اليوم العالمي للمرأة..
يوم ظن النظام المغربي أنه وهبني غصة، فتجرعتها بكرامة، وصرخت عاليا “لن أكون خنجرا لطعن صوت أزعجكم”.
تاريخ 8 مارس 2018، تم اختياره بعناية ليكون موعدا لأولى جلسات محاكمة الصحفي توفيق بوعشرين. والهدف منها هو الإجهاز على صحفي رفض العزف عل اللحن المسموح به.
لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، في نفس اليوم، انتهت المسرحية قبل العرض!! مسرحية أجبرت فيها النساء على لعب دور “الضحايا”، لإقبار بوعشرين ومنها فتح فجوة التهم الجنسية لالتهام باقي الصحفيين.. سليمان وعمر.
قانون تأثير الكوبرا.. هو ما حدث بالضبط للنظام المغربي عندما أراد اجتثاث الحريات.
لقد أرادت الدولة أن تتحكم في الحقل الصحفي والإعلامي وتسخيره لصالحها بإحكام قبضتها الأمنية على المشهد ككل، وفي نفس الوقت تسويق صورة إعلامية عن حداثة الدولة واحترامها للحريات وحقوق المرأة واحترام المثليين، فابتكرت أسلوب الاعتداء الجنسي على النساء كما وقع مع توفيق بوعشرين وعمر الراضي، والاعتداء على المثليين كما فعلت مع سليمان الريسوني، فاعتقدت أن ذلك كفيل باستقطاب المنتظم الدولي واعتبار المغرب من المساندين لحرية المرأة وحقوق المثليين. لكن انقلب السحر على الساحر عندما اكتشف المنتظم الدولي أن ما قامت به الدولة لا يعدو عن كونه مسرحية رديئة السيناريو والإخراج والتمثيل والتسويق، واكتشف العالم كذب كل تلك الادعاءات، فوقف على كل تلك الانتهاكات التي شابت كل هذه المحاكمات الغير عادلة، وافتضح أمر الدولة عند كبريات المنظمات الحقوقية الدولية المستقلة وعند كبار حلفائها كأمريكا والبرلمان الأوربي.
في محاكمة توفيق بوعشرين كان واضحا أننا لا نواجه النيابة العامة كسلطة اتهام، ولا نواجه محامين يدافعون عن ضحايا مفترضين، بل كنا في مواجهة مباشرة وواضحة مع الدولة العميقة بجميع مؤسساتها العلنية والخفية، كنا في مواجهة المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية حماية التراب الوطني DGSN/DGSTممثلة في دفاعها المسمى محمد كروط (المغتصب لخادمته)، كنا في مواجهة وزارة الداخلية التي يمثلها المسمى عبد الفتاح زهراش، كنا في مواجهة التيار المخزني لحزب الاتحاد الاشتراكي الذي تمثله كل من أمينة الطالبي وعائشة الكلاع ومريم الإدريسي، وكنا في مواجهة تجار حقوق الإنسان الذين يمثلهم كل من القاضي المعزول محمد الهيني والحبيب حاجي، كنا في مواجهة صحافة المخزن التشهيرية وعلى رأسها شوف TV و برلمان.كوم …
وفي محاكمتي تجسد أكبر نموذج من نماذج الضغط والإكراه النفسي، كي أكون عبرة للواتي أردن قول الحقيقة من مجموع ضحايا الدولة ولسن ضحايا توفيق، وفي الوقت الذي استطاعت الدولة أن تحكم قبضتها على النساء اللواتي جيء بهن للانتقام من توفيق ومواصلة المسرحية الرديئة، تابعت الدولة فصول محاكمتي وإدانتي بحكم كانت تعتقد أنه نقمة لي، فكان نعمة، واعتقدت أنه عقوبة، فكان مكافأة، وظنت الدولة أنه أسر، فكان حرية، توهم نظامها السياسي أن ذلك الحكم هلاكي، فكان نجاتي ثم اعتقد بوليسها السياسي أنه نهاية لأحلامي وأيامي، فكان بداية مستقبلي وأحلامي.
لذلك كل أصدقائي وصديقاتي ينادونني هنا في نيويورك “SURVIVOR” لأنني نجوت من هلاك بليد وأسر أكيد وعذاب جديد، أنا الناجية بجسدي وحريتي وأحلامي.
من أخبث أشكال الاستغلال والاتجار في البشر هو ما تقوم به جمعية تسمي نفسها: الجمعية المغربية لحقوق الضحايا.. حيث تأتي بالنسوة اللواتي أنهت الدولة مهمة استغلالهن لتحيلهن إلى تلك الجمعية وإدخالهن في مرحلة استغلال إعلامي جديد بوجوه مكشوفة لاستجداء العطف والشفقة من بعض المضحوك عليهم، عملية استغلال بشعة من أجل جمع الأموال والتنقل والتجول في أفخم الفنادق على حساب هؤلاء النسوة المغرر بهن، حيث بيع لهن الوهم والفضيحة بأثمنة من شرفهن وكرامتهن، ولو أرادوا بهن خيرا لوجدوا لهن عملا شريفا في إحدى مكاتب تلك المحاميات و المحامين يحفظ كرامتهن ويخلصهن من أسلوب التشهير والاستغلال الذي يمارس عليهن، ولكن المحاميات يدركن جيدا أن النسوة ضحايا الدولة ،هن مجرد أدوات يتم توظيفهن من أجل مآرب الدولة وأهدافها الحقيرة. لذلك لن يتجرأ أحد من المحاميين الذين كانوا يمثلون دور الدفاع عنهن بالمغامرة بتوظيفهن في مكاتبهم، ولن ترضى الدولة هي أيضا بذلك.
هل الدولة اكتفت وانتهت؟ لا أبدا ما تزال وفية لِغَيِّها وحقدها ومخلصة لانتقامها من كل الأصوات الحرة، فاليوم أضافت تهمة جديدة للمناضلة سعيدة العلمي، تهمة إهانة الهيئة القضائية ويبدو أن ثلاث سنوات التي حكمت بها لم تكن كافية ليشفي غليلها ويخمد نار حقدها فأضافت تهمة إلى أخرى، وانتقام إلى آخر وما يزال تأثير الكوبرا مستمرا.
الآن الدولة تحصد نتائج عملها وها هي تأكل من هذه النتائج وتحقق لها تأثير حلول الكوبرا، في وقت كانت تعتقد أنها وجدت حلا لقمع الحريات وانتهاك الحقوق وتسخير الأمن وتوظيف القضاء، لقد انقلب السحر على الساحر.
مبروك العيد الذي نحن عيده، بكل حب أدعوكن.. لنكن رمزا للتحدي وقطعا مع الاستبداد، انها معركة الكرامة.