مراد العمراني الزكاريمستجدات

الحرب العالمية الرابعة

بقلم : مراد العمراني الزكاري.

خريطة السياسة العالمية ستتغيركليًأ بمجرد التخلي عن الوقود الأحفوري والاتجاه ناحية الطاقة الخضراء بعد أن سقط العالم منذ القرن العشرين رهينة للفحم والنفط والغاز الطبيعي.
فالغاز والنفط سلع استهلاكية، ويمكن أن تتوقف محطات الكهرباء عن التوليد حال نقص امدادات الغاز لها أو قطعها، وبالمثل تتوقف السيارات عن الدوران مع شح النفط. بينما محطات توليد الكهرباء التي تعمل بطاقة الرياح أوبالطاقة الشمسية لا يمكن لها أن تتوقف عن الانتاج، ولا تحتاج شراء مستلزماتها إلا مرة واحدة فقط.
التحول الجيوستراتيجي إلى توليد طاقة بدون انبعاثات يعني أن هناك عناصر أو معادن نادرة ستصبح هي مفتاح الحياة الجديد لبلدان العالم.
فمثلا توليد الطاقة الشمسية يستخدم في المقام الأول تكنولوجيا عنصر السيليكون المادة الخام في صخور الكوارتزيت، فيما يستخدم عنصر الليثيوم في صناعة البطاريات، أما مغناطيس مولدات توربينات الرياح فتحتاج لمعادن أرضية نادرة مثل اللانثانيدات.
بينما النحاس هو الموصل الجيد لطاقة الرياح،ويستخدم في صناعة لفائف المولدات والكابلات الكهربائية والمحولات.
هكذا ستتشكل القوى العظمى الجديدة وفقا لمفهوم الطاقة المتجددة ، من يفوز ومن يخسر التحول من الفحم والنفط والغاز إلى السيليكون والنحاس والمعادن الأرضية النادرة.
قائمة البلدان التي ستصبح قوى عظمى للطاقة المتجددة تحتوى على قوى تقليدية قديمة وأخرى صاعدة ربما لا تأثير لها الأن على الخريطة العالمية .
-أكبر احتياطي من الكوارتزيت (لإنتاج السيليكون) يتواجد في الصين والولايات المتحدة وروسيا وأيضا في البرازيل والنرويج.

  • كما أن الولايات المتحدة والصين هما مصدران رئيسيان للنحاس، على الرغم من أن احتياطياتهما آخذة في التناقص، الأمر الذي دفع شيلي وبيرو والكونغو وإندونيسيا إلى الواجهة.
  • ولدى شيلي أيضا أكبر احتياطي من الليثيوم قبل الصين والأرجنتين واستراليا.
    وبشكل أخر فموارد الأرض النادرة هي الأكبر في الصين وروسيا والبرازيل وفيتنام. ومن بين جميع الدول المنتجة للوقود الأحفوري، فإن الولايات المتحدة والصين وروسيا وكندا يمكن أن تنتقل بسهولة أكبر إلى موارد الطاقة الخضراء. على الأقل فيما يتعلق بالمواد الخام.
    ولكن على الجانب الأخر فهناك مجموعة جديدة تماما من البلدان ستتمتع بارتفاع الطلب على مواردها الطبيعية.
    وعلى ذلك فربما تظهر في الأفق منظمة للدول المنتجة للمواد الخام للطاقة المتجددة شبيها بمنظمة الدول 14 المنتجة للنفط (الأوبك) والتي تمتلك نصف إنتاج النفط ومعظم احتياطياته العالمية. وحينها ستنتقل مركزية السلطة من منطقة الشرق الأوسط إلى وسط أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
    السؤال المطروح الآن هل سيحدث هذا الانتقال سلميا ؟ خاصة ان السيطرة على حقول النفط كانت المحرك الأول لجميع الصراعات في القرن العشرين، والسيطرة على أنابيب الغاز كانت المحرك الأساسي لصراعات القرن الواحد والعشرين وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط. أم ستعتمد الدول العظمى على حقبة جديدة من الاستعمار لضمان أمدادات آمنة لموارد الطاقة الخضراء؟.
    الصين الجائعة على الموارد الطبيعية وعبر مبادرة الحزام الاقتصادي وطريق الحرير ردت سريعا على هذه الأسئلة بمفهوم جديد للعولمة في نسخته الصينية فعلى طول مسارات الحزام والطريق نجحت الصين في إبرام اتفاقيات للتجارة مع 67 دولة واقعة على المسار.
    ركزت الصين على الدول النامية التي لا تتمتع بإطلالة على البحار والمحيطات وقد اغتالتها أيادي العولمة الغربية لتقدم نفسها كرسول آمن وجديد للعولمة.
    هذه الدول لديها مخزون استراتيجي من الموارد الطبيعية والمعادن النادرة غير المستغلة لقلة الأمكانيات لديها. وبمبدأ الشراكة والمنفعة المتبادلة، نجحت الصين في فرض قبضتها الاقتصادية على هذه الموارد خاصة فيما يخص التعدين وسط آسيا وفي إفريقيا وحتى في شيلي وبيرو بأمريكا الجنوبية.
    الولايات المتحدة الأمريكية عمدت منذ ربيع براغ العربي على نشر جيوشها البرية من تنظيمات القاعدة الإرهابية على مسارات الحزام والطريق، في محاولة لقطع طرق الأمداد عن الصين سواء في منطقة آسيا أو إفريقيا أو بتنظيم ثورات ملونة تأتي بحكومات موالية لواشنطن بعيدا عن بكين في أمريكا الجنوبية.

وعلى هذا يمكن تصور مستقبل العالم القادم كما يلي:
السيناريو الأول : إنشاء منظمة على غرار الأوبك تسيطر على الموارد الحيوية مثل السيليكون والنحاس والليثيوم و اللانثانيدات
السيناريو الثاني: العودة إلى استعمار الدول النامية.
ونهاية القول أن الدول التي ستبدأ في تأسيس وإنشاء بنية تحتية للطاقة الخضراء ستكون أقل عرضة للتأثيرات المدمرة لهذين السيناريوهين، أما من سيتأخر منهم فسيخرج من التراك ويسقط رهينة في قبضة السليكون والليثيوم والنحاس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube