نهايةأخنوش المتوحش على يد حراك Z ؟

*بقلم: عزيز الدروش – محلل وفاعل سياسي.
منذ الاستقلال، لم يعرف المغرب هذه الدرجة من الاحتقان الشعبي والتي يترجمها اليوم حراك Z، الذي أخذ في التوسع بشكل غير مسبوق، مستقطباً الآلاف من الشباب الغاضب، وأطرافاً من مختلف المشارب الفكرية والسياسية والاجتماعية. هذا الحراك لا يطالب فقط بالخبز، بل بالكرامة، والعدالة، والمحاسبة وهي شعارات لم تعد مجرد ترفٍ سياسي، بل مطالب مشروعة في وجه نظام حزبي أصبح عارياً من كل شرعية شعبية أو أخلاقية.أزمة الثقة حين تتحول الأحزاب إلى شركات خاصةالمشكلة ليست فقط في الفقر، البطالة، غلاء المعيشة، انهيار المدرسة والصحة، واحتقار الكرامة بل في أن من يُفترض بهم تمثيل المواطنين أصبحوا وكلاء مصالح وشبكات ريع لا علاقة لهم لا بالوطن ولا بالشعب.هل نحتاج إلى دليل على سقوط ما تبقى من هيبة الأحزاب؟ التجمع الوطني للأحرار الذي تحول إلى ما يشبه شركة قابضة بواجهة سياسية جعل من الحكومة مقاولة عائلية مغلقة. المال الفاحش هو القاعدة، والتكنوقراط المُؤدلج هو الموظف المثالي. أما المواطن، فمجرد رقم في لعبة الأصوات، أو زبون في مسرحية انتخابية تُباع فيها الوعود بالجملة وتُدفن عند أول اجتماع حكومي.أما الأصالة والمعاصرة، فبعد أن وُلد في أحضان الإدارة وتم تسويقه كبديل حداثي، صار اليوم مجرد تابع ذليل، يُستعمل لتأثيث المشهد السياسي، بلا مواقف، بلا مشروع، وبلا قدرة على حتى النطق بكلمة حق في وجه رئيس حكومة لا يرى في الشعب سوى مستهلك، وفي الوطن مجرد ماركة.وما عسانا نقول عن حزب الاستقلال؟ الحزب العريق الذي قاد الكفاح من أجل التحرر، تحوّل إلى نسخة باهتة من ذاته، يقايض مبادئه من أجل مقعد وزاري هنا أو هناك، ويصمت أمام الفساد لأنه شريك في اقتسام الكعكة.نحو لحظة انفجار: هل من مخرج قبل العاصفة؟كل المؤشرات تدل على أن المغرب يقترب من لحظة الانفجار الشعبي. إذا استمر تجاهل مطالب حراك Z، فإن السيناريوهات المحتملة قد تكون كالتالي:
1_حلّ البرلمان بعد افتضاح عجزه عن تمثيل الشعب ومراقبة الحكومة.
2_إسقاط الحكومة الحالية التي فقدت كل شرعية أخلاقية، بعد أن حوّلت الدولة إلى سوق كبيرة للمصالح والصفقات.
3_فتح ملفات الفساد الكبرى، من تفويتات مشبوهة إلى خروقات الصفقات العمومية ونهب الصناديق.
4_تشكيل حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط لإعادة بناء الجسور بين الدولة والمجتمع، وتهيئة الظروف لانتخابات مبكرة بشروط نزيهة.
5_أو في أسوأ السيناريوهات إعلان حالة الاستثناء، وهو ما نخشاه، لأن تعثر الحلول السياسية قد يفتح شهية السلطوية.الخلاصة: حراك Z ليس موجة عابرةلا يجب الاستهانة بهذا الحراك. هو صرخة من جيل تعب من الانتظار. جيل يرفض أن يُحكم بمنطق الحمد لله على نعمة الاستقرار، بينما يَحكمه رجال مال ونفوذ بلا مشروع، ولا أفق.لقد انتهى زمن تسويق الوهم، وعلى الدولة أن تختار إما تصالح حقيقي مع الشعب، عبر إصلاحات جذرية، أو مواجهة مفتوحة مع شارع لم يعد يثق في أحد.التاريخ لا يرحم المترددين فهل من مجيب؟
من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى
عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي
