السلك الدسبلوماسي

علاقاتنا الدبلوماسية…نخوة سياسية

عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

تراهن مملكتنا الشريفة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على العمل البناء في تسريع وثيرة تنميتنا الاقتصادية ودمج قطب القوى الناشئة في إفريقيا والشرق الأوسط. كما أن سياستنا مبنية على:

  • أسس متينة تلتحم فيها إرادة الشعب و ثقته في تدبير أموره من طرف نظام همه الوحيد والأوحد : تحسين معيشة المواطن.
  • مبادىء موضوعية تراعى فيها مصالح الدول لبناء اقتصاد قوي ومستدام.
    لكن في المقابل، لا يخلو جانبنا الشرقي من الشوائب.
    إن حكام قصر المرادية ومرافقيهم يبثون يوما بعد يوم قيم الكراهية لدى الشعب الجزائري لدرجة اوهامه بأنهم قادرون حسب ظنهم على تخليص سكان أقاليمنا الجنوبية من ارتباطهم الوثيق ببلدهم الأم. يحرضونهم على فكرة اقتلاع جزء من أراضينا و جزء من ثقافتنا و هويتنا وجزء من تاريخنا لصالح أبناءنا المغرر بهم. فما هي الغاية من ذلك؟ حسنًا، بكل بساطة، يحاولون الحفاظ بلا كلل على سلطتهم، على بلد ينهبونه دون تردد وبدون رحمة. يبدون رغبتهم في جعل العالم يؤمن بأن نظام الحكم العسكري هو الأنسب لكل دول المعمور وكذا رغبتهم في السيطرة الأبدية على جزء من الأراضي المغربية (الصحراء الشرقية) التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر خلال فترة الاستعمار (تندوف، بشار والمناطق المحادية لهما). و لأن الثقة المفرطة تخلق حتمًا غرورًا نرجسيًا، فقد انتهى الأمر بكابرانات المرادية إلى الاعتقاد بأن ثروتهم من النفط والغاز تمكنهم من شراء كل شيء حتى الحق في إنشاء دولة وهمية وفرضها على المجتمع الدولي. وهم سياسي أحبطه في السابق والدنا المنعم المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه بمراهنته على مهارة أعماله واستنزاف قوى العدو خصوصا على المستوى السياسي، ما وصفه بشكل حكيم في أحد أقواله: “معارك الحياة لا يربحها الأقوى ولا الأسرع، بل من لا يستسلم أبدًا”. فقد كان رحمه الله محقًا تمامًا، لأنه حتى لو لم يكن لدينا مكاسب من الغاز و النفط مماثلة لتلك الموجودة في الجزائر، فإننا نبقى قادرين على إنهاء الحرب السياسية لصالحنا.
    و بفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أضحت دبلوماسيتنا تكسب وبخطى ثابتة قضيتنا الوطنية في المحافل الدولية بهدوء و بفضل حكمة مقنعة لا يمكن إنكارها أو تجاهل اصداءها عالميا.
    و من خلال اعتمادها على النخب الوطنية و شراكاتها المختارة بذكاء، تمكنت مملكتنا الشريفة من بدء انطلاقة جديدة واعدة لتطور الاقتصاد الوطني بناء على مضامين النموذج التنموي الجديد ودبلوماسيتها الدولية.
    و في هذا الصدد، نذكر بأن المغرب قد تحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال التوقيع على معاهدة تعاون امتدت إلى عدة مجالات. كما أنه اقترب من خلال توقيع العديد من اتفاقيات التعاون الزراعي والصناعي والطاقي مع بريطانيا العظمى بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. حتى أن الملك سارع إلى روسيا والصين لتوقيع معاهدات التعاون الاقتصادي القائمة على الاحترام المتبادل للمصالح الحيوية لكل دولة موقعة.
    أما في إفريقيا، فقد سارع المغرب إلى إبرام العديد من الاتفاقيات لدعم ومواكبة التنمية المالية والعقارية والطاقية للبلدان الموقعة. لعبة شطرنج حقيقية تلك التي يتقنها سيدنا حفظه الله في كيفية وضع كل بيدق في المكان الأنسب لضمان تكريس اللعبة الدبلوماسية ومدى نجاعتها إقليميا ودوليا.
    كما أن حكمة تدبير دبلوماسيتنا في أماكن أخرى من إفريقيا مكنتنا في ترسيخ مكانتنا كلاعب رئيسي في العلاقات بين الشمال والجنوب. و للقيام بذلك، كان على ديبلوماسيتنا أولاً إخراج الاتحاد الأفريقي من قبضة الجزائر وجنوب إفريقيا. هاتان الدولتان اللتان استخدمتا كل الخدع لاتخاذ قرارات تتعارض أحيانًا مع مصالح بلدان إفريقيا لغرض وحيد هو الإضرار بالمغرب والحفاظ على نفوذهما قاريا. لكن بفضل الدعم الأمريكي والإسرائيلي ودعم بعض البلدان الأفريقية، تمكن المغرب من إحباط جميع الفوضى الجزائرية-الجنوبية الإفريقية، من خلال دمج اللجان الأكثر استراتيجية في هذه المنظمة و بفرض قواعد جديدة للعبة: ديمقراطية أكبر في صنع القرار مع تقييم جميع البلدان التي هي جزء من الاتحاد الأفريقي.
    و في هذا النضال من أجل الإدارة العادلة لمصالح دول القارة، اعتمد الملك على أصدقاء المملكة وعلى رأسهم فخامة السيد ماكي سال رئيس السنغال وسعادة السيد الحسن واتارا رئيس كوت ديفوار وفخامة السيد علي بونغو أونديمبا رئيس جمهورية الغابون.
    كما أنه لا يخفى على متتبعي السياسة الأفريقية، أنه يتم الحديث مؤخرا في أروقة مقر الاتحاد الأوروبي بين عدد من المراقبين على أن طرد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الزائفة من الاتحاد الأفريقي مسألة وقت لا أكثر. إجراء مدعوم من قبل جميع حلفاء المغرب في إفريقيا. و علاوة على ذلك، خلال الزيارة الأخيرة لسعادة السيد ماكي سال إلى روسيا، بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، أشار صراحةً إلى أنه ذهب إلى هناك نيابة عن 54 دولة أفريقية. وهو ما يعني بوضوح أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الزائفة على وشك أن تطرد من هذه المنظمة. و من ناحية أخرى، فقد صنفت الدول الغربية الجزائر، الحليف الرئيسي لروسيا في إفريقيا، على أنها دولة ذات مخاطر أمنية عالية بالنسبة لأوروبا وحلف شمال الأطلسي. و حتى خطة المرور لخط أنابيب الغاز النيجيري الذي كانت تعول عليه السلطة الجزائرية للسيطرة على تدفق الغاز إلى أوروبا، تم منحها للمسار المغربي بضغط من الدول الغربية. كما أن الجزائر تعمل بدعم من موسكو وأن الوجود الروسي في شمال إفريقيا قد بدأ بشكل أساسي وشجعه المجلس العسكري الجزائري. و يشكل هذا بلا شك هجومًا على المصالح الحيوية لأوروبا والولايات المتحدة في إفريقيا و يفسر أيضًا الاستراتيجية الحالية للعزلة التي بدأها الغرب ضد الجزائر، حيث قررت تونس وموريتانيا مؤخرًا أيضًا إبعاد نفسيهما عن سلطة الجزائر. هذا يعني ببساطة، من ناحية أخرى، وكما أشرت في العديد من تحليلاتي السابقة، أن الجزائر من ناحية في مرمى الغرب، ومن ناحية أخرى، فإن الطريق مجاني للمملكة لتلعب بمفردها دور حزام النقل بين الغرب وروسيا والصين وأفريقيا. وستشهد العلاقات الجديدة هذه المرة على أساس تبادلات أفضل توازناً مع وسيط دول مثل المغرب في إفريقيا وإسرائيل ودول الخليج ومصر وتركيا في الشرق الأوسط.
    ويبقى نظام الكابرانات يترصد ويترقب ما يقوم به نظامنا الذي يؤكد يوما بعد يوم مصداقية دبلوماسيته وموضوعية أهدافه.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube