فضاء القراء

عندما يتحدث الأستاذ عن الصحافة وينسى ميدان

نشر الأستاذ عمر الشرقاوي اليوم على صفحته الفيسبوكية مقالا تحت عنوان “كيف تستعيد الصحافة جلالتها”، ورأيت من الواجب الرد عليه باختصار في إطار التدافع الفكري المحمود.دعا الشرقاوي في مقاله إلى التمييز بين الصحافة وبين أمور أخرى تتعلق بدور لعب السياسي والنضال الحقوقي، وهذا جيد، لكنه ينسى أن نفس المعيار يمكن أن ينطبق عليه. فكما يطالب الصحفيين بعدم الخلط بين الصحافة والنضال السياسي، عليه هو أيضا أن يُميز بين دوره كأستاذ جامعي وبين محاولاته المتكررة في لعب دور الصحفي، الناقد السياسي، والمحلل الإعلامي. فإذا كانت الصحافة مهنة لها ضوابطها، فالتعليم العالي أيضا له ضوابطه. فلماذا لا يتحدث بحماس مماثل عن مشاكل الجامعات، البحث العلمي، أو وضعية الأساتذة الباحثين عوض التطفل على الميدان الصحفي؟ ثم إنه أول من يمارس النضال السياسي حينما تخصص في مهاجمة حزب العدالة والتنمية والتطبيل لحزب رئيس الحكومة، بل أصبح مدافعا شرسا عن هذه الحكومة.يهاجم الإعلام العمومي لكنه لا يتحدث عن الإطار السياسي الذي يتحكم في سياساته. ثم ينتقد الدعم العمومي للصحافة لكنه لا يوضح كيف يمكن للصحافة المستقلة أن تعيش دون دعم في ظل سيطرة لوبيات المال والإعلان.أما حديثه عن ضرورة تعدد الخطوط التحريرية، فهذا كلام جميل نظريا، لكنه يتجاهل واقع أن الإعلام في المغرب يُدار بمصالح متشابكة، سياسية واقتصادية، تمنع أي تعددية حقيقية. فهل يمكن لصحفي أن يعبر عن رأيه بحرية دون أن يجد نفسه مهددا بالتشهير أو المحاكمة؟ أين كان الشرقاوي حين كان الصحفيون يُحاكمون بسبب مقالاتهم؟ أم أن “كلاب الحراسة” التي يتحدث عنها يجب أن تنبح فقط في الاتجاه الذي يناسبه؟أما عن فشله في البودكاست، فهو نموذج حيّ لما ينتقده. يتحدث عن المهنية والاحترافية، لكنه لم يستطع أن يقدم منتجا إعلاميا ناجحا بنفسه. فإذا كان الصحفيون يحتاجون إلى مراجعة ذواتهم، فهو أولى بأن يراجع ذاته، ويفكر لماذا لم ينجح رغم توفر كل الفرص والوسائل؟ ربما لأن التنظير شيء، والتطبيق شيء آخر.

#حسن_المولوع العميد حسن المولوع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID