حيمري البشيرصحافة وحرياتمقالات الرأي

من يستحق حقيقة عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة،المغرب ،أم الجزائر؟

كلام كثير يجب أن يقال في ملف شائك ،ملف يجعلك تفقد الأمل حقيقة في الحديث عن مصطلح الإنصاف والعدالة في المجتمع .وعندما يتم تزكية نظام مستبد ارتكب ومازال يرتكب جرائم بشعة في حق شعبه .دولة ،تقمع شعبها أمام الكامرات ،نظام أباح تجويع شعبه وتهريب الأموال للبنوك الفرنسية والسويسرية وشراـء عقارات في إسبانيا.دولة مازالت تقمع شعبها وتمنعه من التظاهر للمطالبة بحقوقه،وكشف الحقيقة عن مئات المختطفين والمعتقلين في السجون بتهم واهية. أن تختار الجزائر عضوا بمجلس حقوق الإنسان في منتظم تابع للأمم المتحدة فهذه قمة السفاهة ،بقيم العدالة وحقوق الإنسان التي من أجلها تم تأسيس هذا المجلس ماحدث من جرائم في حق الشعب الجزائري وبالخصوص ماتعرض له الصحفيون ومناضلو حقوق الإنسان من تعذيب ومضايقات ومحاكمات تعرض لها العديد. منهم من لقي نحبه ومنهم من غادر البلاد من دون رجعة واستمر في معركة فضح الفساد ونهب المال العام من المنافي ،ومنهم من لازال يقبع في السجون ولا أحد يتكلم عن معاناته ،والظروف التي يمر بها داخل هذه السجون التي لا تتوفر على أبسط الشروط الإنسانية ،في معتقلات لن يخرجوا منها سجناء الرأي ،إلا بعاهات مستديمة . ،الشعب الجزائري سيصاب بالصدمة بعد التصويت على الجزائر لكي تكون عضوا في مجلس حقوق الإنسان لمدة سنتين ،والذين صوتوا على انظمام الجزائر لمجلس حقوق الإنسان قد ارتكبوا جريمة في حق الشعب الجزائري الذي يعتبر هذا التصويت تزكية للجرائم التي ارتكبها النظام في حق الصحفيين ورجال الإعلام الذين يفضحون مايجري من جرائم في الجزائر ،وينتقدون سياسة النظام الذي يسيطر عليه الجنرالات ،والذين يتحكمون في كل شيئ ويغيبون حقوق الإنسان في الجزائر.الدولة التي تستحق التمثيلية في هذا المجلس هي الدولة التي تحترم المبادئ والقيم التي من أجلها تم تأسيس هذا المجلس.الدولة التي تمنح كامل الحرية للصحفيين ليعبروا عن مواقفهم ويفضحوا الفساد المستشري في البلاد.الدولة التي تحمي كل واحد يرفع صوته عاليا ليفضح الفساد والمفسدين وناهبي المال العام.الدولة التي تحترم حرية التعبير والجهر بالحقيقة.الدولة التي تحد من سطوة الجنرالات وأصحاب النفوذ ،وتجعل القانون فوق الجميع ،وتحد من تدخل أصحاب النفوذ في المحاكمات.الدولة التي يكون فيها القضاء العادل. ويحس فيها المتقاضون بالعدالة والإنصاف .الدولة التي يوجد فيها مسؤولون يحترمون القانون ويحرصون على تطبيق القانون على كل مواطن مهما كانت المسؤولية التي يتحملها في المجتمع.

الجزائر كدولة مازالت بعيدة أن تكون في هذا المجلس ،وتزكيتها تعتبر وصمة عار على جبين من صوت لانظمامها .لأن مجال حقوق الإنسان في الجزائر في السنوات الأخيرة،كان محط انتقادات كبيرة من طرف مؤسسات دولية مهتمة بتتبع الإنتهاكات في العديد من الدول ومن بينها الجزائر وأعتقد أن التقارير الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية تثبت حجم الجرائم المرتكبة في السنين الأخيرة في الجزائر والإنتهاكات المستمرة التي يرتكبها العسكر الذي يتحكم في كل شيئ ،في حق الشعب الجزائري وبالخصوص في حق الصحفيين ورجال الإعلام .لم تعرف الجزائر منذ استقلالها مسلسل إصلاحات في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير.بل عاش الشعب في ظل حكم العسكر واختار العديد من المثقين الهجرة إلى الخارج والإستقرار بفرنسا ودول أخرى .وفرنسا نفسها كانت باستمرار تستعملهم كورقة للضغط على النظام الحاكم.العديد من الصحفيين الجزائريين الذين اختاروا اللجوء في فرنسا على الخصوص لازالوا يفضحون النظام ،ومازالوا مهددين في حياتهم من نظام العسكر الذي دائما يطالب الدول التي يقيمون بها بترحيلهم إلى الجزائر لمحاكمتهم والزج بهم في السجون .الأمثلة كثيرة وتهديدات الرئيس الجزائري في حق كل الذين،يفضحون الجرائم التي يرتكبها النظام .هم يعيشون رعبا مستمرا .وماينشرونه يوميا كاف يبين حقيقة الجرائم التي يرتكبها النظام والتي تعتبر أدلة قاطعة على أن اختيارالجزائر في هذا المجلس خطأ جسيم ،وتزكية للنظام القائم في الجزائر التي لم تعرف مطلقا مسارا ديمقراطيا يحترم حقوق الإنسان.

تم انتخاب المغرب في نفس المجلس لمدة سنتين ومسار حقوق الإنسان في المغرب يختلف عن مسار الجزائر فمنذ سنة 1999 تم تأسيس هيأة الإنصاف والمصالحة ،هذه الهيأة التي كانت مكونة من رموز النضال الحقوقي الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة والذين زج بهم في السجون بعد محاكمات صورية وقضوا سنوات رهن الإعتقال في ظروف صعبة غالبيتهم أصيبوا بأمراض وعاهات مستديمة معتقلي تازمامرت ،وسجون معروفة لدى العديد من المناضلين في الدار البيضاء وتمارة .لكن العهد الجديد قرر المصالحة والقطع مع الإنتهاكات التي عانى منها السياسيون والمعارضون .وفتح الباب للتعبير بكل حرية لمحاربة كل أشكال الفساد .هيأة الإنصاف والمصالحة تابعت ملفات مختطفين ومجهولي المصير ،الذين لازال أهاليهم يبحثون عن رفاثهم ومكان دفنهم .الهيأة عوضت العديد من المناضلين الذين تعرضوا للتعذيب والإعتقال وقضوا سنوات في السجون.هذا تقدم في مجال النضال الحقوقي.وتم إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،وهذا في حد ذاته تقدم كبير في مجال النضال الحقوقي تميز به المغرب على الصعيد الإفريقي والعربي .فيمكن أن نفتخر كمغاربة للتقدم الكبير الحاصل في مجال حقوق الإنسان في المغرب ،مع الإشارة لبعض التراجعات التي حصلت والتي كان ضحيتها صحفيون قرروا الخوض في ملفات شائكة وكانوا صوت الشعب الذي يرفض التجاوزات الخطيرة التي يرتكبها أصحاب النفوذ .إن توفيق بوعشرين القلم الجريئ الذي فضح ناهبي المال العام وحماتهم قدم تضحيات جسام من أجل أن يفضح رموز الفساد فكان هو من ضحايا الحق الذي قدم ضريبة النضال وفضح الرؤوس الكبيرة في الدولة التي تهرب أموال الشعب لبنوك بنما وفرنسا وسويسرا.توفيق بوعشرين تعرض لمؤامرة لإسكات صوته وحكم عليه بخمسة عشر سنة ذنبه الوحيد ،هوأنه فتح ملفات شائكة ،توفيق بوعشرين لم يكن الأول والأخير بل لحق به الراضي الذي نبش في ملف مايسمى بأراضي خدام الدولة،والريسوني الذي اختار طريق الخوض في ملفات الفساد.القاسم المشترك الذي بسببه تمت محاكمتهم هم الثلاثة ،هو ملفات الفساد والتحرش الجنسي منهم من لفقوا له تهمة الإعتداء الجنسي عل٬مثلي وهو المتزوج العفيف الذي يحترم الحياة الزوجية ومنهم من لفقوا له تهمة التحرش بالصحفيات العاملات معه في مؤسسته الإعلامية ،ومنهم لفقوا له تهمة بالإغتصاب والتهم جميعها واحدة والهدف واحد تشويه صورتهم أمام الرأي العام الوطني .

مسار المغرب في مجال حقوق الإنسان في المغرب يختلف عن مسار الجزائر ،لقد حصل تقدم كبير في النضال الحقوقي بمأسسة حقوق الإنسان بتأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة تسهر على احترام حقوق الإنسان في المغرب ومتابعة الملفات عبر فروع في مختلف جهات المغرب يقودوها مناضلون حقوقيون لهم استقلالية تامة مسؤولون يسهرون على متابعة حقوق الإنسان ببلادنا ورفع تقارير على كل النوازل للمجلس الوطني للبث فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنصاف كل الذين تعرضوا لمختلف صور التعذيب والإنتهاكات التي يجرمها القانون.

وإذا كان المغرب قد تم انتدابه في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم لمدة سنتين فإن بلادنا أصبحت ملزمة لتصحيح أخطاء وقعت في مسار النضالي الحقوقي في بلادنا بإطلاق سراح معتقلي الحراك بالحسيمة وجرادة وزاكورة وكذلك إطلاق سراح الصحفيين الذين تم اعتقالهم ومحاكمتهم بسبب جرأتهم في تناول الملفات الشائكة ومحاربة نهب المال العام وكل أشكال الفساد .بلادنا مازالت في حاجة لتصحيح صورتها في مجال حقوق الإنسان بتواجد مؤسسات تسهر على احترام النضال الحقوقي .والإستماع إلى صوت الحق،صوت الجرأة صوت الإنصاف،ولا نريد أن يكون الصحفي والإعلامي والناشط السياسي ضحية .إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحفيين الثلاثة الذين تجرؤوا على الخوض في الملفات الكبرى وحتى التزكية مستحقة لبلادنا .نتمنى أن يتحقق انفراج سياسي حقيقي بإطلاق سراح كل الذين ذكرتهم حتى نكون حقيقة استثناءا في حضورنا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمدة سنتين

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube