مستجداتمصطفى المنوزي

بالتي هي أحسن كلما توافقت إرادة الصدفة مع قانون المصادفة

( واقعة رحيل المجاهد بنسعيد وذكرى وفاة المستشار السلاوي)

في هذا اليوم ، سابع من شهر فبراير 2024 ، شاءت الأقدار أن نعيش أحداث وذكريات كثيرة ؛ أغلبها معلوم وبعضها غير معروف لدى عموم المواطنين ، غير أن أول أبرز الأحداث ، واقعة إلتئام مئات الشخصيات الوطنية والنخبة السياسية و عدد كبير من المناضلين الديمقراطيين والتقدميين وقدماء المعتقلين السياسيين ، ومن قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أو أحفادهم ( يوم 10 فبراير ذكرى مكنسة إيكوفيون لتصفية جيش التحرير ) ؛ سيقف الجميع وقفة ترحم على مدفن الفقيد محمد بنسعيد إيت يدر الشتوكي ، وستحضر لدى كل فرد على حدة لحظة او لحظات جمعته بالفقيد ، لن أنوب عنهم في التخيل أو التأمل أو الإسترجاع ، ولكن اتصور تقييما لما مضى ومقارنة مع ما يجري في الحاضر ، ولن تكون الخلاصة المتوافق عليها سوى أن موت المحاهد بنسعيد هي بمثابة عنوان وتأكيد لنهاية مرحلة توجت بوفاة آخر عنقود قيادة الكتلة الديموقراطية ، وهي محطة لها ما بعدها لاشك !
وإن ما يهمني هو التذكير بأن المسؤولية التاريخية والسياسية تقتضي ان نكمل المشوار الذي بدأه بعض من هؤلاء القادة على مستوى توثيق أو تدوين الذاكرة الوطنية أو السيرة الذاتية ببعدها العمومي والوطني المشترك ، وقد كانت الجرأة للمجاهد بنسعيد أن أذن لرفاقه في تأسيس مركز يحمل إسمه ، جل اطره من ذوي الإختصاص في التاريخ والتأريخ والذاكرة والتفكير والتوثيق ؛ دون تجاهل منجزات كل من القادة التاريخيين علال الفاسي المهدي بنبركة وعبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد ، ومحمد الفقيه البصري ، وعمر بنجلون ، وابراهام السرفاتي ، وعلي يعتة وعزيز بلال ، وأبوبكر القادري وامحمد بوستة ، وعبد الرحمان اليوسفي ، واللائحة طويلة جدا نتعهد ، كمنتدى لضمير الذاكرة والسرديات الامنية بنشرها وتعميم السير والمنجزات والمؤلفات المتعلقة بها بتعاون مع جميع المؤسسات والمراكز ذات الصلة ، خاصة وأن النسبة الكبيرة من الوقائع السياسية والإجتماعية والفكرية ، والأمنية على الخصوص ، والمرتبطة بهؤلاء الرواد والقياديين تقادمت طبقا لمقتضيات قانون الأرشيف . و لأن اليوم يمكن الحديث عن الوقائع والمواقع بمسافة تسمح بالبوح اولا وبجرأة متاحة ؛ لأننا في واقع الأمر نملك الحقيقة التي صنعها هؤلاء بنضالهم ويعرفون حقيقة ما تعرضوا له من قهر ومنع وقمع وانتهاكات إقترانا مع مشاريعهم الموؤؤودة لأسباب ذاتية ؛ ليبقى دورنا جميعا حول إنجاز مطلب الحقيقة الوطنية ، والذي لن نبلغ غايته إلا بمجهود المؤرخ وإجتهاد القاضي وطبعا لا مؤسسة المؤرخ ولا منظومة القضاء لن يصنعا ولن تقبل منهما حقيقتهما ، التاريخية أو القضائية ، سوى في ظل مناخ ديموقراطي ، لذلك فلا حقيقة إلا مع الديمقراطية ، وسيلة وغاية . ولأنه من حسن حظنا ان الدولة لا تملك أي لحظة تاريخية خالية من أطياف المناضلين والمكافحين من سلالة المقاومة وأعضاء جيش التحرير ، ثلثهم صاروا من الموالاة ، سواء خبراء أو أطر ومستشارين ، أو موظفي الدولة عموميين أو حماة النظام ، وأكثر من الثلثين ظلوا متمسكين بإنجاز الثورة الوطنية والديموقراطية او دعاة شعار : تحرير – ديموقراطية – إشتراكية ، بل منهم من امتطى مطلب العدالة الإجتماعية أو الإشتراكية الديموقراطية ، تراجعا عن مطلب الإشتراكية العلمية أو بدرجة أخف مطلب الملكية البرلمانية . ولأن الموضوع يطول بسطه ( ونلتزم كعادتنا بالعودة إليه في أقرب فرصة ممكنة ) ؛ فإن نقر بحقيقة أن الدولة ؛ من بين التوصيات التي لم تلتزم بها ؛ توصية الإحتفاء بضحايا السنوات ومن بينهم قدماء مقاومين اعضاء جيش التحرير ؛ فقد إلتزمت بإطلاق أسمائهم على مرافق عمومية من مؤسسات تعليمية ومنشئات رياضية ومعاهد علمية ومعالم ثقافية وشوارع عمومية ، وتردد وعدها . وحتى من خدم الدولة أو النظام على الخصوص فقد نال بعضهم حظه من النسيان ، وعلى سبيل المثال لا الحصر الراحل الدكتور إدريس السلاوي الذي كان شيوعي المنطلق وتوفي مستشارا ملكيا في مثل يومه السابع من شهر فبراير سنة 1999 أي أشهر قبل وفاة الراحل الحسن الثاني . وبذلك تكون ذكرى رحيله الحدث الثاني الذي يستحق منا لفت الإنتباه إليه ، بل من واجبنا تكريس لحظات وصفحات لهذه الشخصية الوطنية والتي لم يعترف لها بما يليق ويكفي بما انجزه من مصالحات وتسويات بين الحركة التقدمية والقصر . إنه كان رجل الوساطة وتليين حالة التوتر والصدام بين الضفاف .
يتبع في الحلقة الثانية
مصطفى المنوزي
منسق منتدى ضمير الذاكرة والسرديات الأمنية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID