فضاء القراء

سوق الرساميل بالمغرب، اكراهاته!

 بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدار البيضاء

إن التطور الذي عرفه المغرب خلال الثلاثة عقود الأخيرة، أظهر الحاجة إلى إدخال إصلاحات على السوق المالية خصوصا حيث أبدى السوق المالي المغربي منذ 1993 تقدما ملحوظا، غير أنه يبقى تقدما ضعيفا في حاجة إلى مجهودات متتالية لإزالة كل الحواجز التي تعرقل تطوره. 

فالإصلاح القانوني لأسواق الرساميل المغربية كانت له عدة محطات تم بموجبها تتميم وتغيير أغلب التشريعات الصادرة مع إصدار تشريعات جديدة تخصه. وبالموازاة مع ذلك، فقد شهد مجلس القيم المنقولة الذي يعتبر دركي البورصة منذ إحداثه عدة مراحل ميزت التطور الذي عرفه من حيث التنظيم وطريقة سيره وتدبيره للقطاع وكذلك من حيث المهام الموكولة إليه لمنح هيئة السوق السلطة اللازمة وتمكينها من الوسائل الكافية لتوليه الرقابة بشكل فعال بالنسبة للأسواق وللمتدخلين ومواكبة منظومة تنمية السوق. 

ونظرا للكم الهائل من المعاملات المالية التي تمر في سوق البورصة، فإنه يصعب فحص جميع المعاملات وبالتالي لا بد من اللجوء إلى الانتقاء في تحديد العمليات الواجب إخضاعها للتدقيق كما أنه وفي نفس الإطار ليس هناك ما يمنع الهيئة المغربية لسوق الرساميل من وضع اليد على معاملات مالية بناء على  وشاية أو شكاية من المتضررين أو غيرهم .

واتخاذ القرار في إجراء معاملة مالية معينة، يتخذه المجلس الإداري للهيئة، وفي هذا الإطار نجد المادة 34 من قانون الهيئة المغربية لسوق الرساميل ينص على أنه، يجوز للهيئة المغربية لسوق الرساميل أن تقوم بالبحث لدى الهيئات والأشخاص الخاضعين لمراقبتها، ويجب أن يكون المأمورون المذكورون محلفين وأن يحملوا بطاقة مهنية تسلم من لدن الهيئة المغربية لسوق الرساميل وتشير إلى اليمين المؤدى من طرفهم.

وقد تم تعزيز هذه الصلاحيات من خلال تمكين المأمورين من الاستماع لكل شخص يمكن له أن يدلي لهم بمعلومات مرتبطة بمهمتهم، علاوة على تحرير المحضر في الحال ويتم توقيعه من كل الأطراف التي شملها الإجراء مع عدم إمكانية الإحتجاج بالمقتضيات المتعلقة بالسر المهني على مأموري الهيئة المغربية لسوق الرساميل في إطار مزاولة مهامهم.

إضافة إلى ذلك فقد خول لهم القانون إجراء التفتيش والحجز قصد البحث عن وثائق. لكن هذه الإجراءات كلها مقيدة باحترام الأحكام المحددة قانونا و المنصوص عليها سواء في هذا القانون نفسه أو في إطار القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، وذلك من خلال ضرورة  أخذ ترخيص من وكيل الملك بشأن كل تفتيش داخل الأماكن، وكذا ضرورة احترام أوقات التفتيش المنصوص عليها في القانون.

والـجـــدير بالإشارة أن إجراء التفتيش يكون بحضور ضباط الشرطة القضائية، الذين  يسهرون على السير العادي لعملية التفتيش، كما يمكن أن يعين وكيل الملك المختص إن اقتضى الحال إمرأة عند زيارة المحلات التي يوجد فيها نساء طبقا  لما تم  النص عليه في المادة 60 من قانون المسطرة الجنائية.

ويمكن لوكيل الملك حضور عملية التفتيش التي تتم تحت سلطته، وله أن يقرر في كل وقت وحين وقف الزيارة أو إنـهائها، وله الإذن باستمرارها أو إيقافها، كما أن حجز أي حجج لا يمكن أن يطلع عليه إلا المأمورون المنتدبون وصاحب المكان  أو من يمثله، متى كان شخصا معنويا، وضباط الشرطة القضائية الذين يحضرون عمليات التفتيش والحجز ويسهرون على الحفاظ على السر المهني طبقا لما جاء في الفقرة الثالثة  من المادة 61 من قانون المسطرة الجنائية.

وبعد الانتهاء من عملية التفتيش والاطلاع على الوثائق والأوراق اللازمة لإظهار الحقيقة يحرر المنتدبون من الهيئة المغربية لسوق الرساميل محضرا في الموضوع ويوقعون على ما أنجزوه كما يوقع معهم ضباط الشرطة الذين حضروا عملية التـفتيش. وعليه فالهيئة المغربية لسوق الرساميل تتخذ العقوبات التأديبية والحجز المنصوص عليها في القانون، أو متابعة مرتكبيها لدى الجهاز القضائي إذا كانت تتعدى نطاق سلطاته التأديبية، فالهيئة تختص فقط بالعقوبات الصادرة عن الهيئة الإدارية.

أما فيما يخص العقوبات الجنائية فهي من صميم القضاء الذي تبقى له الصلاحية الكاملة لتطبيقها وضرورة إحالة كل المخالفات التي تم ضبطها من قبل الرئيس إلى وكيل الملك المختص، وبالإضافة إلى إمكانية تدخل رئيس المحكمة المختص بصفته قاضيا للمستعجلات من خلال  الإجراءات التحفظية التي يأمر بها. فالهيئة المغربية لسوق الرساميل، و من خلال العقوبات التي تصدرها ومن خلال تركيبة المجلس التأديـبـي الذي يرأسه العضو القاضي، يمكن وصفها على أنـها هيئة شبه قضائية. 

وفي الحقيقة والواقع أن هذه الهيئة و إلى حدود اليوم، توصلت بعدة شكايات من طرف زبناء في بورصة القيم للتحقيق في بعض الممارسات الغير قانونية من تلاعبات في تداول الأسهم المدرجة في البورصة من طرف مسؤولي بعض الشركات، لكن دون جدوى!

وتبقى في نظري هذه الهيئة خاضعة لممارسات لا تخدم إلا مصالح الأثرياء ذوي المال والنفوذ ويبقى المتضرر الأول هو الزبون الصغير ومن وراءه آخرون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube