أهم التحديات المستقبلية: تحدي التعقيد
بقلم : أمين سامي خبير في الإستراتيجية للمنظمات غير الحكومية
إن المشكلة الأولى في هذا العالم المُعَقّد، والذي سيزداد تعقيداً في السنوات والعقود المقبلة، هو “الفكر الاختزالي” الذي أصبح يَخْتزل معرفة الكُلّ إلى معرفة العناصر المُكَوِّنة له. إن الخيار الوحيد والأوحد والذي أصبح هو المتاح حاليا وأحد التحديات التي تنتظرنا مستقبلا فهو: “الفكر النُظُمي” أو “الفكر النسقي” أو “الفكر المُرَكّب” أو “الفكر المُعَقّد”، وهي كلها أسماء لنفس المسمى.
إن الفكر الاختزالي هو فكر أعور يرى بعين واحدة هي عين التخصص الضيّق الذي لا ينفتح على العلوم الأخرى ويتفاعل معها كي يرى بوضوح طبيعة العلاقات والتفاعلات التي تحصل بينها ويستفيد بشكل ايجابي.
ولكي نفهم المشكلة بعمق وبوضوح، أي مشكلة الكل والجزء، دعونا أولا نُلقي نظرة على طبيعة الواقع والوقائع التي نتعامل معها.
إن الظواهر والوقائع ثلاثة أنواع: بسيطة ومُرَكَّبَة ومُعَقَّدَة.
- البسيطة؛ تتكون من عدد محدود من العناصر، ومن نفس الطبيعة، و تتفاعل فيما بينها بشكل بسيط.
- المُرَكَّبَة؛ تتكون من عدد كبير جداً من العناصر، لكن من نفس الطبيعة، وتتفاعل فيما بينها بشكل بسيط.
- أما المُعَقَّدَة؛ فهي تتكون من عدد كبير جداً من العناصر، ومن طبيعة مختلفة ومتنوعة، وتتفاعل فيما بينها بشكل غير بسيط.
نمط التفكير التحليلي يكفي في أغلب الحالات لفهم الأنساق البسيطة والمركبة، لكن الأنساق المُعَقَّدَة تحتاج لفهمها والتعامل معها إلى الفكر المُعَقَّد.
إن هذا النوع من الظواهر يتميز بعدم وضوح وشفافية العلاقات السببية بين العناصر المكونة له وارتباطها بالنسق والبيئة الخارجية وبالتالي يصعب و يُعقّد علينا الفهم والتوقع والقرار… .
إن في عالمنا اليوم أصبحنا نتعامل مع عدد كبير جداً من الظواهر المعقدة وفي كل مجالات حياتنا الشخصية والأسرية والمهنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية… (نحن هنا نُمَيِّز ولا نُجَزِّئ)، وهي مرشحة لكي تزداد عدداً وتعقيداً في عالم الثورة الحضارية الرابعة والتحول الرقمي المتسارع ، فما العمل إذن؟
المصادر :
١. كتاب الانفجار العظيم للدكتور إدريس أوهلال.
٢. سلسلة تحديات ما بعد الانفجار العظيم : تحدي التعقيد للدكتور إدريس أوهلال.