احمد رباص

الحل الثالث كملاذ وحيد في قضية إعفاء جطو والكراوي من مهامهما

أحمد رباص،حرة بريس

أقدم ملك المغرب يوم الإثنين بفاس على إعفاء الإدريسين (جطو والكراوي) من مهامهما؛ الأول بصفته رئيس المجلس الأعلى للحسابات والثاني بصفته رئيس مجلس المنافسة وعين مكان الأول زينب العدوي والثاني أحمد رحو.
استنادا إلى فحوى البلاغ الملكي الصادر بهذه المناسبة، لوحظ أنه خلا من أي إشارة إلى الأسباب الداعية إلى اتخاذ مثل هذا القرار الذي يهم مؤسستين دستوريتين من مهامهما الحرص على صيانة المال العام من عبث الفاسدين وتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للمجلس الأعلى للحسابات، وتكريس الحكامة الجيدة ودولة القانون في المجال الاقتصادي وحماية المستهلك بالنسبة للمجلس المنافسة.
وفي ظل هذا التعتيم الدال على تغييب حق المواطن(ة) في الحصول على المعلومة، يبقى الباب مشرعا على التكهنات كأن يقال إن الملك لم يخص الرئيس الاسبق للمجلس الأعلى للحسابات بأي رسالة شكر، في إشارة ضمنية إلى غضبة ملكية تجاه إدريس جطو.
لكن التوجيهات الملكية التي تلقتها زينب العدوي لا تخرج عن القانون المؤطر والمنظم للمجلس الأعلى للحسابات، وبالتالي فلا شيء يدل على أن جطو انحرف عنها، وكل ما في الأمر أن تقاريره السنوية لم تكن تحظى بالمتابعة من قبل النيابة العامة، خصوصا وقد تضمنت بيانات شاهدة على تلاعب بعض المسؤولين والمنتخبين بالمال العام.
يقتضي المنطق السليم إما إخضاع المتورطين للمحاسبة وإما محاسبة جطو ومن معه في المجلس الأعلى للحسابات ليحاكموا على اتهام الناس بالباطل. غير ان العجب العجاب في بلاد العجائب والغرأئب هو اللجوء في مثل هذه الحالة إلى الحل الثالث ذرا للرماد في العيون وحماية لذوي القربى.
اكيد أن جطو ذهب ضحية لما تضمنه أحد تقاريره من بيانات ومعطيات تفوح منها رائحة الفساد وتبخر تريليونات السنتيمات بسبب الفشل الذريع الذي مني به المخطط الأخضر الذي سهر على تنفيذه رجل ثري لم يتزحزح عن كرسي وزارة الفلاحة من أربعة عشر عاما.
ويأتي هذا التعيين بعد رفع تقرير اللجنة الخاصة المكلفة من قبل جلالة الملك بإجراء التحريات اللازمة، لتوضيح وضعية الارتباك الناجمة عن القرارات المتضاربة لمجلس المنافسة، بشأن مسألة وجود توافقات محتملة في قطاع المحروقات، الواردة في المذكرات المتباينة، التي تم رفعها إلى العلم السامي لجلالته في 23 و 28 يوليوز 2020.
وطبقا للمهمة الموكولة إليها من قبل جلالة الملك، حرصت اللجنة على التأكد من احترام القوانين والمساطر المتعلقة بعمل مجلس المنافسة، وبسير الإحالة التنازعية. وقد خلصت إلى أن مسار معالجة هذه القضية شابته العديد من المخالفات المسطرية، ووقفت على تدهور ملحوظ في مناخ المداولات بالمجلس.
لكن مهما كتب ونشر على نطاق واسع في إطار تبرير إحلال رحو مكان الكراوي يبقى أن مجلس المنافسة مخترق من قبل عناصر من الباطرونا التي على رأسها أخنوش الذي استفاد كثيرا من توقف مسلسل مقايسة أثمان المحروقات بعد هبوط ثمن البرميل الواحد من النفط إلى 50 دولار.
لاحظوا كيف تم اللجوء إلى الحل الثالث في حال إدريس الكراوي، وهذا ليس بغريب في دولة يرصد حماة ورعاة أمنها تدوينة عزلاء يفضح صاحبها اختلالا ما ويتغاضون عن ناهبي الملايير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube