إقتصاد

الاستثمار وما بعد كورونا…

بقلم: عمر بنشقرون مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء


 
لقد ساهمت جائحة كورونا في توسيع قاعدة الطلب ونمو التجارة الإلكترونية وزيادة الحاجة إلى المعدات والبرمجيات لتسهيل العمل عن بعد. ولم تكن التوقعات في بداية أزمة كورونا بزيادة معدلات الاستثمار التجاري متفائلة لكن الأمورتغيرت بمرور الوقت.
وفي ظل تخفيف إجراءات الإغلاق في جميع أنحاء المملكة وزيادة الإنفاق والاستهلاك في مراكز التسوق والمقاهي والمطاعم والفنادق فإننا نتوقع أن تشهد معدلات الاستثمار طفرة نوعية في الفترة القادمة.
وتعتبر مؤشرات التفاؤل السائدة حاليا مختلفة تماما عما كانت عليه قبل الجائحة، حيث كان الاستثمار التجاري الوطني الإجمالي يسير بوتيرة بطيئة.
إن الأزمة المالية العالمية ما بين 2007 و2009 والتي انعكست تأثيراتها على الإقتصاد الوطني بعد 2009 كانت قد أضرت بالاستثمار الوطني أكثرمن أربع سنوات قصد العودة إلى نشاطه.
والأمور اختلفت كثيرا في ظل الأزمة الحالية، فرغم انخفاض الاستثمار بشكل حاد في بداية الجائحة لكنه بدأ يتعافى ولوببطئ.

قطاعات زادت من الإنفاق

ويعد القطاع التكنولوجي من أبرز القطاعات التي شهدت انتعاشا استثماريا سريعا خلال الأزمة. ومن المتوقع أن تعزز شركات التكنولوجيا نفقاتها الرأسمالية مستقبلا من أجل توسيع قاعدة الطلب التي ستعرفها التجارة الإلكترونية وزيادة الحاجة إلى المعدات والبرمجيات لتسهيل العمل والاقتناء عن بعد.
لكن السؤال المهم الذي يطرح حاليا، هل هذه الطفرة في الإنفاق تشير إلى تحولات جذرية ومستمرة، أم أنها مجرد استجابة مؤقتة لتخفيف قيود الإغلاق؟
من الملاحظ أن الشركات لن تزيد في نفقاتها و مجملها لن تستثمر في الأسدس الثاني من عام 2021 أكثرمما كانت تستثمره في 2019 وما قبلها. وستواصل هذه الشركات بالامتيازات التي استفادت منها بقرار سيادي وطني، التحكم في الإنفاق على أمل الانتقال في مرحلة لاحقة من حالة التقشف إلى وضع أفضل.
ومقابل وضعنا الوطني و على الصعيد العالمي فقد سجلت شركات النفط والغاز الطبيعي انخفاضا في استثماراتها بنسبة 10% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة وذلك راجع لانخفاض الطلب على الأسعار. كما اتجهت شركات الطيران والشركات المالكة للسفن السياحية إلى تقليل الإنفاق وترشيده، في انتظار تحسن الوضع الوبائي ورفع القيود بشكل كامل عن السفر والتنقل. وهناك مصدر قلق آخر، يتلخص في الاتجاه نحو دمج عدد من القطاعات، بدءا من الفنادق وصولا إلى التعدين، وهو اتجاه يبدو أنه قد يستمر بغض النظر عن تبعات جائحة كورونا (حسب تقريرمكتب الدراسات التابع لمؤشر ستاندرز اند بورز، مارس 2021).
إن ما يمكن استخلاصه هو أن الاستجابة المالية والنقدية خلال أزمة كورونا والامتيازات الحكومية التي صاحبتها ساعدت وبدون شك الشركات على تحمل تبعات الجائحة. ولعل الأهم من ذلك أن ما أفرزته أزمة كورونا من تطورات تكنولوجية وانتشار نماذج جديدة للأعمال التجارية ناهيك عن اكتشاف اللقاح قد يفسر التوقعات المتفائلة بشأن النفقات الرأسمالية وتكون الطفرة الاستثمارية قد بدأت فعلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube