*الداخلية و رجال الأعمال المتوحشين بين الأمس واليوم ؟

تعيش *وزارة الداخلية* هذه الأيام على وقع بروباغندا غير مسبوقة إستعداداً للإنتخابات 2026، إنتخابات وُصفت منذ الآن بـ *إنتخابات المونديال*، ليس لأنها ستواكب حدثاً رياضياً عالمياً، بل لأنها قد تُفرز واحدة من أضعف الحكومات في تاريخ المغرب المعاصر من حيث الشرعية الشعبية.المفارقة أن *وزارةالداخلية*، التي لطالما قدّمت نفسها كـ *ضامنة للإنتقال الديمقراطي* و *حامية للشرعية الإنتخابية*، تبدو اليوم في وضع دفاعي، تخشى فيه نسبة مشاركة هزيلة قد تكشف عمق أزمة الثقة بين الشعب وصناديق الإقتراع و العملية السياسيةبرمتها. فالمغاربة، بعد عقود من التجارب السياسية الفاشلة و الفاسدة، صاروا يعتبرون أن التصويت لا يغيّر شيئاً، وأن كل الأحزاب، يمينها ويسارها وإسلامييها، صارت مجرد واجهات مستهلكة لخدمة و دافعة لمصالح لوبيات *المحروقات و العقاروالأدويةوالمصحات الخصوصيةو التعليم الخصوصي و المواد الإستهلاكية الحساسية و الضرورية و أشياء أخرى* الداخلية والأحزاب: تبادل أدوار في مسرحية مملةتصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي الذي و صف وزير الداخلية بالأمي و الجاهل بالقانون، حين إعترف بأن الأحزاب غير قادرة على التخلي عن الفاسدين، لم تكن سوى قنبلة صغيرة فجّرت واقعاً مريراً: الداخلية تعلم أن لوائح الترشيحات ستُغرق بالفاسدين والمنتفعين أصحاب الأموال الطائلة ، لكنها مع ذلك تُصرّ على صناعة “فرجة إنتخابية” لتقول إن اللعبة مستمرة. والحقيقة أن هذه اللعبة تحوّلت إلى مسرحية مملة، أبطالها نفس الوجوه المتكلسة، وجمهورها شعب سئم الفرجة.لكن السؤال الأكثر إلحاحاً: هل الداخلية نفسها ما زالت تمتلك الهيبة التي كانت تفرضها قبل عقود؟ الجواب أن تغلغل مال الحرام الفاسد و الإستبداد في الأحزاب جعل من رجال الأعمال المتوحشين شركاء حقيقيين في صناعة القرار، حتى صار الوزير مجرد “ناطق رسمي” باسم لوبيات تتحكم في العقار، المحروقات، الأدوية، والمصحات الخصوصية. هؤلاء لم يعودوا يمولون الإنتخابات فقط، بل صاروا يرسمون الخريطة السياسية على المقاس.حكومة المونديال: حكومة بلا روح؟إذا استمر هذا المسار، فإن “حكومة المونديال” لن تكون سوى نسخة رديئة من سابقاتها: حكومة تفتقد للشرعية الشعبية، ومكبّلة بإملاءات اللوبيات الاقتصادية و صندوق النقدالدولي و البنك الدولي . ستُسجّل وزارة الداخلية *نجاحها* في تمرير إنتخابات بلا إنزلاقات أمنية، لكنها ستخسر آخر ما تبقى من رصيدها السياسي أمام شعب لم يعد يخاف، بقدر ما لم يعد يثق.الخلاصةإن البروباغندا الحالية ليست سوى محاولة يائسة لتجميل واقع مأزوم: أحزاب غارقة في الفساد، رجال أعمال متوحشون يبتلعون القرار السياسي، ووزارة داخلية تخوض آخر معاركها للحفاظ على صورة الهيبة أمام شعب قرر أن يدير ظهره للسياسة. إنتخابات 2026 قد تكون محطة فارقة: إما الإنفجار الكبير لفقاعة *الديمقراطية الموجهة*، أو إستمرار المسرحية الرديئة حتى إشعار آخر.
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى
* *عزيز الدروش محلل و فاعل سياسي*
