تقاريرمستجدات

قراءة أولية في الزيارة المقررة لرئيس الوزراء الإسباني يوم 17 دجنبر إلى الرباط

عبدالحي كريط المغرب

أكدت وسائل إعلام إسبانية من مصادر دبلوماسية  أن  إجتماعا رفيع المستوى سيكون بين مدريد والرباط المقرر عقده يوم 17 دجنبر القادم

 وعلى الرغم من تدهور مناخ العلاقات الثنائي بين السلطة التنفيذية المغربية والإسبانية بسبب تصريحات النائب الثاني لرئيس السلطة التنفيذية الإسبانية  وزعيم حزب بوديموس اليساري الراديكالي بابلو إغليسياس حول قضية الصحراء المغربية ودعمه لجبهة البوليساريو من خلال وسائل التواصل الإجتماعي فاءن القمة المقرر إجرائها في بحر هذه الأيام بين الرباط ومدريد وحسب عدة اشارات وتلميحات اعلامية بين المغرب واسبانيا فانها ستعقد في موعدها المحدد في 17 دجنبر ،على الرغم من بعض التسريبات الإعلامية التي أكدت على أن الملك محمد السادس لن يستقبل رئيس الوزاراء الاسباني  بيدرو سانشيز.

و اعتبرت مختلف  الأوساط السياسية  المغربية أن بابلو إغليسياس “غير مرحب به في المغرب مثل أعضاء فريقه السياسي”.

 ويعود هذا الفتور المفاجئ للعلاقات بين البلدين من خلال الرسالة التي بعث بها بابلو إغليسياس عبر الشبكات الاجتماعية حول الصحراء المغربية في ظل تدخل القوات المسلحة الملكية لاسترجاع معبر الكركرات وطرد عصابة البوليساريو ، وطرح حزب بوديموس لموضوع الاستفتاء بشكل صريح  الأمر الذي أثار حفيظة القصر  الملكي المغربي ، لأن هذه المسألة تعتبر مسألة شرف ومقدسة لجميع مواطني المملكة ، كما صرح بذلك الملك محمد السادس في خطابه الأخير في ذكرى المسيرة الخضراء في بداية شهر نوفمبر الماضي.

على الرغم من أن بعض المحللين السياسيين الإسبان اعتبروا ان تصريحات إغليسياس ماهي الا إعادة إنتاج جزء من القرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في عام 1996 والتي قدمته مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مادلين أولبرايت آنذاك في عهد إدارة بيل كلينتون، إلا أن موقف حزبه هو الذي كسر الانضباط للحكومة التقدمية الاشتراكية التي يقودها بيدرو سانشيز وبالتالي اعتبر موقف بوديموس انه موقف لحزب سياسي لايخضع للانضباط السياسي الذي تفرضه السلطة التنفيذية للائتلاف الحكومي لمدريد .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه من له المصلحة في محاولة نسف القمة المغربية الاسبانية يوم 17 دجنبر القادم.. الكاتب الصحفي بيدرو كاناليس ذهب إلى أن  القوى التي تقف وراء حزب إغليسياس ، والتي يكون زعيمها مسؤولاً أمامها بشكل مباشر أو غير مباشر ، لها مصلحة في ضمان عدم تحسن العلاقة بين الوصيين على مضيق جبل طارق ، بل وحتى تفاقمها إن أمكن وضرب لذلك مثل التدخل العسكري الإسباني لجزيرة  صخرة ليلى المغربية أو بما تعرف بجزيرة برخيل والتي وقعت في عهد حكومة الحزب الشعبي المحافظ ذات التوجه اليميني.

بالرجوع إلى موضوع جزيرة ليلى يقول  توماس غارسيا فيغراس في كتابه “المغرب العمل الإسباني في شمال أفريقيا” الصادر سنة 1941، “وجدت إسبانيا صعوبة في إقامة مركز بجزيرة ليلى لأن سلطان المغرب لا يقبل إقامة مراكز على ترابه الوطني”.

ولا يوجد في الوثائق التاريخية الإسبانية المتوفرة منذ بداية الحروب النابليونية بأوروبا وحتى 1916 ما يشير إلى جزيرة ليلى وعلاقة الإسبان بها، رغم محاولات الإسبانيين توسيع مجالهم انطلاقا من مدينة سبتة، وكذلك انطلاقا من تطوان العاصمة الثقافية لشمال المملكة  التي كانت كانت تحت سيطرتهم.

وبعيدا عن هذا المعطى التاريخي الذي يظهر من حين إلى آخر والذي يفرض نفسه بسبب توالد الأحداث في سلسلة العلاقات المغربية الاسبانية فاءن زيارة بيدرو سانشيز إلى الرباط ستكون دليل على أن إسبانيا الرسمية بدأت تعي جيدا أن دبلوماسية الضغط التي أصبح ينهجها المغرب منذ سنوات أضحت تعطي أكلها، و هي تعتمد بالخصوص على وضع الخصوم و الأصدقاء على حد سواء أمام الأمر الواقع ولا مجال لقبول إزدواجية المواقف تجاه القضايا المصيرية للمملكة المغربية، آخرها ترسيم المغرب لحدوده البحرية بالاطلسي وبسط ولايته القانونية.

هذا من جهة، ومن جهة اخرى فإن المغرب لم يقبل بتزايد شعبية حزبي “فوكس اليميني المتطرف” و “بوديموس اليساري الراديكالي ” المعروفين بمواقفها العدائية تجاه المملكة، خاصة في قضيتي الصحراء المغربية و مسألة حراك الريف، وبالتالي فإن الإجراءات المغربية تجاه خنق اقتصاد سبتة ومليلية المدينتين المحتلتين جاءت كنوع من العقاب الاقتصادي على هاتين المدينتين الخاضعتين للإدارة الإسبانية وهي رسالة قوية من الرباط مفادها أن فرض السيادة الوطنية على المدينتين سيكون أيضا من خلال مينائي طنجة المتوسط والناظور وبالتالي فهو لم يعد بحاجة إلى مينائي سبتة ومليلية  

 ولاننسى أيضا  الدعم الدولي غير المسبوق للمغرب من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر المملكة قاعدة استراتيجية لمواجهة الإرهاب في منطقة الساحل، بينما ترى فيه بريطانيا الوجهة المثالية لاستثماراتها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهو ما قوى كثيرا الموقف المغربي وجعله غير متخوف من أي مناورة قد تقوم بها إسبانيا لصالح “البوليساريو” كما اعتادت على ذلك في السابق للضغط عليه

كل هذه الملفات وغيرها ربما ستكون على طاولة القمة المقبلة  بين الرباط ومدريد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube