أخبار المهجر

الإسلام الذي نريده في أوروبا

      

مشروع ورقة تتعلق بتدبير الشأن الديني  على ضوء التطورات التي تعرفها العديد من الدول الأوروبية ويأتي على رأسها مشروع  ميثاق لتدبير الإسلام في  فرنسا  والذي كان مثار جدل  صادقت عليه جمعيات ورفضته جمعيات أخرى .وماحصل في بلجيكا في توجيه اتهام مباشر لجهات مغربية في التدخل في الشأن الديني،  ولم تخلو  إيطاليا من مشاكل بدورها تتعلق بالخصوص في غياب الشفافية في تدبير الدعم الذي تقدمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمسجد روما الذي يسيره موظف تابع للوزارة وهو في نفس الوقت عضو في مجلس الجالية  ،فالسيد عبد الله رضوان ،يتحمل كامل المسؤولية في فشل تدبير الشأن الديني في هذا البلد .ومايعرفه الشأن الديني في إيطاليا وباقي الدول. تعرفه كذلك الدول الإسكندنافية،التي لم تخل من تدخل دول الخليج والتي كانت سببا في الصراع الذي يعرفه الشأن الديني في هذه  الدول.والذي تميز بالخصوص في تنظيم رابطة العالم الإسلامي السعودية  لندوات صرفت عليها ميزانية ضخمة  في الدول الإسكندنافية الثلاثة (الدنمارك والسويد والنرويج) كان الهدف منها محاولة تلميع  صورة بعض البلدان،كبلدان رائدة في الدفاع  عن قيم التسامح والتعايش. هذه الندوات التي أججت الصراع الديني وبرز مايسمى  بالإسلام السياسي بشكل جعل السلطات الدنماركية تهدد أكثر من مرة بإغلاق مسجد حمد القطري .ولم تخلو المساجد المغربية من مشاكل بحيث كثر المتدخلون في تدبيرها ، بما فيهم دول شرق أوسطية حاولت عن طريق أتباعها من المغاربة  من السيطرة على مؤسسة الإمام مالك . والحديث عن المساجد المغربية يجرنا  للحديث عن قرار حل المجلس  المغربي الإسكندنافي الذي كانت الدولة المغربية ترصد له ميزانية ضخمة  لكنه فشل في تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها وتم حله بقرار من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .وتجميد أعضائه يدعونا لطرح تساؤل ،مامصير المزانية الضخمة التي رصدت لهذه المؤسسة ،بعد قرار وزارة الأوقاف بحل هذا المجلس .ثم ماحقيقة تأسيس مايسمى برابطة الأئمة في الدول الإسكندنافية .وغياب غالبية المؤسسات المغربية عند التأسيس.إن  غياب الوضوح وتحديد الأهداف  هو مايطبع السياسة التي ينهجها المجلس الأوروبي للعلماء    والذي هو من وراء هذا المولود الجديد  .بالإضافة لمجلس الجالية ،الذي يعتبر شريكا أساسيًا في تدبير الشأن الديني ليس فقط في فرنسا وإسبانيا ودول البنليكس بل في مجموع الدول الأوروبية ، ومن بينها الدول  الإسكندنافية و في كل أرجاء أوروبا .وماعاشه الشأن الديني في إسبانيا يبقى صورة حقيقية لفشل تدبير الشأن الديني في هذا البلد.  .والصراع في  المساجد  يعتبر قاسما مشتركا  في كل الدول الأوروبية وهذا الصراع كان له انعكاس سلبي على فشل جل المساجد في أداء الدور الذي يجب أن تقوم به المؤسسات الإسلامية في إبراز القيم الإسلامية التي نتقاسمها مع كل مكونات المجتمعات التي نعيش فيها.وأكرر فإن القاسم المشترك الذي نعاني منه كجالية مسلمة في أوروبا   بصفة عامة هو تدخل دول عدة في تدبير الشأن الديني .وكثرة المتدخلين والتمويلات الخارجية تولد عنها صراع تعيشه غالبية  المساجد.

يبدو أن الأحداث التي عرفتها العديد من الدول الأوروبية والتي ذهب ضحيتها مواطنون أوروبيون من ديانات  مختلفة بسبب الإرهاب والتطرف . فرضت على العديد من  الدول  إعادة  النظر  في تدبير الإسلام ومايحدث  في فرنسا هو بداية سيتعمم في كل الدول بدون استثناء وخصوصا الدول التي فيها أقليات  مسلمة  اندمجت  وأصبحت تتحمل مسؤوليات على أعلى جهاز في الدولة وفي مختلف التخصصات .وقد كلف الرئيس الفرنسي ماكرون  وزير  الداخلية  بهذه المهمة لأن هذه الوزارة  هي المسؤولة على تدبير الكنائس ودور العبادة الأخرى .وقد يختلف الأمر بالنسبة للدول الأوروبية   الأخرى ،بحيث أن وزارة الكنائس  عندنا في الدنمارك هي التي تتحمل مسؤولية تعيين الرهبان وصرف رواتبهم من ميزانية الوزارة ،ومادمنا كجالية مسلمة جزئ من المجتمع الدنماركي نؤدي الضرائب  كباقي المواطنين ،ومن هذه الضرائب تستخلص رواتب الرهبان فأعتقد أننا من حقنا كجالية مسلمة   المطالبة من الإستفاذة من عائدات الضرائب التي تستخلص من رواتبنا  شهريا  وتكون وزارة الكنائس مسؤولة عن اختيار الأئمة بمواصفات تراعي  بالوجة الأولى قوانين البلد الذي نعيش فيه والتمكن من لغة التواصل ، ويتم صرف رواتب الأئمة كباقي الرهبان .وتبني هذا المقترح البناء و المعقول  ،سيكون بداية للقطع مع التمويلات الخارجية ،وفرصة لتكوين الأئمة في الدنمارك أو غيرها من الدول الأوروبية يحترمون قوانين البلدان التي يعيشون فيها ويخضعون  لتكوين يراعى فيها الإلمام بالقوانين .والإعتماد على لغة التواصل التي يفهما الجميع .

إن الإكراهات التي تعاني منها المؤسسات الإسلامية في العديد من الدول الأوروبية ترجع بالأساس إلى غياب ميزانية التسيير المكلفة والتي في الغالب تتحملها الجاليات المسلمة.أودول خليجية وهي المسؤولة  عن   انتشار الفكر الوهابي   المتطرف ،والمسؤولة عن الأحداث الدامية التي عرفتها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا وغيرها من الدول .ولوضع حد لانتشار الفكر المتطرف في العديد من الدول الأوروبية  أصبح لزاما التحكم في تدبير الشأن الديني من طرف دول الإقامة .وإعادة النظر  في تدبير الإسلام يفرض الإحتكام للقانون والمساواة بين جميع الديانات السماوية ،فإذا كانت الكنيسة تستفيذ من ميزانية الدولة واستخلاص الضرائب فالمسلمون هم جزئ من هذه المجتمعات ويؤدون الضرائب مثل باقي مكونات المجتمع ، وعليهم أن يستفيذوا  مثل باقي الديانات السماوية  ،وإذا كان الرهبان يتلقون رواتبهم من وزارة الكنائس ،فالأئمة يجب أن تكون الوزارة مسؤولة على تعيينهم ومسؤولة على رواتبهم ،ومسؤولة على وضع حد للفساد وللخلل الذي تعرفه العديد من المساجد في مختلف المدن والأمر موكول بطبيعة الحال لنا  كجالية مسلمة استقرت بصفة نهائية ولم تعد تفكر في العودة ،  لنساهم في إنجاح أي مشروع لإعادة النظر في تدبير الإسلام في العديد من الدول الأوروبية وأصبحنا ملزمين  بانتزاع حقوق يستفيذ منها باقي أتباع الديانات السماوية خصوصا ما يتعلق برواتب الرهبان .فإن المسلمين  في الدنمارك سيكون من حقهم المطالبة بالمساواة بين أتباع الديانات السماوية ،وتقديم ملتمس عبر المؤسسات المنتخبة لوزارة الكنائس بالتكلف بمهمة تعيين الأئمة وصرف رواتبهم كباقي أتباع الديانات السماوية الأخرى .

ومن معيقات تدبير الشأن  الديني وهي حقيقة  هو غياب الديمقراطية في غالبية المؤسسات الإسلامية وهوقاسم مشترك يمكن ملاحظته في كل الدول الأوروبية بالإضافة إلى تسلط أشخاص يخدمون أجندة دول عديدة ولا يفقهون في القانون وليس لهم إلمام بالثقافة الإسلامية 

ولتجاوز الإكراهات التي يعيشها المسلمون في كل الدول الأوروبية بدون استثناء أعتقد أن الضرورة تفرض إعادة النظر في تدبير الشأن الديني بالقطع مع أي تدخل خارجي واحترام قيم الديمقراطية  والقيم المشتركة  التي تجمعنا مع كل مكونات المجتمع الذي نعيش فيه

نحن في أمس الحاجة اليوم في أوروبا لإعادة هيكلة المساجد والمؤسسات الدينية.واحترام الديمقراطية باختيار الرجل المناسب لتدبير هذه المؤسسات تدبيرا جيدا ،يحقق تطلعات جميع المسلمين .ويساهمون في تصحيح الصورة النمطية للإسلام ،نحن بحاجة اليوم لمسؤولين يجتهدون في اتخاذ القرارات المناسبة التي لا تتعارض مع قوانين البلد  الذي نعيش فيه .نحن بحاجة اليوم لمسؤولين يفهمون في القانون وفي العلوم الشرعية وعندهم تواصل مستمر مع النخب السياسية ،يؤمنون  بالحوار ،ومقتنعين بقيم التسامح والتعايش في مجتمع متعدد الثقافات.ولوقف الكراهية والتخفيف من ظاهرة الإسلاموفوبيا ،لابد من أن نرقى بسلوكنا ونتشبث بالقيم المثلى التي نادى بها الإسلام في سلوكنا اليومي .عند ذلك سنساهم في تذويب الخلافات وسط المجتمع .إذا عملية البناء تبدأ بإعادة هيكلة المؤسسات الدينية وتدبيرها يتطلب الإلمام بالقانون ومواكبة التحولات السياسية التي يعرفها المجتمع ،ثم  

الضرورة ، الإلمام بالثقافة الإسلامية والعلوم الشرعية 

حيمري البشير  كوبنهاكن الدنمارك 

لم ينتهي تصوري ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube