ثقافة وفنونمقالات الرأي

المقامة الكورونية في الحضرة المراكشية

حرة بريس -بقلم أحمد الونزاني

دخلت البهجة عجلان في عام كورونا أشكو من حرقة في حلقي و غصة من فقد ماء و شدة زحام. و وجدت الناس في هيام و توهان مسرعون سرعة السهام. فقلت في نفسي لعل الزمن زمن البراق و تذكرت أيام الراحة و النوم حتى الفواق .فهرعت كالمجنون أشكو شدة الزحام و قلة الكلام. و إقبال عجيب على المحلات و المتاجر الكبرى للشراء و اقتناء حصص خيالية من المواد و أخرى للإدخار خوفا من فقد و غلاء مع مرور الأيام.
و رأيت العجب العجاب ،رأيت الناس قد تحلقوا على رجل و ما تفرقوا إلا بعد أخذ الورقة البيضاء مختومة و موقعة بالمداد الأحمر. فعلمت أننا بتنا في زمن الرخص من أجل التنقل و أن التباعد واجب و ارتداء الكمامات فرض عين عند كل خروج.
كان الحجر الصحي و القيود المفروضة معه شيئا جديدا في حياة معظم الناس لكن مقاربته من الناحية الأمنية أعطاه بعدا يتنافى و مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة. و لم يتم الالتفات إلى المقاربة الاجتماعية إلا في وقت متأخر خصوصا في معظم دول العالم الثالث و من بينها الدول العربية ،نظرا لظروف الهشاشة التي تعيشها نسبة كبيرة من مواطني دول العالم الثالث.
و تذكرت من هول ما أسمع كيف كانت
مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة من تضامن و تكافل و تعاون و مساعدة الناس كانت حاضرة و تقي الناس في أوقات الشدة و الضيق و تقوي الروابط و اللحمة المجتمعية.
و دخلت على قوم لا أعرفهم يرفعون أصواتهم و يرددون اللطيف في حلقة ذكر و هم على التباعد محافظين و جل همهم أن يحضون بزردة من لحم الضأن المشوي و شربة من شراب الخريف و قطعة من معجون و رغيف وابتسمت قليلا ثم تأكدت لماذا هم في غيبة و يرفعون أصواتهم باللطيف.
و قصدت الرحبة القديمة حيث سوق الغزل .فوجدتها قد انعدمت الحياة فيها بعدما كانت تعج بالزوار من كل المدن و الأقطار و عرجت على دفةوربع لأدخل إلى السمارين حيث البزارات و أسواق متلاصقة لكل الحرف والصناعات التقليدية متجاورة و متناغمة في الشكل و البنيان. كتحفة أو معرض في غاية التنسيق و الجمال. خاوية على عروشها بعد طول عمران. فتأكدت من أن الخوف من الوباء قد فعل فعلته في بني الإنسان.
و أن الوباء قد جثم على قلوبنا و أوقف كل حركة و نشاط في البلاد.
و تقدمت قليلا نحو ساحة الساحات
حيث حلقات الفرجة و المسرح الاحتفالي بلا موعد ولا تذكرة ولا سؤال :جامع الفنا أو الفنون سمعتها تبكي حزنا على فراق الندماء و الزوار من مختلف البلدان عربا و عجما لا تسمع إلا عبارات الترحيب بكل اللغات :Olle -Olla-wellcome -Bonjour -Namasty -Sianora -أهلا وسهلا و مرحبا.
و تفقدت مسجد الكتبية و منارته الشامخة فوجدته حزينا قد غطى الغبار أركانه يشكو من فقد الحيوية و الحياة داخله ف أسر لي بإشياقيه لأهل الصلاة و الذكر و الدعاء في جنباته و داخل المحراب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube