مقالات الرأي

حرب‭ ‬بيغاسوس‭ ‬والغبراء

عبد الحميد جماهري

الأهداف الثلاثة من وراء استهداف الذراع الأمني المغربي !‬
رويدا‭ ‬رويدا‭ ‬تتضح‭ ‬الرؤية،‭ ‬ومن‭ ‬وسط‭ ‬ستائر‭ ‬الدخان‭ ‬الكثيف‭ ‬التي‭ ‬رمتها‭ ‬قضية‭ ‬بيغاسوس‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬تتضح‭ ‬نواة‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬تحرك‭ ‬‮«‬ميديا‭ ‬بارت‮»‬‭ ‬و«لوموند‮»‬‭ ‬وما‭ ‬جاورهما‭ ‬إزاء‭ ‬المغرب‭.‬
في‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬المنشورة‭ ‬عبر‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬يتم‭ ‬تبادل‭ ‬الاتهامات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وبين‭ ‬المنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بتحريك‭ ‬القضية‭ ‬إعلاميا‭…‬
وفي‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬هناك‭ ‬حديث‭ ‬عن‭ ‬الدول،‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬كاسم‭ ‬دال‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬والجهاز‭ ‬معا‭ ‬‮(‬‭ ‬هنغاريا،‭ ‬السعودية،إسرائيل‭ ‬،‭ ‬المكسيك‭ ‬‮..‬‭ ‬‮).‬
‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الاتهام‭ ‬الموجه‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬الأمور‭ ‬بالتعميم‭ ‬المضلل،‭ ‬ثم‭ ‬رويدا‭ ‬رويدا‭ ‬بدأت‭ ‬النوايا‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬والاتجاهات‭ ‬المرادة‭ ‬لسهام‭ ‬التسديد‭ ‬تتحدد‭ ‬بدقة‮..‬
وهو‭ ‬ما‭ ‬سمته‭ ‬الأطراف‭ ‬الضالعة‭ ‬بالـ«دولة‭ ‬البوليسية‭ ‬الشاملة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تكييف‭ ‬فرنسي،‭ ‬لمعضلة‭ ‬قيل‭ ‬إنها‭ ‬تشمل‭ ‬عشرات‭ ‬الدول‮!‬
أول‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬قوله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬تكتبه‭ ‬الصحف‭ ‬الملتحقة‭ ‬حديثا‭ ‬ببؤرة‭ ‬التشكيك،‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬تحيين‭ ‬لما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬نشرته‭ ‬الصحف‭ ‬الأولى،‭ ‬صحف‭ ‬لوموند‭ ‬و‭ ‬لومانيتي‭..‬
‭ ‬إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬مثلا‭ ‬مقال‭ ‬‮«‬ميديا‭ ‬بارت‮»‬‭ ‬الطويل،‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الخميس،‭ ‬حول‭ ‬الانزلاق‭ ‬المغربي،‭ ‬ممثلا‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬رجع‭ ‬الصدى‭ ‬لما‭ ‬كتبته‭ ‬‮«‬لوموند‮»‬‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬قضية‭ ‬المعطي‭ ‬منجب،‭ ‬والذي‭ ‬ختمته‭ ‬بكون‭ ‬المغرب‭ ‬انزلق‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬بوليسية‭ ‬‮!(‬‭ ‬انظر‭ ‬مقالنا‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬حينها‭ ‬‮)‬‭ ‬
‭ ‬فبعض‭ ‬الإعلام‭ ‬الفرنسي،‭ ‬ولاسيما‭ ‬منه‭ ‬منصات‭ ‬كانت‭ ‬سباقة‭ ‬إلى‭ ‬تأليب‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والممثليات‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬مدير‭ ‬الديستي‭ ‬والأمن‭ ‬الوطني‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬التسديد‮.‬‭ ‬وذهب‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬ميديا‭ ‬بارت‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أنشأه‭ ‬ايدوي‭ ‬بلينيل،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬مدير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬‮«‬لوموند،‮«‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصف‭ ‬الحموشي‭ ‬بأنه‭ ‬مهندس‭ ‬الانزلاق‭ ‬المغربي‭.‬
وفلول‭ ‬اليسار‭ ‬الفرنسي‭ ‬الضائع‭ ‬بين‭ ‬هيئات‭ ‬التحرير،‭ ‬سعت‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬هجومها‭ ‬وكأنه‭ ‬دفاع‭ ‬مستميت‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬والديموقراطية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬ولو‭ ‬مست‭ ‬‮..‬‭ ‬مواطنا‭ ‬واحدا‮.!‬
كدنا‭ ‬نصدق‭ ‬فعلا‭ ‬بأن‭ ‬المواطن‭ ‬المغربي‭ ‬يساوي،‭ ‬عند‭ ‬هؤلاء،‭ ‬وزنه‮..‬‭ ‬أزمات‭ ‬ديبلوماسية‭.‬
‭ ‬وكدنا‭ ‬نصدق‭ ‬أيضا‭ ‬بأن‭ ‬فرنسا‭ ‬الغاضبة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬المغرب،‭ ‬تحب‭ ‬أبناءه،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنها‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬ضحية‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬جان‭ ‬دارك‭ ‬جديدة‮!‬
‭ ‬وتصرخ‭ ‬فينا‭: ‬لقد‭ ‬أحرقتم‭ ‬قديسة‭ ‬على‭ ‬عتبات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‮!‬
لنعلق‭ ‬بابتسامة‭ ‬ساخرة‭ ‬ونبدأ‭ ‬القصة‭ ‬من‭ ‬بدايتها‮.‬
لقد‭ ‬كان‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬للمغرب‭ ‬عرضة‭ ‬لهجوم‭ ‬منسق،‭ ‬منذ‭ ‬مدة،‭ ‬وكانت‭ ‬عناصر‭ ‬الإقناع‭ ‬فيه،‭ ‬هو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬بوليسية‭ ‬مغربية‭ ‬لا‭ ‬يراها‭ ‬كل‭ ‬المغاربة،‭ ‬ويراها‭ ‬أصحاب‭ ‬لوموند‭ ‬وميديا‭ ‬بارت،‭ ‬وهلم‭ ‬صحافة‭ ‬تابعة،‭ ‬كل‭ ‬دليلها‭ ‬محاكمة‭ ‬أو‭ ‬محاكمتين‭ .‬
انتهى‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ (‬الأول‭ ) ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬النبوءة‭ ‬مشاهدات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الفايس‭ ‬بوك‭ ‬أو‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يصدق‭ ‬هذه‭ ‬الأحجية،‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬بيغاسوس،‭ ‬وما‭ ‬أصبح‭ ‬يعرف‭ ‬بقضية‭ ‬البرمجيات‭ ‬التجسسية‭ ‬التي‭ ‬عمت‭ ‬الآفاق‭.‬
في‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬التهم‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬بدون‭ ‬ذكر‭ ‬أجهرته،‭ ‬كما‭ ‬سارت‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬منابر‭ ‬الـ«فوربيدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العملية‭.‬
وبين‭ ‬الضياع‭ ‬الأول‭ ‬والتيه‭ ‬الذي‭ ‬يليه،‭ ‬قيل‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬الأجهزة‭ ‬تتنصت‭ ‬على‭ ‬بعضها،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬حرب‭ ‬بيغاسوس‭ ‬والغبراء‭ ‬مغربية‭ ‬داخلية‮.‬‭ ‬وأن‭ ‬حرب‭ ‬البسوس‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬بين‭ ‬قبيلة‭ ‬تغلب‭ ‬بن‭ ‬وائل‭ ‬وأحلافها‭ ‬ضد‭ ‬بني‭ ‬شيبان‭ ‬وأحلافها‭ ‬من‭ ‬قبيلة‭ ‬بكر‭ ‬بن‭ ‬وائل‭ ‬بعد‭ ‬قتل‭ ‬جساس‭ ‬بن‭ ‬مرة‭ ‬الشيباني‭ ‬البكري‭ ‬لكليب‭ ‬بن‭ ‬ربيعة‭ ‬التغلبي‭ ‬ثأرا‭ ‬لخالته‭ ‬البسوس‭ ‬بنت‭ ‬منقذ،‭ ‬قد‭ ‬عادت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬وذاك‮!‬
وتعالى‭ ‬الدخان،‭ ‬عندما‭ ‬قرأنا‭ ‬أن‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬كان‭ ‬ضحية‭ ‬تنصت‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬نظام‭ ‬بيغاسوس‭ ‬التجسسي،‭ ‬للزيادة‭ ‬من‭ ‬صدقية‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬القبلية‭ ‬الجديدة‭ ‬بين‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬وأجهزته‮!‬
ها‭ ‬هو‭ ‬الجلاد‭ ‬يصير‭ ‬ضحية‭ ‬‮..‬
ثم‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬انتقل‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بدون‭ ‬تحديد‭ ‬أيها‭ ‬متهم‮..‬
وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬وقع‭ ‬الاختيار‭ ‬نهائيا‭ ‬على‭ ‬الحموشي،‭ ‬بالاسم‭ ‬والأوصاف،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬درجة‭ ‬إيمانه،‭ ‬والتزامه‭ ‬بعقيدته‭ ‬الدينية‮!‬
وها‭ ‬هي‭ ‬الضحية‭ ‬تصير‭ ‬جلادا‮!‬
‭ ‬وفي‭ ‬تحولات‭ ‬قضية‭ ‬بيغاسوس،‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬تجسس‭ ‬على‭ ‬الحريات،‭ ‬والمعتقدات‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭/ ‬المغاربة‭ ‬أساسا،‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬تجسس‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬صار‭ ‬اسم‭ ‬الحموشي‭ ‬رديفا‭ ‬لتجسس‭ ‬دولة‭ ‬بوليسية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬تتحدى‭ ‬الدولة‭ ‬ذاتها‮!‬
‭ ‬ومن‭ ‬اتهام‭ ‬لا‭ ‬شخصي‭ ‬هلامي‭ ‬للمغرب‭ ‬كدولة،‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬الهدف‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬والديستي،عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬الحموشي‭.‬
فهو‭ ‬الذي‭ ‬تنصت‭ ‬على‭ ‬المعارضين،‭ ‬في‭ ‬التمارين‭ ‬الأولى‭ ‬للتشهير‭ ‬به‮!‬
وهو‭ ‬الذي‭ ‬يتنصت‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬رجال‭ ‬الدولة‭ ‬في
الجزائر‭ ‬
‭ ‬وفي‭ ‬فرنسا‮..‬‭ ‬
‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتنصت‭ ‬على‭ ‬رجال‭ ‬الدولة‭ ‬ورئيس‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ .‬
في‭ ‬الواقع،‭ ‬وبالرغم‭ ‬مما‭ ‬يكتسيه‭ ‬التوهيم‭ ‬باستهداف‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬حليفة‭ ‬من‭ ‬خطورة،‭ ‬فلا‭ ‬يغريني‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هاتف‭ ‬ماكرون‭ ‬‮(‬‭ ‬الذي‭ ‬تساهل‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬السمارتفون،‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬المخابرات‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬رؤساء‭ ‬الدول‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬‮)‬
كما‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬أي‭ ‬غضاضة‭ ‬أخلاقية‭ ‬في‭ ‬التجسس‭ ‬على‭ ‬رئيس‭ ‬أركان‭ ‬جيش‭ ‬كل‭ ‬همه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬الفرصة‭ ‬لقتل‭ ‬إخواني‭ ‬وخاض‭ ‬حروبا‭ ‬كثيرة‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬تقسيم‭ ‬بلادي‮!‬
فقط‭ ‬أسأل‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬الخاص‭ ‬بالتنصت‭ ‬على‭ ‬هاتف‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬؟؟
‭ ‬أجازف‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬اعتبارات‭ ‬أساسية‭:‬
فعندما‭ ‬يقول‭ ‬المغرب‭ ‬‮-‬‭ ‬الوطن‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بزعزعة‭ ‬استقرار،‭ ‬فهو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬يدرك‭ ‬عناصر‭ ‬قوته‮.‬
1‭ / ‬ومنها‭ ‬أولا،‭ ‬الملكية،‭ ‬ويريد‭ ‬التلفيق‭ ‬السيبرنيتيقي‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬وكأن‭ ‬الملكية‭ ‬ضعيفة،‭ ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬رهينة‭ ‬البوليس‭ ‬السياسي‭ ‬‮!‬
وذلك‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الترويج‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بيغاسوس‭ ‬نفسها‮!‬
ملكية‭ ‬ضعيفة‭ ‬محاطة‭ ‬بالمشتبه‭ ‬بهم‭ ‬والبصاصين‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬لجهات‭ ‬ما،‭ ‬أولمخططات‭ ‬ما.بحيث‭ ‬أن‭ ‬الأجهزة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬تحت‭ ‬مظلتها‭ ‬‮..‬تراقبها‮.‬
أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬البوليسية‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬الملكية‮!‬
2‭/ ‬استهداف‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الملكية‭ ‬والأمن،‭ ‬وزرع‭ ‬الفتنة،‭ ‬والوسيلة‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬التشكيك،‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬جهاز‭ ‬الديستي‭ ‬والملكية،‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬وفاء‭ ‬الحموشي‭ ‬،مديرها،‭ ‬للملك‭ ‬والملكية‭.‬
‭ ‬وما‭ ‬أثارني‭ ‬شخصيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬القصة‭ ‬هوما‭ ‬كتبه‭ ‬أحد‭ ‬اليساريين‭ ‬الراديكاليين‭ ‬الحاضرين‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬وهو‭ ‬يتابع‭ ‬تعليقات‭ ‬ما‭ ‬سماه‭ ‬نخبة‭ ‬الاتحاد‭ ‬عندما‭ ‬تساءل،‭ ‬مستنكرا‭: ‬لماذا‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬الحموشي‭ ‬وينسون‭ ‬أن‭ ‬الملك‭ ‬واقع‭ ‬تحت‭ ‬التنصت؟كاشفا‭ ‬بذلك‭ ‬عمق‭ ‬ما‭ ‬يراد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحملة،‭ ‬بأن‭ ‬الحموشي‭ ‬صار‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬‮!‬
فالسيد‭ ‬آمن‭ ‬فجأة،‭ ‬بما‭ ‬لم‭ ‬يؤمن‭ ‬به‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬قلب‭ ‬النظام‭ ‬الاستبدادي‭ ‬كما‭ ‬يسميه،‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفرز‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬صفوفه‭ ‬من‭ ‬يتعالى‭ ‬عليه‮!‬
وصدق‭ ‬بالفعل‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬للحموشي‭ ‬أن‭ ‬يتنصت‭ ‬على‭ ‬الملك،‭ ‬عوض‭ ‬أن‭ ‬ينصت‭ ‬إليه‭ ‬وإلى‭ ‬تعليماته‮!‬
ويريد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يوهم‭ ‬بأن‭ ‬الزمن‭ ‬الأوفقيري‭ ‬قابل‭ ‬للعودة‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬تحت‭ ‬لبوسات‭ ‬بيغاسوسية‭ ‬جديدة،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يُروَّج‭ ‬له‭.‬
ويريد‭ ‬هذا‭ ‬الإخراج‭ ‬الهتشكوكي‭ ‬لقضية‭ ‬غامضة‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬البوليس‭ ‬المغربي،‭ ‬قد‭ ‬أصبح،‭ ‬بقدرة‭ ‬سحرية،‭ ‬مثل‭ ‬الإف‭ ‬‮.‬بي‮.‬آي‭ ‬fbi‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ادغار‭ ‬هوفر،‭ ‬المؤسس‭ ‬الرهيب‭ ‬لمكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفدرالية‭.‬
والواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬المخابرات‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يغفر‭ ‬للحموشي‭ ‬أن‭ ‬أعاد‭ ‬بناء‭ ‬العقيدة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الحليف‭ ‬التقليدي‮!‬
‭ ‬ولم‭ ‬يغفر‭ ‬له‭ ‬لماذا‭ ‬استلهم‭ ‬نموذج‭ ‬‮«‬الاف‭ ‬بي‭ ‬اي‮»‬‭ ‬،‭ ‬لتأسيس‭ ‬الـ«بسيج‮»‬‭ ‬وعدم‭ ‬الامتثال‭ ‬للتاريخ‭ ‬في‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمنية‭ ‬بين‭ ‬التلميذ‭ ‬والأستاذ،‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬فترات‭ ‬الحماية‭ ‬والفترات‭ ‬الأولى‭ ‬للاستقلال‭.‬
هذا‭ ‬المنحى‭ ‬البذيء،‭ ‬يتعزز‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الإيماني‭ ‬لدى‭ ‬الرجل،‭ ‬وكما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬الوحيد‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬إمارة‭ ‬المؤمنين‮!‬
تماما‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬ادغار‭ ‬هوفر‭ ‬مسيحيا‭ ‬متعنتا،‭ ‬ومهووسا‭ ‬بمراقبة‭ ‬أخلاق‭ ‬الجميع‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬جون‭ ‬كينيدي‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬ومن‭ ‬بعده‮..‬
‭ ‬3‭/ ‬الهدف‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬التمثيل‭ ‬باسم‭ ‬الحموشي،‭ ‬هو‭ ‬زعزعة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الجهاز‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬برمته،‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬ومن‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الخارج‮:‬
إذا‭ ‬كانت‭ ‬أجهزتنا‭ ‬توزع‭ ‬العمل‭ ‬بينها،‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬اتهام‭ ‬جهاز‭ ‬داخلي‭ ‬بالقيام‭ ‬بعمل‭ ‬جهاز‭ ‬خارجي،‭ ‬ووضع‭ ‬اسم‭ ‬مديره‭ ‬ياسين‭ ‬المنصوري،‭ ‬الرجل‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬هدف‭ ‬التسديد‭ ‬تحت‭ ‬قائمة‭ ‬المستهدفين،‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬دقِّ‭ ‬الإسْفين‭ ‬بينهما‭.‬
أي‭ ‬حرمان‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬ذراعه‭ ‬في‭ ‬التجسس‭ ‬المضاد،‭ ‬وفي‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬وتعمد‭ ‬إظهار‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للنظام‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬هشاشة‭ ‬أمام‭ ‬أجهزته‭ ‬الأمنية‮…‬‭ .‬
وفي‭ ‬صلب‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬الشريرة،‭ ‬إظهار‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬النظام‭ ‬الأمني‭ ‬المغربي‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬النظام‭ ‬نفسه‭ ‬وليس‭ ‬جزءا‭ ‬منها‭ .‬
الواضح‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوبوان‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬لخصت‭ ‬الهدف‭ ‬العام‭ ‬بلغة‭ ‬صحافية‭ ‬لا‭ ‬مواربة‭ ‬فيها‮.‬‭ ‬
أطلقت‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬الجميع‭ ‬إلا‭ ‬الحموشي‮»..‬‭ ‬كهدف‭ ‬أسمى‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الجعجعة،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬تضع‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬في‭ ‬تفاوض‭ ‬ما‭ ‬مفترض‭ ‬غدا،‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وفرنسا‭ ‬مثلا‮!‬
أعتقد‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬أيضا‭ :‬‮«‬إلا‭ ‬الحموشي‮..!»‬،‭ ‬لأن‭ ‬اللعبة‭ ‬مكشوفة‭.‬
ولأن‭ ‬أسبوعا‭ ‬واحدا‭ ‬كان‭ ‬كافيا‭ ‬لنعرف‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬يتجاوز‭ ‬حرية‭ ‬هذا‭ ‬الصحفي‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬،‭ ‬ومصير‭ ‬هذه‭ ‬القيمة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬الحريات،‭ ‬فهذا‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬نضالي‭ ‬داخلي‭ ‬يهمنا،‭ ‬بل‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬فيه‭ ‬قضايا‭ ‬صراع‭ ‬استراتيجي‭ ‬واقتصادي‭ ‬وأمني،‭ ‬ليس‭ ‬المجال‭ ‬مجال‭ ‬التدقيق‭ ‬فيه‭.‬
ثانيا،‭ ‬لا‭ ‬نعتقد‭ ‬بأن‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ذكرناها،‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تحصين‭ ‬مصادر‭ ‬المعلومات،‭ ‬وقوة‭ ‬المبادرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬واستقلال‭ ‬القرار‭ ‬الأمني‭ ‬والمالي،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬صرنا‭ ‬نعرفه‭ ‬في‭ ‬معادلات‭ ‬ميزان‭ ‬القوة‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬خصومنا‭ ‬وحلفائنا،‭ ‬كافية‭ ‬لتفسير‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة،‭ ‬ففي‭ ‬تقديرنا‭ ‬أن‭ ‬الهجمة‭ ‬تعنى‭ ‬كذلك‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬مستقبلا،‭ ‬ويريد‭ ‬أصحابها‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬ظروفا‭ ‬أخرى‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭.‬
وهنا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التجسس‭ ‬والتخابر‭ ‬والتجسس‭ ‬المضاد‭ ‬والتخابر‭ ‬المضاد‮..‬كدائما‮!‬ ………….
…مودتي الخالصة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube