مستجداتمقالات الرأي

*كلمات* .. في التطبيع مع التطبيع مرة أخرى

*بيننا الله .. والشعب والتاريخ*

أحمد ويحمان

لسنا اليوم أمام نقاش عابر، ولا سجال انفعالي، ولا عاصفة تعليقات عابرة في شبكات التواصل. نحن أمام حلقة جديدة من حلقات اختبار الوعي الجمعي المغربي، بعد البلاغ التوضيحي الأخير، وبعد استعارة “الضفدع المطبوخ”، وما تلا ذلك من نقاشات محتدمة، وتعليقات متعارضة، ومواقف صريحة، وأخرى تحاول — كعادتها — أن “تمسك العصا من الوسط”. وقد كان واضحًا منذ البداية أن جوهر النقاش ليس هو الأشخاص، ولا الأسماء، ولا السير الذاتية، بل القضية كقضية : قضية التطبيع نفسها، لا زخارفها ولا واجهاتها . وإذا توجه النقاش الوجهة الصحيحةفإن بعضًا من المتدخلين — للأسف — ما زال يصر على جرّ النقاش إلى مستنقع الشخصنة، وكأن القضية كلها تختزل في فلان وفلان، لا في مشروع كامل لتطبيع المغرب “بالشوية بالشوية”، كما يُطبخ الضفدع دون أن يشعر في التجربة العلمية التي أ شرنا إليها في عمود أمس . إن الفكرة المركزية التي نصرّ عليها — ولا نكلّ ولا نملّ — هي أن الطبخة لا تتم دفعة واحدة، بل عبر التطبيع مع رموز التطبيع أولًا، ثم التطبيع مع التطبيع نفسه، ثم القفز إلى مراحل أعلى وأخطر .ومن وقّع اتفاق العار باسم الدولة المغربية هو — سياسيًا وقانونيًا وتاريخيًا — سعد الدين العثماني، رئيس حكومة المغرب يومها. هذه حقيقة موثقة لا يغيرها “التبرير الأخلاقي”، ولا “النوايا الشخصية”، ولا “الاجتهاد السياسي”. ونحن، بهذا الصدد، نؤكد — وبوضوح لا لبس فيه — أننا لسنا في معركة سجال، ولا في مرمى حسابات شخصية، ولا في حلبة تصفية حسابات. ما يهمّنا فقط هو :الوقوف مع الشعب الفلسطيني المذبوح في غزة وعموم فلسطين.الوقوف مع المسجد الأقصى المنتهك، حيث يُمنع المصلون من الصلاة، وتُجرجر المتعبدات من أرجلهن في مشاهد مخزية ومدانة.الوقوف ضد مشاهد الكلاب وهي تلتهم جثامين الشهداء بين أنقاض غزة.والوقوف، بنفس الحزم، ضد استباحة المغرب نفسه بالأجندة الصهيونية. نحن لا نتحدث عن أوهام. نحن نتحدث عن اختراق موثق، بلغ حدّ أن يتوقح بعض أدوات الاختراق بالقول أن : “نبينا محمد صلى الله عليه وسلم صهيوني” — والعياذ بالله — وأن يجرؤ بعض من يُستدعون إلى التلفزيون الرسمي لتأطير النشء، على القول “ملك المغرب يهودي ولا علاقة له بآل البيت”.فأي خطر أكبر من هذا ؟ وأي صمت أشنع من الصمت عن هذا وواجب الوفاء يقتضي أن نحيّي، بكل الاعتزاز، كل من تحمّل مسؤوليته بوضوح، وانتصر للحق، وانحاز لنبض المغاربة الرافضين للتطبيع.ونُذكّر من يحاول اليوم الدفاع عن العثماني بمنطق “الشخصنة”، بأننا لم يكن بيننا وبين الرجل أي خلاف قبل واقعة التوقيع على اتفاقية العار. بل كانت بيننا علاقة صداقة وثقة، بل وأكثر من ذلك:وأشهد الله — والناس شهود — أن العثماني نفسه كان، بعد الله، سببًا في إنقاذي من الموت ومن اليأس من الحياة. وأنني كنت على مائدة العشاء ببيته الوظيفي كرئيس للحكومة، أياما قبل كارثة التوقيع .. وقبل ذلك ضيفا على الغذاء بمائدته ببيته الذي لايبعد كثيرا عن بيته في مدينة سلا …فلو كان الأمر شخصيًا، لكنتُ — أخلاقيًا وإنسانيًا — أولى الناس بالدفاع عنه.لكن القضية ليست قضية عرفان شخصي، بل قضية شعب، وقضية أمة، وقضية تاريخ وقضية وطن هنا في المغرب ووطننا وحارتنا ومسرى رسولنا هناك بأرض أقصانا . والرهان الحقيقي لمعسكر التطبيع اليوم، ليس فقط تمرير كل الخزي الذي تلا توقيع العثماني من اتفاقيات في كل القطاعات، ولا فقط ضرب الصفح ومحاولة “إنساء” تمرير سفن السلاح والمؤونة، المرفوضة في موانئ أوروبا نحو آلة القتل الصهيونية، من موانئنا التي تستقبلها وتؤمنها، وإنما الرهان الأخطر — الذي تنبّهنا إليه اليوم ونحذّر منه — هو : *ما الذي يُحضّر بعد كل هذه “التمهيدات” ؟* ولنستحضر هنا بوضوح تصريح مديرة مكتب الاتصال الصهيوني السابقة، إيلا فيشر، وهي تتفقد ورش بناء السفارة الصهيونية، حين قالت بكل “فضوح” : *“هذه ليست مجرد سفارة، بل بيت لكل إسرائيلي في العالم”.* بيت لكل إسرائيليي العالم … في المغرب !ولنتذكر كذلك :غلاف مجلة “زمان”: *“المغرب أرض يهودية — Maroc Terre Juive”* وأن أحد المدعوين لندوة التطبيع مع التطبيع هو أعمدة المجلة وأحدهم الآخر هو من كتابها .لنتذكر أن غلاف مجلة “حقائق مغربية” كان هو : *“المغرب الأرض المقدسة لبني إسرائيل”.* .ولنستحضر كذلك خلفيات ما يسمى “قرآن بورغواطة” و”نبي الأمازيغ” بن طريف بن شمعون، وما أثاره ولا يزال يثير من جدل، لأن الأجندة ما تزال حاضرة وتشتغل وأفقها معلن واستراتيجيتها معلنة وتاكتيكها معلن ولم يعد بالمرموز كما كان؛”المغرب المملكة المقدسة لبني إسرائيل” .. المرجع : إمارة بورغواطة والكتاب البديل : “قرآن بورغواطة ” ، وكل نبي جاء بلسان قومه .. محمد جاء بلسان قومه العرب و ” نبينا ” الذي جاءنا بلساننا، نحن الأمازيغ، هو بن طريف بن شمعون … الخ فكيف تستكثرون علينا أن يكون لنا نبينا نحن الأمازيغ ؟! يسأل مستنكرا المدعو كلاب في قناته التي يزور فيها تاريخ وجغرافيا المغرب صباح مساء رفقة أصحابه من البورغواطيين .. هذه هي الاستراتيجية والتاكتيك هو ” الضفدع المطبوخ ” .. ” بالشوية بالشوية ” … أما لمن اتهمونا بالنفاق، ومنهم الصديق سليمان الريسوني الذي قال إننا ندين تطبيعًا ونسكت عن آخر، فنقول لهم باستثناء سليمان :لا عذر لكم أن تدعوا ما دعيتم من أمور غير صحيحة .فنحن احتججنا في إسطنبول نفسها، في مؤتمر دولي بحضور مفكرين كبار، من بينهم الأستاذ فهمي هويدي، وكانت مداخلتنا منشورةو على اليوتوب .. وشاهدها وناقشها الجميع، ولبعض الاحتداد داخل قاعة الفندق في حينها وفيما بعدها .كما أنني قدّمتُ استقالتي من مسؤوليتي كمنسق للتنسيقية الدولية لمناهضة التطبيع والصهيونية، ومقرها تركيا، احتجاجًا على استقبال أردوغان لرئيس الإجرام الصهيوني ؛مجرم الحرب إسحاق هرتسوغ.ورغم رفض الاستقالة بالإجماع، أصررتُ عليها وانسحبتُ منها ومن التنسيقية نهائيًا، لأنني أرفض — مبدئيًا — التعامل الانتقائي.أما بالنسبة للصديق سليمان، فهو معذور لأنه كان في السجن عندما كنا نصدر بلاغات رصد وبيانات، بشأن الحالة التي عرضها، ممهورة بتوقيعنا بالإسم والصفة . فلا ضغينة على أحد ولا محاباة لأحد في إدانة التطبيع مع القتلة الذين يعتبره المغاربة خيانة .ويبقى السؤال الأخلاقي مفتوحًا :هل يسحب الصديق سليمان اتهام “النفاق”؟والله يسامح في الاعتذار . وفي كل الأحوال.. فالله يسامح .. هذا سليمان .. *آخر الكلام* القصة ليست قصة أشخاص. القصة قصة تطبيع.لا ضغينة، ولا محاباة، ولا تصفية حسابات.يعلم الله أننا لا نقول ما نقول إلا ابتغاء وجه الحق سبحانه، والحق أحق أن يُتّبع، والحق اسم من أسماء الله الحسنى.من يرى قول الحق مغالاة، فذلك شأنه.ومن يرى نهي المنكر “زدتي فيه”، نقول له:المنكر منكر، والتطبيع منكر، وهو في السياسة كالشرك في العقيدة : كبيرة لا تسقط بالتقادم، وغير قابلة للنسيان.. كبيرة لا تسقط إلا بالتوبة.

ونحن لا نطلب المستحيل.نطلب فقط جملة واحدة، واحدة لا غير، بعد كل هذه المذابح في غزة وعموم فلسطين :> “لقد كان التوقيع على التطبيع خطأ، وأدعو إلى إلغاء كل الاتفاقيات مع هذا العدو الذي لا يعرف معنى للسلام.

” إن قال العثماني هذه الجملة، فعزومته مفتوحة عندي للعشاء في بيتي في أي وقت. باسم الله الرحمن الرحيم > “والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.”

صدق الله العظيم.وآخر دعوانا أن :اللهم افصل بيننا وبين قومنا بالحق، إنك أنت الحق.اللهم ارحم الشهداء، وانصر الحق، واجعلنا من أهله، واخزِ الظلم والظالمين. آمين

رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID