..
ـ عبدالعالي الطاهري.
لقد شكَّلَ تثمين ما بين 300 إلى 400 مليون متر مكعب من المياه في المرحلة الأولى من المشروع التحدي المتمثل في تخطيط وإدارة المياه في سياق ندرة الموارد المائية، أولوية وطنية أكد عليها جلالة الملك محمد السادس، في الخطب الملكية الأخيرة، ولا سيما خطابه السامي الذي ألقاه في 14 أكتوبر 2022، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادي عشر، حيث تشكل التوجيهات الملكية السامية التي تم التعبير عنها خلال هذا الخطاب الأخير خارطة طريق للسياسة المائية الوطنية للسنوات المقبلة.
إلى ذلك، دعا جلالة الملك عبر خطابه السامي المذكور إلى مواصلة الجهود لتعبئة الموارد المائية الاعتيادية وغير الاعتيادية، خاصة من خلال عدد من المشاريع الرئيسية على غرار مشروع الربط المائي البيني بين الأحواض المائية، ومشاريع تحلية مياه البحر، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، إضافة إلى العمل على ضمان توفير المياه وترشيد استخدامها.
وفي هذا الإطار، فإن مشروع الربط المائي البيني بين الأحواض المائية يعتبر من أبرز المشاريع المهيكلة التي أطلقتها وزارة التجهيز والماء، حيث وفي المرحلة الأولى منه عملت الوزارة على تسريع وتيرة إنجازها لتكون جاهزة خلال الصيف الجاري لضمان تزويد 12 مليون مواطن، فالمشروع المذكور يهدف أولا إلى الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق، من خلال ربط سد المنع بحوض سبو، بسد سيدي محمد بن عبد الله بحوض أبي رقراق ، وذلك بغية تثمين ما بين 350 إلى 470 مليون متر مكعب من المياه، التي كانت تضيع في البحر، حيث سيمكن هذا المشروع من تخفيف الضغط على سدود حوض أم الربيع التي تزود الجزء الجنوبي من مدينة الدار البيضاء بالماء، وبالتالي تخصيص حجم أكبر من المياه لسقي الأراضي الفلاحية المجهزة.
فهذه التجربة الأولى على الصعيدين الوطني والقاري الذي اشتغلت عليها مكاتب دراسات ومقاولات مغربية، سيخصص في مرحلته الاولى لتزويد محور الرباط -الدار البيضاء بالماء الصالح للشرب، حيث تمَّ وضع 66.7 كيلومتر من الأنابيب الفولاذية التي يصل قطرها إلى 3200 ملمتر، مع إنجاز محطتين لضخ المياه، الأولى سيتم وضعها بسد المنع بسبو، والأخرى سيتم وضعها بنواحي مدينة القنيطرة، فيما سيبلغ صبيب المحطتين معا 15 متر مكعب في الثانية.
و في ذات الإطار، سبق لنزار بركة وزير التجهيز والماء، أن أكد أنَّ “مشروع الربط بين حوضي سبو وأبي رقراق، سيمكن من تحويل فائض مياه يقدر بما بين 300 إلى 400 مليون متر مُكعب”.
وأضاف خلال استضافته من قبل وكالة المغرب العربي للأنباء، بأن هذا المشروع من شأنه حل مشكل ندرة المياه بكل من المدن التي تشرب من سد سيدي محمد بنعبد الله الواقع على نهر أبي رقراق وسد المسيرة الواقع على نهر أم الربيع”.
وتوقع أن يتم الانتهاء من الشطر الأول المتعلق بالبرنامج الاستعجالي من هذا المشروع صيف السنة الجارية، وهو ما تحٍَّق بالفعل
جدير بالذكر أنَّ أشغال المشروع كانت قد انطلقت منتصف دُجنبر 2022 على امتداد 67 كيلومترا بكلفة مالية تقدر بـ6 مليارات درهم.
وأشرفت على إنجاز هذا المشروع ثلاث شركات منها شركتي (STAM) و(SGTM)، المتخصصة في بناء المجاري المائية، وهي عبارة عن قنوات ضخمة مغلقة على امتداد سبعين كيلومترا.
ويهدف هذا المشروع إلى تحويل الفَائض المائي من سد الوحدة (المجاعرة)، الذي يفقد مليار متر مكعب في البحر سَنويا إلى سد سيدي محمد بن عبد الله، الذي يعرف حاليا خصاصا كبيرا تم إنعاشه مؤخرا بفضل التساقطات المطرية.
ومن أجل إنجاز هذ المشروع، تمَّ اقتلاع 163 هكتار من غابة المعمورة، شريطة تعويضها بموجب اتفاقية بين وزارة التجهيز والماء والوكالة الوطنية للغابات، من خلال تمويل تشجير مساحة جديدة على امتداد 3 آلاف هكتارا بغلاف مالي يقدر بـ 3 مليارات سنتيم.