احمد رباص

هل الكيف ضامن لمستقبل الريف؟ (7/1)

أحمد رباص

في مواجهة الدينامية الدولية لإضفاء الشرعية على القنب الهندي وتزايد المنافسة في السوق، يتمتع المغرب، بوصفه منتجا رئيسيا غير قانوني للحشيش، بمزايا نسبية يجب تحديدها وتقييمها في حالة التقنين المنتظر.
تدافع هذه السلسلة من المقالات، اعتمادا على البيانات النباتية والزراعية والدلالية، عن الفكرة القائلة بأن تنوع نبتة الكيف في المغرب راجع إلى تعدد البلدات التي تزرع فيها، وعلى هذا النحو، تكون الأكثر تكيفا مع البيئة الطبيعيةلمنطقة الريف، وبالتالي هي الأكثر قدرة على أن تستمر زراعتها هناك في سياق ندرة الموارد المائية المتزايدة في المنطقة.
ثم يقترح النص تعزيز زراعة الكيف من خلال التعرف على جودة المشتقات المحلية، ومن خلال تخصيص تسميات منشأ خاصة بها، ومن خلال تشجيع الزراعة العضوية والتجارة العادلة التي تضمن الاستقرار الإقليمي الثمين.
كان المغرب لعقود من الزمان أحد أكبر منتجي ومصدري الحشيش في العالم. ازدهرت زراعة القنب الهندي وإنتاج الحشيش في المغرب على نطاق تجاري خاصة منذ الثمانينيات على الرغم من، وحتى بفضل، عدم شرعيتها. لكونه غير قانونية، فإن زراعة القنب تقتصر على المنطقة الشمالية والجبلية المعروفة باسم الريف الغربي (الجهة الإدارية لطنجة تطوان الحسيمة).
في المغرب، يشير مصطلح الكيف إلى نبات القنب الهندي الذي منه يستخرج الحشيش. حل استهلاك هذا الأخير محل الكيف التقليدي. بدأ الحشيش في الظهور ببطء خلال عقدي الستينيات والسبعينيات، وازداد حجمه وانتشر جغرافيا خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، قبل أن يتقلص بسبب القمع والأزمة النوعية. أخيرا، أدى إدخال الأصناف الهجينة الحديثة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى تنشيط الاقتصاد المتعثر.
لم يكن إنتاج الحشيش المغربي قد بلغ ذروته إلى حدود عام 2003، عندما تم حصاد حوالي 3070 طنًا من الراتينج من 134000 هكتار (1.48 ٪ من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد) وفقا للبيانات الصادرة عن الأمم المتحدة والمغرب.
منذ ذلك الحين، انخفضت الزراعة والإنتاج بشكل كبير، رسميا إلى 47500 هكتار و 760 طنا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الذي لدينا عنه بيانات، من جانب واحد مغربي هذه المرة (مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة). في حين أن المساحات المزروعة بالقنب قد تراجعت بالفعل في المغرب (يمكن التحقق منها بصريا)، فمن الأصعب، إن لم يكن من المستحيل، تأكيد أهمية هذا التخفيض. ومن المرجح أن إنتاج الحشيش، المقدر بالاستقراء الميكانيكي على أساس المساحات المزروعة (المقدرة نفسها دون معرفة كيف)، يتم التقليل من شأنها إلى حد كبير ، كما يتضح من الانخفاض الطفيف في الكميات المضبوطة دوليا.
لقد أتاحت زراعة الكيف على أية حال التغلب على بعض القيود الاقتصادية والجغرافية في المنطقة لعقود طويلة. لكن الريف، على الرغم من تلقيه أكبر كمية من الأمطار (ولكن بشكل غير منتظم، تبعا لمناخه المتوسطي) على مستوى البلاد بأسرها، فهو في الواقع أحد مناطق المغرب الأقل ملاءمة للزراعة، بسبب التضاريس البالغة الوعورة، والمنحدرات الشديدة، والتربة الفقيرة والمتآكلة، وقلة اللجوء إلى تقنيات الري.
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، فإن الإدخال المكثف لزراعة سلالات القنب الهجينة الحديثة المتعطشة للمياه تهدد التوازن البيئي، وفي نهاية المطاف، التوازن الاجتماعي والسياسي في منطقة هشة من نواح مختلفة ومعروفة بنزاعاتها القبلية (السيبة)، وغالبًا ما يتم قمع حركات الاحتجاج (الحراك) بشدة من قبل السلطة المركزية (المخزن).
في مواجهة الاستغلال الكبير الجاري الآن لطبقات المياه الجوفية في زراعة الحشيش، وفي سياق الحركات الاجتماعية المتأججة منذ عام 2015 في جميع أنحاء البلاد بسبب نقص المياه، والجفاف الشديد الذي يؤثر على البلاد للموسم الثاني على التوالي في 2019-2020، دعت السلطات إلى حظر زراعة البذور الهجينة خلال موسم 2020، حسب مقابلات اجريت في مستهل أبريل 2020 مع مزارعي الريف.
توضح هذه السلسلة من المقالات أنه بدون اتخاذ تدابير لحماية صنف الكيف، فإن البيئة (الموارد المائية) والتنوع البيولوجي، وفي النهاية المستقبل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لجزء من منطقة الريف، كل ذلك يبقى عرضة للتهديد.
ويزداد الأمر سوء نظرا لأن عمليات إضفاء الشرعية الدولية المتزايدة على القنب ستثير التساؤل عن بعض المزايا النسبية لاقتصاد القنب المغربي وتقييد، إن لم نقل إغلاق أسواق التصدير التاريخية.
لمنع هذه الظاهرة، توصي هذه السلسلة من المقالات بأن تكون زراعة الكيف في الريف، عندما يتم تقنينها، في صالح تنوع نبتة الكيف الريفي والمنتوجين المحليين التقليديين اللذين يسمح بإنتاجهما؛ ألاوهما الكيف والحشيش، على أساس ان تحترم الزراعة المحلية بيئتها، وبالتالي دونما تنفير لمزارعي الكيف الذين عملوا لقرون على تطوير هذا التنوع والحفاظ عليه، بشكل غير قانوني وعلى الرغم من المخاطر التي ينطوي عليها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube