الفاجعة التي غيرت حياة العائلة
تحل الذكرى الثالثة لرحيلك يوم عيد الأضحى،لم يعد العيد عند العائلة كما كان يوما للقاء ،والفرحة والتواصل،بل أصبح يوم يتجدد فيه الحزن والنواح والحسرة المشفوعة بالحمد والشكر وهي شيم المسلم المؤمن بالقدر شره وخيره ،لعل الله سبحانه يخفف مانزل .لكن تبقى ،ظاهرة الرحيل الفجائي لجزء من جسدنا وفكرنا وفرحنا مؤلم لا يتحمله الإنسان مهما كانت قوة إيمانه.غيابك المفاجئ أصبح حزنا لا يفارقنا .لازلت أتذكر تلك الليلة بعد أن اجتمعنا حول المائدة لتناول طعام الفطور ،ما لذ وطاب بعد صيامنا ليوم استثنائي لا علاقة له بشهر الصيام ،يومها انخرط الجميع ،بحسن نية وصمت أيها الرجل الطيب كما صمنا،وأنت تصوم صيام المودع ،لأنك طلبت من والدتك أن تعد أشهى ماكنت تحب ،وكانت الوالدة كعادتها لا ترد لك طلبا ، ،يوم وقوف الحجاج في جبل عرفة،طرحت أسئلة عديدة لماذا نصوم ،في هذا اليوم وماعلاقتنا بوقفة الحجاج بعرفات.وضحت لك مايجب توضيحه ،وأكملنا تناول الفطور وقبل أن تغادر البيت لآخر مرة وأنت تودع الأم والأب بنظرات أدخلت الشك فينا،خرجت بعد أن تابعنا معا مقابلة في كرة القدم جمعت فريقك المفضل نهضة بركان وتفاعلت بشكل كبير مع كل لحظات المقابلة.ثم انصرفت مودعا المكان ومن فيه وكانت خرجتك الأخيرة ،لم نكن نعتقد أنها لحظة الوداع الأخير.تأخرت من غير العادة،فطال انتظارنا ،وكررنا الإتصال بك،لكن دون جواب ،حتى سمعنا دقات في البيت،وفتحنا فوجدنا شرطيان يطلبان منا مصاحبتهما إلى المستشفى حيث كنت تعيش تحت أجهزة التنفس الإصطناعي ،وتستعد لمغادرة هذه الدنيا،والتي كنت طموحا لتحقق فيها أحلامك وأحلام والديك.انتقلت إلى الرفيق الأعلى ونزل الخبر كالصاعقة أرجاء المعمور، فتلقيت سيلا من المكالمات تجاوزت المائة وخمسون .لم أستطع الرد على الأرقام التي لا أعرفها.وبعد شيوع خبر الفاجعة شد الأعزاء الرحال من كل مكان من داخل الدنمارك ومن فرنسا لمشاركتنا توديع العزيز نضال.،واستعصى اللحاق بالركب الذي حل بالدنمارك العديد .كان يوم الجنازة بالحضور العرمرم رغم كورونا مفاجئ.كانت الجنازة في مؤسسة الإمام مالك وتليت تعزية المدير العام لمؤسسة البنك الشعبي ونقل الجثمان في موكب رهيب إلى المقبرة الإسلامية ، حيث المستقر النهائي .كانت وفاتك صدمة كبيرة ليس للعائلة فقط ولكن لكل الذين عرفوك من قريب أو بعيد .كل تلقى الصدمة وأبى إلا أن يكون حاضرا في الجنازة،وكانت كبيرة بكل المقاييس ،رغم ظروف الوباء اللعين .فتحت مؤسسة الإمام مالك أبوابها،وامتلأت بالداخل ،حتى لم يعد مكانا بالداخل للمشاركة في التأبين ،كان الموكب الجنائزي استثنائيا في وقت صعب تمر به البلاد بسبب كورونا ،وأبى الأصدقاء من كل الجنسيات مشاركتنا توديعك لمثواك الأخير في مقبرة إسلامية،قررنا أن تدفن في البلد الذي ازددت فيه وأحببته ولك أصدقاء كثر فيه عرب وعجم ،آلكل أبى إلا أن يكون حاضرا ليودعك الوداع الأخير في المسجد والمقبرة ،كان رفاق-ورفيقاتك خلال مسيرتك الدراسية حاضرون بقوة في المقبرة والتي دخلوها لأول مرة وأبوا إلا أن يودعوعك لمثواك الأخير .تحل ذكرى رحيلك الثالثة،والحزن يخيم في كل مكان في البيت،لم نعد نقوى على المرور بكل الأماكن التي كنت تمر بها ولا على المكان الذي تلقيت فيه الصدمة ،لمتهور كان يسوق حافلة متجاوزا السرعة المحددة،كانت رحلته الأخيرة ،ليعود لبيته بعد يوم شاق،وتسبب بتهوره في رحلتك الأخيرة من هذه الدنيا ،وسط غموض كبيرفي القضية،التي لم نستدعى لجلساتها في المحكمة ،والتي نشم فيها رائحة التآمر في القضاء الدنماركي لم نكن نتوقعه .تحل ذكرى رحيلك الثالثةونحن نعيش حزنا أصبح أبديا حتى نلقاك في جنة الخلد إن شاء الله.يحل العيد ،ويتجدد المأثم والبكاء والحسرة على رحيلك بدون وداع ،لم نعد نمتلك سوى الدعاء عقب كل صلاة،.أنت في ذاكرتنا ،في بيتنا ،كل لحظة ،طيفك حاضر بيننا في بيتنا ،وجسدك يرقد تحت التراب ،وسيبقى رحيلك الفجائي غصة في القلب حتى نلقاك في جنات الخلد إن شاء الله.رحمك الله عزيزي نضال رحمة واسعة وجعل قبرك روضة من رياض الجنة،،لقد كان رحيلك فاجعة بكل المقاييس ونعمة لأن والدتك أصبحت لاتنام حتى تصلي الفجر وترفع الدعاء لك بصوت عال راجية من الله الإستجابة . وتعودت على ختم القرآن تقريبا كل أسبوع .أحسست فعلا قيمة الأم في حياة الإنسان وعلاقتها بجزئ كان بالأمس يقتات مما تقتات منه ويتنفس من الهواء الذي تستنشقه أمك ياعزيزي مشتاقة لك وتدعو الله لك في ظهر الغيب لتلقاك في الجنة يوم تخرج الروح لبارئها .عزيزي نضال أنت راسخ إلى الأبد في ذاكرتنا نتذكرك في كل وقت وحين وندعو لك ونحمد الله لأن قدرك أن ترحل في عز شبابك ،وأنت صاحب القلب الكبير ،الرحيم بفقراء الوطن شهادة من عاشر وحضر مواقفك ،كنت تحمل هم وطن إسمه المغرب ،وحملت أفكارا استثنائية دفاع عن الشرعية في ندوات ،لقد سجلت حضورك في محطات وكان أحسن المواقف دفاعك عن فقراء الوطن وكنت دائما حريصا على أن لا تطفئ جوعك ،حتى يشبع من يتوسلون إليك بالصدقة .خصالك التي ستبقى في سجلك التاريخي والذي صاحبك إلى مثواك الأخير. كنت فخور بك لشيئين أنه كان لك حس وطني ،وكنت تؤمن بالقيم المشتركة التي تقاسمتها معي ومع كل الذين يؤمنون بالعدالة الإجتماعية،وبقيم اليسار.وهي مناقب تحليت بها والتقيته من حضورك المستمر في عدة ندوات وتظاهرات داخل المغرب وخارجه،كنت دائما تقول لي <لم أكن أتوقع اهتمام شخصيات سياسية وجمعويةداخل المغرب وخارجه بمواقفي .وحضرت معي يوما إحدى المجالس الوطنية للإتحاد الإشتراكي ،للهيئة لتكون بديلا لي لازلت أتذكر أنك عندما تريد استفزازي تقول لي سأتابع دراستي بعد الإنتهاء من الدراسة في الدنمارك في الولايات المتحدة .كان رد فعلي دائما معارضا .لأني تربيت في حزب سياسي أكره الإمبريالية الأمريكية ومواقفها من الصراع في الشرق الأوسط.عشت حياة تؤمن بنفس الأفكار التي أومن بها .وفي الأخير سأبقى أدعو لك عقب كل صلاة دعاء المؤمن بالقدر خيره وشره ،رحلتنا في هذه الحياة ستنتهي وأمنيتنا أن نلتحق بك في جنات الخلد التي يوعد بها المؤمنون.
أدرج في آخر هذا المقال برقية التعزية التي تلقيتها من المكتب السياسي الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية
المكتب السياسي يعزي في رحيل نجل أخينا حيمري بالدانمارك
برقية التعزية التي تلقيتها من المكتب السياسي الإتحاد الإشتراكي والذي كان الفقيد يؤمن بخطه السياسي
ببالغ الحزن والأسى، وبقلوب مؤمنة بقضاء لله وقدره، تلقى المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكذا المناضلات والمناضلين الاتحاديين بالخارج خبر وفاة الشاب نضال، ابن أخينا البشير حيمري، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي وكاتب فرع الحزب بالدنمارك.
بهذه المناسبة الأليمة، نتقدم الى الأخ البشير والى جميع افراد العائلة الكريمة وعموم الاتحاديين بتعازينا القلبية الحارة، داعين المولى عز وجل أن يتغمد الروح الطاهرة للفقيد بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته وينعم عليه بعفوه ورضوانه ويلهم ذويه جميل الصبر و السلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك