محطات نضاليةمستجدات

كلمات ،صابرين بن خضراء : ابنة الجبارين

*كلمات*

.. في النسغ المغربي الفلسطيني

——————————

**صابرين بن خضراء : ابنة الجبارين**

أحمد ويحمان

×صباح الخير…صباح الفلسطينيين الذين ينهضون من بين الركام كما تنهض الشجرة من بين الصخر.اليوم أصبحت صابرين الخضراء ( بن خضراء ) – ابنة غزة، وابنة المغرب أيضاً – طالبةً في كلية الطب بجامعة الأزهر، بعدما حصلت على معدل 94% في البكالوريا… 94% تحت القصف، وليس في قاعات دراسية مكيفة ولا تحت ضوء مستقر.سنةٌ لم يعرفها تلاميذ العالم عبر التاريخ. كانت صابرين تدرس ودفاترها ترتجف تحت دويّ الطائرات، والغرفة التي تأوي أسرتها تهتز كل دقيقة، والدخان يزاحمها على نافذة تستقبل صباحاً أسود لا ينتهي. كان شبح الموت يرفرف فوق رأسها 24 ساعة في اليوم، وهي، ككل بنات وأبناء غزة، ترفع دفترها في وجهه… وتواصل. صابرين لم تتفوق رغم الحرب، بل تفوقت بالحرب؛ بالصبر، وبإصرار جيل كامل يخوض معركة الحياة كما يخوض مقاتلوه معركة المقاومة. وهذا هو سر شعب الجبارين: يقاتل في الميدان، ويقاتل في المدرسة، ويقاوم بالعلم كما يقاوم بالسلاح. جامعة الأزهر اليوم مدمّرة… لكن صابرين وأساتذتها سيواصلون عبر الإنترنت ريثما تُبنى من جديد . لأن هذه الأرض عودتنا أن تبني الحياة من تحت الركام، وأن تقول للعالم : *نحن هنا… ولن نُمحى .. مهما حاول المحتلون وكل من يدعمهم* . *صابرين… ابنة المغرب أيضاً* صابرين الخضراء ليست فقط فتاة فلسطينية متفوقة، بل هي أيضاً من أسرة فلسطينية من أصل مغربي، من أسرة بن خضراء السلاوية المشهورة .. من أبناء أولئك الذين حملوا المغرب في قلوبهم إلى القدس، وحملوا القدس في قلوبهم إلى المغرب.

والد صابرين هو صديقنا العزيز، المقاوم محمد مصدق بنخضراء؛ أسير محرَّر، وُلد من رحم جراح بلدين :14 سنة في السجون بين أيدي الجلادين هنا وهناك ! .. ثماني سنوات في المعتقلات السرية بالمغرب خلال سنوات الرصاص،ثم ست سنوات أُخَر في سجون الاحتلال الصهيوني..قصة وأي قصة ؟! قصة رجل عركته الزنازين مرتين… لكنه ظل واقفاً، ليُهدي اليوم للوطنين معاً هذه الزهرة : صابرين، التي وزع وقته طيلة سنتي الجحيم في غزة بين رعايتها وإخوتها من جهة وإسعاف أبناء شعبه بطبخ وتوفير ما يتيسر من وجبات في مواجهة حرب التجويع وسط أجواء الترويع من جهة أخرى .

*هذا هو عمق العلاقة المغربية – الفلسطينية*

هذا هو العمق الحقيقي، لا تلك المسخرة المخزية التي تسمّى “تطبيعاً”، ولا السجاد الأحمر المفروش للقتلة .. العمق موجود هنا :في صابرين الخضراء.في والدها الأسير بطل أركيي لاورو .في أجيال مغربية سكنت القدس وسُمِّيت بأسمائها حارة كاملة: حارة المغاربة.الحارة التي هدمها جيش الحرب الصهيوني سنة 1967 على رؤوس أهلها المغاربة .. وتحية بالمناسبة للمرابطة المغربية الفلسطينية الوحيدة المتبقية هناك تحفظ الذاكرة الصديقة عائشة المصلوحي وأسرتها ..هي أصل العلاقة، وليست حفلات العار التي يشارك فيها المطبعون .ولكي لا ننسى :فنفس هذا الاحتلال هو من قتل قبل فترة أربع طفلات مغربيات في غزة… أكبرهن حلا الريفي التمسماني، لم تكن قد بلغت الثالثة عشرة من عمرها.. وكان في غرفة العمليات التي أمرت بالجريمة، إلى جانب مجرمي الحرب نتانياهو ورئيس أركان جيش الإبادة الجماعية أفيف كوخافي، مجرم الحرب ” المغربي ” الأصول مائير بن شباط الذي وقع التطبيع هنا باسم كيان الإجرام الصهيوني !هذا هو الوجه الحقيقي للعدو… وهذه هي البوصلة.

*جيل يقاتل بالعلم كما يقاتل بالسلاح*

صابرين ليست حالة فردية؛ هي عنوان جيل كامل من فتيات وفتيان غزة الذين يدرسون تحت القصف، ويذاكرون في ملاجئ بلا كهرباء، ويستظهرون دروسهم على ضوء الشموع، ويجتازون الامتحانات بملابس النوم لأن الليل لا يفرّق بين الدراسة والموت.جيل كامل قرر أن يواصل…أن يحيا…أن يتفوق…وأن يقول للعالم :سنعود أطباء ومهندسين وقادة… وسنرمم ما دمّرته حربكم .

*آخر الكلام*

صابرين الخضراء اليوم ليست مجرد طالبة طب جديدة؛إنها رسالة حيّة من فلسطين إلى المغرب، ومن الجبارين إلى الأحرار :رسالة مفادها أن الطريق مهما اسودّ، لا يُغلق؛وأن الركام مهما تراكم، لا يغطي المستقبل؛وأن الحرب مهما اشتدّت، لا تهزم شعباً يؤمن بأن العلم جزء من المقاومة.مبروك لصابرين…ومبروك لغزة…ومبروك للصديق محمدومبروك للمغرب الذي ما يزال يلد أبناءً وبناتٍ على هذه الشاكلة،في زمنٍ كثرت فيه السقوطات… وقلّت فيه الرفعات ..وآخر دعوانا أن اللهم لك الحمد الذي به تدوم النعم .

—————————

× رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع

*صابرين ووالدها المقاوم وذو الأسرين المحرر محمد مصدق بن خضراء*

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID