مراد العمراني الزكاري

فجوة العولمة

ذ مراد العمراني الزكاري (الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية

نحن_اليساربداية يجب أن نعلم الفجوة التاريخية التي يتمخض عنها فقدان الثقة بين الشعب ودولته تتسع بانتشار خطط العولمة داخل جدران الدول، وتضيق باستيعاب الشعب لتعريف ومفهوم الدولة، وأصبح المحرك الأساسي للعولمة هو سيطرة الليبرالية الجديدة، والمقصود هنا انتصار أيديولوجية اقتصاد السوق الحر، والنمط الاستهلاكي، وإعلام الترفيه، والخوصصة، وخلافه. وتُقدم فيه الديمقراطية كتوءم لاقتصاد السوق الحر، وقد كونا معا استراتيجية النموذج الغربي للرأسمالية في نسخته الأمريكية بعد انهيار الاشتراكية. والنتيجة الحتمية، تقليص سيادة الدولة وتهميش دورها، وتصبح أمور إدارة الدولة قاسمًا مشتركًا بين الحكومة من جهة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية من جهة أخرى.إذن العولمة هي السبب في ارتفاع معدلات النمو دون أن يشعر بها الفقراء، وتستمر الدولة فى فقدان سيادتها إلى أن تصبح عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها. يحدث هذا تدريجيا، ولكن بسرعة، حتى تتحول الدولة من راعية لمصالح المواطنين إلى حارسة لليبرالية السوق، وحامية لرأس المال الخارجي والمحلي، فتزداد الفجوة بين الدولة وشعبها.وما إن يشتد عود العولمة، حتى تصبح الدولة عاجزة عن تقديم الخدمات الاجتماعية، كالتأمين الصحي، والخدمات التعليمية، والرعاية الصحية، وحماية البيئة وخلافه. وفي مراحل متقدمة تصبح الدولة غير قادرة على حماية رؤوس الأموال الأجنبية، فيتجه هؤلاء للشكوى إلى المنظمات الدولية، ويبدأ التدخل الدولي في السيادة، فيزداد السخط الشعبى على الحكومات، وتتدهور الأخلاقيات، والثقافات، ويٌسيد الفساد ويزداد الخلل في توزيع الدخول والثروات، وتنهار الدول بعد أن يفقد الشعب ثقته فى أنظمته الحاكمة التى تواجه بتهم الفساد، رغم كونها أحد ضحايا النظام العالمي الجديد، مثلها مثل غيرها من حكومات العالم التي دخلت مُجبرة في محراب العولمة حتى لا تخرج من السباق. ماذا قال صمويل هنتنجتون في كتابه الصادر سنة 1996 بعنوان صدام الحضارات : “فالعولمة إذن هي غياب البعد الوطني أو القومي كفاعل مؤثر كما كان الحال في الرأسمالية السابقة. فالمؤسسات أوالشركات العابرة للقارات تخترق وحدة الدول القومية، وتقوم بتحطيم قدرات الدول على مواجهة الغزو الجديد الناتج عن قوانين السوق، وتضخيم الصراعات والنزاعات المناوئه للدولة مثل المشاكل العنصرية والدينية لصالح تفكيك الدول وتحويلها إلى دويلات عاجزة أمام سيادة السوق العالمية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube