مقالات الرأي

أم المفاسد … بل أم الكبائر … مفسدة زواج المال بالسلطة …

جمال العسري

حكمة ثابتة … ما اجتمعت الثروة بالسلطة … إلا و كان الفساد ثالثهما …
دعاء أخنوش أغنى أغنياء الوطن … و رئيس حكومة الوطن … اللهم ارحمني … و ارحم أهلي … و خلي دار بو كلشي …
“في روسيا، على عكس الولايات المتحدة، يظل سلطان الدولة أقوى كثيرًا من سلطان أي شخص منفرد أو شركة أو مجموعة شركات” هذا ما قال ذات يوم ميخائيل خودوركوفسكي …رجل الأعمال الأكثر ثراءً في روسيا و الذي تم إلقاء القبض عليه في شهر أكتوبر من سنة 2003 و كان آنذاك يعد المسؤول عن إنتاج حوالي خُمس النفط الروسي للعالم عبر شركته الخاصة “يوكوس”، بعد أن اتهمته السلطات بالتربّح غير المشروع والتهرّب من الضرائب…. في الوقت الذي كان يعلم الجميع أن القضية سياسية بالأساس … وتتعلق بالخلافات بين ” خودوركوفسكي” والرئيس “فلاديمير بوتين”
و اليوم ما الذي يحدث بوطننا العزيز ؟؟؟
بداية يجب التذكير بمقولة الاقتصاديين الشعيرة ” كلما اجتمعت الثروة والسلطة إلا وكان الفساد ثالثهما ” و العديد من الحقوقيين يجرمون العلاقة بين السلطة والمال و يعتبرونها جريمة كاملة ومكتملة الأركان … فمقابل المال لدى السلطة استعداد للتنازل كل مكارمها … و عليه فالطريق السيار لنشر الفساد و معه الاستبداد في أي دولة … فما عليك إلا عقد القران بين السلطة والمال …
أمام أفول نجم الأحزاب السياسية ، و ضعف الأحزاب المعارضة منها بالأساس … و أما تشردم المركزيات النقابية و نقاباتها القطاعية ، و ما تعيشه من حالة انقسام و تجزيئ ، و استمرار نفوذ و تسلط القايدات العجوزة المتقاعدة ، و أمام حالة الجزرد و الهدوء الذي يعرفه الشارع المغربي … أمام كل هذا طفا على السطح اسم ” عزيز أخنوش ” واحد من أكبر أغنياء الوطن … بل من أغناء القارة … الذي استطاع بأمواله أن يؤسس و يبني لوبيا كبيرا … مهمته الأساسية الدفاع عن صاحب النعمة أخنوش … الذي كون بأمواله أخطبوبا يسيطر على أهم المجالات الاقتصادية و الصناعية بالمغرب … بل و استطاع جعل جحافل الصحافة في صفه طمعا في أمواله و إشهاراته … بهذا الفيلق الضخم : المال و الإعلام و الإقتصاد و الماركوتينغ … استطاع الوصول لمنصب رئاسة الحكومة … و رئيس الكتلة البرلمانية الأكبر في قبة البرلمان … و هكذا استطاع السيطرة على السلطتين : التشريعية و التنفيذية … و هو الحلم الذي يحلم به كل كبار رجال الأعمال في العالم … للدفاع عن مصالحهم و هي في الغالب الأعم مصالح فاسدة
و هكذا استطاع الرجل الحصول على النفوذ بأمواله و النتيجة الشروع في تحقيق أرباح تضاعف أضعاف مضاعفة لما صرفه … و يكفي إلقاء نظرة على المجلات المهتمة بتطور ثروات أغنياء الوطن لإدراك حجم هذه الأرباح
فالسيد رئيس الحكومة المفروض أن يفكر في إبداع حلول لمواجهة غلاء الأسعار و على رأسها غلاء المحروقات .. يتخلى عن هذا الإبداع مختفيا تحت يافطة ” الأزمة عالمية ” … ليسرع لإظهار وجهه الآخر وجه أخطبوط سوق المحروقات بشركته الكبرى التي تغطي كل مدن و قرى و بوادي التراب الوطني مبدعا في تحقيق الأرباح لشركته … مقيدا عمل المؤسسة التشريعية من أداء دورها الرقابي و التشريعي … مجمدا عمل لجنة المنافسة و ما أصدرته من أحكام بخصوص قضية 17 مليار التي اترفعت لتصل إلى حوالي 50 مليار حسب خبراء الطاقة … و هكذا استطاع أخنوش عبر سيطرته على الحكومة و على البرلمان حماية ثروته بل مضاعفتها أضعاف مضاعفة
و السيد رئيس الحكومة لم يكتف برعاية مصالحه الشخصية الخاصة بل استدار قليلا للاهتمام بمصالح أقرب مقربيه زوجته السيدة “سلوى الإدريسي أخنوش” المشهورة باسم ” سيدة الفرانشيز” مادامتتمثل أكبر الماركات العالمية الخاصة باللباس و المودا المتواجدة المغرب .. و اليوم و عملا بدعاء ” اللهم ارحمني و ارحم أهلي ” ستطلق السيدة حرم أخنوش متجرها الإلكتروني “وصال” لتنافس به أعتى الشركات الصينية والإمريكية ك” شي إن” و”أمازون ” و”علي إكسبريس”… و لأن منافسة هذه الشركات العالمية شبه مستحيل … تذكرت أنه بزواج المال و السلطة لا يبقى شيئا مستحيلا … و هكذا و بكامل الصدفة غير المخطط لها سيتزامن هذا الإطلاق … مع بداية صدور مراسيم و قوانين هدفها التضييق و محاصرة هذا النوع من الأنشطة الإقتصادية التي كانت تدر على المغاربة أقساطا مريحة من المال بدعوى أنها تضيع على الخزينة المغربية مبالغ مهمة جراء التهرب الجمركي…. و كم من حق يراد به باطل أليس من حقنا التساؤل عن هذه القوانين و عن تزامنها مع شركة زوجة عزيز أخنوش .. و هي قوانين تخدمها بالتأكيد … أفي ذلك شك أو ريب ؟؟؟
نعود لقصة “خودوروفسكي”… و التي تؤكد أن رجال الأعمال الذين لا يملكون القيم والأخلاق… و يتزوجون بالسياسة و يسيطرون على السلطة … يتحولون إلى وحوش لا ترحم و لا تأخذهم رحمة و لا شفقة بشعوب بلدانهم
الخطر الكبير الذي دخل إليه المغرب هو هذا الزواج بين السلطة والمال … زواج يحول التاجر إلى حاكم .. و الحاكم إلى تاجر .. و يتحول الوطن إلى سوپير ماركيت و يتحول المواطنون إلى مجرد أجراء و مستهلكين … و من هنا يأتي الخطر .. خطر اشتعال النار في أي وقت و حين …
ملاحظة : في مثل هذا اليوم من سنة 1981 كانت الانتفاضة الشعبية بسبب غلاء الأسعار … انتفاضة 20 يونيو المجيدة … ألف شهيد … و شهيدة …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube