مقالات الرأي

مخض الما، تصيب الما.. لمواجهة البوليزاريو على أرض الكطلان.

منير أبو هداية ـ كطالونيا

مباشرة بعد التدخل المغربي في الگرگرات يوم 13 نوفمبر الأخير، دعت قياداة RASD الصحراويين إلى الخروج في مظاهرات أمام البعثات الدبلوماسية والقنصليات المغربية في كافة بلدان العالم..
و فعلا بدأت (الجاليات الصحراوية) في الإستجابة للدعوة على مضض … و بناءا على هوايتي في متابعة،و منذ سنوات لتحركات البوليزاريو و أنشطتهم بالخارج ( في المملكة الإسبانية على سبيل المثال )، فيمكن الجزم بأن الفضاء العام الإسباني ليس بغريب عنه الحضور المتواصل للصحراويين و الصحراويات!!،و الملاحظُ النزيهُ يعلم أن مناصري RASD يخرجون عموديا و أفقيا في البلد، من خلال وقفات و مسيرات و ندوات و لقاءات و تظاهرات منها الرياضية و الثقاقية و السياسية و الحقوقية و الفنية، وذلك في عدة محطات و تواريخ محددة، و على طول السنة.
أما الأكثر من ذلك كما هو معلوم ، فالتضامن الجارف الذي تتلقاه جبهة البوليزاريو من طرف المجتمع الإسباني و الدعم السياسي و الحقوقي من طرف عموم الهئيات السياسية، لا تخطؤه عين، سوى العين العوراء أو تلك التي ترهن نفسها لأجندة ما !!.. …
إنفتاح نشطاء البوليزاريو على المجتمع الأوروبي الإسباني و تواصله مع قواه الحية، وكسبه لنقاط جد مهمة لصالح طرحه ، يضع ما تسميه الدوائر المغربية الرسمية بـ ( الديبلوماسية الموازية و الترافع حول القضية الوطنية بين مغاربة العالم)، تضعها قبل أي وقت مضى، تحت أضواء النقاش و المسائلة. … و بالعكس من ذلك، عين المتابع ترصد ما يمكن تسميته بـ “الظاهرة المناسباتية” التي تتسم بها خرجات بعض المغاربة فيما يسمونه (( دفاعا عن مغربية الصحراء))، كما أن نفس العين المتابعة تلاحظ مدى السبات الفاضح لـهاؤلاء (المدافعين و المدافعات ..) و غيابهم عن الفضاء العام و الساحات العامة الإسبانية، إذ لا يعدو بأن يكون خروجهم دوما مـجرد”ردات فعل” بعد كل طارئ يحدث في مسار صراع الرباط مع الجبهة الصحراوية..، “ردات فعل” تسيّجها العاطفة و تحكمها هلامية الشعارات و الفلكلوريات، تتكرر نسخها عند كل ظهور ضد (الخصوم). … فما الذي كان يمنع مثلا، من يخرجون هذه الأيام ، من الخروج السنة الماضية و التي من قبلها … في مسيرات تجوب شوارع و الساحات الكتلانية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء؟ أو عيد الإستقلال ؟ أو عندما يجدد مجلس الأمن عهدة الـ MINURSO؟؟. و ما الذي كان يقف حجرة عثرة في طريق من إختصروا الوطنية في دائرتهم، أمام طرح قضية الصحراوية، فوق طاولة التداول بين القوى الحقوقية و الإعلامية و السياسية الإسبانية؟؟. … و إنه لمن الإجحاف، أن يتم تجاهل المعطى المتمثل، في أن الديبلوماسية المغربية و بعض (الجمعويين و الجمعويات و المناضلين والمناضلات!!) فوق أرض الكطلان، أيضا يبادرون بدورهم ، مرة مرة،إلى إقامة أنشطة وفعاليات تدخل في( إطار الدفاع على الصحراء) !!، لكن يبقى من المحاباة و النفاق، أن يتم الإعتراف بجدوى هذه الأنشطة و الثمار التي تجنيها الرباط من وراء خرجات رعاياها في كتالونيا؟…
فما الذي سيجعل خطاب الديبلوماسية الموازية، يتغلغل وسط المعترك السياسي و المدني المحلي عندما نستحضر مثلا لقاءات شبه رسمية بين جدران إسمنتية، فيها حُمل العلم المغربي عاليا مع ترديد النشيد الوطني والإحتفاء بمغربية الصحراء داخل قاعات مغلقة إبان زيارات المطربين و المطربات أو كنشاط (القفطان شو) المغربي في مثل هذا الشهر من السنة الماضية، حيث كرمت خلاله مغنية مصرية !!؟.. بل و أزيد ، ما الذي يريده بعض الوجوه الفعل السياسي المزروعين و سط الجالية، عندما يقومون بحجز قاعات الفنادق الفاخرة، لمتابعة خطاب العاهل المغربي في مناسبات عيد العرش أو المسيرة عبر شاشات عملاقة و بأقزام النتائج و بضيوف كجثة تحسن التصفيق كما تحسن كيف تأكل الكتف!!؟.. … الظاهر أن اللاعبين و اللاعبات رؤوس الحربة في التشكيلة المعتمدة رسميا (؟؟)، يحسنون فعلا تسجيل الأهداف في الزاوية تسعين !!، لكنها تبقى أهداف في الوقت الميت، أهداف لا تثير لا إعجاب و لا نظر الجمهور المحلي، سوى رضى و تصفق مكاتب القنصليات و المكاتب المعلومة !!، فعكس التغلغل وسط المجتمع السياسي الإسباني و كسبه كحليف في القضية الوطنية الأولى للمغرب، تأبى جماعات العفن الجمعوي المغربي في كتالونيا مثلا، إلا السير نحو الخلف، أين تبحث عن التغلغل في أروقة الرباط و إظهار حسن السلوك و الطاعة، لشيء في نفس يعقوب و يعقوبة !!!. … غير أنه قد يكون من قبيل (صب الما فالرملة)، البحث عن القوى الحقوقية و المدنية و السياسية الإسبانية، و فتح نقاش حول القضية الوطنية ، دون تصحيح مسار التعاطي مع شؤون (مغاربة العالم) و محاولة معرفة إن كان فعلا (أصحاب الأرض) يحملون في ضمائرهم هَمَّ و روح القضية و هم في ديار المهجر و المهرب؟. سأدلي برأيي و أقول ( هيهات يستقيم الظل و العود أعوج!!)، و هيهات يسجل المغاربة الخارجون بحماس وعفوية للوقوف ضد البوليزاريو، نقطا لصالح الرباط في صراعها مع (المغرر بهم) ودحر أطروحاتهم ،عبر كسب التعاطف المحلي .. دون رهان كسب عموم أفراد الجالية أولاً.. … و لعل من أبرز نقط ضعف تلك الخرجات و الوقفات التي يقوم بها مغاربة – والذين لا اشكك نهائيا في حسن نية غالبيتهم -، هنا في كتالونيا، هي كونها تاغتي في إطار (ردة فعل) و تجييش للكم دون التكيز على المحتوى ، أمام ردات الفعل هاته، قد تصل الصورة للمتابعين المحليين، على أن المغربة هم فقط مجموعات من المشوشين و مجهضي الأنشطة، ينزلون عند اي وقفة تدعو لها الجبهة، لنسفها أو على الأقل رفع أصوات مكبرات الأغاني فوق شعاراتها؟؟ فبمثل وقفات العبثية موضوع الحديث، يكون أصحاب الحق قد فوتوا على قضيتهم، أي فرصة لكسب الأخر الى جانبه، فلقد كان بإمكانهم أن يكونوا نموذجا متفردا في تدبير هذا الخلاف و الصراع مع (أعداء وحدتهم الوطنية)، بحكم تواجدهم في كتالونيا المنطقة التي خاضت صراعا مع السلطة المركزية، و أين بدا جليا كيف يتم الدفاع، كل على وجهة نظره بدون أدنى إساءة للشرف النضال. … و بدل إسراع زعماء الديبلوماسية ومن يسمون أنفسهم (فاعلي وفاعلات الجمعيات و التنسقيات و الأحزاب المغربية هنا بكتالونيا )، إلى قرع أجراس الإنذار بالخطر المتنامي، ضد قضية المغرب الأولى، بالشروع مثلا في :
ـ أوراش تأطيرية بين المغاربة و المجتمع المحلي، حول الصحراء و مسار النزاع حولها .. ـ طرح للنقاش سياسات جدية و شفافة للرد على أفكار البوليزاريو.
ـ الإنفتاح على النسيح السياسي و الحقوقي و الجمعوي الكتلاني – الاسباني، بوضعه في الصورة ، بتفاصيل الواقع في الاقاليم الجنوبية و رد الادعاءات .
ـ تنظيم موائد مستديرة أو ما شابهها، لنقد الذات الشجاع ، بالتساؤل مثلا: لماذا يلقى (خطاب البوليزاريو) الأذان الصاغية، لدى كبار النخب الإسبانية، إلى حد رفع رايات الجمهورية المزعومة مرفرفة،مثلا، فوق مقرات بلديات مدنٍ، معظم سكانها الأجانب هم مغاربة؟.
– إظهار الإلتفاف الدولي و الإقليمي الذي تحظى به مبادرة الحكم الذاتي التي تطرحها الرباط ، عبر، على الاقل، رفع رايات الدول التي تقف الى جانب الطرح خلال الوقفات ،او رايات تلك العواصم التي فتحت قنصلياتها على أرض الصحراء.. و لماذا كذاك، لا يشغل موضوع الصحراء، عشرات الآلاف من المغاربة في كتالونيا، بالرغم ان دولتهم تغدق بالمال و الإشهار على (جمعوييها و مساجدها )، لا تتأخر بالنفخ فيهم إعلاميا و توجيه الدعواتهم اليهم لحضور الاحتفالات الرسمية و ما إلى ذلك؟..
لكن و في معاكسةٍ تامة لكل ذلك، يختار (صحابْ الجبها)، دوما الدخول في متاهات غير مدروسة،جلبت إليهم أولا،و إلى عموم المغاربة في إسبانيا، و إلى القضية الوطنية المغربية، نقطا تحت الصفر و ضربات تحت الحزام. لكن الظاهر أن تعبير (مخض الما تصب الما)، هو العنوان اللائق و المناسب لواقع ديبلوماسيتنا الموازية للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية في الخارج، و معها كثير من ( الخارجون و الخارجات) لصد إستفزازات مناصري الجمهورية العربية الصحراوية !!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube