سرديات رمضانية / وقائع ومواقع ـ الحلقة الأولى
إنجاز مصطفى المنوزي
الحلقة الأولى :
رغم كثافة الوقائع خلال العشرة أيام الأولى من شهر رمضان ، فإنني ارتأيت انتقاء بعضها أثارت حفيظتي وتستحق العناية والتمحيص :
اولها رحيل الفقيد عبد الواحد الراضي أحد مهندسي ” التصالح ” مع النظام وأبرز الوسطاء بين المعارضة الإتحادية والقصر ، وما هندسة وتنظيم طقوس الدفن إلا أحد العلامات التي طبعت اللحظة الجنائزية ، فبغض النظر عن حضور ولي العهد كأول خروج رسمي وانفتاح على أكبر حزب وطني وتقدمي ( تاريخيا ) ؛ فإن التجاذب حصل سيميائيا ، بنفس القدر الذي فيه التماهي بين المجايلة والإستمرارية والإصطفاف . لقد حضرت جميع فعاليات الدولة وتعبيراتها السياسية والمجتمعية والأمنية ، رغم التحفظات ” الواجبة ” ، بما فيها السلطة القضائية بإسم الذاكرة المؤسستية المشتركة ، حيث أن الفقيد كان وزيرا للعدل ، والذي كان تعيينه في المنصب ” السيادي ” إقترانا مع مسؤوليته ككاتب أول لحزب القوات الشعبية ، مع الإشارة إلى أن منصب الوزير يخول المكلف صفة عضو في المجلس الوزاري ؛ وفي هذا السياق يمكن تفسير أو تبرير رسالة الرثاء التي صاغها عضو المحكمة الدستورية ، ففضاء وقاموس الأعراف و الرموز يخول تراخيص ضمنية ، ويخفف نسبيا من ” حدة ” ضرورة التقيد بواجب التحفظ . وإذا كان من خلاصة أو عبرة من الحدث هو أن المشهد السياسي ظل مصاحبا بإرادة لتجسير العلاقة بين النظام والمعارضة بما تعنيه من الحفاظ على خطوط التواصل والتسويات غلى إثر كل شقاق أو توتر في العلاقة بين القصر والحركة الوطنية والديمقراطية ، خاصة يوم كانت هذه الأخيرة أو بعضها يعارض النظام وليس فقط حكوماته أو سياساتها . وإذا كان الفقيد عبد الواحد الراضي يلعب دور الوساطة وبمثابة سفير لقيادة الحزب على الخصوص بالنسبة للفقيد عبد الرحيم بوعبيد ، فإن نفس الدور كان يلعبه بعض مستشاري الملك وعلى الخصوص الراحل إدريس السلاوي الذي كان وسيطا بمثابة سفير للقصر لدى قيادة الاتحاد الوطني / الإشتراكي . وإن هذا الأخير لعب دورا كبيرا في إنجاح مقتضيات التناوب التوافقي وتحت ضماناته المعنوية والشخصية ، وللإشارة فالمستشار الملكي إدريس السلاوي تدرج مختصا داخل المسؤولية الأمنية والدبلوماسية ، وهو خريج المدرسة الشيوعية المغربية . وإن أمثالهما كثر هنا وهناك ، كما أن الصراع السياسي بين النظام والمعارضة سيظل يحتاج إلى أمثالهما ، وهو موضوع سنفرد له دراسة خاصة بتعاون مع ذوي الإختصاص . يتبع في الحلقة الثانية
تعليق واحد