مراد العمراني الزكاري

هل يفتح محمد بن سلمان اصفاد سنة 1979؟

بقلم : مراد العمراني الزكاري ( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)


لا يمكن لأي جيوسياسي تقييم دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دون التوقف عند النزعة القومية الفارسية التي تسيطر على السلوك الإيراني لإعادة صياغة وجودها في مناطق نفوذها التاريخية في دول الخليج واليمن والدول المطلة على بحر قزوين من جهة، ومصر وشمال إفريقيا من جهة أخرى.

تلك النزعة التي توجه سياسات إيران الخارجية والتي روجت لطبيعة الصراع في المنطقة على أنه صراع ديني ما بين طائفة الشيعة وأهل السنة. وفي الحقيقة هو صراع لا يتعدى كونه حلقة في منظومة لعبة الحروب الدينية في المشرق العربي باستخدام نفس الأدوات، والعناوين الطائفية للسنة 79.

تنامى نفوذ طهران وحلفائها في المنطقة عبر المشروع التوسعى الإيراني أدى إلى محاصرة الحدود السعودية بالمد الشيعي إلى حد كبير. الأمر الذي من شأنه التأثير على الأغلبية الشيعية في شرق المملكة السعودية، والتي تمثل «15٪» من سكان السعودية وهي مناطق غنية بالنفط الذي يرتكز عليه اقتصاد المملكة.
فبعد أن دارت الأيام دورتها عاد أحفاد الفرس من جديد في ثوب الجمهورية الإسلامية الإرانية تخترق بعض الدول العربية عبر وكلائها تبني التحالفات وتقدم الدعم لجماعات التمرد والثوار، وأيضا جماعات إرهابية تمكنت من الضغط على حكوماتها وتمرير الأجندة الإيرانية المعادية. وبصورة أخرى أصبح الصراع الإقليمي في جزء منه محاولات إيرانية تستهدف إحياء ما يشبه الخلافة الفاطمية القديمة؛ فالخريطة شبه متطابقة بين الماضي والحاضر. ذلك أن الدولة البويهية في العراق التي شكلت جزءا من الخلافة الفاطمية واستمرت ما يزيد على قرن قبل سنة 1045 على يد السلاجقة الأتراك. عاد الأحفاد للسيطرة عليها مجددًا بعد الغزو الأمريكي للعراق ينة 2003، ومع الانسحاب العسكري الأمريكي سنة 2011، سقطت بغداد في قبضة الخامنئي.

أما الدولة الفاطمية في مصر التى سقطت على يد صلاح الدين الأيوبى سنة 1174 ، فبعد قرون مضت على حكم الإمامة، يعلن الخامنئي أن أحداث 25 يناير فى ميدان التحرير هى امتداد للثورة الإيرانية. وبعد عامين يستقبل الرئيس المصري الإخواني الأسبق «محمد مرسي» نظيره الإيراني «أحمدى نجاد» فى القاهرة، وقد رفع علامة النصر بكلتا يديه من داخل الأزهر الشريف، التي حكموا منها الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية، ولكن المصريين أجهضوا المخطط فى ثورة الثلاثين من يونيو. ومن مصر إلى بلاد الشام والتي أسقطت بقاياهم من الفاطميين على يد «الظاهر بيبرس» سنة 1297، تمكنت إيران من بسط نفوذها في لبنان وباتت سوريا هي مسرح الأحداث الكامنة للفوز بالكعكة الكبيرة.
وتمكنت من ضرب المملكة السعودية الوريث الشرعي للحجاز فى خاصرتها الجنوبية عبر اليمن لتصبح على بعد خطوة من شبه الجزيرة العربية.
إذن التحركات الإيرانية في المنطقة أصبحت تمثل تهديدا مباشرا على دول الخليج بصفة خاصة. ولا يزال الوطن العربي يعيش في أحداث سنة 1979 والذي يُعد تجسيدا حقيقيا لبانوراما الصراع الدائرة رحاه الآن. ذلك أن العام 79 ، قدَّم أهم الحركات التي لا تزال تشكل المنطقة حتى اليوم. أي أن الشرق الأوسط عاش طيلة السنوات الـ 38 الماضية في سنة 1979، الذي شهد في بدايته احتلال المتطرفين الإسلاميين المسجد الحرام في مكة المكرمة، وتحديهم لأسرة آل سعود الحاكمة، التى استجابت بعقد اتفاق جديد مع المحافظين الدينيين للبقاء في السلطة، في مقابل منحهم صلاحية تحديد المعايير الاجتماعية والتعليم الديني داخل المملكة العربية السعودية، مع حصول المحافظين على موارد هائلة لنشر الفكر الوهابي الأصولي المتشدد والمناهض للشيعة والتعددية. المنطقة الآن أمام أمير سعودي قوي يتحدث بكل جرأة عن أخطاء سنة 1979 ويتعهد بإصلاح ما أفسده الدهر. فهل سيمنحه القدر هذه الفرصة؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube