القضية الوطنيةشخصياتمستجداتمقالات الرأي

نهاية أطروحة الإنفصال بالصحراء المغربية.

•ذ.الحسين بكار السباعي.

إن أي فهم لطبيعة الحركات الإنفصالية ، وأسبابها وتداعياتها، يستوجب منا البحث في الإرهاصات التاريخية التي حفت بها . هذه الحركات التي كانت جزءا عن خارطة جيوسياسية أريد فرضها لخدمة مصالح دول ومعسكرات ، مصالح سياسية وإقتصادية تحث غطاء حق تقرير المصير و الإنفصال عن الوطن الأم ، وطبعا تبقى هذه الحركات رهينة تلك المصالح المتغيرة والمتقلبة .
من هذه الحركات مايسمى “جبهة بوليساريو ” ، والتي بدأ إنتعاشها في أوج الحرب الباردة وصداع الشرق والغرب ، هذه الحركة التي وجدت الدعم ، من أنظمة حاقدة على المغرب ونظامه الملكي وسيادته خاصة بعد إسترجاعه لصحرائه ، و هي ذات الجبهة، التي يدعي بعض المحسوبين عليها،و في أوج تأسيسها أنها وجدت لتحرير منطقة الساقية الحمراء وواد الدهب من الإستعمار الإسباني ، لتحول مطالبها إلى مطالب إنفصالية ضد الوطن الأم المملكة المغربية ، ولتستفيد لوجستيكيا وإعلاميا وماليا و بالسلاح والعتاد من ليبيا القدافي حينها والجزائر .

إنهم مجموعة من الشباب الطلبة بجامعة محمد الخامس والذين إنخرطوا في الإتحاد الوطني لطلبة المغرب فترة الستينات ، ثم إستقطابهم من طرف نظام بومدين ، ليشكلوا النواة الأولى المؤسسة للجبهة الإنفصالية ، شباب تشبع بالفكر الإشتراكي و آمن بمبادئ الماركسية واللينينية ، شباب مهووس بموضة الفكر التحرري حينها ، و التي كان يجسدها شيكيفارا و سالفدور أليندي وغيرهم من دعاة بروبكندا الإنعتاق من الإستعمار والإستغلال و الرأسمالية ، وليتم إستقطابهم كما ذكرنا سابقا، من طرف داعمي المعسكر الشرقي وأوصيائه، في إطار صراع القطبين ، ممن كونوا في دهاليز الكي جي بي على يد ضباط المخابرات السوفياتية ويثمن تدريبهم بيوغسلافيا وكوبا والجزائر وليبيا، وفق منهج سياسي يقوم على أساسين هما التحريض و الدعاية .
وحسب قاموس اوكسفورد عزيزي المتلقي ، فالتحريض يراد به ”الإثارة أو التحريك”، بينما الدعاية فهي “مخطط منهجي أو حركة منسقة لترويج عقيدة أو منهج ما”. وهو ما ينطبق على جبهة بوليساريو إلى أن إنكشف للعالم أنها لم تكن سوى لعبة في يد جنرالات الجزائر وتشديد الخناق الديبلوماسي على انشطتهم وكشف إتجار قدتهم بالدعم الممنوح بإسم المساعدات الإنسانية من قبل العديد من الجمعيات الدولية، و ليجد من حملوا هذا الفكر ومن ولاهم أنفسهم قد تبددت كل تلك الأحلام و الشعارات الجوفاء بإسم التحرر الذي دافعوا عنه أملا بائسا في قيام دولة وهمية تفتقد لأبسط شروط قيام الدولة كما هو متعارف عليها في الفقه والقانون الدستوري وبإسم “شعب صحراوي” ، والحال أن الصحراء الكبرى تقتسمها عدة دول في المنطقة فهناك صحراء مالي وصحراء التشاد وليبيا ومصر وحتى الجزائر ، ولو أن تندوف التي إحتضنت المجموعة الانفصالية و مخيماتها وجعلت منها مركزا لها ، هي مغربية وكانت تابعة إداريا لمدينة إنزكان و أكادير ، وهي جزء من الصحراء الشرقية المغربية ، مما يصب معه الحديث عن مفهوم هذا الشعب الذي لا يوجد إلا في مخيلة العسكر الجزائري .

لقد وجد هولاء أنهم ضحية مصلحة اللوبي الممسوس بجنون الغرور و الفخر و التكبر والحقد على المغرب ونظامه وتاريخه وسيادته، ذاك اللوبي المتدثر بغطاء جبهة البوليساريو لا يغدو في الحقيقة إلا غطاء مثقوب يحاول إخفاء اطماع استغلالية بإسم الوطنية المزورة تمظهرت آخر ملامحها في إنكشاف لعبة دمى الإنفصال ، داخل مدن الصحراء المغربية و كما إنكشفت بين صفوف طلبة هذه الأقاليم وهو موضوع سبق لنا نشرناه ، أستند على بحث ميداني أجراه مرصد الجنوب لحقوق الأجانب حول النزعة الإنفصالية لدى فئة الطلبة القادمين من صحرائنا المغربية ، قدمنا من خلاله صورة واضحة لحقيقة الفعل الإنفصالي وهشاشة متبنيه .
أمر كذلك إتضح من خلال شطحات من لم تنفع أسالبهم في الابتزاز والانتهازية والحال أن حتى نسيجهم العائلي والقبلي يتبرأ منهم وهنا أذكر المدعوا راضي الليلي ، فبعد فشله في أن يجعل من ملف تأديب إداري يمكن حله بسهولة أمام المجالس التأديبية وحتى المحاكم الإدارية، ليسترجع حقه وضيفته إن كان فعلا له حق ثابت قانونا ، أقول عمل على تسول عطف قبائل الصحراء المغربية وشبابها وشيوخها من خلال جولات يعلمها الذين كشفوا لعبة دغدغة المشاعر بإسم القبلية والوطنية ، وليجن حنقا وبغضا وحقدا على بلده المغرب ، و ليتم إحتواؤه وتسخيره عميلا للمخابرات الجزائرية ، مثله مثل أولائك اللذين سخروا خدمتا لأجندات معينة ، لا يهم أصحابها المستوى التحليلي المقبول الذي يميز الحق من الباطل ، فقط نشر الأخبار الكادبة ، والزائفة لزعزعة ثقة المواطن في مؤسساته والمس بسيادته ووحدته وهو مطاب صعب المنال ،فالمغاربة ليسوا بتلك السداجة التي يضنون.
إسمحوا لي ياسادة وفي ذات السياق ،أن أعود بكم إلى
المسماة أمينتو حيدر ،حينا توجهت إلى مدينة بوجدون دعما للمدعوة سلطانة خيا في موكب من السيارات سميت مجازا “بقافلة” ،الواقعة التي ثم توثيقها وتناولها إعلاميا وطبعا الكل وضفها حسب أجندته رغم الفشل الكبير لتوضيفها من قبل إعلام العسكر الجزائري .

واقعة التي سعى من خلالها إنفصالي الداخل حينها ، إلى نقل شطحاتهم لمدن أخرى غير مدينة العيون ، والسبب هو أن ساكنة العيون برجالها ونساءها أدركوا أن المستقبل مع وطنهم المغرب وأن التنمية سائرة في مسارها الصحيح ، وبالتالي إنفضوا من حولهم ومن حول كل من يروج للفكر الإفصالي ولو تحث غطاء،منظات حقوقية دولية ، لتبقى قلة قليلة من إنفصاليي الداخل وممن يسمون أنفسهم مدافعين مدنيين والمستفيدين من الأموال القادمة من قيادات انفصالية تعمل لفائدة أجهزة مخابرات قصر المرادية و تتخد من جزر الكناري قاعدة لأنشطتها وبعض المدن الاوروبية ، وذلك بغية خلق البلبلة وزعزعة الإستقرار في كبريات حواضر الصحراء المغربية وعلى رأسها مدينتي العيون و السمارة ، وذك في الوقت الذي فشلت فيه عصابة بوليساريو تجاوز المنطقة العازلة وسقوط ضحايا ممن سولت لهم أنفسهم تجاوز الجدار الرملي الفاصل ، ليتحول عمل بوليساريو إلى إرهاب إستهدف بمقدوفات مدينة ةلسمارة في عمليتين فاشلين ولتتضح الرؤي أكثر بعد كشف المستور عن تغلغل ايران بالمنطقة وعن دعم الجزائر للإرهاب في منطقة الساحل والغرب الإفرقي .
ولنعد للبعد الأخير من شطحات دعاة الإنفصال ، وهو نتاج ما سبق تحليله ، هو تلك القنوات المشبوهة التي تواكب إنفصاليين يدعون أنهم مناضلين كالخبر والشروق الجزائريتين ،فمن خلال تتبعنا لملف قضية الصحراء المغربية لمدة تزيد عن عشر سنوات وقيامنا بأبحات ميدانية نشرت في مقالات عدة يمكن أن نعتبر توجه اليوم شبيه بما قبل 2010 أي أن عناصر إنفصالية تسعى وستسعى جاهدة إلى نقل وقفاتها وشطحاتها بين المدن الجنوبية وتسخير إعلام رخيص يدغدغ مشاعر بعض الأشخاص واللعب على وتر الحماس لحشد متعاطفين قد يدفع بهم إلى صدامات هدفها زعزعة إستقرار المغرب ، وهذا ما تأكد فعلا من خلال عمليات أمنية باشرتها أجهزت الأمن الوطني والرك الملكي والتي تمكنت من خلالها من حجز مجموعة من الأسلحة البيضاء وهي عبارة عن “زبارات” كانت موجهة لفصائل طلابية تنحدر من مدن الصحراء المغربية . محاولات فاشلةهدفها طمس إنتصارات المغرب الديبلوماسية وكذا العسكرية التي أبان فيها الجيش المغربي عن كفاءته وقدراته على تحييد كل من يتصور ان قادر على تجاوز حده وحدوده .
ويعلن نهاية أطروحة الوهم والإنفصال ، بعد سحب كثير من الدول الاعتراف بجبهة بوليساريو، و إعلانها الدعم الصريح للمقترح المغربي بإرساء الحكم الذاتي لجديتة وقابلته للتطبيق على أرض الواقع ، هذا المقترح الذي طبقه المغرب فعلا من خلال مشروع الجهوية المتقدمة والمخطط التنموي بالصحراء المغربية والمشاريع الضخمة بها ومسلسل التنمية المستمر بأقليمها ،إن ابناء الصحراء هم من يديرون شؤون بلدياتهم ومجالسهم الجهوية وهم من يتنافسون عن مطالب ساكنتها بالبرلمان كما بمختلف المؤسسات الدستوري للمملكة المغربية.
…………………………………
*ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID