مراد العمراني الزكاري

.وداعا ماما أمريكا ” هضبة التبت الجزء الثاني

بقلم : مراد العمراني الزكاري برشلونة

نتحدث بالجغرافيا السياسية فعلينا متابعة الخرائط الملحقة بالمدونةأمريكا تعلن الحرب على الصين بالعصا الهنديةالصراع الحدودي بين الهند والصين يعود إلى حرب أكتوبر من عام 1962، بسبب مطالبة الصين بأحقيتها في ضم مقاطعتين تقعان في شمالي غرب الهند . الأولى في شمال شرق مقاطعة جامو وكشمير، فيما تقع الثانية في منطقة جبال “الهيمالايا” الفاصلة بين الهند ومقاطعة التبت الصينية.ويُعد رفض رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” حضور فاعليات مؤتمر بكين للحزام والطريق، بمثابة إعلان رفضه المر الاقتصادي “الصين – باكستان” نيودلهي لاتخشى استخدام الممر لميناء غوادر الباكستاني كقاعدة عسكرية صينية تطوق الهند، كما يمكن استخدام المياه العميقة له في نشرغواصات نووية صينية فحسب، فشبكة الخطوط البرية التي أنشأتها الصين على مسارات هذا الممر (مشروع تحسين طريق كاراكورام السريع – الطريق السريع بيشاور_كراتشي – مشروع سكك حديد لاهور) لربط مدينة شينغيانغ الصينية، بميناء غوادر الباكستاني على بحر العرب؛ يمرعبر إقليم كشمير المتنازع عليه بين كل من الهند والصين من جهة، وبين الهند وباكستان من جهة أخرى عودة مثلث التحالف الهندي الأمريكي الإسرائيلي في مواجهة الممر الاقتصادي “الصين – باكستان”، بات واضحًا جليًا عبر توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة، وتحركات رئيس الوزراء الهندي في الآونة الأخيرة عادت الاستفزازات الهندية للصين مؤخرًا في أبريل من عام 2017، حينما نظمت حكومة نيودلهي زيارة خاصة لزعيم حكومة التبت الصينية في المنفى” الدالاي لاماد” إلى ولاية أروناشال براديش المتنازع عليها بين الهند والصين، ما أثار غضب بكين التي قدمت احتجاج عنيف لنيودلهي أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في 26 يونيو 2017، أن (محمد يوسف شاه) زعيم حزب المجاهدين الانفصالي الإسلامي في كشمير الهندية على قائمة الإرهاب الأمريكية، مع ملاحظة أن حكومة نيودلهي تتهم إسلام أباد بالوقوف خلف هذه الحركة الإسلامية، وهي خطوة تحضيرية مكشوفة لواشنطن في مواجة هذا الممر بورقة الإرهاب العالمي إعلان الخارجية الأمريكية جاء سابقًا بيوم على لقاء الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الهندي مودي، وقد تمخض عنه صفقة بيع (22) طائرة بدون طيارأمريكية إلى الجانب الهندي بقيمة 3 مليار دولار، وشملت البنود الأخرى توسيع التعاون العسكري والاتفاق الهندي لشراء الغاز الطبيعي المسال. ما يعني إنتقال الهند مجددًا إلى مربع الولايات المتحدة الأمريكية كحصان طروادة داخل منظمة شنغهاي للتعاون أقل من أسبوعين على زيارة مودي لواشنطن، وفي 7 يوليو طار رئيس الوزراء الهندي للقاء نظيره الإسرائيلي على شواطئ تل أبيب في زيارة تاريخية أعادت الدفء في العلاقات التاريخية السرية بين الموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات المركزية الهندية الداهية (أجيت دوفال) مستشار الأمن القومي للرئيس الهندي، هو مهندس التنسيق مع استخبارات تل أبيب، وهو من تبنّى عقيدة تحوّل السياسية الأمنية الهندية تجاه باكستان من الدفاع إلى الهجوم الدفاعي، ومهندس الضربات الجراحية الهندية في باكستان في شتمبر 2016، ويقف وراء صعود المسلحين الموالين للهند في كشمير أسبوع على زيارة (مودي) لتل أبيب، وفي خطوة استفزازية جديدة للصين. أرسلت الهند حشودًا عسكرية إلى منطقة “هضبة دوكلام” الحدودية بين الصين ومملكة بوتان حليفة الهند الصغيرة التي تربطها اتفاقية أمنية معها، بذريعة منع طاقم بناء صيني من مدّ طريق بمنطقة دوكلام، والذي يؤثر باسلب على أمن الشمال الشرقي للهند. وتتنازع كل من الصين وبوتان السيادة علي هذه المنطقة.في المقابل أرسلت الصين حشود عسكرية مماثلة اتخذت مناطق تمركز لها على بعد أمتار قليلة من الحشود الهندية، التي قامت بعد سبع أسابيع من تعزيز تواجدها العسكري هناك، في مشهد يمكن وصفة باستمرار حالة “اللاحرب – اللاسلم” بين الصين والهند وبالتأكيد إن كانت الدولة الأمريكية العميقة لا تسعى لخلق حرب بين الولايات المتحدة والصين، فهي تعمل بجد على إشعال الحرب بين الهند والصين عبر جبال الهيمالاياأخيرًا:وفي مواجهة طريق الحرير الصيني تسعي الهند أيضًا لقيادة عالم البحار والمحيطات، وإعادة تشكيل المحور الحضاري الهندي، وكأنما تريد نيودلهي استدعاء نسخة (ماكيندر للبحار) الخاصة بها. ولذا أعلنت الهند بدعم ياباني عن مشروع “ممر النمو الآسيوي الإفريقي” في البيان المشترك الصادر عن رئيس الوزراء الهندي والياباني في نوفمبر من عام 2016، والذي يركز على إنشاء ممرات بحرية جديدة تربط بين القارة الإفريقية والهند وغيرها من البلدان في الجنوب الآسيوي وجنوب شرقي آسيا. وتهدف الهند من خلال طرح هذا المشروع إلى خلق التوازن في جنوب آسيا الذي مال كثيرًا لصالح الصين بعد مبادرة الحزام والطريق، وكذا مزاحمة النفوذ الصيني في قارة إفريقيا كأحد الأسواق الواعدة.هكذا سيكون شكل الصراع القادم على رقعة الآوراسية .. لا صراع من أجل الهيمنة والسيطرة على مقدرات الأمم، ونهب ثروات الشعوب، والتدخل في شئون الدول، وإسقاط الأنظمة الحاكمة التي ترفض الدوران في الفلك الأمريكي. بل يمكن القول أن الصراع في أنماطه الجديدة يتخذ أطر التكامل الاقتصادي والمصالح المشتركة بين الدول ومساعدة شعوبها على التقدم والنمو والرخاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube