عتراف الغرب الصهيوني بدولة فلسطين خدعة لزرع الروح في الكيان الصهيوني المجرم الإرهابي

في مشهد يُسوَّق على أنه إنساني وانتصار للحق الفلسطيني، تتسابق بعض الدول الغربية للاعتراف بـ دولة فلسطين، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا. ما يجري اليوم ليس اعترافًا بحقوق الشعب الفلسطيني، بل محاولة قذرة من القوى الغربية الاستعمارية لتجميل وجه الكيان الصهيوني الإرهابي المجرم، وإنقاذه من المأزق الأخلاقي والسياسي الذي سقط فيه بعد المجازر الوحشية و بمساندة الغرب الصهيوني في غزة بالسلاح، السياسية، الاعلام و أشياءأخرى.إننا أمام خدعة سياسية مكشوفة، عنوانها التضامن، وجوهرها الحفاظ على مشروع استعماري زرعه الغرب قبل أكثر من قرن، ويدعمه حتى اليوم بكل وقاحة.بريطانيا الأصل في الجريمةلا يمكن الحديث عن نشأة الكيان الصهيوني دون توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى بريطانيا، الدولة التي صنعت هذه الكارثة بإعلانها *وعد بلفور عام 1917*، والذي بموجبه منحت من لا يملك (بريطانيا) أرض من لا يملك (فلسطين) لمن لا يستحق (الصهاينة).بريطانيا لم تكن مجرد راعٍ سياسي لمشروع الاحتلال، بل كانت المهندس الأول للمجزرة التاريخية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، عبر تمكين العصابات الصهيونية المسلحة وتسليمها الأرض بقوة السلاح والمجازر.واليوم، وبعد كل هذا التاريخ الدموي، تأتي بعض الدول الأوروبية لتتحدث عن حل الدولتين والاعتراف بفلسطين! أي نفاق هذا؟ وهل يُعقل أن يكون الجلاد هو من يمنح الضحية حقها؟!فرنسا الاستعمار المزدوج دعم الصهيونية ونهب إفريقياأما فرنسا، الدولة التي رفعت شعارات الحرية والإخاء والمساواة، فهي من أكبر المنافقين في هذا المشهد. هذه الدولة الاستعمارية دعمت إسرائيل منذ تأسيسها، وسلّحتها نوويًا، وتواطأت في كل حروبها، ولم تزل تقف إلى جانبها في المحافل الدولية، مدافعة عن جرائمها تحت عباءة حق الدفاع عن النفس.فرنسا أيضًا لم تتوقف يومًا عن استعمار إفريقيا، وإن غيّرت الواجهة. من الجزائر التي قتلت فيها أكثر من مليون ونصف المليون، إلى ساحل العاج والنيجر ومالي، حيث تستمر بنهب الثروات، وتجويع الشعوب، وفرض التبعية الاقتصادية والثقافية. فهل من دولة استعمارية كهذه يمكن أن تكون صادقة في دعمها لفلسطين؟ مستحيل.إسبانيا تدّعي الحياد وتستعمر أرضًا مغربيةوإسبانيا، التي تحاول ركوب موجة الاعتراف بفلسطين، هي الأخرى ليست بريئة من جرائم الاستعمار الحديث. لا تزال تحتل سبتة ومليلية والجزر المغربية الشمالية، وترفض حتى مناقشة هذا الاحتلال. فكيف لدولة لا تحترم سيادة جيرانها، أن تدافع عن سيادة الفلسطينيين؟!الاستعمار، يا سادة، لا يتغير، فقط يغيّر أدواته وخطابه. من الاستيطان العسكري المباشر إلى الاستعمار السياسي والاقتصادي والتضليلي. والمثير للسخرية أن هذه الدول، التي اغتالت حرية الشعوب، ونهبت ثرواتها، تتحدث اليوم عن العدالة وحقوق الإنسان!اعتراف فارغ لا يحرر أرضًا ولا يوقف مجازرلنكن واضحين الاعتراف بدولة فلسطينية بلا سيادة، بلا جيش، بلا حدود، بلا عملة، وبلا قدرة على التحكم في أرضها أو سمائها أو مياهها، هو كذبة كبرى. دولة تعيش تحت احتلال عسكري كامل، وتعتمد على مساعدات الدول الغربية و العربية، لا يمكن أن تكون دولة مستقلة، بل كيانًا وظيفيًا يراد له أن يكون أداة لشرعنة الاحتلال وتصفية القضية.الغرب الصهيوني يعرف جيدًا أن هذا الاعتراف لن يغيّر شيئًا في الواقع، لكنه يفيده كثيرًا في معركته الإعلامية والسياسية، ليظهر بمظهر الوسيط العادل، والراعي للسلام، في حين أن يديه ما زالت مغموسة في دماء الأطفال والنساء في غزة و الضفة الغربية و ليبيا و سوريا و السودان و العراق و غيرها .الاستعمار لا يعترف… الاستعمار يُقاوَمما يجب أن يفهمه الجميع أن حرية الشعوب لا تُمنح، بل تُنتزع. لا نثق باعترافات المستعمرين، ولا ننتظر شيئًا من قتلة الشعوب.شعب فلسطين لا يحتاج إلى اعتراف شكلي من بريطانيا التي زرعت الاحتلال، ولا من فرنسا التي دعّمته نوويًا، ولا من إسبانيا التي ما زالت تستعمر أرضًا مغربية. شعب فلسطين يحتاج إلى دعم حقيقي للمقاومة، ونزع الشرعية عن الكيان الصهيوني، ومحاسبة قادته كمجرمي حرب.أما من يريد أن يكون جزءًا من الحل، فعليه أولًا أن يتوقف عن دعم الجريمة. أما الاعترافات الفارغة، فهي محاولة أخرى لتجميل وجه البشاعة، ولن تنطلي على الشعوب الحرة.كفى كذبًا… كفى نفاقًا… كفى استهزاءً بالعقولكفى خداعًا. إن مشروع الاعتراف الغربي بدولة فلسطين، بهذه الطريقة المشوهة، ليس إلا إعادة إنتاج لمشروع الشرق الأوسط القديم بثوب جديد، وتكريس للهيمنة الصهيونية الغربية على المنطقة و خيراتها ، ولكن بلغة ناعمة ومضللة.والشعوب تعرف جيدًا من كان بالأمس مستعمِرًا وقاتلًا وسارقًا، لا يمكن أن يكون اليوم مناضلًا من أجل الحرية.التاريخ لا يُنسى، وجرائمكم لن تُمحى… والحرية لا تُشترى باعترافات كاذبة.
*من المستحيل بناء عالم قوي و ديمقراطي و عادل بمؤسسات دولية و دول إستعمارية ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى
**عزيز الدروش محلل وفاعل سياسي.*
