أخبار دوليةمقالات الرأي

المصطفى عمر يكتب:التسوية السياسية في السودان الخروج من ذاكرة الدم

حرة بريس -المصطفى عمر

يعتقد السياسي السودانى ياسر عرمان القيادى البارز بتنظيم الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال “بوجوب وضع حل للاحتقان المنظور بين المكونات العسكرية والمدنية في السودان لقفل صفحة التوترات والقطيعة النفسية بين المكونين وعقد مصالحة وطنية تشمل جميع أطياف المجتمع السودانى (عدا القوى المتورطة بالإنتماء للمؤتمر الوطني ونظام عمر البشير) ،وبصريح العبارة هو يدعو لوجود تسوية شاملة تقود لصناعة دولة متماسكة ذات جيش قوي ذو عقيدة قتالية موحدة” .
ولعل هذا الحديث يحتاج إلي تفكيك جذري بغية الوصول إلى عناصر المشكل .
في البدء فإن عملية التسوية تتم عبر مسارات عديدة ومتشعبة ولا يمكن تجاوز إحداها والقفز إلي الأخرى .
المواطن السوداني قليل الإنشغال بشئون السياسة ومهتم باليومي من حيل كسب القوت والاحوال الاقتصادية فإذا إنصلحت هذه الأحوال فالمواطن لايحفل بماضى وحاضر التجاذبات السياسية ونفس هذا المواطن يدرك أن الضغط المعيشي مهما بلغ من القسوةلن يجعل الحكم العسكري خيارآٓ مطلوبآٓ من قِبل المواطن.
لذا فالعمل علي فك الضائقة المعيشية وبسط الأمن هما أول خطوات التسوية.
إذآٓ فبعض الحل في هذه الجزئية هو بيد الشق العسكري.

الجزء الثاني هو المدنيون أنفسهم ونقصد بهم النخبة السياسية الممارسة للفعل السياسي داخل السودان ،إذ إنه من المهم وضع خطوط توافقية تصب لصالح السودان الكبير بغض النظر عن المكاسب السياسية ولعبة الكراسي، هذا الأمر يمكن أن يتم بعقد حوارات مفتوحة ومناقشات عبر أوراق عمل مفيدة تعود بتوافق نسبي حول ضبط شكل العلاقة بين العسكريين والمدنيين وجعل الوطن كقيمة عليا في هذا النقاش ،هذا التوافق يعود بالضرورة لمصلحة المواطن والوطن.
لدينا في عناصر هذا الموضوع النشطاء من شباب ثورة ديسمبر الذين أريقت دماء أصدقائهم في ساحة إعتصام القيادة هؤلاء تجاوزتهم حكومة الثورة المدنية في شغرالمناصب (ربما للكفاءة او الوصف الوظيفي أو عدم تقديم أنفسهم أو عدم وجود مواعين لتقديم أنفسهم) وصاروا في حالة ترقب لما تصل إليه اللجنة المكلفة بالتحقيق في فض الاعتصام.
أيضاََ النشاط المضاد للثورة عبر الإعلام (الطروادى) الذي في ظاهرة الثورة وفي باطنه أسباب أخري خاصة منها إستمرار حالة التنازع وعدم الاستقرار السياسي

إذا إستمر هذا الأحتقان مع فشل فرضيات الوصول الآمن إلي سودان يسع السودانيين لن يحكم العسكريون ولن يجد المدنيون دولة ليحكموها.

قوات الدعم السريع دخلت في معترك السياسة عبر بوابة الاعمال العسكريةولقد تم إنشائها كقوة خاصة تهدف لحماية نظام البشير الا أنها قامت بتصحيح القراءة ووقفت وقفة مهمة بعدم التدخل في مجريات أحداث الثورة .
لقوات الدعم السريع أزمات يجب أن تعالجها لتكون مقبولةََ عند الشعب،
والحالمون الذين ينادون بإقصاء هذه القوات عن المشهد السوداني لايدركون حجم تمددها في السودان لذا فالتعامل الإقصائي مع قوة ذات تأثير كبير لن يتم بسهولة وإنسيابية بالتالي إجراء التسوية السياسية يتطلب إيجاد مخرج للعبور من دائرة الكره التي إكتسبتها قوات الدعم السريع منذ فض الاعتصام.
.

الدعم السريع كالعسكريين في حالة قلق من مآلات الشارع السوداني لذا فبقائه يمثل حماية له في المقام الأول ويحتاج إلي تنسيق منهجي ليكسب الشارع من جديد أو التصالح معه، ومن ثم يعيد بناء نفسه داخل منظومة القوات المسلحة السودانية وتنظيفه من كوادر التخريب .وربما ساهم نقل قيادة افريكوم الأمريكية إلي السودان وإتفاقيات التدريب المبرمة فى تنظيم وهيكلة قوات الدعم السريع.
أن التسوية بمفهومها الواضح تعني تقديم تنازلات لتجنب صراع أو حالات تشظي مجتمعي داخل الدولة محل الحدث .
ولكن السؤال هل يمكن إنجاز تسوية سودانية خالصة بإستصحاب النموذج السوداني القديم في حل الصراعات والنزاعات القبلية مع الأخذ فى الاعتبار أن النزاع الحالي ليس نزاعاََ قبلياََ بقدر ماهو نزاع سياسي عسكري مدني تخللته أحداث دامية قد لا تغتفر؟
إذن فالتسوية السياسية الشاملة في السودان بحاجة إلي منظمات متخصصة في هذا الشأن تعمل وفق منهجية تشرح المشكل السوداني وتفكك المكونات المستعصية وتعيدها إلي حالات المرونة ومن ثم تشكيلها .
منظمات الامم المتحدة والمتعاونه في هذا المجال يمكنها الإستعانة بالمنظومة المحلية لتحقيق الاهداف
والوصول الي قاسم مشترك أكبر للتراضى.
هذه بإختصار محاولةشرح كيفية إجراء تسوية سياسية ،بالتأكيد تحتاج هذه التسوية إلي تنازلات من كل الأطراف ودون هذه التسوية سيظل الجيش ممسكآٓ بسلاحه في وضع الاستعداد وتظل القوى المدنية تنادي بالعزل والإقصاء.

ا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube