حزبيات مغربية

صلاح الدين المنوزي: 2021 سنة استثنائية بامتياز

«تحية لكل الأخوات والإخوة المساهمين في هذا اللقاء التواصلي الذي تنظمه الكتابة الإقليمية لفرنسا، والذي يأتي في إطار تخليد ذكرى الوفاء الذي اختارت له قيادة الحزب هذه السنة شعار « الالتفاف حول الوطن لمواجهة الجائحة» .
عندما نتحدث عن ذكرى الوفاء، وعن يوم 29 اكتوبر، نستحضر بالطبع كل المناضلات والمناضلين اللذين افتقدناهم، وفي مقدمتهم رفيقنا حسن السوسي، عضو المجلس الوطنى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي اختطفه وبدون إنذار الوباء اللعين، وشاءت الأقدار أن يتوفى بمسقط رأسه في المغرب بعيدا عن عائلته الصغيرة التي تقيم بمدينة باريس.
باسمكم جميعا، نجدد تعازينا الحارة إلى زوجته رقية وأبناءه سميح وسلمى وشادي و نزار وإلى أصدقائه ورفاقه.إن مساهماته في تشخيص الأوضاع الدولية والإقليمية والوطنية ستبقى تستلهم تفاعلنا مع المحيط الذي تطغى عليه تداعيات الجائحة. وفي هذا المضمار، أكد فقيدنا حسن السوسي في إحدى تدويناته على صفحته بالفايسبوك « إن المعركة للحد من انتشار الوباء هي معركة الجميع دون استثناء، انها فرض عين و ليس فرض كفاية، كل واحد منا انطلاقا من موقعه».
ذكرى الوفاء تعود بنا بالطبع الى عريس الشهداء القائد الاتحادي الأممي المهدي بنبركة الذي تم اختطافه يوم 29 اكتوبر 1965 بمدينة باريس، والذي تكالبت عليه قوى ودول من اجل اغتياله. الحقيقة الكاملة في موضوع اختطافه ومصير قبره مازالت عالقة بالتبرير الغير معلن raison d›etat هذا على الرغم من مرور 55 سنة على الفعل الإجرامي. كنا نتمنى من طرف الدولة المغربية والدولة الفرنسية اتخاذ خطوات جريئة من قبيل رفع السرية على وثائق الملف والدفع بالشهود الأحياء إلى إدلاء بشهاداتهم حول حقيقة ما حرى ومصير جثة فقيدنا المهدي بنبركة.
ان يوم 29 اكتوبر سيظل يوما أسودا في الذاكرة الاتحادية. فبعد مرور سبع سنوات على اختطاف المهدي بنبركة، أي يوم 29 اكتوبر 1972، سيتعرض الشاب الحسين المنوزي إلى عملية اختطاف شبيهة من تونس ليتم نقله في خلف سيارة دبلوماسية الى المغرب. لا زال مصير الحسين مجهولا، ووضعيته تطرح مال توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وكيف يمكن العمل من اجل تفعيلها، أساسا في جانبها المتعلق بتحديد مصير كل المختطفين. في هذا الإطار ، يمكن ان يكون المدخل هو تفاعل ايجابي للدولة مع مطلب الحركة الحقوقية بإنشاء آلية جديدة لاستكمال التحريات حول الحالات العالقة.
إن الإلمام بموضوع الذاكرة يشكل أحد تحديات 2021، خصوصا أمام الخرجات الإعلامية التي تحاول تشويه التاريخ النضالي لشهداء الحركة الاتحادية في سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. فمطروح علينا بدل مجهود مضاعف لاستشراف عطاءات من افتقدناهم، وإبراز اجتهاداتكم الفكرية والنضالية من اجل كرامة المواطن المغربي.
إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعلى الرغم من كل المؤامرات والحملات القمعية الشرسة، يستمر في استمداد قوة استمراريته من الإرث النضالي لشهدائه ومن القيم التحررية والمبادئ الديمقراطية التي عكستها على الدوام تقارير وبيانات مؤتمراته، من اختيار ثوري للمهدي بنبركة ومقرر تنظيمي للشهيد عمر بنجلون وتقرير ايديولوجي لرفاق عبدالرحيم بوعبيد وعبد الرحمان اليوسفي.
الأخوات والإخوة
بالفعل سنة 2021 ستكون سنة استثنائية بامتياز. سنة التحديات والرهانات المتعددة، ابتداءً من الجائحة التي مست كل القارات ووضعت في المحك التحاليل الاستشراقية والعلاقات بين الدول والجماعات والافراد . الوضع صعب، وتتطلب مواجهته تعبئة الجميع، من مكونات الدولة وفعاليات المجتمع.
أكيد ان تداعيات الجائحة أبانت عن إفلاس الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. حيث عرت عيوب النظام الصحي والمنظومة التربوية وسلطت الأضواء على هشاشة النسيج الاقتصادي. المغرب يؤدي اليوم ثمن التخلي عن الصناعة الوطنية وتهميش البحث العلمي ونهج التبعية للخارج و رهن التوازنات المالية بالسياحة وتحويلات المهاجرين.
في هذا المجال و الذي يعنينا مباشرة كمغاربة العالم، يؤكد تطور الأوضاع أن الهجرة ستكون في صلب إشكاليات التعاطي مع الفيروس الذي أصبح الجميع مقتنع بأننا سنتعايش معه لشهور عدة في انتظار اكتشاف اللقاح. فالضحايا الاوائل للازمة الاقتصادية والاجتماعية هم المهاجرون. إذ أن انخفاض مداخيلهم سينعكس لا محالة وبشكل مباشر على حجم المساعدات التي يبعثونها لاهلم في البوادي والمدن المغربية، ناهيك عن القيود التي ستفرض عليهم وتحرمهم من حرية التنقل والسفر الى البلد.
لهذا مطروح علينا التفكير بشكل جماعي كمغاربة العالم عن السبل الكفيلة بالتخفيف عن اثار الجائحة هنا و هناك، ولنعمل على رفع من وثيرة التضامن بأشكاله المختلفة.
سنة 2021 سنة استثنائية بامتياز لأنها ستشهد تنظيم انتخابات وطنية وجهوية و محلية. رهان كبير على مستقبل الديمقراطية في المغرب ومصداقية المؤسسات. لقد تقدم الاتحاد بعدة مقترحات لإصلاح المنظومة الانتخابية، تم الأخذ بعين الاعتبار البعض منها في إطار المشاورات مع الأحزاب السياسية التي أشرفت عليها وزارة الداخلية. نتمنى أن يستجيب مشروع القانون الانتخابي لأحد انتظاراتنا التي ما فتئنا نناضل من اجلها كاتحاديين في المهجر هو تفعيل الحقوق الدستورية لمغاربة في المواطنة الكاملة. في هذا الإطار، لا بد من التنويه بمبادرة الفريق البرلماني الاشتراكي الذي تقدم مجددا بمجموعة من مقترحات قوانين من ضمنها الحق في التثميلية السياسية وتعديل القانون المنظم لمجلس الجالية .
بدون شك إن نقاش هذا اللقاء التواصلي سينكب كذلك على أوضاعنا الذاتية، وعلى طرح التحديات والرهانات في هذا المجال من زاوية مسؤولياتنا التاريخية والمستقبلية، أخذا بعين إكراهات الجائحة والمهام المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية.
رحم الله شهداء الحركة الاتحادية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube