خرافة التضخم المستورد ..
ذ. يوسف الحيرش
ما جاء به أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط في استجوابه الأخير شيء مهم لكن ليس بجديد، فبلاغ بنك المغرب كان بإمكانه إسقاط الحكومة لو كنا نتوفر فعليا على قوة سياسية حقيقية موازية، لكن تم تدجين المشهد فأصبحنا أمام كراكيز سياسية لا تحفظ لنا الحقوق و الحريات و لا تعبر عن الإرادة و التطلعات الفعلية للشعب.
يقول بلاغ الثلاثاء الأسود لبنك المغرب في نقطته الرابعة (4)، كما جاء في التحليل السابق، أن التضخم الذي يضرب المواد الغذائية و الفلاحية بالخصوص ليس مستوردا (أي لا علاقة له بالظروف والأسعار الدولية التي عادت إلى ما قبل الحرب)، هو راجع بالخصوص إلى ضعف في العرض الداخلي، و لا علاقة له بتداعيات الوضع الدولي، هو ضعف في الإنتاج الفلاحي و في تزويد الأسواق بالكميات المناسبة التي تذهب للتصدير، إضافة إلى فشل مخطط المغرب الأخضر الذي صرفت عليه الملايير، للأسف الحليمي تغاضى عن التطرق لفشل هذا المشروع الكبير و يحث الفاعلين على ثورة جديدة في الصناعة الفلاحية لكي نتجنب الكارثة القادمة.
لماذا بلاغ بنك المغرب مهم كوثيقة رسمية ضربت عرض الحائط الحجج الكاذبة للحكومة و قانون ماليتها الفارغ ؟ لأن البلاغ ذهب أبعد و فضح الحكومة و الدولة في اختياراتها الاستراتيجية التي شهدت تقليص كبير في الأراضي المزروعة لهذه السنة (النقطة 11 من البلاغ)، و هذا ما يدل على أن أزمة العرض داخل السوق المحلية ستستمر و تتفاقم رغم التساقطات المطرية الجيدة نسبيا، لأننا لم نستغل كامل قدرتنا الفلاحية. تحليل بلاغ بنك المغرب، الذي كانوا يحاولون حذفه من المشهد، يهدم فرضيات قانون المالية الذي وضعته الحكومة، بمعنى لا تنتظروا معدل نمو 4% أو نسبة تضخم 2%، هذا حلم في حد ذاته.
هناك أمر مهم و خطير أشار إليه الحليمي هو أن الحكومة وجب عليها أن تحترم الرأي العام و تتعامل معه بنضج و أن تقول له الحقيقة لكي ينخرط في أي إصلاح بشكل جدي.
بلاغ بنك المغرب وثيقة للتاريخ أكدت كذب الحكومة حول التضخم المستورد الذي أصبح خرافة و أسطورة، حيث عرى على فشل السياسة المالية التي تشرف عليها الحكومة و التي قد تُدخل المغرب في نفق مظلم يسمى الركود التضخمي البنيوي.