ضد التيار

الدروش :الجفاف ينهش المغرب والماء يصدر إلى أوروبا في شكل فواكه وخضر و الباقي في القنينات المشرطنة!

أي عبث هذا؟

أي تضليل هذا ؟

أي اجرام هذا؟

أي استخفاف بعقول المغاربة؟

في وقتٍ يعيش فيه المغرب إحدى أسوأ موجات الجفاف في تاريخه الحديث، وفي حين تجف العيون، وتذبل المزارع الفلاحينالصغار، ويقطع المواطنون الفقراء المهمشون في القرى والبوادي كيلومترات مشيًا على الاقدام للحصول على دلو ماء، نجد في المقابل شاحنات الفراولة، والبطيخ، والأفوكادو، والخيار، والطماطم و غيرها منالمنتجاتالفلاحة، تُشحن يوميًا إلى أوروبا، محملة بما تبقى من مياهنا الجوفية، تودع أراضينا الظامئة نحو موائد الأجانب المُنعّمة!ما هذا الانفصام؟ أي منطق اقتصادي هذا الذي يُفضل تصدير الماء في شكل محاصيل فلاحية تستهلك آلاف الأمتار المكعبة من المياه، في حين يعاني أبناء الوطن عطشًا وقهرًا وذُلًّا يوميًّا؟الأحزاب: شريك في الجريمة بالصمت أو التواطؤ أو الاستفادة المباشرة عبر امتلاك ضيعات كبيرة ،أو بطريقة غير مباشرة. أين الأحزاب السياسية التي تدّعي تمثيل الشعب؟ أين هي من هذا النزيف المائي الخطير؟ مشغولة بصراعاتها الداخلية، بتقسيم الغنائم الانتخابية و المناصب والإمتيازات مقبل صمتها ، بترقيع خطاباتها الشعبوية الفارغة… بينما المواطن يئن تحت وطأة العطش و الجوع حيت يتناول ازبال المتبقية من التصدير الاول ثم الثاني، والأرض تموت عطشًا!إن صمت الأحزاب على هذه الكارثة البيئية والإنسانية و الحقوقية يجعلها شريكًا كاملًا في الجريمة. لا نسمع منها موقفًا حقيقيًا، لا مبادرة تشريعية مسؤولة، لا مقترحًا بديلًا، فقط انتهازية سياسية بائسة.النقابات: نائمة في سبات عميقوما أدراك ما النقابات؟ تلك التي تحوّلت من صوت للطبقة العاملةوالفلاحين الصغاروعموم الكادحة إلى جهاز بيروقراطي مشلول، لا يُحسن سوى تنظيم الإضرابات الموسمية والمهرجانات الخطابية في فاتح ماي التي لا تسمن ولا تغني من جفاف.هل سمعت يومًا نقابة فلاحية تحتج على السياسات الفلاحية المائية التي تنهك موارد البلاد؟ هل دافعت عن الفلاح الصغير الذي لا يجد قطرة ماء لسقي زرعه؟ طبعًا لا. لأن المعركة الحقيقية تحتاج شجاعة و اخلاق وهؤلاء باعوا الشجاعةو أشياء أخرى بثمن بخس.الإعلام مأجور أم جبان؟وما قولكم في الإعلام؟ ذلك الذي باع ضميره المهني على طاولات الإشهار والدعم الحكومي و الليبراليين المتوحشين. إعلام يرقص على أنغام الفلاحة المتقدمة المتطورة التصديرية، ويهلل لـ النجاحات التصديرية، بينما يتجاهل فصولًا دامية من المعاناة اليومية و المهينة لكرامة المواطن المغربي.أين التحقيقات الاستقصائية؟ أين الميدان؟ أين الصوت الحر؟ تبخر كل شيء، لأن تمويله من نفس الجيوب التي تدفع للمزارع الكبرى والمصدرين الكبار ليجففوا آبار وطنهم دون حسيب ولا رقيب.والمجتمع المدني منبطح حدّ الخيانةأما المجتمع المدني، فقد صار هو الآخر تابعًا، ينتظر المنح والمشاريع المدفوعة من السفارات والمنظمات الدولية. جمعيات البيئة لا تجرؤ على فتح فمها ضد لوبيات الفلاحة التصديرية. جمعيات التنمية المستدامة تنظم ورشات تافهة عن التغير المناخي، بينما لا تملك جرأة تسمية المجرم الحقيقي: نموذج فلاحي مجرم، موجه بالكامل للتصدير، على حساب مصلحة البلاد والعباد.وشركات المياه المعالج و المياه المعدنية أم سرقة مقننة؟الفضيحة الكبرى: شركات المياه المعدنية والمكررة. تستنزف منابع المياه الجبلية النادرة، تضعها في قنينات بلاستيكية، وتبيعها للمواطن بأثمان خيالية، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المياه حقًا دستوريا و مجانيًا ومكفولًا لكل إنسان وحيوان.هذه الشركات لا تطهر الماء، بل تطهر جيوبنا من القروش القليلة المتبقية التي نملكها. والمضحك المبكي؟ أنها تفعل ذلك تحت غطاء قانوني ومؤسساتي مُحكم. مأسسة السرقة!الخلاصة لا ماء، لا كرامة ومافيا الماء تحكم!ما يحدث في المغرب اليوم هو تجفيف ممنهج للحياة، تسليم طوعي لثروة استراتيجية الماء إلى الأسواق الأجنبية، وتغاضٍ مشبوه من طرف كل من يفترض فيهم حماية المواطن والوطن.لقد صرنا أمام مافيا ماء حقيقية، متغلغلة في الدولة والمجتمع، تبيع مستقبلنا مقابل حفنة من العملة الصعبة، وتتركنا لمصير العطش والتصحر.

فهل من صحوة؟هل من مقاومة؟ أم أن الماء أغلى من كرامتنا… ونحن لا ندري؟أين بنكيران،لشكر، نبيل بن عبد الله، أوزين، منيب،عصيد،بوعشرين،احمد الشرعي،شحتان، مخريق،و أخرون؟

من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى

عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID