مقالات الرأي

المال في السياسة ك”حليب الأم” للديمقراطية في خدمة الأثرياء

بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدار البيضاء

لا ينكر عاقل أن ما اجتمعت الثروة والسلطة إلا وكان الفساد ثالثهما. فالعلاقة بين السلطة والمال جريمة كاملة ومكتملة الأركان.
و مقابل الثروة تتنازل السلطة عن أعز ما تملكه الأمانة والشرف ويكون الوليد مكروهاً.
أما إذا ما أردت إفساد أي مجتمع، فما عليك إلا فتح باب الزواج بين السلطة والمال: أي تسمح لرجل الأعمال أن يكون رجل سياسة، عضواً في البرلمان، أو وزيراً أو رئيس حكومة، أو حتى رئيس دولة في الجمهوريات، وهنا يشارك رجل الأعمال في صنع القرارات التي تخدم مصالحه أولاً وأخيراً.
في زماننا هذا، أصبحت السلطة هدفاً وأمنية، وحلماً لرجال الأعمال. و في غياب الضمير، يسلك رجال الأعمال مسالك عدة للسيطرة على السلطة: منها البقاء خارج دائرة السلطة، والعمل على اختطاف رجال السياسة، بهدف تحويل مؤسسات الدولة إلى مناطق نفوذ، وبالتالي إحكام القبضة على السياسيين، وتحويلهم إلى أدوات لتحقيق مصالحهم التي غالباً ما تكون مصالح فاسدة، ولو لم تكن كذلك، ما كان شيء يضطرهم إلى التحايل، واستمالة السياسيين مقابل مبالغ مالية ضخمة. ومن هذه المسالك أيضاً مزاحمة رموز السياسة على مقاعدهم، ومن ثم التحول إلى وزراء أو مسؤولين كبار، وهذه الطريقة تبقى أقل كلفة من الوجود خارج دائرة السلطة.
والمتداول في قطاع الأعمال، ان رجال الأعمال لهم شعار “اخدمني نخدمك” بمهارة وفن وحرفية، وأحياناً بوقاحة نادرة يحسدون عليها.
وحتى لا نعمم، فهناك الفضلاء من رجال الأعمال الذين جمعوا بين السياسة والتجارة.
إن مكمن الخطورة في الخلط بين السلطة والمال، أنه يؤدي إلى تحويل التاجر إلى حاكم، والحاكم إلى تاجر، وتتحول الأوطان إلى هياكل تعصف بها الرياح في أي زمان و إلى أي مكان، ويتربص الخطر بأمنها القومي من جميع الاتجاهات. و بين سطوة المال وشهوة السلطة تأثير متبادل. فالاستحواذ على أحدهما يغري بالبحث عن الآخر. ومن هذه الملاحظة خرجت المعادلة القديمة التي تقول بأن من يملك يحكم. والواضح علنا، أن شهرة هذه المعادلة طغت على مشتقات أخرى يمكن استلهامها من الملاحظة ذاتها، مثل أن من يحكم لديه فرصة كبيرة في أن يملك.
لقد أصبح المال السياسي في عالمنا اليوم يتحكم في الديمقراطية واختيار الشعوب لحكامها عن طريق الكثير من القوانين التي تنتج تحالفات بين رجال المال ورجال الحكم. حيث يوصل الأثرياءُ السياسيين إلى سدة الحكم عن طريق دعمهم السخي في حملاتهم الانتخابية ليشرعوا لهم قوانين تسهل عليهم التهرب الضريبي، وما بين حلف الطرفين تضيع موارد الدولة وتُسحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تأكلها الضرائب.
و السؤال الذي نطرحه: هل سيتمكن السيد عزيز أخنوش و “رباعتو” من التغلب عن شهواتهم في ميدان التجارة والأعمال مقابل مصلحة تقدم مغربنا الحبيب وازدهاره؟ هذا ما سنعرفه في قابل الأيام الذي نتمنى أن يكون خيرا من ماضيها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube