زيادة طفيفة في الضرائب: خطوة نحو تعميم التغطية الصحية وتعزيز الاقتصاد في المغرب

بدر شاشا 

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب تسعى الحكومة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين من خلال سياسات مالية مدروسة. إحدى هذه السياسات  التي أقترحها  هي  زيادة طفيفة في بعض الضرائب مثل ضريبة السيارات ضريبة الكراء السنوية وفرض ضريبة رمزية على الباعة في الأرض.

ورغم الجدل الذي قد تثيره هذه الإجراءات إلا أنها تحمل أبعاداً إيجابية تهدف إلى تمويل التغطية الصحية وتوفير دعم اجتماعي أوسع للفئات الهشة بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد الوطني.زيادة ضريبة السيارات يمكن أن تكون ذات أثر محدود على المواطنين لكنها توفر عائدات إضافية للدولة إذا تم تطبيقها بشكل متدرج ومناسب.

على سبيل المثال يمكن فرض زيادات متفاوتة حسب نوع السيارة وسعتها بحيث تكون الزيادة أكبر على السيارات الفاخرة وأقل على السيارات الصغيرة التي تمتلكها غالبية الأسر المتوسطة. هذه الإيرادات يمكن استثمارها في تحسين البنية التحتية الصحية مثل تعزيز خدمات الإسعاف الطارئ وتوفير المعدات الطبية في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات.

أما فيما يخص ضريبة الكراء السنوية فإن زيادتها بشكل بسيط قد تساهم في تنظيم قطاع الكراء وتحقيق الشفافية فيه. يمكن أن تكون هذه الخطوة مرفقة بإجراءات إضافية مثل اعتماد نظام رقمي لتسجيل العقود والإبلاغ عن الكراء مما يقلل من التهرب الضريبي ويضمن عدالة توزيع الأعباء.

وللتخفيف من تأثير هذه الزيادة على الفئات الضعيفة يمكن تقديم إعفاءات ضريبية لأصحاب الكراء الذين يقدمون مساكن بإيجار منخفض أو لفائدة الطلبة والأسر ذات الدخل المحدود. الباعة في الأرض يمثلون شريحة مهمة من الاقتصاد غير المهيكل وهم يشكلون جزءاً حيوياً من النسيج الاقتصادي المغربي. فرض ضريبة رمزية عليهم يمكن أن يكون وسيلة لإدماجهم في المنظومة الاقتصادية الرسمية شريطة أن تكون هذه الضريبة مصحوبة بخدمات ملموسة مثل تغطية صحية شاملة ودعم اجتماعي مباشر إضافة إلى تنظيم أماكن بيع لائقة ومحمية.

هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى جمع الأموال بل إلى تعزيز استقرار هذه الفئة ودمجها في الدورة الاقتصادية بشكل أكثر إنتاجية.من الضروري أن يتم توجيه العائدات الناتجة عن هذه الزيادات بشكل شفاف نحو تمويل البرامج الاجتماعية والصحية. يمكن استخدام هذه الأموال لتحسين جودة الخدمات الصحية العامة وتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل الفئات التي لا تزال تعاني من نقص في الرعاية الصحية.

كما يمكن تخصيص جزء من هذه الإيرادات لدعم برامج التعليم والتكوين المهني ما يعزز فرص العمل ويحسن من مستوى العيش للمواطنين.لضمان نجاح هذه الخطوات يجب أن ترافقها حملات توعوية تهدف إلى شرح أهمية هذه الإجراءات وفوائدها على المدى الطويل. التواصل الفعّال مع المواطنين وتقديم تقارير شفافة عن كيفية استخدام الإيرادات سيساهم في بناء الثقة ويشجع الجميع على التعاون لإنجاح هذه المبادرات.

الزيادة الطفيفة في الضرائب إذا ما طُبقت بحكمة وعدالة يمكن أن تكون خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية كبرى في المغرب. من خلال تعزيز التغطية الصحية وتوسيع الدعم الاجتماعي ستساهم هذه الإجراءات في تحسين جودة الحياة وتقوية الاقتصاد الوطني بشكل شامل ومستدام.