مستجداتمقالات الرأي

مجلس الجالية المغربية بالخارج: بين تصريف الأعمال وغياب الهيكلة الضرورية.

جمال الدين ريان

أصبح مجلس الجالية المغربية بالخارج في السنوات الأخيرة موضوع نقاش واسع بين أفراد الجالية المغربية وداخل الأوساط السياسية، خاصة بعد انتهاء ولايته دون أن تتم إعادة هيكلته أو تجديد أعضائه. هذا الوضع يثير تساؤلات حادة حول ما إذا كان المجلس قد تحول فعلياً إلى مجرد مجلس لتصريف الأعمال، يكتفي بالمهام الروتينية دون القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية أو إطلاق مبادرات جديدة.استمرار المجلس بتشكيلة منتهية الولاية أفقده الشرعية التمثيلية، إذ لم يعد قادراً على التعبير عن تطلعات وانتظارات الجالية المغربية المتجددة. كما أن غياب إعادة هيكلة حقيقية أدى إلى تجميد العديد من المشاريع والاقتراحات، ما انعكس سلباً على دور المجلس كجسر فعال بين مغاربة العالم والمؤسسات الوطنية.أما عن أسباب هذا الجمود، فهي متعددة ومعقدة. أولها تأخر الإصلاحات السياسية، حيث لم يتم الحسم بعد في النموذج المؤسساتي الأمثل لتمثيل الجالية المغربية بالخارج، وهل المجلس الحالي كافٍ أم يجب استبداله بهيئة أكثر ديمقراطية وتمثيلية. كما أن بعض الأوساط السياسية المتنفذة قد ترى في المجلس الحالي أداة لضبط الجالية بدلاً من تمكينها، ما يجعلها غير متحمسة لإطلاق عملية تجديد حقيقية. يضاف إلى ذلك ضعف الضغط المجتمعي، إذ رغم تزايد أصوات الجالية المطالبة بالإصلاح، إلا أن غياب تنظيم قوي أو لوبي ضاغط من مغاربة الخارج يُضعف من تأثيرهم على صناع القرار في الرباط. ولا يمكن إغفال تداخل الاختصاصات بين المجلس ومؤسسات أخرى مثل وزارة الجالية، ما يؤدي غالباً إلى تعطيل اتخاذ قرارات جريئة بشأن إعادة الهيكلة.هذه الوضعية أدت إلى تراجع ثقة الجالية في المجلس، وتزايد الإحباط بين أفرادها الذين يشعرون بأن صوتهم غير مسموع ومصالحهم غير ممثلة بشكل فعلي. كما أن غياب مؤسسة قوية قادرة على الدفاع عن قضايا الجالية دولياً ووطنياً يترك فراغاً تستغله أحياناً جهات غير رسمية أو غير مؤهلة، ويضعف صورة المغرب في الخارج، حيث يعطي استمرار المجلس في وضعية تصريف الأعمال انطباعاً سلبياً عن التزام المغرب بقضايا مواطنيه بالخارج.في المحصلة، يمكن القول إن مجلس الجالية المغربية بالخارج، في وضعه الحالي، أصبح بالفعل مجلس تصريف أعمال وليس هيئة تمثيلية حقيقية. استمرار هذا الوضع دون إصلاحات جذرية يعني إهدار فرصة ثمينة لاستثمار طاقات الجالية المغربية في التنمية الوطنية، ويستدعي إرادة سياسية حقيقية لإعادة هيكلة المجلس وفق رؤية ديمقراطية تشاركية تعيد الثقة وتحقق التمثيلية الفعلية لمغاربة العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID