شخصياتمستجدات

كلمات* .. فيما يجري بسوريا-الموعد فلسطين .. وهناك تجتمع الخصوم !

  • د أ حمد ويحمان

كانت سوريا، دوما، حجر الزاوية في مشروع المقاومة، فهي لم تكن مجرد دولة جغرافية ضمن حدود سايكس-بيكو، بل تمثل قلب مشروع النهوض القومي العربي. واليوم، ومع ما تشهده البلاد من صراع مرير، تتجلى المأساة في خلط الأوراق وتشابك المصالح، حيث يُراد إغراق سوريا في مستنقع من الفتنة والاقتتال الداخلي، مما يُبعدها عن دورها المحوري في مواجهة الاحتلال الصهيوني. *الموقف من الظلم والاستبداد* نحن، في انحيازنا للمبادئ والحق، لم نغض الطرف يوماً عن المظالم التي عانى منها الشعب السوري، على مدى عقود، من تغول أجهزة المخابرات، كما لم نتغافل عن التجاوزات التي ارتكبتها أنظمة الحكم بحق شعوبها في كثير من الدول العربية ومنها سوريا . نحن مثلا، وعلى الدوام، كنا ضد حصيلة مناكير المخابرات في عهد عبد الناصر، أيام الجلادين صلاح نصر وشمس بدران وصفوت الشريف الذين أطاحت بهم الثورة وحاكمتهم من خلال رجلها التقي ، نائب رئيس الجمهورية حسين الشافعي، وعلى نفس المستوى لم نكن كذلك يوماً مع تجاوزات وجرائم المخابرات السورية ولا أي جهاز أمني عربي آخر، ومنها في بلادنا طيلة ما يعرف عندنا ب “سنوات الرصاص” وإلى اليوم . ومع ذلك، فإن الوقوف ضد الاستبداد الداخلي لا يعني القبول بتدمير الدول أو تحويلها إلى ساحات نفوذ أجنبي أو بيئات حاضنة لأفكار الإقصاء والتطرف؛ وهي “الضمانات” لإنتاج وإعادة إنتاج نفس المآسي التي تخاض هذه ” الثورات ” باسم وضع حد لها . *سؤال البدائل المطروحة* في ظل المشهد الحالي، يتوجب علينا طرح أسئلة جوهرية حول البديل المطروح عن الدولة السورية ومؤسساتها، خاصة مع وصول جماعات مسلحة إلى السلطة. كيف يمكن لهؤلاء، المعروفين بفكرهم الإقصائي وتكفيرهم لمعظم شعبهم ممن ينتمون إلى ديانات وطوائف وعرقيات أخرى، أن يستجيبوا لمتطلبات بناء دولة حديثة على أسس الشرعية الشعبية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ كيف يمكن هذا وهم يعتبرون الدروز كفار والعلويين كفار والأكراد كفار ؟هل يمكن لهذه القوى أن تقبل بمبادئ التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات والمؤسسات والقانون، وضمانات القضاء النزيه؟ أم أن مشروعهم الحقيقي هو فرض هيمنة أحادية تستند إلى العنف والإقصاء، بعيداً عن أي احترام للتنوع أو التعددية ؟ *خلاصة القول .. يبقى المقياس هو الموقف من فلسطين والجولان* إن القضية الفلسطينية كانت دائماً المعيار الأساسي لتقييم الأنظمة والمشاريع السياسية في منطقتنا. وهنا يأتي التساؤل: ما موقف هذه الجماعات من الشعب الفلسطيني وكفاحه العادل ضد الاحتلال الصهيوني؟ لقد شهدنا، منذ الأيام الأولى لاستيلاء بعض هذه الجماعات على مناطق في سوريا، غياب أي موقف واضح منهم تجاه الاحتلال الصهيوني، بل رأينا مؤشرات مقلقة على علاقات مشبوهة، إذ كيف يمكن تفسير صمتهم على غارات الطيران الحربي الصهيوني، بالأمس فقط، واحتلال المزيد من الأراضي السورية في الجولان وجبل الشيخ في أول يوم لهؤلاء في مقاليد الحكم بسوريا؟ الجميع يستحضر في هذا السياق، سوابق علاج جرحى هؤلاء في مستشفيات الكيان الصهيوني، وزيارات نتنياهو نفسه لتفقدهم على أسرتهم هناك؟ كما يستحضرون زيارة بعضهم للكيان وتصريحات لهم هناك .. إن هذه المواقف، التي تتسم بالصمت أو التعاون الضمني وحتى العلني مع العدو، تثير الرهبة بشأن ما قد تحمله الأيام المقبلة، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار سوابق العلاقة بين بعض هذه الجماعات وكيان الاحتلال . *آخر الكلام* في كل الأحوال، فإن فلسطين ستبقى هي المقياس الحقيقي لكل تقييم، والكشاف الدائم لحقائق الأمور. من يقف مع فلسطين ومقاومتها، ومن يناهض الاحتلال الصهيوني ومشاريعه التوسعية، يظل في معسكر الأمة. أما من يتواطأ مع العدو أو يغض الطرف عن جرائمه اليومية، فلا يمكن أن يُعتبر جزءاً من مشروع التحرر العربي والإسلامي والأممي ولا يمكن أبدا أن تكون له صلة مع شعبه حتى لو حظي بتعاطف ملتبس ومتلبس بالغيظ والحقد من المظالم لبعض الوقت . إن سوريا، رغم كل المحن، ستبقى جبهة مواجهة إذا تمسك شعبها بالوعي وبوصلته الوطنية. وموعدنا دائماً مع فلسطين، فهي الحقيقة الثابتة التي لا يمكن أن تنحرف عنها إرادة الأمة. وكما عند الله في الآخرة، ففي الدنيا عند فلسطين تجتمع الخصوم !

————هام : ونحن نخط هذه الكلمات، وبينما تتوالى الاحتفالات بسقوط الدولة ، تتوالى غارات وهجومات الطيران الحربي الصهيوني على مختلف المواقع الاستراتيجية لسوريا التي تشكل مقدرات ومقومات قوتها .. ولا حركة ولا حتى كلمة من القادة الجدد ولا أية جهة أخرى إزاء سحق قدرات سوريا لدفعها للضعف والكساح .———————-

-× باحث في علم الاجتماع السياسي

مناضل ضد التطبيع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID