مقالات الرأي

المثقف و رعونة السطحية كخطاب

بقلم ذ.رضوان الأحمدي – برشلونة

المثقف و أتكلم عن الكاتب، الشاعر والرسام .صاحب الرأي المتزن ،مرين للجدل ، شعلة بلاغة الذات ضد الإغتراب، قربانا و فدية للبيان ،قابل للإقناع و الإقتناع .حيوي في خطابه ،يتعدى المحظور و يصالح ذاته بتحريرها من كثرة القيود . يخالط الناس لجس النبض و في نفس الوقت يترفع عن نسق تداولهم ليصون فكره من شظايا الإنتقام التي تختزل تطلعات العموم الأنية و هم في قمة الإنفعال . ا المثقف تعج في داخله أصوات تبوح له بالإجحاف ،فتراه يطلب منها النظام و الإنتظام لأن شفتيه لا تحبذ أن تنطق عن هوى، سريرة المتمرد الخاسر و الحائز على لقب المزعج الفنان …. يعيد بناء نفسه ،من خلال معضلات الإنسان، بها يتنفس تمردا ، خياله جغرافية المكان ، تنديدا و للمخاوف الوجودية إقرارا. المثقف هو عصب المجتمع ؛ ينتقد التجاوزات ويستنكر الجوهر الزائف ، يرفع صوته ضد كل من يتظاهر بعكس الأدوار بشكل مسيء ، إنه ضمير المجتمع في التعامل مع حالات الطوارئ ، يدعو إلى المقاومة ، هو الفنان الذي يضيف المزيد من الجمال ، يعرف كيف يقلل من تعقيد الواقع . لا يصمت ، يصرخ ضد الإقصاء تفاؤلا . يهتدي كيف يحيك نسيجا ليستعيد الفعل روعته ، تحذوه الرغبة في الإزعاج ؛ يزعزع الأحكام المسبقة الأدبية و يحطم المعنى الأصلي عند كل صرخة من أجل الحرية؛حريته المثقف يعتبر نفسه حائك إستعارات يتنفس الحرف في كل حلم و فرح ، يشوبه حزن بأن العالم اصبح مهزلة و سوق النخاسة تباع فيه الأوصاف. المثقف يعبر عن شوق الروح صراخا بأن وجودنا هو مجرد عبور إلى الإمتلاء المتحول حيث يتولى الإنسان مسؤولية المحاكاة ليستفز الضمير , ترفعا فيستوي المسار، لأن الكتابة بمفهومه، جنون يهز اليقين و يثير ضجر السؤال المثقف لا يعيش بأفكاره ، بل من أجلها ، ويحث الناس على ان يكون لهم فكر خاص بهم ، بدون وصاية و بدون قيود قبلية بالمجان ، يعارضه في المسار المثقف العضوي ، ذلك الشخص الذي لم يستوعب ذاته سخاء، يتمحور حولها متلهفًا لترضية نرجسيته و نرجسية الأخرين . هو ذلك الكائن الذي يخاف النسيان أكثر من الموت ،مفرط الأنانية، نسي واقعه المزري ، وانسحب من واجباته ،امتلاكا لزيف يبرره و ينوم ضميره بفرقعات المواسم،مصابيح ملونة و التلون الفكري قاعدة و إصرار.يغير رأيه بإستمرار لأنه باطنيا تاجر المآسي يبحث دائما عن تقلبات السوق ، ويعامل نفسه كمنتج قابل للتبديل و المساومة الأخلاقية، صفقة و تطبعا مع الفساد.. ا المثقف نزيه مع نفسه و مع الأخرين لا يتحمل مسؤولية التبليغ او التكليف ، مهامه ان صح القول .ان يداوم دورية اليقظة و ان يكون ضمير المجتمع الحي مداومة .لأنه يعي ان الثقافة لا يمكن الإسفاف بها تبسيطا، خوفا أن لا يفهمها سواد الناس ، إذا إعتمد نا هذا النهج سنكون و كأنك نساهم في ريادة ثقافة التفاهة . المفاهيم هي كما هي و ما عليها، مرة تتمظهر وهي عميقة و تارة تتوارى وراء ستار المخاطبة السطحية . و نظرا لسيادة ما قلته ،الآن نعرف بروز ظاهرة Agnotology , و هي تعريفا ؛تدوير الجهل كمنتوج ، ما حدث انهم قاموا بتعويض المثقف بالخبير ، والخبير ،تعريفا ذلك الشخص الذي تحت الطلب يحاول أن يقنعك بخبرته و يبسط لك الأشياء لإستمالتك كزبون و لا يهمه فلسفة الحياة ولا قواعدها الأخلاقية عكس المثقف الذي يبحث عن عمق الأشياء. بناء على هذا ،نقول لا تحملوا المثقف فشل كل المجتمع ، و لا تزيدوا في معاناته ،يكفيه أنه يعيش في مجتمع عديم الثقة ورغم ذلك إستطاع أن يحافظ على تماسكه و لم ينسى أن المجتمع على عاتقه يئن ضجرا و إستسلاما ، الى أين المفر؟ …..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube