شخصياتمستجدات

«‬كِيف،‭ ‬انتخابات‭ ‬وديبلوماسية‭: ‬ثلاثة ….. وضاما!

عبد الحميد جماهري

لا‭ ‬يليق‭ ‬بأي‭ ‬كان‭ ‬أن‭ ‬يحشر‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬لأي‭ ‬حزب،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحياته‭ ‬الخاصة‭. ‬هذا‭ ‬مبدأ‭ ‬له‭ ‬حظه‭ ‬من‭ ‬القداسة،‭ ‬فيه‭ ‬احترام‭ ‬القناعات‭ ‬والاختيارات‮..‬‭ ‬والقداسة‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬احترام‭ ‬‮»‬السلامة‭ ‬الفكرية‮»..‬للمنتمي‭ ‬لحزب‭ ‬سياسي‭.‬‭ ‬وله‭ ‬حظه‭ ‬من‭ ‬الكياسة،‭ ‬أيضا،‭ ‬لأن‭ ‬المنتمي‭ ‬إلى‭ ‬حزب،‭ ‬لا‭ ‬يهمه‭ ‬شأن‭ ‬الحزب‭ ‬الآخر‭ ‬الداخلي،‭ ‬إلا‭ ‬فيما‭ ‬يشكل‭ ‬شراكة‭ ‬في‭ ‬الاستفزاز‭ ‬الديموقراطي‮»‬،‭ ‬تارة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬التباين‭ ‬والتمايز‭ ‬البرنامجاتي‭ ‬أو‭ ‬السوسيو‭ ‬‮-‬ايديولوجي،‭ ‬تارة‭ ‬أخرى،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬معروفة،‭ ‬إما‭ ‬بمستلزم‭ ‬البند‭ ‬الانتخابي‭ ‬والتنابز‭ ‬الفكري‭ ‬والمناسباتي،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الخلاف‭ ‬الذي‭ ‬يهيكل‭ ‬المناخ‭ ‬العام‭ ‬والذوق‭ ‬السياسي‭ ‬العام‭… ‬إلخ‭

.‬‭ ‬ولهكذا‭ ‬موقف،‭ ‬حظه‭ ‬من‭ ‬السياسة،‭ ‬لأنه‭ ‬يضع‭ ‬الفروق‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬على‭ ‬قاعدتها‭ ‬التمييز‭ ‬ودفع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬فكرة‭ ‬أو‭ ‬موقف،‭ ‬عندما‭ ‬يلتزم‭ ‬الجميع‭ ‬بقواعد‭ ‬لعب‭ ‬ناضجة‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬السياسي‭ ‬الداخلي‭ ‬أمرا‭ ‬مبتذلا‭…‬هذه‭ ‬الثوابت‭ ‬لا‭ ‬تظل‭ ‬جامدة‭ ‬في‭ ‬قيامها‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬أي‭ ‬بالقرارات‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬أو‭ ‬إيجابا،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬المعيش‭ ‬اليومي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬ظروف‭ ‬الفهم‭ ‬السياسي‭ ‬وظروف‭ ‬تلقيه،‭ ‬وظروف‭ ‬العرض‭ ‬السياسي‭ ‬وظروف‭ ‬طلبه‭..‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية،‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬مريحة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬ممكن‭ ‬تسويغها‭ ‬بمتقضيات‭ ‬النقاش‭ ‬العمومي،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬الثلاثية‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الحكومة‭ ‬وذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالجو‭ ‬الوطني‭ ‬ومؤسساته‭ ‬والعلاقة‭ ‬التي‭ ‬تؤطر‭ ‬المواطن‭ ‬بالحقل‭ ‬السياسي‭:‬الأول‭:‬يتعلق‭ ‬باستئناف‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬موقف‭ ‬كان‭ ‬لتدخل‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬وضعه‭ ‬في‭ ‬طبقة‭ ‬مريحة‭ ‬من‭ ‬ثلاجة‭ ‬الخلاف‭ ‬السياسي‭ ‬الداخلي،‭ ‬عندما‭ ‬جمع،‭ ‬في‭ ‬تمرين‭ ‬يبدو‭ ‬ناجحا،‭ ‬بين‭ ‬منطق‭ ‬الدولة‭ ‬وفقه‭ ‬المضطر‭ ( ‬انظر‭ ‬مقالة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬لهذا‭ ‬العبد‭ ‬الفقير‭ ‬لرحمة‭ ‬ربه‮…‬‭).‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬دبره‭ ‬بواسطة‭ ‬نقابته‭ ‬الدعوية،‭ ‬حركة‭ ‬التوحيد‭ ‬والإصلاح،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأكيد‮»‬‭ ‬الموقف‭ ‬الدائم‭ ‬مما‭ ‬سماه‭ ‬التطبيع‭.‬وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬انتظره‭ ‬كل‭ ‬التيارات‭ ‬المرافقة‭ ‬أو‭ ‬المجاورة،‭ ‬لم‭ ‬يهتز‭ ‬الكيان‭ ‬سوى‭ ‬بدرجات‭ ‬خفيفة‭ ‬على‭ ‬سلم‭ ‬الزلزال‭ ‬المغربي‭ ‬المعتاد،‭ ‬والذي‭ ‬عصف‭ ‬بأحزاب‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬شروط‭ ‬أقل‭ ‬قسوة‭ ‬من‭ ‬الحاضر‭ …‬ويمكن‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نلزم‭ ‬نفسنا‭ ‬بموضوعية‭ ‬أكبر،‭ ‬حقا،‭ ‬بدون‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬المحاباة،‭ ‬هو‭ ‬كون‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬السابق‭ ‬ناب‭ ‬عن‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬تيارات‭ ‬مجاورة،لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وفي‭ ‬فلسطين‭ ‬رأت‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬المغرب‭ ‬خروجا‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬وثوابتها‮»‬،‭ ‬وذهبت‭ ‬بالبعض‭ ‬الآخر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عزل‭ ‬المغرب،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬المقري‭ ‬عن‭ ‬حركة‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬الإخوانية‭ ‬الجزائرية‮…‬‭.‬ثانيا،‭ ‬كان‭ ‬لمسألة‭ ‬تقنين‭ ‬‮«‬الكيف‮»‬،‭ ‬وأغراضه،‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الضباب‭ ‬الكثيف‭ ‬الذي‭ ‬غطى‭ ‬على‭ ‬سماء‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الحكومة،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬قام‭ ‬بما‭ ‬يلزم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬‮«‬‭”‬يشقف‭”‬‮»‬‭ ‬الكيف‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬‮«‬‭”‬تشقفه‭”‬‮»‬‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭.‬وكما‭ ‬سألني‭ ‬صديق‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المغرب‮:‬‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬نسبة‭ ‬قوة‭ ‬الإشعاع‭ ‬النووي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬نبتة‭ ‬عشب‭ ‬قنبية،‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬رجة‭ ‬لم‭ ‬تستطعها‭ ‬العلاقات‭ ‬إياها؟كان‭ ‬سؤالا‭ ‬ماكرا،‭ ‬وكان‭ ‬الجواب‭ ‬أقل‭ ‬ميلا‭ ‬إلى‭ ‬مجاراة‭ ‬في‭ ‬التتفيه‭.‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬محكوم‭ ‬بالتنافس‭ ‬الداخلي،‭ ‬ضمن‭ ‬مربع‭ ‬الحكومة‭ ‬وأغلبيتها،‭ ‬كما‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بخطوط‭ ‬الفصل‭ ‬السابقة‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬هو‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬المدافع‭ ‬عن‭ ‬مناهضة‭ ‬القانون‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬‮«‬القنبية‮»‬‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متحكم‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التراث‭ ‬الحكومي‭ ‬للحزب‭ ‬بشأن‭ ‬القضية،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬متحكم‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬يسير‭ ‬فيها‭ ‬بمنطق‭ ‬‮«‬الجميع‭ ‬ملزم‭ ‬بأن‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭..‬ولربما‭ ‬تفهمت‭ ‬الأغلبية،‭ ‬بطريقة‭ ‬ناضجة،‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تدفع‭ ‬رئيسها‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬حادة‭ ‬قد‭ ‬تضعف‭ ‬سلطته‭ ‬داخل‭ ‬حزبه،‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬واجه‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السابق،‭ ‬وهو‭ ‬تخمين‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يدل‭ ‬عليه،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بنفس‭ ‬الشيء‭ ‬عندما‭ ‬تعلق‭ ‬بنقط‭ ‬خلافية‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬السهام‭ ‬فيها‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬حلفاء‭ ‬آخرين‭… ‬وهكذا‭ ‬سمح‭ ‬تدبير‭ ‬الحكومة‭ ‬بتأجيل‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬‮«‬الدوخة‮»‬،‭ ‬وصلت‭ ‬حدته‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬تدبيج‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران‭ ‬لتنبيه‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬التجميد‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬تبني‭ ‬قانون‭ ‬الكيف‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬وفي‭ ‬حكم‭ ‬الاستقالة‭ ‬إن‭ ‬تم‭ ‬تصويت‭ ‬الفريق،‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬عصب‭ ‬الأغلبية‭ ‬عليه‭.‬‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬طبعا‭ ‬في‭ ‬السقف‭ ‬الذي‭ ‬حددناه‭ ‬لأنفسنا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬قرارات‭ ‬تهم‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬الحكومة‭.‬فالقضية‭ ‬الأولى‭ ‬تمت‭ ‬تحت‭ ‬السقف‭ ‬الملكي،‭ ‬وفي‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬عند‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الثلاثية‭ ‬المغربية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلية‭..‬‭ ‬والثانية‭ ‬تتم‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬ونحن‭ ‬بالتالي‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الشراكة‭ ‬الدستورية‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬المكونة‭ ‬للهندسة‭ ‬المؤسساتية‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭…‬‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬كون‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬سابق‭ ‬وأمين‭ ‬عام‭ ‬سابق‭ ‬هو‭ ‬المفاوض‭ ‬غير‭ ‬الرسمي‭ ‬في‭ ‬القضيتين،‭ ‬وقد‭ ‬صرح‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الأولى‭ ‬أنه‭ ‬تلقى‭ ‬مكالمة‭ ‬من‭ ‬المستشار‭ ‬الملكي‭ ‬السيد‭ ‬فؤاد‭ ‬عالي‭ ‬الهمة،‭ ‬وفي‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬هدد‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬بمغادرة‭ ‬طوعية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تم‭ ‬تبني‭ ‬المشروع،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬كان‭ ‬للنقابة‭ ‬الدعوية‭ ‬فيه‭ ‬موقف‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬موقفه‮..‬سايرت‭ ‬فيه‭ ‬الدكتور‭ ‬العثماني‭ ‬كرئيس‭ ‬حكومة،‭ ‬وأقامت‭ ‬فتواها‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬شرعية‭ ‬صحية‭ ‬فقهية‭…‬أما‭ ‬النقطة‭ ‬الثالثة‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان،‭ ‬وتهم‭ ‬سلطة‭ ‬البرلمان‭ ‬وتم‭ ‬الحسم‭ ‬فيها‭ ‬تحت‭ ‬المظلة‭ ‬الدستورية‭ ‬التشريعية‭…‬نحن‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬النص‭ ‬الدستوري‮..‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬لنا‭ ‬بالنقاش‭ ‬ثم‭ ‬التعليق‭ ‬ثم‭ ‬استخلاص‭ ‬ما‭ ‬يسعفنا‭ ‬به‭ ‬العقل‭ ‬البسيط‭ ‬الذي‭ ‬نملكه‭.‬في‮ ‬النقطة الثالثة،‮ ‬تعلق الأمر بالوجود المؤسساتي‮ ‬للحزب المعني،‮ ‬بما هو وجود دستوري‮ ‬ضمن الكيان الحزبي‮ ‬المغربي‮.‬وقد قيل الكثير عن‮ ‬الشكل الذي‮ ‬اتخذه رد الحزب عن مشروع‮ ‬قانون للانتخابات‮ ‬يحظى بالأغلبية الساحقة،‮ ‬مما لا ضرورة إلى إعادة‮ ‬الحديث‮ ‬فيه‮…‬وأول‮ ‬شيء هو أنه كشف أمرين اثنين في‮ ‬التقدير الآني‮:‬القدرة‮ ‬على‮ ‬تجاوز‮ ‬كل‮ ‬الخلافات التي‮ ‬تكون قد ظهرت أو‮ ‬تخيلها‮ ‬الفرقاء السياسيون عند التعامل مع العلاقة‮ ‬مع‮ ‬إسرائيل و»الكيف‮»‬،‮ ‬وتجاوزها بضربة‮ ‬تعبوية واحدة جمعت الفريق‮ ‬كله،‮ ‬بالرغم من‮ ‬استقالة أحد أقطابه‮ ‬ورئيس المجلس الوطني‮ ‬بعد‮ ‬عيٍّ‮« ‬في‮ ‬تدبير‮ ‬الآلة‮ ‬التنظيمية،‮ ‬على‮ ‬حد‮ ‬ما‮ ‬ورد‮ ‬في‮ ‬متن‮ ‬استقالته‮.‬‮ ‬و العجز‮ ‬عن‮ ‬تدبير‮ ‬التوافق‮ ‬السياسي‮ ‬الممكن‮ ‬من‮ ‬زاوية‮ ‬مشاريع‮ ‬القوانين ذات‮ ‬الصلة بالانتخابات‮..‬فالمنطقي‮ ‬هو أن‮ ‬يقود الحزب الذي‮ ‬يشكل عصب الأغلبية‮ ‬توافقها‮ ‬ويحصنها‮… ‬إلخ،‮ ‬بتدبير‮ ‬التوافقات‮( ‬انظر‮ ‬مقالة‮ ‬في‮ ‬الموضوع‮ ‬حول التوافق وميزان‮ ‬القوى‮ ).‬غير‮ ‬أن‮ ‬الذي‮ ‬صار هو أنه وجد نفسه في‮ ‬معركة‮ ‬مؤسساتية،‮ ‬فيها‮ ‬حزب مقابل الطبقة السياسية برمتها،‮ ‬وهي‮ ‬سابقة في‮ ‬ما‮ ‬يبدو‮ ‬في‮ ‬الحقل‮ ‬السياسي‮ ‬المغربي،‮ ‬وهنا‮ ‬أول مظاهر السباق‮ ‬الانتخابي‮ ‬أو‮ ‬المذاق‮ ‬الأولي‮ ‬لما قد‮ ‬يحدث‮ ‬غدا،‮ ‬عند تشكيل الحكومة‮ ‬إذا‮ ‬قدر لها أن‮ ‬تشكل؟‮ ‬وهنا‮ ‬يفرض سؤال منطقي‮ ‬نفسه‮: ‬هل‮ ‬سيكون هذا عرقلة في‮ ‬تدبير ما‮ ‬بعد الانتخابات وما‮ ‬تتطلبه من‮ ‬توافقات‮ ‬لتشكيل‮ ‬الحكومة؟هل‮ ‬يستطيع‮ ‬تدبير‮ ‬تبعات هذا الموقع،‮ ‬إن وجد نفسه أمام الطبقة الحزبية برمتها،‮ ‬أم أن قوانين أخرى،‮ ‬يصعب تخمينها الآن،‮ ‬ستتدخل في‮ ‬بناء الأغلبية المقبلة؟سؤال‮ ‬لا نغامر بجوابه وإلا قد نسقط في‮ ‬التدخل في‮ ‬الحلقة‮ ‬الذاتية الخاصة بالحزب‮..‬لقد منحت الفرصة،‮ ‬مع ذلك،‮ ‬وسيلة‮ ‬ناجعة للحزب،‮ ‬الذي‮ ‬يقود‮ ‬الحكومة،‮ ‬في‮ ‬نهاية ولايتها،‮ ‬لكي‮ ‬يستجمع‮ ‬قواه في‮ ‬امتحان قلما‮ ‬ينجو منه‮ ‬كيان حزبي‮ ‬مغربي‮ ‬في‮ ‬الحقيقة،‮ ‬ويفرض سلوكه،‮ ‬مهما‮ ‬قيل عنه في‮ ‬انتهاك الحجر‮ ‬الصحي،‮ ‬على الجميع‮ ‬الذين‮ ‬ساروا‮ ‬معه في‮ ‬اختراق الحجر الصحي‮ ‬لضرورات رهان‮ ‬القوة‮ ‬والحسم‮ ‬بالتصويت‮…‬كيف‮ ‬نقرأ هذا من زاوية‮ ‬التأثير على‮ ‬مجريات الفرز البرلماني؟ليست الصحافة قارئة‮ ‬للطالع،‮ ‬لكن الواضح أن الحزب‮ ‬يعتمد في‮ ‬المعركة على مناضليه ويجعل من وحدته‮ ‬الداخلية قدرا في‮ ‬مواجهة الانقسامية التي‮ ‬طبعت الحقل السياسي‮ ‬وتحدث عنها‮ »‬جون‮ ‬واتربوري‮«…‬إنها المرة الأولى التي‮ ‬يوجد فيها حزب‮ ‬يقود الحكومة،‮ ‬من‮ ‬داخل‮ ‬المؤسسات،‮ ‬وبكل موارده‮ ‬البشرية وجها‮ ‬لوجه‮ ‬مع‮ ‬الطبقة‮ ‬السياسية‮ ‬برمتها،‮ ‬وهو‮ »‬براديغم‮« ‬غير‮ ‬مسبوق،‮ ‬لا‮ ‬يمكن القفز‮ ‬عليه في‮ ‬قراءة‮ ‬المشهد برمته،‮ ‬ثم‮ ‬ما‮ ‬سيليه‮ ‬مستقبلا‮.. ‬خاصة‮ ‬وأن التوافقات‮ … ‬فلسفة مغربية‮ ‬في‮ ‬تدبير‮ ‬التناقضات،‮ ‬بالأحرى الخلافات‮.‬وقد‮ ‬يكون على الحقل السياسي‮ ‬المغربي،‮ ‬بناء‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬المعطى‮ ‬وغيره‮ ‬،‮ ‬أن‮ ‬يحسم‮ ‬قراره ويتفق على‮ ‬قواعد لعب نهائية تستقر‮ ‬بها الدينامية الديموقراطية،‮ ‬كما دعونا دوما‮..‬أخيرا،‮ ‬لقد صارت الأحزاب في‮ ‬الهندسة الدستورية الجديدة جزء‮ ‬من الدولة وكيانها وجهازها‮ ‬الدستوري،‮ ‬وبهذا‮ ‬يكون من‮ ‬الضروري‮ ‬قراءة حياتها من هذه الزاوية بدون إصدار أي‮ ‬حكم‮ ‬قيمة،‮ ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬تعطي‮ ‬للدولة جزء‮ ‬من‮ ‬طاقمها،‮ ‬بناء على الأفق‮ ‬الدستوري‮ ‬الجديد،‮ ‬والأحزاب التي‮ ‬تملك مواردها الذاتية‮ ‬هي‮ ‬القادرة‮ ‬دوما‮ ‬على خلق البدائل‮ ‬السياسية،‮ ‬فليس هناك سياسة ممكنة بدون أحزاب‮. …‬ونقصد أنه في‮ ‬استحقاقات‮ ‬كثيرة نعيش‮ ‬سياسة‮ ‬بدون متن حزبي‮ ‬يلتف حوله حملة المشروع‮…‬

ختاما نحن ننظر إلى موقع‮ ‬الحزب الذي‮ ‬يقود الحكومة‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬تقاطع‮ ‬المؤسسات‮ ‬الدستورية‮ ‬حوله‮: ‬المجال‮ ‬المحفوظ،‮ ‬المجال‮ ‬الحكومي‮ ‬والمجال‮ ‬التشريعي‮ .. ‬وهو‮ ‬أمر‮ ‬في‮ ‬تقدير‮ ‬هذا‮ ‬العبد‮ ‬الفقير‮ ‬إلى‮ ‬التوبة،‮ ‬له‮ ‬حظه‮ ‬من‮ ‬الجِدَّة‮ ‬في‮ ‬حياتنا‮. ‬الذين‮ ‬يعرفون قاموس الضامة‮ ‬،‮ ‬يعرفون عبارة‮ »‬ثلاثة وضاما‮« ‬بما تعنيه أن اللاعب‮ »‬يآكل‮« ‬ثلاث بيادق‮ ‬،‮ ‬في‮ ‬الخط الذي‮ ‬يوصله الى‮ «‬أعلى الواد‮» /‬الضامة،‮ ‬بما‮ ‬يعطيه حرية التنقل على طول وعرض الرقعة‮.. ‬ولا‮ ‬يبدو‮ ‬أن الحزب الذي‮ ‬يقود‮ ‬الحكومة‮ ‬يخاف‮ ‬من‮ ‬كونه‮ ‬خارج‮ ‬الطبقة‮ ‬السياسية‮ ‬المتوافقة‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬مصاب‮ «‬بالاغورافوبيا‮»‬agoraphobie‮ ‬السياسية‮… ‬ويمكن‮ ‬أن‮ ‬نقول‮ ‬ختاما‮ ‬ثانية‮:‬أمامنا‮ ‬مشهد‮ ‬سياسي‮ ‬يفرض علينا‮ ‬استحضار‮ »‬انطونيو‮ ‬غرامشي‮« ‬في‮ ‬قراءته،‮ ‬وليس‮ ‬تحول‮ ‬بعض‮ ‬قراء‮ ‬الفناجين إلى خبراء‮ ‬لاستطلاع الرأي‮… ‬،‮ ‬وتلك قصة أخرى سنعود‮ ‬إليها‮ ‬بما‮ ‬يقتضيه‮ ‬الأمر‮ ‬من‮ ‬تواضع وحس وطني‮ ‬ضروريين‮!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube