أخبار المهجرمقالات الرأي

التطرف الأعمى يشوه الإسلام و المسلمين في فرنسا

عسيلة محمد، باحث و أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للعلوم الاجتماعية التطبيقية و المدرسة العليا للوظيفة العمومية

التطرف الأعمى يشوه الإسلام و المسلمين في فرنسا

بمقتل مدرس بسكين في الشارع سيعود النقاش الى الواجهة متهما المسلمين و الإسلام بالعنف و القساوة و الإرهاب! نعم، سيعود بعدما لم ينته بعد مداخلة الرئيس الفرنسي متهما الاسلام بأنه يعيش “في أزمة” و أنه سيتعقب “التوجه الانفصالي الديني” حسب قوله لانه توجه معارض و متناقض يحارب التوجه المدني للجمهورية و المجتمع الفرنسي. هذه المرة الرئيس ماكرون يتحدث عن “هجوم إرهابي إسلامي واضح” و بهذا يجعل المسلمين المسالمين الذين يدعمون السلم و الانسجام كأغلبية في موقف تبريري لا يحسدون عليه. مسلمون فرنسيون يمشون في الاسواق، يعملون و يؤدون ضرائبهم و يبنون الاقتصاد و الحضارة الفرنسية بقلب و حس و روح دؤوبة داخل التعاقد الانساني و التدافع الكوني كما هو مسطر في تربيتهم و في تعاليم ديننا الحنيف. هذه المرة وبحسب عدة تقارير إعلامية ، نقلاً عن محققين ، عرض الضحية الاستاذ مؤخرًا رسوم الرسول الكريم الشهيرة من مجلة شارلي إيبدو الساخرة في درس حول موضوع حرية التعبير. ويقال إن الجاني دافعه هو إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية أزعجه و دفعه الى ارتكاب جريمته حسب الصحف. فهل تنفع لغة الشجب و الاستنكار أمام ماكينة اعلامية تأتي على الاخضر و اليابس تساهم في تشكيل رأي مجتمعي و فكر و مخيال عام؟ هل يكفي ان نقف بمسافة بعيدة من هاته الاعمال المشينة و التي يكتوي المسلمون بنيرانها أولا و أخيرا و تسطح كل مجهوداتهم في بناء السلم و الانسجام الاجتماعي؟ علينا مواجهة هذا الفكر و التوجه التطرفي في صفوف هاته الشريحة بتصور منهجي و تربوي يأخذ الواقع المعيش بعين الاعتبار و بلغة يفهمها هذا الشباب؛ هذا التوجه المتعصب و الذي لا يمت الى الاسلام و تعاليمه السمحة بصلة يجب اجتثاثه من خلال عقد ندوات و لقاءات حوارية مع الشباب داخل مساجدنا و ربط الصلات و العلاقات المؤسساتية مع الكنائس و المؤسسات التعليمية و كذلك تقديم تكوين للأسر و تكوين للأئمة و دمج شباب في لجان المساجد و اللائحة تطول ..نعم تنتظرنا تحديات كبرى علينا ربح رهاناتها في المدى القريب و المتوسط. فالمجتمعات و منها المجتمعات المسلمة واجهت إشكاليات التناقض و الصراع عبر سياقات تاريخية مختلفة دارت رحاها كذلك على محاولة الارتقاء بأحوال الناس و سمو فكرهم و تعليمهم و اخراجهم من براثن التخلف و الركود. و لهذا علينا ان نركز على كيف نجعل من وجودنا في اوروبا ارتقاء و تجليا ثقافيا تشاركيا و محور لقاء و تلاقي و تلاقح داخل تواصل فاعلي في الواقع، مستوعبا له و لانشغالاته، باحثين بكل جرأة و وعي عن المعوقات الذاتية التي يعتقدها الناس داخل دائرة حياتية مغلقة و الموضوعية داخل الدوائر الفكرية و الثقافية المختلفة. نعم، بهذا و لهذا نبني لخطاب و لسياق و لخطاب يتسع لانشغالات الانسان المعاصر كيفما كان بشكل عام و للانسان المسلم بشكل خاص دون تراتبية بل داخل جدلية فكرية بآليات الاجتهاد المنهجية. بهذا ستنبثق ثقافة متحررة من الرجعية و السكونية الم ثقافة اسلامية متنورة تخلق وعيا و مفاهيم مندمجة داخل الفهم الحقيقي للأصول و المرجعية و التدين الاسلامي السليم الذي يحث على العدل و الإخاء و البر و القسط و الكرامة الانسانية الكونية و تكافؤ الفرص. إحياء هذه الدلالات و المعاني ستؤسس لا محالة مواطنين و مواطنات لهم مناعة قوية ضد أي انفصام! و في ذلك فليتنافس المتنافسون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube