مقالات الرأي

عبد الناصر الزعيم والاسطورة الكاذبة

ذ. الشاعر محمد علي قصري فرانكفورت
ان الفاشية و النازية في أوروبا الثلاثينات من القرن المنصرم كانت قائمة على فكرة القائد الملهم والمستبدّ العادل الذي جيش لها صناعة جبارة ضاهت صناعة السلاح في تلك الفترة الا وهي البروباغندا بكل اساليبها، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية كان المشروع الفاشي مع أصحابه ودعاته في اوربا قد اقبر؛ لكن يبدو أن فكرة القائد الملهم والمستبدّ العادل، كانت مختمرة في ذهن جمال عبد الناصر، وتنتظر الفرصة المناسبة لإنبثاقها من جديدْ.
إنّ ما كان من فساد الملك فاروق وحاشيته ، علاوة على فقر الرعية وبؤسها وجهلها ، هي أمورٌ معروفة وثابتة ، لا يمكن إنكارها .إلا أنّ ما صار يُعرف منذئذٍ بـ ” ثورة يوليو ” ، إنتقل بالدولة خطوة إثر خطوة إلى الحكم الفرديّ الإستبداديّ المغيبّ فيه أي شكل لحرية التنظيم والتعبير والتفكير والإنتخاب؛ وبالتالي رَهَنَ المجتمعَ إلى مفاهيم مستحدثة مناقضة للحداثة.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ :
ﻋﻨﺪﻣﺎﻭﻗﻌﺖﻫﺰﻳﻤﺔ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﻓﻲ ١٩٦٧؛ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻫﻮ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻋﺎﻡ١٩٥٤؛ ﻭﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﻨﺪﻡ ﺃﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﻋﻄﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻲ ﻟﻠﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺗﺪﻙ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ؛ ﻭﺃﻥ ﺗﻀﺮﺏ ﻣﻘﺮ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻷﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﻧﻘﻼﺑﻴﻴﻦ؛ﻳﻮﻣﻬﺎ ﺭﻓﻀﺖ ﺩﻛﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﻓﻊ؛ ﺣﺘﻰ ﻻﻳﻘﺎﺗﻞ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﻌﻀﺎ ﺣﻘﻨﺎ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ؛ﻭﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺳﻬﻞ ﺇﺭﺍﻗﺔ ﺩﻣﺎﺀﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﺼﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺠﻴﺶﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ؛ﻓﻘﺪ ﺃﺩﻯ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻩﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺑﻴﻦ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻓﻲ ١٩٦٧
( ﻣﻦ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﻴﺐ؛ ﻛﻨﺖﺭﺋﻴﺴﺎ ﻟﻤﺼﺮ )
اما أزمة السويس و النصرُ المزعوم الأسطوريّ ، ما كان في حقيقته أكثرَ من مبادرة دولية أسهمتْ فيها الدولتان العظيمتان آنذاك الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتي للتخفيف من حدة هذه الازمة سيما و ان قناة السويس مع مدينة بورسعيد المشرفة عليها كانت قد إحتلتا من لدن القوات الأنكلوفرنسية ، مما يعني عرقلة الملاحة ؛ إضافة لإستيلاء إسرائيل على كامل صحراء سيناء . فناصر لم يصنع شيئا كما يدعي صناع البروباغاندا عنده بيْدَ أنّ بقاء النظام الحاكم لوحده رغم الهزيمة يكفي أن يُعدّ إنتصاراً معظماً في قاموسنا الإعلاميّ الرسميّ.حياة ناصر السياسية كانت مسرحا لأزمة هنا ونكسة هناك:
مشروع الوحدة العربية المتحقق عام 1958 بين سورية ومصركان مرتعا للديكتاتورية السافرة والهجوم على الحريات مما ادى إلاإنهيار مشروع الجمهورية العربية المتحدة وترسيخ هيمنة العسكر على شؤون الدولة والمجتمع ، وإنتهاء الأمل بأي إصلاح جديّ أو إزدهار إقتصاديّ.ثم تبعته حرب اليمن الدموية العبثية ، التي هدرتْ الدماءً العربية بغزارة.وتاتي الطامة الكبرى أكبر هزائم العرب في القرن العشرين حرب النكسة يونيو 1967 لتنتقلإلى الحكم الفرديّ ، الإستبداديّ ، المغيبّ فيه أي شكل لحرية التنظيم والتعبير والتفكير والإنتخاب ومعتقلات مصر كافية لاثبات هذه الحقائق سيما و ان ارواح القتلى لم تكن لترحم جلاد مصر و يد عبدالناصر اليمنى عبد الحكيم عامرحتى ينعم بحياته الدموية فانهاها منتحرا معتقدا بذلك انه سيفر من متابعتهم.
رحل ناصرُ منهكا بهزائمه السياسية و فشله الذريع في قراراته وترك وراءه جيشا من الدعايات الكاذبة كانت كافية لترسيخ الأسطورة الكاذبة المزيفة لرائد القومية
العربية وتفتح مجالا لجلادين جدد بنواجبروتهم عليها كامثال السادات,مبارك, صدام ,القدافي والاسد الابن والاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube