أخبار دوليةمقالات الرأي

التاريخ يعيد نفسه.

         

بعد مرور مائة سنة على صعود الحزب الوطني الفاشي الإيطالي إلى السلطة في إيطاليا، الحزب الذي حكم إيطاليا من سنة 1922 و حتى أواخر سنة1943، هاهم يعودون إلى السلطة في إيطاليا ،بعد الفوز الساحق في انتخابات سنة 2022، يعود أحفاد موسوليني و الحزب الوطني اليميني المتطرف،حزب الاخوة الإيطالي إلى السلطة في إيطاليا من جديد.
و يبدو المشهد السياسي في أوروبا عموما  قد طغى عليه عودة الأحزاب اليمينية المتطرفة بقوة أكبر و هي قاب قوسين من تسلم مقاليد السلطة في معظم دول أوروبا  الغربية.
و ليس من قبيل الصدفة ما يجري الآن في شرق أوروبا من أحداث جسام تنم عن أن تغييرا كبيرا سوف تعرفه أوروبا بشطريها الشرقي و الغربي ، تغيير سياسي ذي نزعة قومية متطرفة.
و مع حلول الذكرى المائة الأولى للثورة البولشفية ، نرى عودة  النسخة الثانية من روسيا اللينينية بوجهها القومي و الديكتاتوري في آن واحد. قومية توسعية تعيد أمجاد روسيا القيصرية و ديكتاتورية اقصائية لا مكان فيها لأي معارضة أو حرية الرأي.

أوروبا مقبلة على تحول كبير و عميق، من الناحية الفكرية والسياسية، فكر ما بعد الحداثة، حيث السقوط الأخلاقي و القيمي و السياسي  وكل ما يتعلق بما هو انساني.  صعود الفكر القومي و الإقصائي في أوروبا هو نتيجة للفشل السياسي الذريع للنخب السياسية و المثقفة و عجزها عن  إيجاد صيغة مجتمعية تستقطب و تحل مشكلة إدماج المهاجرين و المغتربين و الأجانب بصفة عامة، صيغة مجتمعية مبنية على التكامل بين مكونات المجتمع الأوروبي، صيغة تلغي التمييز و تعطي حق المواطنة من دون قيد أو شرط  لكل إنسان متواجد في الرقعة الجغرافية لأوروبا، كيفما كانت أصوله و معتقده و عرقه.

  أوروبا تعاني من عقدة تضخم الآنا  لدى نخبها السياسية و المثقفة و ترى في الآخر مجرد فرصة يجب العمل على قطف ثمارها بأي طريقة و لو على حساب المبادئ الإنسانية و القيم والأخلاق. 
أوروبا الأنوار و بلاد الحريات و حقوق الإنسان و الحداثة بكل سلبياتها و ايجابياتها، تدخل مرحلة مظلمة بتصاعد الفكر القومي و الإقصائي و عودة النزعة الوطنية و الفاشية و تنامي ظاهرة العنصرية و الكراهية للآخر و خصوصا الخوف من الإسلام، و تعد ظاهرة الاسلاموفوبيا أحد تجليات هذا الخوف و التوجس من كل ما هو إسلامي أو آخر.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تنامى بشكل كبير الخوف من الإسلام، حتى أصبح الإسلام والمسلمين عنوانا للإرهاب كما صورته الآلة الإعلامية الغربية بكل وقاحة و سذاجة و كما تبناه بعض أنصاف المثقفين و الزموريين (نسبة إلى Eric Zemour  ) من هنا وهناك ،و كل من يتبنى الفكر الاقصائي و خصوصا الأحزاب اليمينية و الراديكالية.

و يعد صعود نجم الأحزاب السياسية ذات التوجه اليميني ،مؤشر على إفلاس النخبة السياسية و المثقفة  بكل توجهاتها أو لنقل إفلاس مجتمعي عام داخل أوروبا، بسبب ضيق الأفق السياسي و الشلل الفكري الذي أصاب العقل الغربي. 
و قد لمسنا هذا الإفلاس، أثناء حملة التشهير التي طالت قطر بسبب تنظيمها و احتضانها لمباريات كأس العالم لكرة القدم الأخيرة، حيث فرضت قطر قيم المجتمع الإسلامي والعربي بكل صلابة و منعت كل ما يتعلق و يخل و يحط من قدر الإنسان، ك الخمور و رفع شعارات المثلية و غير ذلك مما يتنافى و الأخلاق الإنسانية .
و هذا لم يعجب الكثير من ساسة أوروبا و بعض المنتسبين إلى الأحزاب السياسية في أوروبا عموما،و بعض المنظمات الدولية التي تكيل بمكيالين.
و لا غرابة إذا ما خرج علينا في عالمنا العربي من يتبنون الفكر الاقصائي و دعاة الفتنة المجتمعية و النعرات العرقية و دعاة الرذيلة و من يرون في الفضيلة إرهابا.

قد تكون أوروبا، المفلسة أخلاقيا و سياسيا على أعتاب مرحلة جديدة من دورة الأمم، ف بعد فكر التنوير و النهضة و الثورة الصناعية و الحداثة و ما بعد الحداثة، ها هي أوروبا تدخل مرحلة مظلمة، مرحلة صكوك غفران جديدة تقودها محاكم تفتيش الأحزاب اليمينية المتطرفة.

أحمد الونزاني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube