الدولية الخاصة بالمعاملة الإنسانية للسجناء.
ثالثًا: الاستعراض الدوري الشامل والتوصيات الأممية
خضع المغرب لعدة جولات من الاستعراض الدوري الشامل (UPR) أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وكانت آخر دورة له عام 2023. وقد تلقت المملكة عددًا من التوصيات، أبرزها:
• مواءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير، وحقوق المرأة، وحماية المهاجرين.
• المصادقة على الاتفاقيات والبروتوكولات الاختيارية التي لم ينضم إليها المغرب بعد، مثل البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
• تعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وضمان استقلاليتها، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
• مكافحة جميع أشكال التمييز والعنف ضد المرأة من خلال تعديل القوانين وإلغاء التحفظات على اتفاقية “سيداو”.
• إصلاح النظام القضائي لضمان استقلاله وفعاليته في حماية الحقوق والحريات.
رابعًا: توصيات لتعزيز تنفيذ الاتفاقيات الدولية
لمعالجة القصور في تنفيذ التزامات المغرب الدولية، توصي الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بما يلي:
• الإسراع في تفعيل توصيات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان، ووضع خطط تنفيذية واضحة وقابلة للتتبع.
• إلزام المؤسسات الحكومية بتنفيذ التوصيات الأممية عبر آليات رقابية مستقلة، وضمان شفافية أكبر في التقارير الوطنية حول حقوق الإنسان.
• إصدار قوانين تتماشى مع المعايير الدولية، خاصة فيما يتعلق بحماية الحريات الفردية، وتجريم التمييز العنصري، وضمان حقوق المهاجرين.
• إجراء إصلاح شامل للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية لضمان احترام المعايير الدولية في مجال العدالة.
• إقرار قانون صارم لمناهضة التمييز العنصري وتعزيز حماية الفئات الهشة، مثل المهاجرين واللاجئين.
• إلزام الحكومة بالحوار الاجتماعي وتعزيز حقوق العمال وفقًا لمعايير منظمة العمل الدولية.
الخلاصة
رغم مصادقة المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية، فإن تنفيذها يظل محدودًا بسبب غياب آليات رقابية فعالة، وعدم ملاءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية. كما أن الاستعراض الدوري الشامل كشف عن تحديات كبيرة في تنفيذ التوصيات الأممية. لتعزيز احترام التزامات المغرب الدولية، يجب تسريع عملية المصادقة على الاتفاقيات العالقة، وتفعيل الإصلاحات القانونية والمؤسساتية، وتعزيز الرقابة المستقلة لضمان احترام حقوق الإنسان.
iii. القوانين والتشريعات الوطنية بين الإصلاح والتراجع
مقدمة
تُشكل القوانين الوطنية الإطار القانوني الذي ينظم الحقوق والحريات، ويُعد إصلاحها ضرورة لضمان التماشي مع المعايير الدولية وتعزيز سيادة القانون. إلا أن المغرب، رغم التزامه بتطوير منظومته التشريعية، لا يزال يواجه تحديات كبيرة في ملاءمة قوانينه مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها. ويتجلى ذلك بوضوح في أزمة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وظاهرة الاكتظاظ السجني، إضافة إلى الحاجة الملحة لإصلاح مدونة الأسرة والقوانين المدنية.
أولًا: أزمة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية
أوجه القصور
رغم بعض التعديلات الجزئية التي شهدها القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، لا تزال العديد من البنود تشكل انتهاكًا للحقوق والحريات الأساسية، ومن أبرز أوجه القصور:
• عدم إلغاء عقوبة الإعدام رغم التزام المغرب دوليًا بتقييد استخدامها، مما يتعارض مع توجهات حقوق الإنسان الحديثة.
• عدم تضمين تعريف دقيق لجريمة التعذيب في القانون الجنائي، مما يعيق ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة بفعالية.
• استمرار متابعة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بموجب القانون الجنائي بدل قانون الصحافة، مما يشكل تهديدًا لحرية التعبير.
• غياب نصوص قانونية واضحة تجرّم التمييز العنصري وخطاب الكراهية، مما يترك المجال مفتوحًا لانتهاكات تطال الفئات الهشة.
• استعمال مقتضيات فضفاضة مثل “الإخلال بالنظام العام” لتقييد الحريات العامة، مما يسمح بتأويلات واسعة تؤدي إلى انتهاك حقوق الأفراد في التجمع السلمي والتعبير.
ثانيًا: ظاهرة الاكتظاظ السجني وغياب بدائل العقوبات
تعاني السجون المغربية من اكتظاظ مفرط، حيث تتجاوز نسبة المعتقلين احتياطيًا 45% من مجموع السجناء، وهو ما يشكل ضغطًا على المؤسسات السجنية ويمس بحقوق المعتقلين. ويعود ذلك إلى:
• الإفراط في اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، مما يؤدي إلى احتجاز الآلاف دون محاكمات سريعة وعادلة.
• غياب اعتماد العقوبات البديلة مثل السوار الإلكتروني أو العمل لفائدة المجتمع، رغم المطالب الحقوقية المتكررة بإدراجها.
• عدم إصلاح السياسات العقابية، حيث لا تزال العقوبات السجنية تُفرض على مخالفات بسيطة يمكن معالجتها بوسائل أخرى.
ثالثًا: الحاجة إلى إصلاح مدونة الأسرة والقوانين المدنية
رغم مرور سنوات على إصلاح مدونة الأسرة، لا تزال هناك العديد من الإشكاليات التي تتطلب مراجعة عاجلة، ومن أبرزها:
• استمرار التمييز القانوني ضد النساء في قضايا الإرث والولاية على الأطفال.
• عدم توحيد سن الزواج ومنع زواج القاصرات بشكل صارم، حيث لا تزال هناك ثغرات قانونية تتيح تزويج الفتيات تحت 18 سنة.
• ضعف آليات حماية الأطفال والنساء من العنف الأسري، وغياب تنفيذ صارم للقوانين التي تحميهم.
أما القوانين المدنية الأخرى، فهي بدورها تحتاج إلى تحديث لمواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بحماية المستهلك، وضمان شفافية المعاملات التجارية، وتعزيز استقلال القضاء المدني.
التوصيات
لتجاوز هذه الإشكاليات وتحقيق عدالة جنائية ومدنية أكثر نجاعة، نوصي بـ:
• إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بعقوبات تتناسب مع الجريمة وتحترم الحق في الحياة.
• إدراج عقوبات بديلة عن السجن مثل الخدمة المجتمعية والغرامات التصاعدية، للتخفيف من الضغط على المؤسسات السجنية.
• تقليص اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي وضمان المحاكمة العادلة في آجال معقولة.
• إصلاح القوانين الجنائية التي تُستخدم لتقييد حرية التعبير والتجمع، واعتماد تشريعات تحمي الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
• تعديل مدونة الأسرة لتكريس المساواة بين الجنسين، ومنع زواج القاصرات نهائيًا، وتعزيز حماية النساء والأطفال من العنف الأسري.
• إصلاح شامل للقوانين المدنية لضمان حقوق الأفراد والمقاولات في إطار نظام قضائي عادل وفعال.
خلاصة
رغم الجهود المبذولة لإصلاح المنظومة القانونية، لا تزال هناك فجوات كبيرة تعرقل تحقيق العدالة وضمان الحقوق والحريات الأساسية. إن معالجة هذه التحديات تتطلب إرادة سياسية قوية، وإشراكًا فعّالًا للمجتمع المدني، وتبني إصلاحات قانونية عميقة تتماشى مع التزامات المغرب الدولية.
.
iv. مشروع قانون الإضراب وأزمة الحوار الاجتماعي في المغرب
يُعتبر الحق في الإضراب والحوار الاجتماعي من الركائز الأساسية لضمان التوازن في علاقات الشغل، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الحقوق النقابية. غير أن مشروع قانون الإضراب المطروح حاليًا يثير جدلًا واسعًا بسبب تقييده لهذا الحق بدل تنظيمه، مما يشكل تهديدًا للحريات العمالية المكفولة دستوريًا. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الحوار الاجتماعي في المغرب من أزمة حقيقية نتيجة عدم التزام الحكومة وأرباب العمل بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع النقابات، مما يفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمال.
أولًا: مشروع قانون الإضراب – قيد جديد على الحريات النقابية
رفض نقابي واسع بسبب القيود المفروضة
منذ إعلان مشروع قانون الإضراب، عبرت مختلف المركزيات النقابية عن رفضها له، معتبرة أنه يمثل تراجعًا خطيرًا عن المكتسبات العمالية. فبدلًا من تنظيم الإضراب بطريقة تحمي حقوق العمال، يسعى المشروع إلى فرض قيود صارمة تحد من فعاليته.
أبرز سلبيات مشروع القانون
• تعقيد مسطرة الإضراب عبر فرض تصويت الأغلبية المطلقة داخل المؤسسات والشركات، إلى جانب اشتراط إشعار مسبق طويل، مما يجعل تنظيم الإضرابات أمرًا شبه مستحيل.
• تمكين المشغلين من عرقلة الإضرابات من خلال اللجوء إلى القضاء، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل الإضرابات وتعريض النقابيين للمتابعات القانونية.
• غياب أي حماية قانونية للمضربين من الطرد التعسفي، مما يجعل العمال في وضعية ضعف أمام أرباب العمل.
• تحريم الإضرابات القطاعية والتضامنية، مما يُضعف التضامن العمالي والعمل النقابي، ويحد من قدرة العمال على الدفاع الجماعي عن حقوقهم.
تأثير مشروع القانون على واقع الشغل في المغرب
وفقًا للإحصاءات المتوفرة حول سوق الشغل في المغرب:
• يتجاوز معدل البطالة 12%، ويرتفع في صفوف الشباب ليصل إلى أكثر من 30% في بعض المناطق.
• يعمل أكثر من 60% من العمال في القطاع غير المهيكل، حيث تنعدم الضمانات القانونية ويغيب أي تأمين على الحقوق الاجتماعية.
• تشهد بعض القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة إضرابات متكررة بسبب تدهور أوضاع الشغل، مما يعكس الحاجة إلى إصلاح عميق بدل التضييق على الحريات النقابية.
ثانيًا: أزمة الحوار الاجتماعي وضرورة إلزاميته
حوار شكلي وغياب التنفيذ الفعلي للاتفاقيات
رغم التزامات الحكومة بفتح حوار اجتماعي منتظم، إلا أن هذا الحوار لا يزال يعاني من عدة مشاكل:
• عدم إلزامية مخرجات الحوار الاجتماعي، حيث يتم توقيع اتفاقيات مع النقابات دون تنفيذها فعليًا.
• رفض العديد من المشغلين في القطاع الخاص التفاوض مع النقابات، مما يكرس هشاشة العمل وانتهاك الحقوق العمالية.
• عدم استجابة الحكومة للمطالب الملحة للعمال، مثل تحسين الأجور، تقليص الفوارق الاجتماعية، وضمان حقوق المتقاعدين.
تأثير غياب الحوار الاجتماعي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي
• ارتفاع عدد الإضرابات العمالية سنويًا بسبب غياب آليات حقيقية للتفاوض، مما يؤثر على الإنتاجية والاستقرار الاقتصادي.
• تزايد حالات الطرد التعسفي للنقابيين، حيث لا توفر القوانين الحالية حماية كافية لهم.
• ضعف القدرة الشرائية للعمال نتيجة عدم مراجعة الحد الأدنى للأجور بشكل دوري وملائم لمستوى التضخم.
ثالثًا: التوصيات
• في ضوء هذه المعطيات، توصي الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بما يلي:
سحب مشروع قانون الإضراب الحالي وإعادة صياغته بتوافق مع النقابات لضمان التوازن بين حقوق العمال ومصالح المشغلين.
• إلزام الحكومة بتنفيذ الاتفاقيات الاجتماعية الموقعة مع النقابات، وجعل الحوار الاجتماعي ملزمًا ومؤطرًا بقوانين واضحة.
• فرض عقوبات على المشغلين الذين يرفضون الحوار الاجتماعي أو لا يحترمون التزاماتهم العمالية، لضمان حقوق العمال وتحقيق العدالة الاجتماعية.
• تحديث القوانين العمالية لتشمل حماية فعالة للنقابيين والمضربين من أي إجراءات انتقامية، وضمان حرية العمل النقابي.
• إدماج آليات فعالة لحل النزاعات الشغلية عبر لجان وساطة مستقلة، بدل اللجوء المباشر للقضاء الذي يؤدي إلى تعطيل حقوق العمال.
خلاصة
يعد مشروع قانون الإضراب وأزمة الحوار الاجتماعي من أبرز التحديات التي تواجه الحريات النقابية وحقوق العمال في المغرب. إن إصلاح التشريعات العمالية بما يضمن التوازن بين حقوق الأجراء والمشغلين، وإلزامية تنفيذ الاتفاقيات الاجتماعية، يمثلان مدخلًا أساسيًا لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي حقيقي. وعليه، تدعو الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان الحكومة إلى تبني مقاربة تشاركية حقيقية في إعداد القوانين ذات الصلة، وضمان التزامها الفعلي بحماية حقوق العمال وفقًا للمعايير الدولية.
v. الحق في التنظيم بالمغرب
يُعد الحق في التنظيم من الحقوق الأساسية المكفولة دستوريًا ودوليًا، حيث يمثل حجر الزاوية في تكريس حرية التجمع، وحرية تأسيس الجمعيات، والعمل النقابي والسياسي. وعلى الرغم من أن الدستور المغربي لسنة 2011 ينص على حماية هذا الحق، إلا أن الواقع يُظهر استمرار التضييقات على الجمعيات، الأحزاب، والنقابات من خلال الممارسات الإدارية والقانونية التعسفية.
يهدف هذا التقرير إلى رصد وضعية الحق في التنظيم بالمغرب، واستعراض التحديات والانتهاكات التي تواجه الجمعيات والنقابات والأحزاب، مع تقديم توصيات لمعالجة الإشكالات القائمة.
الإطار القانوني للحق في التنظيم
الدستور المغربي:
• الفصل 12: يضمن للمواطنين الحق في تأسيس الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بحرية، شريطة احترام الدستور والقانون.
• الفصل 29: ينص على أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة.
الاتفاقيات الدولية:
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 22): يؤكد أن لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك النقابات لحماية مصالحهم.
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 20): يكرس الحق في التجمع السلمي وحرية تأسيس الجمعيات.
واقع الحق في التنظيم بالمغرب
رغم الحماية القانونية لهذا الحق، إلا أن الممارسة تكشف عن انتهاكات مستمرة وتضييقات متعددة الأشكال، تشمل:
التضييق على الجمعيات الحقوقية والمدنية
رفض تسليم وصولات الإيداع:
تعاني العديد من الجمعيات من رفض السلطات تسليمها وصولات الإيداع القانونية، مما يُحرمها من ممارسة أنشطتها بشكل رسمي
.أمثلة:
رفض تسليم وصل الايداع للرابطة الدولية للمواطنة وحقوق الانسان من طرف سلطات القنيطرة.
منع جمعيات تنموية وحقوقية من التسجيل رغم استيفائها لكل الشروط القانونية.
إغلاق الجمعيات بقرارات إدارية:
إغلاق بعض الجمعيات بقرارات إدارية دون اللجوء للقضاء، مثل:
• إغلاق مقرات بعض الجمعيات الأمازيغية والحقوقية بدعوى “مخالفات قانونية”.
• استمرار إغلاق مقرات بعض الجمعيات المرتبطة بجماعة العدل والإحسان.
التضييق على التمويل الأجنبي للجمعيات:
تواجه الجمعيات التي تتلقى تمويلًا من الخارج عراقيل بيروقراطية، حيث تُفرض عليها إجراءات إدارية معقدة تمنعها من الاستفادة من الدعم.
القيود على العمل النقابي
رفض الاعتراف ببعض النقابات الجديدة:
تواجه بعض النقابات المستقلة عراقيل قانونية وإدارية لمنعها من الحصول على الترخيص القانوني.
التضييق على الإضرابات والاحتجاجات العمالية:
• استمرار قمع الاحتجاجات العمالية عبر التدخلات الأمنية والاعتقالات.
• استمرار متابعة العمال والنقابيين قضائيًا، بتهم مثل “التحريض على التجمهر”.
• فرض مشروع قانون الإضراب الذي يُقيد بشكل كبير الحق في الإضراب من خلال:
اشتراط موافقة الأغلبية المطلقة للعمال.
فرض عقوبات على النقابيين المشاركين في الإضرابات.
الطرد التعسفي للنقابيين:
استمرار طرد العمال بسبب نشاطهم النقابي، خصوصًا في القطاع الخاص.
غياب آلية فعالة لحماية الحقوق النقابية في المؤسسات الخاصة والعامة.
التوصيات الحقوقية لتعزيز الحق في التنظيم
• وقف العراقيل الإدارية التي تمنع الجمعيات من الحصول على وصولات الإيداع القانونية فورًا.
• إلغاء القوانين التي تُستخدم كذريعة لحل الجمعيات أو منع تمويلها، وضمان الشفافية في معايير القبول.
• ضمان استقلالية العمل النقابي من خلال حماية النقابيين من الطرد التعسفي.
• سحب مشروع قانون الإضراب وإعادة صياغته بتشاور مع النقابات.
• التوقف عن التدخل في شؤون الأحزاب السياسية، واحترام استقلاليتها.
• مواءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية، لضمان حق جميع المواطنين في التنظيم الحر والمستقل.
خلاصة
رغم أن الدستور المغربي والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تضمن الحق في التنظيم، إلا أن الممارسة تكشف عن قيود قانونية وإدارية ممنهجة تهدف إلى إضعاف العمل الجمعوي والنقابي والسياسي.
تدعو الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان الحكومة المغربية إلى وقف كل أشكال التضييق على الحق في التنظيم، وضمان بيئة قانونية وإدارية تتيح ممارسة هذا الحق بحرية ومسؤولية.
vi. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
رغم مصادقة المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ سنة 1979، إلا أن التنمية البشرية في تراجع بسبب تزايد الفقر، ارتفاع المديونية، خوصصة القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم، واستمرار إفلات المتورطين في الفساد الاقتصادي من العقاب.
مظاهر الأزمة:
• استمرار الانتهاكات الاقتصادية بسبب سياسات التقشف والخوصصة، مما أدى إلى تراجع جودة الخدمات الأساسية.
• فشل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث لم تحقق نتائج ملموسة في الحد من الفقر.
• مضاربات عقارية ترفع أسعار السكن بشكل غير متناسب مع الأجور.
• عدم احترام الحريات النقابية وحق الإضراب، مع استمرار طرد العمال لأسباب نقابية.
• تفاقم البطالة وغياب سياسات ناجعة لخلق فرص العمل.
• ضعف البنية التحتية التعليمية واستمرار احتجاجات الأساتذة وحرمان التلاميذ من الدراسة.
التوصيات:
• إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يجرّم الإضرابات العمالية.
• إصلاح قطاعي الصحة والتعليم لضمان خدمات عمومية مجانية وعالية الجودة.
• مراجعة برامج التنمية البشرية لضمان نتائج فعلية في الحد من الفقر.
• فرض آليات رقابية صارمة لمحاربة الفساد المالي والاقتصادي.
vii. قضية متضرري زلزال الحوز
مقدمة
في 8 سبتمبر 2023، تعرض المغرب لزلزال مدمر بلغت قوته 6.4 درجات على مقياس ريختر، مركزه على بعد 70 كيلومترًا جنوب شرق مراكش. أثر الزلزال بشكل رئيسي على إقليم الحوز والمناطق المجاورة، مما خلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، وأثار جدلًا واسعًا حول طريقة تدبير الأزمة من قبل السلطات المغربية.
- الزلزال وآثاره الكارثية
أدى الزلزال إلى:
• وفاة 2,960 شخصًا وإصابة أكثر من 6,000 آخرين.
• تدمير آلاف المنازل وتشريد آلاف الأسر، خاصة في المناطق الجبلية النائية.
• تضرر البنية التحتية، بما في ذلك الطرق، المدارس، والمستشفيات، مما صعّب عمليات الإغاثة.
• ضعف التدخل الحكومي في الأيام الأولى، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث عانى السكان من نقص حاد في المياه، الغذاء، والملاجئ. - الدعم الدولي والتمويل
أ. المساعدات الدولية
استجابت العديد من الدول والمنظمات الدولية بتقديم مساعدات إنسانية ومالية، أبرزها:
• الاتحاد الأوروبي قدم 1 مليون يورو كمساعدات أولية.
• الإمارات العربية المتحدة وقطر أرسلتا فرق إنقاذ وإمدادات طبية.
• الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، والمملكة المتحدة عرضت دعمًا لوجستيًا وماديًا.
ب. القروض والتمويلات
وافق البنك الدولي على منح المغرب قرضًا بقيمة 500 مليون دولار لدعم جهود إعادة الإعمار.
التزم البنك الإفريقي للتنمية بتقديم تمويلات إضافية للمشاريع التنموية في المناطق المتضررة.
- انتقادات التدبير الحكومي للأزمة
تعرضت السلطات لانتقادات واسعة من نشطاء حقوقيين ومنظمات المجتمع المدني بسبب:
• التأخر في تقديم المساعدات الطارئة، حيث عانى المتضررون لعدة أيام من نقص حاد في الموارد الأساسية.
• غياب التعويضات العادلة للأسر المتضررة، حيث لم تُقدم مساعدات مالية كافية لإعادة بناء المنازل المدمرة.
• سوء تدبير إعادة الإعمار، حيث شابت العملية بيروقراطية مفرطة وإقصاء بعض المتضررين من الدعم، مما أدى إلى تأخير إنجاز المشاريع السكنية الجديدة.
• الافتقار إلى الشفافية في إدارة المساعدات، حيث لم يتم نشر تقارير دقيقة حول كيفية توزيع الأموال والمساعدات الدولية. - الإشكالات الحقوقية المرتبطة بالزلزال
• ضعف الاستجابة السريعة، حيث لم تصل فرق الإنقاذ والمساعدات بالسرعة المطلوبة إلى بعض المناطق المنكوبة.
• انتهاك حقوق السكن اللائق، حيث لا تزال العديد من الأسر تعيش في ملاجئ مؤقتة دون أي ضمانات لحلول دائمة.
• عدم تعويض المتضررين بالشكل الكافي، مما زاد من معاناة الفئات الهشة، خاصة في المناطق الجبلية.
• إقصاء المجتمع المدني من عمليات الإغاثة وإعادة الإعمار، حيث تم إقصاء بعض الجمعيات الحقوقية من المشاركة في التدخلات الإنسانية. - التوصيات والمطالب الحقوقية
بناءً على ما سبق، تطالب الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بـ:
• إجراء تحقيق مستقل وشفاف حول تأخر المساعدات الإنسانية وسوء تدبير عملية الإغاثة.
تسريع جهود إعادة الإعمار، مع إشراك السكان المتضررين في وضع الخطط وتحديد الأولويات.
• ضمان تعويض عادل لجميع الأسر المتضررة، وفق معايير واضحة وشفافة.
إشراك المجتمع المدني في عمليات المساعدة وإعادة الإعمار لضمان نزاهة وفعالية التدخلات.
• تحسين الاستعداد للكوارث الطبيعية عبر وضع خطة وطنية للطوارئ تعتمد على الاستجابة السريعة والفعالة.
• نشر تقارير دورية حول توزيع المساعدات الدولية والميزانية المخصصة لإعادة الإعمار لضمان الشفافية والمساءلة.
خلاصة
كشف زلزال الحوز عن أوجه قصور خطيرة في تدبير الكوارث الطبيعية في المغرب، حيث أدى التأخر في الاستجابة وضعف التدابير الحكومية إلى تفاقم معاناة الضحايا. ورغم المساعدات الدولية والقروض المقدمة، لا يزال العديد من المتضررين يواجهون ظروفًا صعبة بسبب البطء في إعادة الإعمار وانعدام الشفافية في تدبير الموارد.
تدعو الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى تبني مقاربة جديدة قائمة على المسؤولية، الشفافية، والمشاركة المجتمعية لضمان حقوق المتضررين، ومنع تكرار نفس الأخطاء في المستقبل. إن حماية الحقوق في أوقات الأزمات تتطلب إرادة سياسية حقيقية وإجراءات فعالة تكفل للمواطنين حياة كريمة بعد الكارثة.
viii. الأراضي السلالية: انتهاك الحق في الأرض
تمثل الأراضي السلالية في المغرب أحد أبرز الملفات الحقوقية المرتبطة بالملكية الجماعية، حيث تُشكل موردًا اقتصاديًا هامًا لفئات واسعة من الساكنة القروية. إلا أن تدبير هذه الأراضي يواجه العديد من الإشكالات، أبرزها ضعف الحماية القانونية، والتفويتات غير العادلة، والإقصاء المستمر للنساء من الاستفادة، مما أدى إلى احتجاجات متكررة وانتهاكات لحقوق ذوي الحقوق.
- الوضع القانوني للأراضي السلالية في المغرب
تُعتبر الأراضي السلالية ملكًا جماعيًا للجماعات الأصلية، وتخضع لوصاية وزارة الداخلية من خلال مجالس الوصاية. وقد شهد الإطار القانوني لهذه الأراضي تطورات هامة، أبرزها:
• القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، الذي جاء لتنظيم تدبير هذه الأراضي.
• القانون رقم 63.17 الذي أتاح إمكانية تفويت هذه الأراضي وتحويلها إلى ملكية خاصة.
• القانون رقم 64.17 الذي نظم عملية التحديد الإداري للأراضي الجماعية. - الإشكالات الحقوقية المرتبطة بالأراضي السلالية
رغم هذه الإصلاحات، لا تزال هناك تحديات عديدة، منها:
• الإقصاء المستمر للنساء السلاليات رغم الاعتراف بحقوقهن قانونيًا، إلا أن الواقع يُظهر استمرار التمييز في توزيع الأراضي.
• تفويت الأراضي السلالية لصالح مشاريع استثمارية دون استشارة ذوي الحقوق أو تعويضهم بشكل عادل.
• غياب آليات رقابية شفافة لضمان التدبير العادل للأراضي ومنع استغلالها من قبل لوبيات العقار.
• ضعف الحماية القانونية لحقوق الجماعات السلالية، مما يسهل عمليات الاستيلاء غير المشروع.
• الصراعات بين الجماعات السلالية بسبب سوء تدبير الحقوق والتفويتات غير العادلة. - أنشطة الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان في ملف الأراضي السلالية
انطلاقًا من التزامها بالدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قامت الرابطة بعدد من الأنشطة لمناصرة قضايا الأراضي السلالية، أبرزها:
أ. الترافع والمرافعة
• تقديم تقارير موازية للأمم المتحدة حول الانتهاكات المتعلقة بالأراضي السلالية.
• التواصل مع اللجان الأممية المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لإثارة ملف الأراضي السلالية.
• عقد لقاءات مع مسؤولين حكوميين وبرلمانيين للمطالبة بإصلاح حقيقي يضمن حقوق ذوي الحقوق.
ب. تنظيم الندوات والتكوينات
• ندوة وطنية حول حقوق النساء السلاليات بحضور فاعلين حقوقيين ونقابيين.
• دورات تكوينية لفائدة ممثلي الجماعات السلالية حول القوانين الجديدة وكيفية الدفاع عن حقوقهم.
• لقاءات توعوية في المناطق المتضررة لتمكين الساكنة من معرفة حقوقها وكيفية المطالبة بها.
ج. الدعم القانوني والميداني
• تقديم دعم قانوني مباشر للمتضررين من نزع الأراضي أو التفويتات غير العادلة.
• مرافقة النساء السلاليات في إجراءات التقاضي لضمان حقهن في الاستفادة من الأراضي.
• تنظيم وقفات احتجاجية سلمية أمام مؤسسات الدولة للمطالبة بإصلاحات عادلة وشفافة. - التوصيات والمطالب الحقوقية
• بناءً على ما سبق، تطالب الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بـ:
• ضمان تنفيذ فعلي لحقوق النساء السلاليات عبر إلزام جميع الجهات المعنية بتطبيق القوانين الجديدة.
• وقف جميع التفويتات غير العادلة للأراضي السلالية إلا بعد استشارة ذوي الحقوق وتعويضهم بشكل منصف.
• إحداث آلية رقابية مستقلة لمراقبة تدبير الأراضي السلالية ومنع استغلالها من قبل لوبيات العقار.
• توفير دعم قانوني مجاني لذوي الحقوق لمساعدتهم على حماية أراضيهم.
• إشراك المجتمع المدني في صياغة السياسات المرتبطة بالأراضي السلالية لضمان الشفافية والنزاهة.
خلاصة
تمثل الأراضي السلالية قضية اجتماعية وحقوقية بامتياز، حيث يرتبط مصير آلاف العائلات القروية بتدبيرها العادل. ورغم الإصلاحات القانونية الأخيرة، لا تزال هناك تحديات تتطلب تدخلًا عاجلًا لضمان احترام حقوق ذوي الحقوق، خاصة النساء السلاليات. وتؤكد الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان استمرارها في الترافع والدفاع عن هذه القضية، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في المغرب والتصدي للفساد.
ix. حقوق المرأة والطفل
مقدمة
يهدف هذا الجزء إلى تسليط الضوء على واقع حقوق المرأة والطفل في المغرب، مع التركيز على التحديات القائمة والإحصائيات المتاحة، بالإضافة إلى استعراض الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في هذا المجال.
واقع حقوق المرأة
وضعية المرأة:
ارتفاع نسبة الأسر التي تعيلها نساء: وفقًا لنتائج الإحصاء العام للسكان لعام 2024، ارتفعت نسبة الأسر التي تعيلها نساء من 16.2% في عام 2014 إلى 19.2% في عام 2024. هذا الارتفاع يعكس زيادة في المسؤوليات الاقتصادية الملقاة على عاتق النساء، مما قد يزيد من تعرضهن للفقر والتهميش.
الفقر متعدد الأبعاد: أظهرت بيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن حوالي 6.4% من سكان المغرب يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، والذي يشمل نقصًا في مجالات مثل الصحة والتعليم ومستويات المعيشة. النساء، خاصة في المناطق القروية، يتأثرن بشكل كبير بهذا النوع من الفقر
استمرار العنف ضد النساء: رغم اعتماد القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، إلا أن العنف لا يزال مستمراً. وفقًا لـ”نشرة المساواة” الصادرة عن وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، فإن 54.4% من النساء المغربيات تعرضن لشكل من أشكال العنف.
ضعف تمثيلية النساء في مناصب المسؤولية: بالرغم من المؤهلات العالية للنساء، إلا أن تمثيلهن في مناصب القرار لا يزال محدودًا. تشير “نشرة المساواة” إلى أن نسبة النساء في المناصب العليا لا تتجاوز 23.5%.
استغلال النساء في العمل غير المهيكل: تعمل العديد من النساء في قطاعات غير مهيكلة مثل المعامل، البيوت، والفلاحة دون حماية قانونية. تُظهر الإحصائيات أن 40% من النساء النشيطات يشتغلن في هذا النوع من الأعمال.
واقع حقوق الطفل
استمرار تشغيل الأطفال دون سن 15: رغم تجريم تشغيل الأطفال دون سن 15، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال قائمة. وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط، يعمل حوالي 3% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 سنة.
الفقر بين الأطفال: بالرغم من انخفاض معدلات الفقر النقدي المدقع في المغرب من 15.3% في عام 2001 إلى 4.8% في عام 2014، إلا أن التباينات الجغرافية لا تزال قائمة. في عام 2014، كانت نسبة الفقر النقدي 1.6% في المناطق الحضرية مقابل 9.5% في المناطق القروية. الأطفال في المناطق القروية هم الأكثر عرضة للفقر وتبعاته.
أطفال الشوارع: نتيجة لتفكك الأسر والأوضاع الاقتصادية الصعبة، يزداد عدد الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، مما يعرضهم لمخاطر متعددة.
تزايد ظاهرة الاعتداءات الجنسية ضد القاصرين: تُسجل المحاكم المغربية سنويًا العديد من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال، مع الإشارة إلى أن العقوبات المطبقة لا تزال غير رادعة بما فيه الكفاية.
ارتفاع أعداد أطفال الشوارع: نتيجة لتفكك الأسر والأوضاع الاقتصادية الصعبة، يزداد عدد الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، مما يعرضهم لمخاطر متعددة.
الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المغرب
صادق المغرب على عدة اتفاقيات دولية تعنى بحقوق المرأة والطفل، من أبرزها:
• اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو): اعتمدت عام 1979، وتهدف إلى القضاء على التمييز ضد المرأة في جميع المجالات.
• اتفاقية حقوق الطفل: اعتمدت عام 1989، وتُعنى بحماية حقوق الأطفال وضمان رفاههم.
• البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية: يهدف إلى تعزيز حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي.
التوصيات
• تعديل القوانين لضمان الحماية الكاملة للنساء والأطفال: يجب مراجعة التشريعات الحالية لضمان توفير حماية فعالة للضحايا وتعزيز آليات التنفيذ.
• تعزيز الرقابة على تشغيل القاصرين: ينبغي تكثيف الجهود لمراقبة أماكن العمل وفرض عقوبات صارمة على المخالفين.
• وضع سياسات اجتماعية للحد من ظاهرة أطفال الشوارع: يجب تطوير برامج دعم للأسر الفقيرة وتوفير مراكز إيواء وتأهيل للأطفال المشردين.
الخلاصة
رغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات كبيرة في مجال حماية حقوق المرأة والطفل في المغرب. يتطلب الأمر تعاونًا مستمرًا بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتعزيز هذه الحقوق وضمان تطبيق الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.
x. تفاقم الفقر
وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط، شهد المغرب تراجعًا ملحوظًا في نسبة الفقر متعدد الأبعاد، حيث انخفضت من 40% في عام 2001 إلى 9.1% في عام 2014، ثم إلى 5.7% في عام 2022.
مع ذلك، تأثر المغرب سلبًا بالأزمات العالمية، مثل جائحة كوفيد-19 والتضخم، مما أدى إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر أو الهشاشة بحوالي 3.2 مليون شخص إضافي.
لمواجهة هذه التحديات، توصي الأمم المتحدة باتباع استراتيجيات شاملة للقضاء على الفقر، تشمل:
• تعزيز الحماية الاجتماعية: توفير شبكات أمان اجتماعي تضمن الحد الأدنى من الدخل والخدمات الأساسية لجميع الفئات، خاصة الأكثر ضعفًا.
• توفير فرص عمل لائقة: تشجيع سياسات تدعم خلق فرص عمل مستدامة وعادلة، مع التركيز على تنمية المهارات والتدريب المهني.
• ضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية: تحسين الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي، لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للجميع.
• تعزيز المساواة والاندماج الاجتماعي: مكافحة التمييز وتعزيز سياسات الإدماج الاجتماعي لضمان استفادة جميع الفئات من التنمية.
• دعم التنمية الريفية والزراعية: تنفيذ سياسات تدعم التنمية في المناطق الريفية، بما في ذلك تحسين البنية التحتية ودعم المزارعين الصغار.
من خلال تبني هذه التوصيات، يمكن للمغرب تعزيز جهوده في مكافحة الفقر وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
xi. أزمة السياسات الإسكانية في المغرب
موجات هدم المنازل دون تعويض عادل
شهدت عدة مدن مغربية، مثل الدار البيضاء، القنيطرة، تمارة، والرباط، موجات من هدم المنازل في الأحياء العشوائية، غالبًا دون توفير تعويضات كافية أو سكن بديل للسكان المتضررين، مما أدى إلى احتجاجات واسعة. في القنيطرة، على سبيل المثال، تم هدم 2715 منزلًا صفيحيًا في دوار الحنشة وبئر الرامي، حيث أعرب السكان عن استيائهم من عدم كفاية التعويضات المقدمة لهم.
التوصيات:
• ضمان تعويض عادل لجميع الأسر المتضررة من عمليات الهدم، بما يشمل توفير سكن بديل أو دعم مالي مناسب.
• اعتماد مقاربة اجتماعية في برامج إعادة الهيكلة العمرانية، بدلًا من اللجوء إلى قرارات الهدم دون بدائل واضحة.
• وقف عمليات الإخلاء القسري دون خطة إسكانية عادلة ومدروسة.
الفساد في المؤسسات الرسمية: “العمران” نموذجًا
تُعتبر شركة العمران، التي تُشرف على مشاريع الإسكان الاجتماعي، مثالًا على سوء التدبير والفساد الذي يعم هذا القطاع، حيث كشفت تقارير عن تورط مسؤولين في العمران في قضايا فساد مع مقاولين مقربين، مما أدى إلى تعطيل العديد من المشاريع الإسكانية.
التوصيات:
• تعزيز الشفافية والمحاسبة داخل مؤسسات الإسكان العمومي، من خلال تدقيق مالي دوري وإجراءات رقابة صارمة.
• فرض رقابة برلمانية وقضائية على صفقات العمران لضمان عدم استغلال الموارد العمومية لمصالح خاصة.
• إشراك المجتمع المدني والهيئات الحقوقية في مراقبة مشاريع السكن الاجتماعي لضمان فعاليتها.
سيطرة اللوبيات العقارية وضرب حق الفئات المتوسطة في السكن
يتحكم المنعشون العقاريون الكبار في سياسات الإسكان بالمغرب، حيث يحصلون على تسهيلات ضخمة مثل الأراضي بأسعار رمزية وإعفاءات ضريبية، في مقابل حرمان الفئات المتوسطة وصغار الموظفين من سياسات دعم فعالة. كما أن ارتفاع الضرائب المفروضة على الفئات المتوسطة، وغياب برامج إسكان مناسبة، يجعل امتلاك سكن لائق أمرًا صعبًا.
التوصيات:
• فرض ضرائب تصاعدية على كبار المنعشين العقاريين للحد من الاحتكار وتحقيق العدالة السكنية.
• إعادة هيكلة برامج الإسكان الاجتماعي لتشمل الفئات المتوسطة وصغار الموظفين، بدلًا من حصرها على فئات محددة.
• إلزام المنعشين العقاريين بتخصيص نسبة من المشاريع السكنية للفئات المتوسطة بأسعار معقولة.
• منع المضاربات العقارية التي ترفع أسعار الأراضي والمساكن بشكل غير مبرر.
غياب سياسات إسكانية لصغار الموظفين والفئات المتوسطة
تعاني الفئات المتوسطة وصغار الموظفين من غياب سياسات إسكانية عادلة، حيث يتم تخصيص تسهيلات كبيرة للمنعشين العقاريين، في حين يُثقل كاهل هذه الفئات بضرائب مرتفعة وقروض سكنية مرهقة. مقابل ذلك، لا توجد برامج واضحة لتوفير سكن لائق بأسعار مناسبة لهذه الفئة، ما يجعل امتلاك منزل أمرًا شبه مستحيل.
التوصيات:
• تخصيص بقع أرضية بأسعار رمزية لصغار الموظفين والفئات المتوسطة، على غرار التسهيلات التي تُمنح للمنعشين العقاريين الكبار.
• إعادة هيكلة برامج الدعم السكني، لتشمل الفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط، عبر تقديم قروض ميسرة وفوائد منخفضة.
• إطلاق مشاريع إسكانية خاصة بالموظفين والطبقة المتوسطة بأسعار معقولة ودون مضاربات عقارية.
• إعادة النظر في الضرائب العقارية لتخفيف العبء عن الفئات المتوسطة، مقابل فرض ضرائب تصاعدية على المنعشين العقاريين الكبار.
• إن ضمان حق السكن اللائق للفئات المتوسطة وصغار الموظفين يُعد ضرورة اجتماعية واقتصادية لتقليص الفوارق وتحقيق العدالة الإسكانية.
• إصلاح شامل للسياسات الإسكانية لمنع الاحتكار العقاري وضمان العدالة السكنية.
إقرار قانون صارم لمحاسبة الفاسدين في مؤسسات الإسكان، خاصة في العمران.
وقف المضاربات العقارية التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار السكن بشكل غير مبرر.
إدراج الفئات المتوسطة وصغار الموظفين ضمن المستفيدين من برامج السكن الاجتماعي.
إلزام المنعشين العقاريين بتخصيص نسبة من مشاريعهم للفئات الهشة بأسعار معقولة.
خروقات برنامج “مدن بدون صفيح” في المغرب
تقديم
أطلق المغرب برنامج “مدن بدون صفيح” سنة 2004 بهدف القضاء على السكن غير اللائق وتحسين ظروف العيش لفئات واسعة من المواطنين. ورغم إعلان الحكومة عن تحقيق 61 مدينة خالية من الصفيح واستفادة 358 ألف أسرة بتكلفة إجمالية 61.34 مليار درهم، إلا أن هذا البرنامج لا يزال يعاني من اختلالات وخروقات عديدة، أثرت على تحقيق أهدافه بالكامل.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على الخروقات التي رافقت تنفيذ البرنامج، والتحديات التي تواجه الأسر المستفيدة، مع تقديم توصيات لمعالجة الإشكالات الحقوقية المرتبطة بالحق في السكن اللائق.
أولًا: أبرز الخروقات والتحديات
استمرار وجود دور الصفيح
رغم مرور أكثر من 20 سنة على إطلاق البرنامج، لا يزال أكثر من 300 ألف شخص يعيشون في أحياء تفتقر لأبسط شروط العيش الكريم، خاصة في مدن مثل الدار البيضاء، القنيطرة، تمارة، الرباط، وطنجة، مما يعكس فشل البرنامج في القضاء النهائي على ظاهرة السكن الصفيحي. مثال: في القنيطرة، تم هدم أكثر من 2715 مسكنًا صفيحيًا في دوار الحنشة وبئر الرامي، لكن تعويض المتضررين لم يكن كافيًا أو عادلًا، ما أدى إلى احتجاجات واسعة.
تأخر تسليم الوحدات السكنية
العديد من الأسر التي هُدمت مساكنها في إطار البرنامج لم تتسلم بعد وحداتها السكنية الجديدة، مما جعلها تعيش في ظروف كارثية، سواء عبر كراء سكن مؤقت بأثمان مرتفعة أو الإقامة في مساكن غير لائقة.
مثال: في سلا، انتظرت بعض الأسر أكثر من 10 سنوات للحصول على شققها في إطار مشاريع إعادة الإيواء، بينما بقيت أخرى محرومة كليًا بسبب غياب معايير واضحة للاستفادة.
غياب الشفافية والعدالة في التوزيع
اشتكى العديد من المستفيدين من التلاعب في لوائح المستفيدين، حيث حصل بعض الأفراد على أكثر من وحدة سكنية، بينما تم إقصاء عائلات تعيش في أوضاع أكثر هشاشة.
تورط بعض أعوان السلطة في التلاعب بملفات إعادة الإيواء، وفرض “رشاوى” لضمان الحصول على السكن البديل.
ضعف البنية التحتية في المناطق الجديدة
تم ترحيل العديد من الأسر إلى مناطق تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية والخدمات الضرورية مثل:
• المدارس والمستشفيات.
• وسائل النقل العمومي.
• شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي.
مثال: في مشاريع إعادة إيواء سكان كاريان الصياد بالدار البيضاء، اضطر السكان إلى التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى المدارس أو المستشفيات، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
مقاومة بعض السكان لعمليات إعادة التوطين
رفضت العديد من الأسر مغادرة مساكنها بسبب:
• الارتباط الاجتماعي والاقتصادي بالمناطق الأصلية.
• ضعف جودة السكن البديل أو ارتفاع تكلفته.
• عدم توافق مشاريع إعادة الإيواء مع احتياجات السكان.
مثال: في الرباط، رفض العديد من السكان الانتقال إلى منطقة “تامسنا”، نظرًا لضعف الخدمات وبعدها عن مراكز العمل.
انتقادات حقوقية للبرنامج
• غياب مقاربة حقوقية واضحة في التعامل مع الأسر المتضررة.
• تجاهل التزامات المغرب الدولية المتعلقة بالحق في السكن اللائق.
• عدم إشراك السكان في عملية التخطيط والتنفيذ، مما زاد من الاحتقان الاجتماعي.
• غياب آليات الرقابة والمحاسبة حول الاختلالات المالية والإدارية التي رافقت تنفيذ البرنامج.
التوصيات الحقوقية لمعالجة الخروقات
تعزيز الشفافية والرقابة عبر:
إخضاع جميع ملفات المستفيدين لرقابة صارمة لمنع التلاعب والتجاوزات.
محاسبة المتورطين في الفساد الإداري والمالي بالبرنامج.
تسريع تسليم الوحدات السكنية عبر:
• تحديد سقف زمني صارم لتسليم الشقق للأسر المتضررة.
تعويض الأسر التي تأخرت استفادتها من السكن البديل.
تحسين جودة السكن البديل:
• ضمان توافر الخدمات الأساسية في الأحياء الجديدة قبل ترحيل السكان إليها.
إنشاء مدارس، مراكز صحية، ومرافق اجتماعية داخل مشاريع إعادة الإيواء.
ضمان تعويض عادل للمتضررين:
• توفير سكن بديل أو تعويض مالي كافٍ للأسر المتضررة من عمليات الهدم.
• إشراك السكان في اختيار مواقع وأشكال السكن البديل لضمان القبول الاجتماعي.
اعتماد مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني:
• إشراك الجمعيات الحقوقية والمنظمات المحلية في تتبع تنفيذ البرنامج وضمان شفافيته.
• إنشاء لجان محلية لمتابعة شكايات المتضررين وضمان إنصافهم.
توصياتنا الأساسية:
• وقف جميع عمليات الإخلاء القسري دون توفير سكن بديل لائق.
اعتماد مبدأ الشفافية في توزيع الوحدات السكنية لضمان العدالة والمساواة.
وضع آليات رقابة مستقلة لمتابعة تنفيذ البرنامج ومنع الفساد الإداري.
• الحق في السكن اللائق هو حق دستوري وإنساني، وعلى الدولة الوفاء بالتزاماتها لضمان سكن كريم لكل المواطنين دون تمييز أو تجاوزات.
xii. تفاقم ظاهرة التشهير والابتزاز والجرائم الإلكترونية
مقدمة
شهد المغرب في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في جرائم التشهير والابتزاز الإلكتروني، مما يشكل تهديدًا للأمن الرقمي والاجتماعي. تعتمد هذه الجرائم على استخدام التكنولوجيا الحديثة لاستهداف الأفراد والمؤسسات، مما يتطلب استجابة فعّالة من الجهات المعنية.
الإحصائيات الحديثة
وفقًا لتقرير المديرية العامة للأمن الوطني لعام 2024، تم تسجيل زيادة بنسبة 40% في قضايا الجريمة الإلكترونية، بما في ذلك الابتزاز والتهديد عبر الإنترنت، ليصل العدد الإجمالي للقضايا إلى 8,333 قضية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير لوزارة الداخلية لعام 2022 إلى أن 78% من الجرائم والمخالفات المسجلة تتركز في المناطق الحضرية، مع تحقيق نسبة حل للقضايا بلغت 90%.
بالرغم من الجهود المبذولة لمكافحة جرائم التشهير والابتزاز الإلكتروني في المغرب، بما في ذلك اعتقال شخصيات معروفة مثل “ولد الشينوية” و”هيام ستار”، إلا أن هذه الإجراءات لم تؤدِ إلى الحد من تفاقم هذه الظاهرة.
في ديسمبر 2024، أصدرت المحكمة الزجرية الابتدائية بعين السبع في الدار البيضاء حكمًا بالسجن النافذ لمدة ثلاث سنوات على “رضا البوزيدي”، المعروف بـ”ولد الشينوية”، بتهم تتعلق بالنصب والاحتيال والإخلال بالحياء العام.
كما حُكم على “عائشة الصريدي”، المعروفة بـ”هيام ستار”، بالسجن النافذ لمدة أربع سنوات، بالإضافة إلى إغلاق قناتها على منصة “يوتيوب” بشكل نهائي، وذلك بسبب محتوى اعتُبر مسيئًا ومخالفًا للقوانين. a
على الرغم من هذه الأحكام، لا تزال جرائم التشهير والابتزاز الإلكتروني في تزايد، مما يشير إلى أن الحلول الأمنية والقضائية وحدها غير كافية للحد من هذه الظاهرة.
وبالرغم من الجهود المبذولة لمكافحة جرائم التشهير والابتزاز الإلكتروني في المغرب، إلا أن إفلات بعض المجرمين من العقاب أسهم في تفاقم هذه الظاهرة. فقد تشكلت شبكات منظمة تمارس هذه الجرائم بطرق متطورة، مستغلة الثغرات القانونية والتقنية.
أسباب تفاقم الظاهرة:
• إفلات الجناة من العقاب: عدم تقديم بعض المبتزين والمشهرين إلى العدالة يشجع آخرين على ارتكاب هذه الجرائم، ويعزز الشعور بعدم المساءلة (قناة تحفة شو وشبكته نموذجا)
• تطور أساليب الجريمة: تستخدم هذه الشبكات تقنيات متقدمة لإخفاء هوياتها، مما يصعّب عملية التتبع والملاحقة القانونية.
• نقص الوعي القانوني: قلة الوعي بين الضحايا حول حقوقهم وسبل الحماية القانونية تجعلهم أكثر عرضة للابتزاز والتشهير.
• الانتشار الواسع للتكنولوجيا: زيادة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دون وعي كافٍ بمخاطرها.
• نقص الوعي الأمني: قلة المعرفة بأساليب الحماية الرقمية بين المستخدمين.
• الفراغ التشريعي: عدم تحديث القوانين لمواكبة التطورات التكنولوجية، مما يعيق ملاحقة الجناة.
• صعوبة تتبع الجناة: استخدام تقنيات متقدمة لإخفاء الهوية يجعل من الصعب تعقب مرتكبي هذه الجرائم.
التوصيات المقترحة
• تعزيز الإطار القانوني: تحديث التشريعات لتشمل الجرائم الإلكترونية بوضوح وتحديد عقوبات رادعة.
• زيادة الوعي المجتمعي: إطلاق حملات توعية حول مخاطر الإنترنت وطرق الحماية الشخصية.
• تطوير قدرات الأجهزة الأمنية: تزويد الجهات المختصة بالأدوات والتدريب اللازمين لمكافحة الجرائم الإلكترونية بفعالية.
• التعاون الدولي: تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية.
• تشجيع البحث العلمي: دعم الدراسات والأبحاث المتعلقة بأمن المعلومات والجرائم الإلكترونية لإيجاد حلول مبتكرة.
• تعزيز الوعي المجتمعي: إطلاق حملات توعية مستمرة حول مخاطر التشهير والابتزاز الإلكتروني، وطرق الوقاية منها، مع التركيز على الفئات العمرية الشابة.
• تطوير التشريعات: تحديث القوانين لتشمل جميع أشكال الجرائم الإلكترونية، وضمان تطبيق عقوبات رادعة تتناسب مع خطورة هذه الجرائم.
• تعزيز التعاون الدولي: نظرًا للطبيعة العابرة للحدود للجرائم الإلكترونية، يجب تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والبلدان الأخرى لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة هذه الجرائم.
• تطوير قدرات الأجهزة الأمنية: تزويد الجهات المختصة بالأدوات والتدريب اللازمين لمواكبة التطورات التقنية، وتمكينها من تتبع وملاحقة الجناة بفعالية.
• تشجيع البحث العلمي: دعم الدراسات والأبحاث المتعلقة بالجرائم الإلكترونية لفهم أعمق للظاهرة وتطوير استراتيجيات فعّالة لمكافحتها.
xiii. الشباب المغربي: انسداد الأفق وتفاقم مشاكل المخدرات والمهلوسات
تقديم
يواجه الشباب المغربي تحديات متعددة تؤثر سلبًا على تطلعاتهم المستقبلية، من أبرزها انسداد الأفق نتيجة البطالة وضعف الفرص الاقتصادية. تفاقمت هذه المشاكل مع انتشار تعاطي المخدرات والمهلوسات، مما يشكل تهديدًا لصحتهم ومستقبلهم.
إحصائيات مقلقة
وفقًا لتقرير المرصد الوطني للمخدرات والإدمان، يتعاطى حوالي 800 ألف مغربي المخدرات، أي ما يمثل ما بين 4% إلى 5% من إجمالي سكان المغرب.
بالإضافة إلى ذلك، يوجد في المغرب أكثر من 6 ملايين مدخن، منهم 500 ألف أقل من 18 سنة، وحوالي 18,500 شخص يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن.
أسباب تفاقم الظاهرة
• البطالة وانعدام الفرص: يؤدي نقص فرص العمل والتدريب إلى شعور الشباب بالإحباط، مما يدفع البعض نحو تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب.
• نقص الوعي: قلة البرامج التوعوية حول مخاطر المخدرات والمهلوسات تسهم في زيادة التعاطي بين الشباب.
• سهولة الوصول إلى المخدرات: انتشار شبكات توزيع المخدرات يجعلها متاحة بسهولة للشباب.
• الضغوط الاجتماعية والنفسية: يواجه الشباب ضغوطًا متعددة، سواء من الأسرة أو المجتمع، مما يدفع البعض للجوء إلى المخدرات كوسيلة للتخفيف من هذه الضغوط.
توصيات لمعالجة الظاهرة
• تعزيز التعليم والتوعية: إطلاق حملات توعوية مستمرة تستهدف الشباب والأسر لزيادة الوعي بمخاطر المخدرات والمهلوسات.
• توفير فرص اقتصادية: خلق فرص عمل وتدريب مهني للشباب للحد من البطالة وتعزيز الشعور بالأمل.
• دعم الصحة النفسية: توفير خدمات استشارية ونفسية للشباب لمساعدتهم في التعامل مع الضغوط والتحديات.
• تطوير السياسات القائمة على حقوق الإنسان: دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى الابتعاد عن التدابير العقابية لمعالجة مشكلة المخدرات العالمية، والتحول نحو استخدام السياسات القائمة على حقوق الإنسان والصحة العامة.
• تعزيز التعاون الدولي: الاستفادة من تجارب الدول والمنظمات الدولية في مكافحة تعاطي المخدرات بين الشباب.
من خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن للمغرب الحد من تفاقم مشكلة تعاطي المخدرات والمهلوسات بين الشباب، وتعزيز مستقبلهم ومساهمتهم في تنمية المجتمع.
xiv. قضايا حقوقية بارزة
المتابعات القضائية من طرف وزير العدل المغربي ضد الصحفيين
تقديم
في الآونة الأخيرة، شهد المشهد الإعلامي المغربي تصاعدًا في المتابعات القضائية التي يقودها وزير العدل، السيد عبد اللطيف وهبي، ضد عدد من الصحفيين والمدونين. هذه التطورات أثارت نقاشًا واسعًا حول حرية الصحافة والتعبير في المغرب، ومدى تأثير هذه المتابعات على المشهد الإعلامي والحقوقي في البلاد.
أولًا: المتابعات القضائية ضد الصحفيين
قضية الصحفي حميد المهداوي
في أكتوبر 2024، قضت المحكمة الابتدائية بالرباط بسجن الصحفي حميد المهداوي لمدة 18 شهرًا نافذة، مع تغريمه مبلغ 150 مليون سنتيم (حوالي 150 ألف دولار)، بتهمة “التشهير والقذف والسب العلني” بحق وزير العدل عبد اللطيف وهبي. جاءت هذه المحاكمة بعد اتهامات وجهها المهداوي للوزير عبر مقطع فيديو نُشر على موقعه الإلكتروني.
قضية الصحفي هشام العمراني
في يناير 2025، كشف الصحفي هشام العمراني أن وزير العدل رفع ضده دعوى قضائية جديدة أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، بتهمة “القذف”. تأتي هذه المتابعة في سياق سلسلة من الدعاوى القضائية التي رفعها الوزير ضد عدد من الصحفيين.
ردود الفعل على هذه المتابعات
انتقادات من داخل البرلمان
في نوفمبر 2024، وجهت النائبة البرلمانية ريم شباط انتقادات حادة لوزير العدل تحت قبة البرلمان، على خلفية متابعته القضائية للصحفي حميد المهداوي. اعتبرت شباط أن هذه المتابعات تشكل تهديدًا لحرية الصحافة والتعبير في المغرب.
عريضة شعبية لإعفاء الوزير
في ديسمبر 2024، أطلق عدد من النشطاء والحقوقيين عريضة شعبية موجهة إلى الملك محمد السادس، تطالب بإعفاء ومحاسبة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بسبب ما وصفوه بـ”اعتدائه على الصحافة والقانون”. تم تنظيم ندوة صحفية بالرباط لتسليط الضوء على هذه الخطوة.
موقف وزير العدل
في ديسمبر 2024، صرح وزير العدل عبد اللطيف وهبي بأن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل تهديدًا خطيرًا للقضاء، مشيرًا إلى أن “فيسبوك” أصبح يشهد تدخلات وتعليقات واسعة بعد صدور أي حكم قضائي. هذا التصريح يعكس قلق الوزير من تأثير المنصات الرقمية على سير العدالة.
خلاصة
تعكس هذه التطورات توترًا متزايدًا بين السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام في المغرب. تثير المتابعات القضائية التي يقودها وزير العدل ضد الصحفيين والمدونين تساؤلات حول مستقبل حرية التعبير والصحافة في البلاد، ومدى تأثير هذه الإجراءات على المشهد الديمقراطي والحقوقي.
اعتقال الناشط سعيد آيت مهدي وقضية متضرري زلزال الحوز
في إطار تتبع وضعية حقوق الإنسان في المغرب، يشكل اعتقال الناشط الحقوقي سعيد آيت مهدي ومحاكمته حدثًا بارزًا يعكس التحديات التي تواجه حرية التعبير، خاصة في القضايا المرتبطة بالمطالب الاجتماعية. يُعد سعيد آيت مهدي أحد أبرز النشطاء الذين دافعوا عن حقوق المتضررين من زلزال الحوز، حيث عمل من خلال تنسيقية متضرري زلزال الحوز على نقل معاناة السكان المتضررين وانتقاد التدبير الرسمي للأزمة.
نشاطه الحقوقي ودوره في الدفاع عن المتضررين
يُعرف سعيد آيت مهدي بدوره الفاعل في المجال الحقوقي، حيث قاد جهودًا ميدانية للمطالبة بحقوق المتضررين من الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في 8 سبتمبر 2023، والذي خلّف خسائر بشرية ومادية جسيمة. كان له دور أساسي في:
• رصد وضعية السكان بعد الزلزال وتوثيق معاناتهم.
• التنديد بالتقصير الحكومي في إيصال المساعدات.
• المطالبة بتوفير تعويضات عادلة وإعادة إعمار المناطق المنكوبة.
اعتقاله والمحاكمة
في 22 ديسمبر 2024، أوقفت عناصر الدرك الملكي سعيد آيت مهدي في دوار تدفالت بجماعة إغيل بناءً على شكايات تقدم بها عون سلطة وخليفة قائد، حيث تم اتهامه بـ”السب والقذف والتشهير في حق موظفين عموميين”.
في 13 يناير 2025، قضت المحكمة الابتدائية بمراكش بسجنه 3 أشهر نافذة، مع تغريمه 500 درهم وتعويض الطرف المدني بمبلغ 10,000 درهم.
تم نقله إلى السجن المحلي لوداية حيث يقضي فترة محكوميته.
ردود الفعل حول اعتقال سعيد آيت مهدي
منظمات حقوقية: اعتبرت منظمات حقوقية مغربية ودولية أن اعتقاله انتهاك صارخ لحرية التعبير، وطالبت بإطلاق سراحه الفوري.
الرأي العام: أثار اعتقاله موجة تضامن واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتُبر اعتقاله محاولة لإسكات الأصوات المطالبة بحقوق المتضررين.
وسائل الإعلام الدولية: غطّت وسائل إعلام كبرى، مثل فرانس 24 والجزيرة، قضية اعتقاله وربطتها بتضييق السلطات على المدافعين عن الحقوق الاجتماعية.
التوصيات
• إطلاق سراح سعيد آيت مهدي فورًا، باعتباره سجين رأي لا يجب أن يُعاقب بسبب نشاطه الحقوقي.
احترام حرية التعبير وضمان عدم استخدام القضاء كأداة لتكميم الأصوات المنتقدة.
• محاسبة المسؤولين عن التقصير في إدارة الأزمة، بدل متابعة النشطاء الذين سلطوا الضوء على معاناة المتضررين.
• توفير دعم كافٍ لمتضرري الزلزال، بما يشمل التعويض العادل وإعادة الإعمار بشكل شفاف ومنصف.
خلاصة
يُعد اعتقال سعيد آيت مهدي استمرارًا لمسلسل التضييق على النشطاء الحقوقيين في المغرب، ويعكس تحديات كبيرة تواجهها حرية التعبير في البلاد. كما أن طريقة إدارة أزمة زلزال الحوز أظهرت حاجة ملحّة لإصلاحات جوهرية في آليات الاستجابة للكوارث، وضمان عدالة اجتماعية أكبر للمتضررين
الانتهاكات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان: قضية بدر ومروان السدراوي نموذجًا
تصاعد استهداف النشطاء الحقوقيين
خلال سنتي 2023 و2024، سجلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان ارتفاعًا ملحوظًا في استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، من خلال الاعتقال، المتابعة القضائية، المضايقات، والتشهير.
يعتبر بدر السدراوي، عضوا في الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان وابن رئيسها ومؤسسها لدريس السدراوي، إحدى أبرز الحالات التي تعكس الاستهداف الممنهج للنشطاء الحقوقيين بالمغرب.
انتهاكات ممنهجة في حق بدر السدراوي
الاعتداء الجسدي وسوء المعاملة داخل سيارة الشرطة.
تعرض بدر السدراوي للتعذيب الجسدي والمعاملة القاسية داخل سيارة الشرطة أثناء توقيفه، دون أن تتم محاسبة المتورطين. بل على العكس، وُجهت إليه تهم جاهزة، منها إهانة رجال الأمن، بينما تم تبرئة شقيقه مروان السدراوي في نفس الملف، ولا تزال محكمة القنيطرة تنظر في قضيته، وسط مخاوف من صدور حكم بالسجن في أي لحظة.
تلفيق التهم وحجز ممتلكاته دون سند قانوني.
تم حجز دراجته النارية من طرف السلطات، رغم عدم وجود أي مبرر قانوني لذلك، في إطار مضايقات متكررة تستهدفه، بالإضافة إلى محاولات إلصاق تهم جنائية ملفقة اتبت القضاء المغربي في المرحلة الابتدائية براءته منها.
محاولة دهس متعمدة وهروب الجاني.
تعرض بدر السدراوي لمحاولة دهس متعمدة بسيارة مجهولة، حيث قام الجاني بالفرار رغم أن شهودًا سجلوا رقم لوحة السيارة. ورغم تقديم بلاغ رسمي للسلطات، لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد المعتدي. والأسوأ من ذلك، تم تحميل الضحية بدر السدراوي المسؤولية وإلزامه بدفع تعويض مالي، رغم إصابته البليغة على مستوى الجبهة.
تقييد حرية النشاط الحقوقي والتأثير على المسار المهني والأكاديمي
بسبب نشاطه الحقوقي، يواجه بدر السدراوي تضييقات تؤثر على مستقبله الشخصي والأكاديمي، حيث أن المتابعات القضائية المفتوحة ضده تهدف إلى تعطيل مساره الحقوقي وتقويض عمله في الدفاع عن قضايا الشباب والحريات العامة.
التوصيات
• فتح تحقيق شفاف ومستقل حول جميع الانتهاكات التي تعرض لها بدر السدراوي، بما يشمل التعذيب وسوء المعاملة ومحاولة الدهس، وضمان مساءلة المسؤولين عنها.
• وقف المتابعات القضائية التعسفية ضده، وتمكينه من ممارسة نشاطه الحقوقي دون تضييق.
• وضع حد للممارسات الانتقامية ضد النشطاء الحقوقيين، وضمان حقهم في التعبير والاحتجاج السلمي.
• تحقيق العدالة في قضايا العنف الأمني ضد مشجعي الفرق الرياضية، واحترام المعايير الدولية في التعامل مع التظاهراتالرياضية.
• ضمان استقلال القضاء وعدم استخدامه كأداة لقمع المدافعين عن حقوق الإنسان.
قضية الصحفية ليلى سديرة وانتهاك حرية التعبير في المغرب
تُعتبر حرية التعبير والصحافة من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور المغربي في الفصل 25، وكذلك المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في المتابعات القضائية ضد الصحفيين والمدونين، مما يثير مخاوف جدية بشأن واقع حرية التعبير في البلاد.
تُعد قضية المراسلة الصحفية ليلى سديرة واحدة من القضايا التي أثارت جدلًا حقوقيًا وإعلاميًا، نظرًا لارتباطها بالتضييق على الصحفيين بسبب آرائهم وانتقاداتهم للوضع العام في البلاد.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل حقوقي مفصل لهذه القضية، مع استعراض الإشكالات القانونية المرتبطة بها، وانعكاساتها على وضعية حرية الصحافة والتعبير في المغرب.
تفاصيل القضية
التهم الموجهة:
متابعة الصحفية ليلى سديرة بتهم تتعلق بـنشر أخبار كاذبة والتشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تقديم شكاوى ضدها من طرف رئيس المجلس الإقليمي للقنيطرة وعدد من رؤساء الجماعات بسبب تدوينات نشرتها على صفحتها في فيسبوك.
إخضاعها لتحقيق مطول لدى الدرك الملكي وقاضي التحقيق، حيث تم حجز هاتفها المحمول لإجراء خبرة تقنية.
الحكم الصادر:
في يناير 2025، أصدرت المحكمة الابتدائية في سوق الأربعاء الغرب حكمًا بـ:
6 أشهر سجنًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 12 ألف درهم.
انتهاكات حقوق الإنسان في هذه القضية
التضييق على حرية التعبير والصحافة.
تُعد متابعة الصحفية ليلى سديرة جزءًا من اتجاه متزايد لقمع الأصوات الناقدة، حيث أصبحت الصحافة الاستقصائية والصحفيون المستقلون عرضة لمتابعات قضائية تعسفية بدلًا من اعتماد آليات الرد والتوضيح من طرف المسؤولين الحكوميين.
تتعارض هذه الممارسة مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن الحق في حرية التعبير دون قيود غير مبررة.
استخدام القانون الجنائي بدلًا من قانون الصحافة.
رغم أن المغرب يتوفر على قانون الصحافة والنشر رقم 88.13، إلا أن السلطات تلجأ في كثير من الأحيان إلى القانون الجنائي لمتابعة الصحفيين والمدونين، مما يُشكل تراجعًا عن الضمانات الحقوقية المكفولة في القوانين الوطنية.
عدم احترام مبدأ المحاكمة العادلة.
هناك مخاوف بشأن غياب تكافؤ الفرص أثناء المحاكمة، حيث لم يتم توفير ضمانات واضحة لمبدأ قرينة البراءة في حق الصحفية ليلى سديرة، خاصة أن التحقيقات شملت حجز هاتفها الشخصي دون تبرير كافٍ، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى احترام حقوق الدفاع.
استهداف النساء الصحفيات بشكل خاص.
تُعتبر الصحفيات أكثر عرضة للمتابعات القضائية والتضييق الإعلامي مقارنة بنظرائهن الرجال، حيث يُستخدَم القانون في بعض الحالات لترهيب الصحفيات وإسكات أصوات النساء في الصحافة.
ردود الفعل الحقوقية والإعلامية
إدانة المنظمات الحقوقية.
الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان اعتبرت أن المتابعة القضائية ضد ليلى سديرة تندرج ضمن سياسة التضييق على حرية التعبير، داعية إلى تمتيعها بالسراح المؤقت وضمان محاكمة عادلة.
ردود فعل المجتمع المدني.
نُظِّمت وقفات احتجاجية رمزية تضامنًا مع الصحفية ليلى سديرة، حيث رفع المحتجون شعارات تندد بـالمتابعات التعسفية ضد الصحفيين، وتطالب بإطلاق سراحها وإيقاف التضييق على حرية الصحافة.
توصيات حقوقية لمعالجة هذه القضية
• الإفراج الفوري عن الصحفية ليلى سديرة، نظرًا للطابع الانتقامي لمتابعتها.
وقف استخدام القانون الجنائي في قضايا الصحافة، والالتزام بتطبيق قانون الصحافة والنشر.
إلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا التعبير، وتعويضها بغرامات مالية أو آليات التقاضي المدني.
إصلاح شامل لمنظومة العدالة لضمان استقلال القضاء عن أي ضغوط سياسية أو إدارية في قضايا حرية الرأي والتعبير.
• إشراك المجتمع المدني والنقابات الصحفية في صياغة سياسات تضمن حماية الصحفيين وتعزز مناخ حرية التعبير.
خلاصة
إن اعتقال الصحفية ليلى سديرة وإدانتها تمثل انتهاكًا واضحًا لحرية الصحافة والتعبير في المغرب، وتُشكل تراجعًا خطيرًا عن التزامات المغرب الحقوقية والدستورية.
مطالبتنا:
• الإفراج عنها فورًا ووقف جميع المتابعات ضد الصحفيين بسبب آرائهم.
• حماية الصحفيين من المتابعات التعسفية وضمان بيئة عمل حرة وآمنة لهم.
• احترام التزامات المغرب الدولية المتعلقة بحرية الصحافة وعدم تسييس القضاء لتكميم الأفواه.
خاتمة
يُبرز هذا التقرير الحقوقي الشامل التحديات المتعددة التي لا تزال تواجه حقوق الإنسان في المغرب، سواء على المستوى التشريعي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي. على الرغم من بعض الإصلاحات التي تمت في الفترة الماضية، فإن هناك فجوات قانونية وهيكلية عميقة لا تزال تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحريات الأساسية لكل فرد. إن هذه الفجوات تظهر بوضوح في استمرار التضييق على الحريات العامة، وضعف الحوار الاجتماعي، وعدم تنفيذ الاتفاقيات الدولية، فضلًا عن تدهور الأوضاع في السجون وغياب حماية قانونية فعالة للعمال والصحفيين والنساء والفئات الهشة. إن استمرار الإفلات من العقاب في قضايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وكذلك انتشار الفساد وضعف آليات مكافحته، يمثلان أكبر التحديات التي تقف في وجه تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في المغرب.
فعلى الرغم من الخطوات التي تم اتخاذها في بعض المجالات، فإن هذه التحديات تُعَرِّض حقوق الأفراد في المجتمع المغربي لخطر مستمر، مما يستدعي الإصلاحات العاجلة والشاملة التي تضمن احترام الحقوق والحريات، وتتماشى مع التزامات المغرب الدولية في هذا المجال.
وفي ظل هذا الوضع، نؤكد على ضرورة تبني مجموعة من الإصلاحات الجذرية التي تضمن حماية الحقوق والحريات في البلاد، ومنها:
• إصلاح شامل للقوانين الوطنية: وعلى رأسها القانون الجنائي، المسطرة الجنائية، ومدونة الأسرة، لضمان توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
• تعزيز استقلالية القضاء: ومنع توظيفه لتقييد الحريات العامة، مع ضمان تشديد العقوبات على الفساد الإداري والمالي، وتفعيل آليات المحاسبة الفعالة.
• حماية حرية التعبير والصحافة: عبر إلغاء القوانين الزجرية التي تُستخدم لفرض الرقابة على الصحفيين والنشطاء، وضمان بيئة حرة وآمنة للعمل الصحفي.
• إصلاح قانون الإضراب: لضمان إلزامية الحوار الاجتماعي وحماية حقوق العمال والنقابيين، وتوفير الحماية القانونية للمضربين.
• تحسين أوضاع السجون: من خلال اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية، مثل العقوبات البديلة، للحد من الاكتظاظ السجني وضمان حقوق المعتقلين.
• تفعيل آليات حماية الفئات الهشة: لا سيما النساء والأطفال والمهاجرين، وضمان التشريعات القانونية التي تحميهم من التمييز والعنف.
• إلزام الدولة بتنفيذ التوصيات الأممية: المتعلقة بحقوق الإنسان، والوفاء بكل الالتزامات الدولية التي وقع عليها المغرب.
• محاربة الفساد الإداري والمالي: من خلال تعزيز آليات الرقابة والمساءلة وضمان الشفافية في تدبير الشأن العام.
• وضع حد لسياسة الإفلات من العقاب: في قضايا التعذيب و الفساد، وضمان محاسبة المسؤولين عن التجاوزات.
ختامًا، تؤكد الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أن النهوض بأوضاع حقوق الإنسان في المغرب لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إرادة سياسية حقيقية، ورغبة في إشراك المجتمع المدني في صياغة وتنفيذ السياسات الحقوقية. إن مستقبل المغرب الحقوقي يعتمد على مدى التزام الدولة بتعزيز الديمقراطية، واحترام كرامة المواطن، وترسيخ سيادة القانون، القضاء على الفساد، و وقف الإفلات من العقاب. كما أن ضمان العدالة الاجتماعية والحفاظ على الحقوق والحريات للمواطنين سيظل مرتبطًا بتنفيذ هذه الإصلاحات الشاملة، التي ستتيح للمغرب السير في طريق التنمية المستدامة والمساواة.
إن العدالة الحقيقية لن تتحقق إلا حينما يعمل الجميع، من حكومات ومؤسسات وهيئات مدنية، على ضمان حقوق الإنسان دون تمييز أو تقييد، وحينما يسود القانون وتتم محاسبة الجميع على قدم المساواة.