مقالات الرأي

بين الانسانية والأنانية

نادية العناز

من المؤسف والمخزي ان تصل الامور في اوساط الجالية الى ما وصلت اليه من انحطاط وتردي واصبحنا نرى كل يوم على صفحات الفيسبوك شجارات وتطاحنات وتراشق وسب وشتم، وسباقات تافهة نحو من الاقوى ومن الأعلى ومن الاذكى، سباقات نحو احسن سيلفي واحسن لايف، سباقات نحو من يظهر في اكثر من طلعة وموقع… حتى طالني الملل والاشمئزاز من مشاهدة نفس الوجوه والاقنعة في كل مكان واجترار نفس الكلام لمدة طويلة، وصراحة لا ارى اي تغيير قادم وقررت تجاهل الفيسبوك واستعماله فقط للتسلية حتى لا يصيبني ما اصاب غيري من ادمان.ليس ببعيد، اذكر بحزن، كانت هنا في اسبانيا جالية مغربية تفيض انسانية وبساطة وحب واحترام، كان الجار يبحث عن جاره للاطمئنان عليه، وكنا نفرح بالمغربي لما يأتي في البداية ونشد جميعا علي يده حتى يقف على رجليه وكنا نجتمع في حفلة عند حصوله على بطاقة الاقامة. كانت اياما مليئة بحب المساعدة والعطاء دون ادلال الناس، وكان الاسبان يحبوننا ويحترموننا لانسانيتنا وحبنا لبعضنا… اتذكر تلك الأيام بحزن عميق عندما ارى ما وصلنا اليه من انشقاق وتحقير و تكالب و تراشق و تباهي وتشاجر وسب وشتم. … الخ في غياب ادنا شروط الحوار الحضاري والتعايش الانساني. للاسف الشديد نحن اكثر الجاليات عددا في اسبانيا والاكثر تشتتا في نفس الوقت.والادهى من هذا و الأخطر هو الجيل القادم من اولادنا الذين ترعرعوا و كبروا في اسبانيا واصبحوا ينسلخون من جاليتهم وهويتهم لانهم يرون باعينهم ما آلت اليه الأوضاع من تدني، انانيتنا البخسة انستنا دورنا في اعطاء القدوة والمثل للجيل الصاعد ونحن المسؤولون الحقيقيون عن ابتعاد اولادنا عن الاهتمام بأمور جاليتهم وبلدهم.هزمت الانانية الانسانية بسرعة كبيرة بمساعدة الكبرياء وحب الظهور، واصبحنا نرى في الساحة صورا عجيبة وغريبة ان كانت تدل على شئ فهي تدل على مدى التناقض الداخلي الذي يلمسه الجيل الجديد في الجيل القديم، ولا انعت احدا بالمرة، كيف يعقل ان يفعل الخير من يعيش على مساعدات من كاريتاس وتراه هنا وهناك يتبجح و يتباهى، كيف يعقل ان يبحث احدهم على عمل لشخص آخر وهو اصلا بدون عمل ويتحايل للحصول على تعويض بحجة مرض وهمي، كيف يعقل ان يعطي احدهم نصائح في التربية وهو يعيش مشاكل اسرية عميقة مع ابنائه ؟ وقس على ذلك امثلة كثيرة للاسف لا تساهم في اعطاء قدوة لاجيالنا الجديدة وتكرس لهوة كبيرة بين الجيلين.الى متى سنعيش هذه الأوضاع والمستوى الانساني الهزيل؟ الى متى ستتحكم فينا الانانية وحب التباهي؟ ومتى سنتطرق للمشاكل الحقيقية الجالية بعيدا عن الحسابات الصغيرة والتكتلات المضحكة؟تحياتي للجميع وآسفة اذا خدشت عواطف احد بدون قصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube